الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقاء حواء ليلمّ بها لأجل الولد خرج من الحرم حتى يلقاها، فلم تزل خيمة آدم مكانها حتى قبض آدم، ورفعها الله تعالى إليه. وذكر الحديث.
تفسير الغريب
قال الحافظ: رحمه الله تعالى: أول بضم اللام. قال أبو البقاء [ (1) ] : وهي ضمة بناء لقطعه عن الإضافة مثل قبل وبعد، والتقدير: أول كلّ شيء ويجوز الفتح مصروفاً وغير مصروف ثم أي: بالتنوين وتركه. وهذا الحديث يفسر المراد بقوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ ويدل على أن المراد بالبيت بيت العبادة لا مطلق البيوت وقد ورد ذلك صريحا عن علي- رضي الله تعالى عنه- أخرجه إسحاق بن راهويه [ (2) ] وابن أبي حاتم بإسناد صحيح عنه قال: كانت البيوت قبله ولكنه أول بيت وضع لعبادة الله تعالى.
وتقدم في أول الباب وسيأتي الكلام على الأقصى في الكلام على تفسير أول سورة الإسراء في أبواب المعراج.
قوله:
أَربعون سنة
قال ابن الجوزي: فيه إشكال، لأن إبراهيم بنى الكعبة وسليمان بنى بيت المقدس، وبينهما أكثر من ألف سنة. قال الحافظ رحمه الله تعالى: ومستنده في أن سليمان هو الذي بنى المسجد الأقصى ما رواه النّسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله تعالى عنهما- مرفوعاً بإسناد صحيح أن سليمان صلى الله عليه وسلم لما بنى بيت المقدس سأل الله تعالى خلالا ثلاثا. الحديث.
وروى الطبراني من حديث رافع بن عمير أن داود- عليه الصلاة والسلام ابتدأ بناء
[ (1) ] عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء، محبّ الدين: عالم بالأدب واللغة والفرائض والحساب.
أصله من عكبرا (بليدة على دجلة) ومولده ووفاته ببغداد. أصيب في صباه بالجدري، فعمي. وكانت طريقته في التأليف أن يطلب ما صنف من الكتب في الموضوع، فيقرأها عليه بعض تلاميذه، ثم يملي من آرائه وتمحيصه وما علق في ذهنه. من كتبه «شرح ديوان المتنبي» و «اللباب في علل البناء والإعراب» و «شرح اللمع لابن جني» و «التبيان في إعراب القرآن- ط» ويسمى «إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراآت في جميع القرآن» و «الترصيف في التصريف» و «ترتيب إصلاح المنطق» وغير ذلك. و «التلقين- خ» في النحو، و «شرح المقامات الحريرية- خ» و «الموجز في إيضاح الشعر الملغز- خ» و «الاستيعاب في علم الحساب» 4/ 80/ ت 616.
[ (2) ] إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن مطر الحنظلي أبو محمد بن راهويه الإمام الفقيه الحافظ العلم. ولد سنة إحدى وستين ومائة. عن معتمر بن سليمان والدّراوردي وابن عيينة وبقيّة وابن عليّة وخلق بالحجاز والشام والعراق وخراسان. وعن (خ م د ت س) وقال: ثقة مأمون أحد الأئمة. قال أحمد: لا أعلم لإسحاق نظيرا، إسحاق عندنا من أئمة المسلمين وإذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به. وقال الخفاف: أملى علينا إسحاق أحد عشر ألف حديث من حفظه ثم قرأها يعني في كتابه فما زاد ولا نقص. وقال إبراهيم بن أبي طالب: أملى إسحاق المسند كله من حفظه. قال البخاري: توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين. الخلاصة 1/ 69.
بيت المقدس، ثم أوحى الله- تعالى- إليه: إني لأقضي بناءه على يد سليمان. وفي الحديث قصة.
قال ابن الجوزي- رحمه الله تعالى-: والجواب: أن الإشارة إلى أوّل البناء ووضع أساس المسجد وليس إبراهيم أول من بنى الكعبة ولا سليمان أول من بنى بيت المقدس، فقد روينا إن أول من بنى الكعبة آدم ثم انتشر ولده في الأرض فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس ثم بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة بنصّ القرآن. وكذا قال القرطبي: إن الحديث لا يدل على أن إبراهيم وسليمان عليهما الصلاة والسلام لمّا بنيا المسجدين ابتدآ وضعهما لهما بل ذلك تجديد لما كان غيرهما أسسه.
قال الحافظ: وقد مشى ابن حبان [ (1) ] في صحيحه على ظاهر هذا الحديث فقال: في هذا الخبر ردّ على من زعم أن بين إسماعيل وداود- عليهما الصلاة والسلام- ألف سنة. ولو كان كما قال لكان بينهما أربعون سنة وهذا عين المحال لطول الزمان بالاتفاق بين بناء إبراهيم- عليه الصلاة والسلام البيت وبين موسى- عليه الصلاة والسلام. ثم إن في نص القرآن أن قصة داود في قتل جالوت كانت بعد موسى بمدة.
وقد تعقّبه الحافظ ضياء الدين المقدسي [ (2) ] بنحو ما أجاب به ابن الجوزي.
قال الخطّابي [ (3) ] : يشبه أن يكون المسجد الأقصى أول ما وضع بناءه بعض أولياء الله تعالى قبل بناء داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام، ثم داود وسليمان، فزادا فيه وسعاً
[ (1) ] محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد التميمي، أبو حاتم البستي، ويقال له ابن حبّان: مؤرخ، علّامة، جغرافي، محدث. ولد في بست (من بلاد سجستان) وتنقل في الأقطار، فرحل إلى خراسان والشام ومصر والعراق والجزيرة. وتولى قضاء سمرقند مدة، ثم عاد إلي نيسابور، ومنها إلى بلده، حيث توفي في عشر الثمانين من عمره.
وهو أحد المكثرين من التصنيف. قال ياقوت: أخرج من علوم الحديث ما عجز عنه غيره، وكانت الرحلة في خراسان إلى مصنفاته. من كتبه «المسند الصحيح» في الحديث، يقال: إنه أصح من سنن ابن ماجه، و «روضة العقلاء- ط» في الأدب، و «الأنواع والتقاسيم» . توفي 354. الأعلام 6/ 78.
[ (2) ] محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي، المقدسي الأصل، الصالحي الحنبلي، أبو عبد الله، ضياء الدين: عالم بالحديث، مؤرخ. من أهل دمشق، مولدا ووفاة. بنى فيها مدرسة دار الحديث الضيائية المحمدية بسفح قاسيون، شرقي الجامع المظفري، ووقف بها كتبه. ورحل إلى بغداد ومصر وفارس، وروى عن أكثر من 500 شيخ.
من كتبه «الأحكام» في الحديث، لم يتمه. توفي 643. الأعلام 6/ 255.
[ (3) ] حمد- بفتح الحاء وسكون الميم، وقيل: اسمه أحمد- بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب، أبو سليمان البستي المعروف بالخطابي، قيل إنه من ولد زيد بن الخطاب بن نفيل العدوي. قال الذهبي: ولم يثبت. كان رأسا في علم العربية والفقه والأدب وغير ذلك. أخذ الفقه عن أبي علي بن أبي هريرة وأبي بكر القفال وغيرهما، وأخذ اللغة عن أبي عمر الزاهد. وصنف التصانيف النافعة المشهورة، منها «معالم السنن» تكلم فيها على سنن أبي داود، و «أعلام البخاري» و «غريب الحديث» ، و «شرح أسماء الله الحسنى» و «كتاب الغنية عن الكلام وأهله» و «كتاب العزلة» ، وله شعر حسن. نقل عنه النووي في التهذيب شيئا في اللغة ثم قال: ومحله من العلم مطلقا خصوصا الغاية العليا. توفي ببست في ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. انظر الطبقات لابن قاضي شهبة 1/ 156، 157.
فأضيف إليهما بناؤه. قال: وقد ينسب هذا المسجد الأقصى إلى إيلياء، فيحتمل أن يكون هو بانيه أو غيره ولست أحقّق لم أضيف إليه.
قال الحافظ: الاحتمال الذي ذكره أولا موجّه. وقد رأيت لغيره إن أول من أسس المسجد الأقصى آدم صلى الله عليه وسلم. وقيل: الملائكة عليهم الصلاة والسلام وقيل: سام بن نوح صلى الله عليه وسلم وقيل: يعقوب صلى الله عليه وسلم فعلى الأولين يكون ما وقع ممن بعدهما تجديداً كما وقع في الكعبة. وعلى الأخيرين يكون الواقع من إبراهيم صلى الله عليه وسلم أو يعقوب صلى الله عليه وسلم أصلاً وتأسيساً، ومن داود صلى الله عليه وسلم تجديداً لذلك أو ابتداء بناء، فلم يكمل على يديه حتى كمّله سليمان. لكن الاحتمال الذي ذكره ابن الجوزي أوجه. وقد وجدت ما يشهد له. ويؤيده قول من قال: إن آدم هو الذي أسس كلاّ من المسجدين.
وذكر ابن هشام [ (1) ] في كتاب التيجان أن آدم لما بنى الكعبة أمره الله تعالى بالمسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه. وبناء آدم البيت مشهور.
وقيل إنه لما صلى إلى الكعبة أمر بالتوجه إلى بيت المقدس فاتخذ فيه مسجداً وصلى فيه ليكون قبلة لبعض ذريته. وأما ظنّ الخطّابي أن إيلياء اسم رجل ففيه نظر، بل هو اسم البلد فأضيف إليه المسجد كما يقال مسجد المدينة ومسجد مكة. وقال أبو عبيد البكري في معجم البلدان إن إيلياء مدينة بيت المقدس فيها ثلاث لغات: مد آخره. وقصره. وحذف الياء الأولى.
وعلى ما قاله الخطّابي يمكن الجمع بأن يقال إنها سميت باسم بانيها كغيرها.
[ (1) ] عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين: مؤرخ، كان عالما بالأنساب واللغة وأخبار العرب. ولد ونشأ في البصرة، وتوفي بمصر. أشهر كتبه «السيرة النبوية» المعروف بسيرة ابن هشام، رواه عن ابن إسحاق. وله «القصائد الحميرية» في أخبار اليمن وملوكها في الجاهلية، و «التيجان في ملوك حمير» رواه عن أسد بن موسى، عن ابن سنان، عن وهب بن منبه، و «شرح ما وقع في أشعار السير من الغريب» وغير ذلك. توفي 312 هـ.
الأعلام 4/ 166.