الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المرفوعات]
الابتداء
المبتدأ هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية غير المزيدة، مخبرا عنه، أو وصفا رافعا لمكتفى به.
فالاسم يدخل فيه الصريح كزيد قائم، والمؤوّل، مثل: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ (1). والمجرّد من العوامل اللفظية، مخرج لاسم كان وإنّ، وأوّل (2) مفعولي ظنّ. وغير المزيدة، مدخل لنحو: بحسبك زيد، وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ (3).
ومخبرا عنه أو وصفا، مخرج لنحو: نزال ودراك.
ورافعا لمكتفى به، مخرج لنحو: قائم أبواه زيد؛ إذ لا يكتفى بمرفوعه معه.
والمبتدأ إمّا ذو خبر موجود (4)، كزيد، من: زيد عاذر (5)، [أو مقدر نحو: لولا زيد لفعلت] (6)، وإمّا وصف مسند إلى الفاعل أو نائبه، كسار ومكرم، من: أسار هذان؟ وما مكرم
(1) سورة البقرة الآية: 184.
(2)
في ظ (وأولى).
(3)
سورة آل عمران الآية: 62.
(4)
سقطت (موجود) من ظ.
(5)
في ظ (عاذرا). والجملة جزء من بيت ابن مالك في الألفية ص: 17
(6)
ما بين القوسين [] سقط من ظ.
العمران، فهذا الضرب استغنى بمرفوعه عن خبره؛ لشدّة شبه الفعل (1)، ومن ثمّ لا يحسن استعماله حتى يعتمد على مقرب من الفعل من استفهام كقوله:
59 -
أقا طن قوم سلمى أم نووا ظعنا؟
…
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا (2)
أو نفي كقوله:
60 -
خليليّ ما واف بعهدي أنتما
…
إذا لم تكونا لي على من أقاطع (3)
وقد لا يعتمد كقوله:
61 -
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا
…
مقالة لهبيّ إذا الطير مرّت (4)
(1) في ظ (شبهه للفعل).
(2)
من البسيط ولم يعرف قائله.
المفردات: قاطن: مقيم. ظعن: رحل.
الشاهد في: (أقاطن قوم سلمى) فقد سدّ الفاعل (قوم) مسد الخبر؛ لكون المبتدأ (قاطن) وصفا معتمدا على استفهام.
ابن الناظم 41 وشفاء العليل 271 والمساعد 1/ 204 والعيني 1/ 512 والتصريح 1/ 157 والأشموني 1/ 190 وشذور الذهب 231.
(3)
من الطويل ولم يعرف قائله.
الشاهد في: (ما واف أنتما) حيث سدّ الفاعل (أنتما) مسد الخبر لاسم الفاعل الواقع مبتدأ لاعتماده على النفي.
شرح التسهيل 1/ 269 وشفاء العليل 271 والمساعد 1/ 204 وابن الناظم 41 والعيني 1/ 516 والمغني 557 والأشموني 1/ 191 والدرر 1/ 71 والهمع 1/ 94 وشرح شواهد المغني للسيوطي 898.
(4)
من الطويل لرجل من طي.
ومثله: فائز أولو الرشّد.
ومتى كان الوصف لما بعده من مثنى أو مجموع وطابقه نحو:
أقائمان الزيدان؟ وأقائمون الزيدون؟ كان خبرا وما بعده مبتدأ له، ومتى كان لمفرد كقوله تعالى: أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ (1) جاز أن يكون مبتدأ وما بعده فاعل، وخبرا مقدّما متحمّلا (2) للضمير.
ولا خلاف عند البصريين أنّ المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأمّا الخبر فالصحيح رفعه بالمبتدأ.
وخبر المبتدأ ما تحصل به الفائدة، ك (برّ) و (شاهدة) من قولك: الله برّ والأيادي شاهدة.
والأصل في الخبر الإفراد، ويكون جملة بشرط ارتباطها بالمبتدأ، والارتباط بأحد أمرين:
الأول: أن تكون الجملة مشتملة على معنى المبتدأ، إمّا لذكر ضميره فيها، [كزيد قام أبوه، أو تقديره: كالسمن منوان بدرهم،
- الشاهد في: (خبير بنو لهب) حيث سدّ الفاعل (بنو) مسدّ الخبر مع عدم اعتماد الوصف (خبير) الواقع مبتدأ على استفهام أو نفي كما يشترط البصريون، وبهذا البيت احتجّ الكوفيون على عدم اشتراط هذا الشرط.
شرح التسهيل 1/ 273 وابن الناظم 41 وشفاء العليل 273 وابن عقيل 1/ 169 والعيني 1/ 518 وشرح التصريح 1/ 157 والدرر 1/ 72 والهمع 1/ 94.
(1)
سورة مريم الآية: 46.
(2)
في ظ (متحمل).
أي: منه. وإمّا لأنّ فيها] (1) مشارا به إليه، كقوله تعالى:[وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ (2) أو متضمنا للمبتدأ، كقوله تعالى (3)]: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)(4) ومثله زيد نعم الرجل (5).
وإمّا لأنّ المبتدأ فيها (6) معاد، نحو:
الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2)(7) والْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2)(8).
الثاني: أن تكون الجملة نفس المبتدأ معنى، كنطقي (9) الله
(1) سقط ما بين القوسين [] من ظ.
(2)
سورة الأعراف الآية: 26.
لباس: مبتدأ أول، وذلك مبتدأ ثان، وخبره، خير، والمبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول، والرابط اسم الإشارة (ذلك) الواقع مبتدأ، وهو الشاهد.
(3)
سقط ما بين القوسين [] من ظ.
(4)
سورة الأعراف الآية: 170.
والشاهد في الآية (الذين
…
إنا لا نضيع أجر المصلحين) فإن جملة (إنا لا نضيع) وقعت خبرا للمبتدأ الأول (الذين) ولم تشتمل على الرابط استغناء بالظاهر (المصلحين) والأصل: لا نضيع أجرهم، أي الذين يمسكون بالكتاب. والله أعلم.
(5)
زيد مبتدأ، والجملة الفعلية بعده خبره، وصح الإخبار بالجملة وإن لم يكن فيها رابط، لأن فاعل الجملة الخبرية (الرجل) عام يدخل تحته كل رجل، ومن ضمنهم زيد الواقع مبتدأ.
(6)
في ظ (لأن فيها المبتدأ) بالتقديم والتأخير.
(7)
سورة الحاقة الآيتان: 1، 2.
الحاقة، مبتدأ أول، وما، مبتدأ ثان، خبره الحاقة، والجملة خبر الأول. والشاهد تكرار لفظ المبتدأ الأول (الحاقة) في الجملة الثانية، فاكتفي بذلك عن الرابط.
(8)
سورة القارعة الآيتان: 1، 2. الشاهد فيها كالآية السابقة.
(9)
في ظ (نحو نطقي).
نطقي مبتدأ أول، واسم الجلالة مبتدأ ثان، وحسب خبره، والجملة خبر الأول، واستغني عن الرابط، لأن قولك: الله حسبي، هو نطقك.
حسبي، فيكتفى بها، ولا حاجة إلى ضمير ما سيقت له، ومنه قوله تعالى: دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ (1) وفَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا (2) وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)(3) على الأظهر.
والخبر المفرد إن كان جامدا لم يتحمل ضمير الابتداء خلافا للكوفيين، كزيد أخوك، وهذا عبد الله. وإن كان
مشتقا فإن لم يرفع ظاهرا رفع ضمير المبتدأ، كزيد منطلق. ويجب استتار هذا الضمير إلّا إذا جرى الخبر على غير من هو له فرفع ضميره فيجب عند البصريين بروزه مطلقا سواء (4) أخيف اللبس أم لا، نحو: زيد عمرو ضاربه هو، فزيد مبتدأ، وعمرو مبتدأ، وضاربه خبر عمرو، والهاء له [وهو فاعل](5) وأبرز، وعاد على زيد؛ لئلا يتوهم أن عمرا فاعل الضرب، وتقول: هند زيد ضاربته هي، ولا يلزم ذكر
(1) سورة يونس الآية: 10.
دعوى، مبتدأ، وهم مضاف إليه، وسبحان مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره: نسبح سبحانك، والجملة الفعلية خبر المبتدأ دعوى، واستغنت جملة الخبر عن الرابط، لأن جملة الخبر، وهي التسبيح، هي المبتدأ في المعنى.
(2)
سورة الأنبياء الآية: 97.
هي، مبتدأ أول، وشاخصة، خبر مقدم، وأبصار مبتدأ ثان مؤخر، والجملة خبر المبتدأ الأول. واستغني عن الرابط، لكون جملة الخبر هي نفس المبتدأ الأول.
(3)
سورة الإخلاص الآية: 1.
الجملة الاسمية (الله أحد) خبر المبتدأ الأول هو، فاستغني عن الرابط، لأن جملة الخبر هي نفس المبتدأ.
(4)
في ظ (أي خيف) بدل (سواء أخيف).
(5)
سقط ما بين القوسين [] من ظ.
هي عند الكوفيين، لأمن اللبس، ويشهد لهم قوله:
62 -
قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت (1)
…
................
وممّا يخبر به عن المبتدأ الجار والمجرور، والظرف، ك الْحَمْدُ لِلَّهِ (2) والسفر غدا؛ لتضمنهما (3) معنى صادقا على المبتدأ (4)، ولك تقديره بمفرد نحو كائن و (5) مستقر، وهو الأرجح، أو جملة نحو: كان أو استقر.
وإنما يخبر باسم الزمان غالبا عن اسم المعنى، وقد يخبر به عن اسم العين إذا كان كاسم (6) المعنى في وقوعه وقتا دون وقت،
(1) صدر بيت من البسيط، ولم أقف على قائله، وعجزه:
بكنه ذلك عدنان وقحطان
الشاهد في: (قومي ذرى
…
بانوها) وذلك أنه أخبر بالمشتق (بانوها) عن المبتدا الثاني (ذرى) والجملة خبر عن الأول، و (بانوها) في المعنى خبر عن المبتدأ الأول (القوم) ولم يبرز الضمير الرابط فيقول: بنوها هم؛ لأمن اللبس ووضوح المعنى المراد، فإنه لا يمكن للسامع أن يظن أن (بانوها) وصف للمبتدأ الثاني (الذرى) وإن كان خبرا عنه، وإنما وصف للقوم، لأنهم هم البانون والذرى مبنية، وذلك على مذهب الكوفيين، لورود الشواهد.
أما البصريون فيوجبون إبراز الضمير دائما.
ابن الناظم 43 وابن عقيل 1/ 180 وشفاء العليل 288 والعيني 1/ 527 وتخليص الشواهد 186 وشرح التصريح 1/ 162 والأشموني 1/ 199 والهمع 1/ 96 والدرر 1/ 72.
(2)
سورة الفاتحة الآية: 2.
(3)
في ظ (لتضمنها).
(4)
في الأصل وم (الخبر).
(5)
في ظ (أو).
(6)
في الأصل وم (اسم).
كالرطب في تموز، والورد في أيّار.
وقد ينكّر المبتدأ والخبر بشرط حصول الفائدة، وذلك في الغالب بأن يكون المبتدأ نكرة محضة والخبر ظرف أو عديله، مقدم، كعند زيد نمرة، وفي الدار رجل، أو يعتمد على استفهام، نحو: هل فتى فيكم؟ أو نفي نحو (1): ما خلّ لنا. أو يختص إما بوصف نحو: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ (2) ورجل من الكرام عندنا، وإما عمل (3) نحو:«أمر بمعروف (4) صدقة، ونهي عن منكر صدقة (5)» .
ورغبة في الخير خير، وإمّا بإضافة، نحو: عمل برّ يزين.
وقد يبتدأ بالنكرة في غير ما ذكر لإفادة الإخبار عنها كقوله:
(1) في ظ (كما) بدل (نحو).
(2)
سورة البقرة الآية: 221. وفي ظ زيادة (خير). وسوغ الابتداء بالنكرة (عبد) وصفها ب (مؤمن) والخبر (خير).
(3)
في ظ (بعمل).
(4)
في ظ (بالمعروف).
(5)
هذا قطعة من حديث مطول أورده مسلم في (كتاب الزكاة) 2/ 91 - 92، ولفظه: عن أبي ذر رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور
…
أمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة» الحديث ....
وأخرجه أحمد عن أبي ذرّ مرة بلفظ مسلم السابق، ومرة بلفظ: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة
…
» إلى أن قال: «وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة» . 5/ 167.
والشاهد في الحديث جواز الابتداء بالنكرة (أمر) لأن الجار والمجرور بعده (بمعروف) معمول له والخبر (صدقة). وكذا (نهي عن منكر صدقة).
63 -
فيوم علينا ويوم لنا
…
ويوم نساء ويوم نسر (1)
وقوله:
64 -
سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا
…
محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق (2)
وشرّ أهرّ ذا ناب (3)، [وشيء جاء بك](4) وقول ابن
(1) من المتقارب للنمر بن تولب العكلي رضي الله عنه، مات سنة (14 هـ) عده السجستاني في المعمرين 79.
الشاهد في: (يوم) فقد جاز الابتداء بالنكرة في المواضع الأربعة؛ لإفادة الإخبار عنها بالتقسيم.
وفي البيت شاهد آخر، وهو حذف رابط الجملة المخبر بها في الجملتين الأخيرتين، والتقدير: يوم نساء فيه، ويوم نسر فيه.
الديوان 57 وسيبويه والأعلم 1/ 44 وشرح الكافية الشافية 346 وابن الناظم 45 والمساعد 1/ 233 والعيني 1/ 565 وشفاء العليل 290، 752 وشرح التحفة الوردية 143 وشرح شواهد شرح التحفة 107 وتخليص الشواهد 193 والهمع 1/ 101 والدرر 1/ 76.
(2)
من الطويل، ولم يعرف قائله.
الشاهد في: (ونجم) حيث جاز الابتداء بالنكرة، لإفادة الإخبار عنها؛ وذلك لسبقها بواو الحال.
شفاء العليل 281 وابن الناظم 45 والمساعد 1/ 219 والعيني 1/ 546 وتخليص الشواهد 193 وشرح شواهد المغني للسيوطي 863 والهمع 1/ 101 والدرر 1/ 76.
(3)
مجمع الأمثال 1/ 370 والمغني 468 وشرح التحفة 143 وشرح شواهد شرح التحفة 109.
فشر مبتدأ، وهو نكرة، وجاز لإفادة الإخبار عنها.
(4)
ما بين القوسين [] سقط من ظ.
عباس (1) رضي الله عنهما: «تمرة خير من جرادة (2)» .
والأصل تقديم المبتدأ وتأخير الخبر، ويجوز تقديم الخبر إذ لا ضرر، كقولهم: تميمي أنا.
ويمنع من تقديمه أسباب منها: كون المبتدأ والخبر معرفتين أو نكرتين ولا قرينة تبين المخبر به من المخبر عنه، كزيد صديقك، وأفضل منك أفضل مني، ويجوز مع القرينة، كقوله صلى الله عليه وسلم:«مسكين رجل لا زوجة له، ومسكينة مسكينة امرأة لا زوج لها (3)» . وقول الشاعر:
(1) هو الصحابي الجليل عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم حبر الأمة وبحر التفسير، عرض القرآن على أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي بالطائف وقد كف بصره سنة 68 هـ. غاية النهاية 1/ 425.
(2)
انظر الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار، لابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو بكر، قال: أخبرنا حفص عن جعفر عن القاسم، قال:«سئل ابن عباس عن المحرم يصيب الجرادة فقال: تمرة خير من جرادة» . 3/ 426 (15630) والموطأ 287. وانظر شرح التحفة 142 - 143.
وفي الدر المنثور 3/ 190، قال: أخرج ابن أبي شيبة عن القاسم، قال:
سئل ابن عباس عن المحرم يصيد الجرادة، فقال:«تمرة خير من جرادة» .
وأورده صاحب كشف الخفاء 1/ 379 (1019).
والشاهد: جواز الابتداء بالنكرة (تمرة) لأنها أريد بها الحقيقة، فكل تمرة خير من كل جرادة، بهذا الاعتبار، فعمت جميع أفراد التمر.
(3)
انظر مجمع الزوائد 4/ 252 عن أبي نجيح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مسكين مسكين مسكين رجل ليس له امرأة وإن كان كثير المال، مسكينة مسكينة مسكينة امرأة ليس لها زوج وإن كانت كثيرة المال» . وكذا في المعجم الأوسط 6/ 348 (6589).
65 -
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
…
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد (1)
ومنها: كون الخبر فعلا والمبتدأ مفردا والفعل مسندا (2) إلى ضميره، كزيد قام، فلو ثنّي أو جمع جاز تقديمه، كقاما أخواك،
- وفي كتاب السنن لأبي سعيد بن منصور 1/ 138 (488) في (باب الترغيب في النكاح) عن أبي نجيح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مسكين مسكين رجل ليس له امرأة. قالوا: يا رسول الله وإن كان غنيّا من المال؟ قال: وإن كان غنيّا من المال. وقال: مسكينة مسكينة مسكينة امرأة ليس لها زوج. قالوا:
يا رسول الله وإن كانت غنية من المال؟ قال: وإن كانت غنية من المال».
وفي الترغيب والترهيب 3/ 41، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«الدنيا متاع، ومن خير متاعها امرأة تعين زوجها على الآخرة، مسكين مسكين رجل لا امرأة له، مسكينة مسكينة امرأة لا زوج لها» .
والشاهد: تقديم الخبر (مسكين) على المبتدأ (رجل) لوجود قرينة تعيّن المبتدأ، وهي كون المبتدأ جامدا والخبر مشتقّا، وهذا هو الأصل فيهما، ومثل ذلك يقال في (مسكينة امرأة).
(1)
البيت من الطويل للفرزدق همام بن غالب. وقد كثر الاستشهاد به عند النحاة وأهل البيان والفرضيين. وفي الخزانة قيل: لعمر بن الخطاب 1/ 88.
الشاهد في: (بنونا بنو أبنائنا) فقد قدم الخبر (بنونا) مع مساواته للمبتدأ في التعريف؛ للعلم بالمراد، وهو تشبيه بني الأبناء بالأبناء، فأصله بنو أبنائنا مثل بنينا. وقد يقال: إن البيت لا تقديم فيه للخبر، وأنه جاء على قلب التشبيه للمبالغة.
الديوان 217 وشرح الكافية الشافية 367 وابن الناظم 45 والمساعد 1/ 221 والعيني 1/ 532 وابن يعيش 1/ 99 و 9/ 132 وشفاء العليل 283 والخزانة 1/ 213 والإنصاف 46 وتخليص الشواهد 198 وشرح شواهد المغني للسيوطي 848 والهمع 1/ 102 والدرر 1/ 76 والحيوان 1/ 346.
(2)
في ظ (مسند).
قاموا إخوتك. ويوهم كلام الشيخ (1) أن مثل هذا لا يجوز أن يصدق عليه أن الفعل فيه خبر، فلو قال بدل البيت نحو (2):
أو كان (3) فعل خبر (4) كابني قرا
…
أو قصد استعماله منحصرا
لكان أوضح؛ لأنّ التمثيل بابني قرا، المبتدأ فيه مفرد والفعل مسند إلى ضميره.
ومنها: قصد بيان انحصار جملة ما (5) للمبتدأ من الأخبار التي يصح فيها النزاع، كقولك: إنما زيد شاعر، في الردّ على معتقد كتابته وشعره، أو كتابته لا شعره، وحمل على (إنما) المحصور بإلّا بعد نفي، مع أن التقديم مع إلّا لا يضر بالمعنى، وندر قوله:
66 -
فيا رب هل إلّا بك النصر يرتجى
…
عليهم وهل إلّا عليك المعوّل (6)
ومنها أن يكون الخبر مسندا إلى مبتدأ قرن بلام ابتداء، نحو:
(1) قال ابن مالك في الألفية 18:
كذا إذا ما الفعل كان الخبرا
…
أو قصد استعماله منحصرا
(2)
في ظ زيادة (قولي).
(3)
في الأصل وم (لكان).
(4)
في ظ (خبرا).
(5)
في الأصل وم (إما).
(6)
من الطويل، للكميت الأسدي. وفي الديوان (نبتغي) بدل (يرتجى).
الشاهد في: (إلا بك النصر) فقد قدم الخبر الجار والمجرور (بك) المحصور بإلا وأخر المبتدأ (النصر)، وهذا خاص بالشعر.
الهاشميات 164 وابن الناظم 46 والمرادي 1/ 284 وابن عقيل 1/ 204 والمساعد 1/ 221 والعيني 1/ 534 وشفاء العليل 283 والأشموني 1/ 211 والتصريح 1/ 173 والهمع 1/ 102 والدرر 1/ 76.
لزيد قائم، أو واجب التصدّر (1)، نحو المتضمن استفهاما، كمن لي منجدا؟
ويوجب تقديم الخبر أسباب منها:
كون الخبر ظرفا أو عديله، والمبتدأ نكرة محضة، نحو:
عندي درهم، ولي وطر.
ومنها: أن يكون مع المبتدأ ضمير عائد على ما اتصل بالخبر (2) كقولهم: على التمرة مثلها زبدا (3)، أو:
67 -
..............
…
... ملء عين حبيبها (4)
(1) في ظ (التصدير).
(2)
في الأصل وم (به الخبر).
(3)
على التمرة، خبر مقدم، ومثل: مبتدأ مؤخر، وزبدا، تمييز او حال.
والشاهد تقديم الخبر لاشتمال المبتدأ على ضمير يعود على الخبر.
انظر شرح العمدة 172 وابن عقيل 1/ 209 والأشموني 1/ 212.
(4)
هذا جزء من بيت من الطويل، لنصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، أحد فحول شعراء بني أمية، وقيل: لمجنون ليلى، وهو بتمامه:
أهابك إجلالا وما بك قدرة
…
عليّ ولكن ملء عين حبيبها
الشاهد في: (ملء عين حبيبها) فقد قدم الخبر (ملء) وأخّر المبتدأ (حبيبها) وجوبا؛ لاتصال المبتدأ بضمير يعود على ما اتصل به الخبر، فالهاء ضمير يعود على العين المضاف إليها الخبر. واستشهد به بعضهم على تقديم الخبر (ملء)؛ لكونه نكرة و (حبيبها) مبتدأ معرفة.
ديوان نصيب 68 وديوان المجنون 71 وشرح الكافية الشافية 371 وشرح العمدة 173 وابن الناظم 47 وابن عقيل 1/ 209 وشفاء العليل 285 والعيني 1/ 537 وشرح ديوان الحماسة 1363 وتخليص الشواهد 201 وسمط اللآلئ 1/ 401.
إذ لو قدم المبتدأ عاد الضمير معه إلى متأخر لفظا ومعنى.
ومنها: أن يكون الخبر واجب التصدير لتضمنه معنى الاستفهام، نحو: أين من علمته نصيرا؟ وكيف زيد؟ ومتى اللقاء؟ ومنها أن يكون المبتدأ محصورا، نحو: إنما قائم (1) زيد، وما لنا إلّا اتباع أحمد صلى الله عليه وسلم.
ويجوز حذف كلّ من المبتدأ والخبر للدلالة كقولك: زيد، في جواب من عندك؟ ودنف، في جواب كيف زيد؟ فزيد محذوف الخبر، ودنف محذوف المبتدأ. ومنه خرجت فإذا السبع.
وحذفا معا في قوله تعالى: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (2) تتمته:
فعدتهن ثلاثة أشهر.
والذي يجب حذفه من الأخبار أربعة:
الأول: خبر المبتدأ بعد لولا الامتناعية بشرط تعليق الجواب على نفس المبتدأ وهو الغالب، نحو: لولا زيد لزرتك (3)، تقديره: لولا زيد مانع لزرتك. وقد يعلق امتناع الجواب على نسبة الخبر إلى المبتدأ، فإن لم يدل دليل وجب ذكره كقوله صلى الله عليه وسلم:«لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة فجعلت لها بابين» (4)
(1) في الأصل وم (قام).
(2)
سورة الطلاق الآية: 4.
(3)
في الأصل وم (لأكرمتك).
(4)
لم أجد من رواه بلفظ الشارح من المحدثين، مع أن كل رواياتهم تثبت -
وقول الزبير:
68 -
ولولا بنوها حولها لخبطتها (1)
…
..............
- الشاهد، وهو ذكر الخبر بعد (لولا) لعدم الدليل عليه.
فقد أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر عن عائشة رضي الله عنهم جميعا في (كتاب الحج، باب فضل مكة) بلفظ: «لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت» . وعن هشام عن أبيه عن عائشة بلفظ: «لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت .. » .
وعن عروة عن عائشة: «لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت .. » .
1/ 276. وأخرجه في (كتاب العلم، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه) 1/ 36، 37.
وأخرجه مسلم في عدة أحاديث عن عائشة مع اختلاف في اللفظ 9/ 88 - 96. وكذا أخرجه النسائي في (كتاب مناسك الحج، بناء الكعبة) 5/ 214، 215 بألفاظ مختلفة.
وأخرجه ابن ماجة في (كتاب المناسك، باب الطواف بالحجر) 2/ 985.
وكذا الترمذي في (الحج، باب ما جاء في كسر الكعبة) 3/ 216 (876).
ومالك في الموطأ في (الحج، ما جاء في بناء الكعبة) 250 (810).
والدارمي في (مناسك الحج) 1/ 382.
وأخرجه أحمد في المسند في مواضع عدّة، منها رقم: 24297 و 24709 و 25438 و 25463 و 25466 و 26029 و 26151 و 26256 بألفاظ مختلفة، كلها تثبت الشاهد.
والشاهد فيه وجوب ذكر (حديثو) الواقع خبرا للمبتدأ (قومك) الواقع بعد لولا، لعدم الدليل.
(1)
في الأصل (لخطبتها) وهي رواية ابن مالك في شرح الكافية كما أشار إلى ذلك المحقق 356، وهو تصحيف؛ لأن آخر البيت يأبي هذا المعنى.
وهذا صدر بيت من الطويل للزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أغتيل سنة 36 هـ. وعجز البيت:
كخبطة عصفور ولم أتلعثم
المفردات: لخبطتها: من الخبط وهو الضرب، والضمير يعود لزوجه -
وإن دلّ دليل جاز الحذف (1)، كقول أبي العلاء المعرّي:
69 -
يذيب الرّعب منه كلّ عضب
…
فلولا الغمد يمسكه لسالا (2)
الثاني: خبر المبتدأ الصريح في القسم، نحو: لعمرك لأفعلنّ، وأيمن الله لأقومنّ.
ولك الحذف والإثبات في غير الصريح، تقول: عليّ عهد الله لأفعلنّ، وإن شئت حذفت عليّ.
الثالث: خبر المبتدأ المعطوف عليه بواو المصاحبة، وهي
- أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين. أتلعثم: أتأنّى وأتردد.
الشاهد في: (حولها) على أنه خبر المبتدأ (بنوها) الواقع بعد لولا، لعدم الدليل على الخبر.
شرح الكافية الشافية 355 وابن الناظم 48 والعيني 1/ 571 وتخليص الشواهد 208 وشرح شواهد المغني للسيوطي 841.
(1)
في ظ زيادة (والذكر).
(2)
البيت من الوافر لأبي العلاء المعري، أحمد بن عبد الله، المتوفى 449 هـ، يصف سيفا.
التمثيل به في: (لولا الغمد يمسكه) حيث ذكر خبر المبتدأ (الغمد) بعد (لولا)؛ وهو (يمسكه) مع وجود الدليل عليه، وهو الغمد، وذلك جائز، وقد ذكر ابن هشام في تخليص الشواهد 209 تخريج العلماء للبيت، وإن كان لا يحتج بشعر المعري.
شرح الكافية الشافية 356 والمقرب 1/ 84 وابن الناظم 49 والمرادي 288 وشفاء العليل 275 والعيني 1/ 540 ورصف المباني 295 والجنى الداني 600 والهمع 1/ 104 والدرر 1/ 77.
الناصبة على المعية (1)، مثل: كلّ صانع وما صنع، أي: مقرونان.
الرابع: خبر المبتدأ إذا كان مصدرا عاملا في مفسّر (2) صاحب حال واقع بعده، نحو: ضربي العبد مسيئا، وأفعل تفضيل مضافا إلى المصدر المذكور، نحو: أتمّ تبييني الحقّ منوطا بالحكم؛ إذ لا يصح جعل الحال هنا خبرا (3)، ومتى صحّ جعل الحال خبرا للمبتدأ لم يجز أن يسدّ مسدّ (4) خبره، وإن حذف معها فعلى وجه الجواز. حكى الأخفش (5): زيد قائما (6)، وخرجت فإذا
(1) هذا لا يتفق مع ما ذهب إليه في باب المفعول معه، من أن واو المعية ليست ناصبة ص:135.
(2)
في ظ (نفس) بدل (مفسر).
ومثال كون الحال تصلح خبرا: إكرامي الضيف واجبا، فإن الحال (واجبا) تصلح خبرا، فترفع عند قصده، فيقال:(واجب) فلا يجب حذف الخبر حينئذ.
(3)
الحال (مسيئا ومنوطا) في المثالين سدّا مسد خبري المبتدأين (ضربي وأتم) والخبران محذوفان وجوبا، تقديرهما: إذا كان، أو إذ كان،
إذ لا يصلح الحال فيهما أن يكون خبرا فلا يوصف الضرب بأنه مسيء ولا أتم بأنه منوط.
(4)
في ظ (تسد مسند).
(5)
هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط، مولى بني مجاشع، أحد الأخافش الثلاثة المشهورين، وإذا أطلق الأخفش انصرف إليه، من أشهر علماء النحو البصريين، أخذ النحو عن سيبويه وغيره، وقرئ عليه كتاب سيبويه، وعن طريقه عرف وشهر. صنف معاني القرآن، والمقاييس في النحو، وصنف في العروض والقوافي. مات بعد سنة 210 هـ. تاريخ الأدباء 95 وبغية الوعاة 1/ 590.
(6)
في م (قائم).
زيد جالسا (1). وروي عن علي رضي الله عنه: وَنَحْنُ عُصْبَةٌ (2) أي: نرى أو نكون عصبة.
وقد يكون للمبتدأ الواحد خبران وأكثر، نحو: هم سراة شعراء.
* * *
(1) انظر ابن الناظم 49، والتقدير: زيد ثبت قائما، وخرجت فإذا زيد ثبت جالسا، فالخبر محذوف، تقديره (ثبت) وقائما وجالسا حالان، وهذا شاذّ لا يقاس عليه. و (إذا) الفجائية في المثال الثاني حرف لا ظرف.
(2)
سورة يوسف الآية: 8.
وذلك على قراءة نصب (عصبة) انظر العكبري 2/ 50 قال: «ووجهه أن يكون حذف الخبر ونصب هذا على الحال، أي: ونحن نتعصب أو نجتمع عصبة» .
وقال ابن خالويه: «وَنَحْنُ عُصْبَةٌ بالنصب رواية النزال بن سبرة عن علي رضي الله عنه، سمعت ابن الأنباري يقول هذا كما تقول العرب: إنما العامري عمّته، أي يتعهد عمته، والتقدير: ونحن بجميع عصبة. وسمعت ابن مجاهد يقول:
ما قرأ أحد بالنصب، وإنما روي عن علي رضي الله عنه، تفسير العصبة (ونحن عصبة)». القراءات الشاذة 62.