الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المنصوبات]
المفعول المطلق
اعلم أن الفعل وضع للدلالة على الحدث والزمان فقط، فما سوى الزمان من مدلولي الفعل هو المصدر، نحو: أمن أمنا.
وينتصب بمصدر مثله، نحو: سيرك السير الحثيث متعب، أو فعل من نفسه، نحو: قمت قياما، أو صفة كذلك، نحو: زيد قائم قياما.
والمصدر أصل الفعل والوصف (1) على المذهب المنتخب خلافا للكوفيين، وهو يفيد إمّا توكيدا، كسرت سيرا، وإمّا بيان نوع، سرت سير ذي رشد، وإمّا بيان عدد، كسرت سيرة، وسيرتين.
ويقوم مقام المصدر ما دلّ على معناه من صفة، كسرت أحسن السير، أو ضمير المصدر، نحو: عبد الله أظنّه جالسا (2)، أي:
أظنّ ظنّي، أو مشار به إليه، كضربته ذلك الضرب، أو مرادف، نحو: افرح الجذل، ومثله:
167 -
يعجبه السّخون والبرود
…
والتمر حبّا ما له مزيد (3)
(1) في ظ (للفعل وللوصف).
(2)
في جميع النسخ (جالس).
(3)
البيت من الرجز لرؤبة. ورواية الديوان: (والقرّ) بدل (التمر).
المفردات: السخون: ضد البارد. القر: البرد.
أو ملاق له في الاشتقاق، نحو: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (1) أو دالّ (2) على نوع منه، كرجع القهقرى، أو عدد، كضربته عشر ضربات، أو كلّ (3)، كجدّ كلّ الجدّ، أو بعض، كضربته بعض الضرب، أو آلة كضربته سوطا، أصله ضربته (4) بسوط.
وما جيء به لمجرد التوكيد فبمنزلة الفعل لا يثنّى ولا يجمع، وما لبيان النوع والعدد صالح للإفراد والتثنية والجمع.
ويجوز حذف عامل المصدر إذا دلّ دليل وإن كان مؤكّدا، خلافا للشيخ (5) رحمه الله تعالى، ووفاقا لابنه (6)، دليلنا نحو قولهم:
- الشاهد في: (يعجبه
…
حبّا) فحبّا مفعول مطلق عامله يعجبه؛ لأنه إذا أعجبك فقد أحببته، فهو مرادف له، مثل قول المصنف: افرح الجذل.
ملحقات الديوان 172 وأمالي ابن الشجري 2/ 141 وابن الناظم 103 وابن يعيش 1/ 112 والعيني 3/ 45 والأشموني 2/ 113.
(1)
سورة المزمل الآية: 8. والقياس في (تبتّل) تبتّلا، وفعل (تبتيلا) بتّل.
(2)
في الأصل وم (دالّا). وأثبتّ الجر لأنه معطوف على مجرور، وهو ما في ظ.
(3)
سقطت (كل ك) من الأصل، وفي م (أو جد كل كل الجد).
(4)
في ظ (ضربه).
(5)
قال ابن مالك في الألفية 29:
وحذف عامل المؤكّد امتنع
…
وفي سواه لدليل متّسع
وقال في الكافية:
وعامل الذي أتى مؤكّدا
…
سقوطه امنع أبدا فتعضدا
وقال في شرحها 657: «المصدر المؤكّد يقصد به تقوية عامله، وتقرير معناه، وحذفه مناف لذلك، فلم يجز» .
(6)
وقال ابن الناظم في شرح الألفية: «يجوز حذف عامل المصدر إذا دلّ عليه -
ائت (1) سيرا سيرا، مما جاز حذف عامله، وسقيا ورعيا، وحمدا لا كفرا، ممّا وجب حذف عامله وهو كثير جدّا.
ويجب حذفه مع المصدر الآتي بدلا من فعله، كمثل: ندلا، الذي هو مثل اندل في قوله:
168 -
على حين الهى (2) الناس جلّ أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب (3)
- دليل، كما يجوز حذف عامل المفعول به وغيره. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المصدر مؤكّدا أو مبيّنا. والذي ذكر الشيخ. رحمه الله. في هذا الكتاب وفي غيره أن المصدر المؤكّد لا يجوز حذف عامله، قال في شرح الكافية: لأن المصدر المؤكّد يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه، وحذفه مناف لذلك فلم يجز، فإن أراد أن المصدر المؤكّد يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه دائما فلا شك أن حذفه مناف لذلك القصد ولكنه ممنوع ولا دليل عليه، وإن أراد أن المصدر المؤكّد قد يقصد به التقوية والتقرير، وقد يقصد به مجرد التقرير فمسلم، ولكن لا نسلم أن الحذف مناف لذلك القصد؛ لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر، فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة قرينة عليه أحق وأولى، ولو لم يكن معنا ما يدفع هذا القياس لكان في دفعه بالسماع كفاية؛ فإنهم يحذفون عامل المؤكد حذفا جائزا إذا كان خبرا عن اسم عين في غير تكرير ولا حصر، نحو: أنت سيرا وميرا، وحذفا واجبا في مواضع يأتي ذكرها، نحو: سقيا ورعيا وحمدا وشكرا لا كفرا، فمنع هذا إمّا لسهو عن وروده، وإما للبناء على أن المسوّغ لحذف العامل منه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل، ولا يقتضيها فحوى الكلام». 104.
(1)
في ظ (انت).
(2)
في ظ (ألقى).
(3)
البيت من الطويل، لأعشى همدان، واسمه عبد الرحمن بن الحارث، فقيه قارئ شاعر شجاع، كان مع ابن الأشعث، فأتي به إلى الحجاج أسيرا فقتله سنة 83 هـ. وقيل: للأحوص محمد بن عبد الله الأنصاري. وذكر العيني عن الجوهري أنه لجرير، وهو ثاني بيتين، وقبله:
يمرون بالدهنا خفافا عيابهم
…
ويرجعن من دارين بجر الحقائب
ومثله: فَضَرْبَ الرِّقابِ (1) أي فاضربوها، وكذا [ما جاء](2) مفصلا لعاقبة ما قبله، نحو: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (3) أو جاء نائبا عن خبر اسم عين إمّا بتكرير، نحو: ائت (4) سيرا سيرا، وإمّا بحصر، نحو: إنما أنت سيرا. وكذا حكم المؤكد لنفسه، أي: بعد جملة هي نص في معناه، نحو: له عليّ ألف عرفا، أي (5) اعترافا، وكذا المؤكد لغيره (6)، أي
بعد جملة صائرة به نصّا بعد الاحتمال، نحو أنت ابني حقّا، وكذا ذو التشبيه بعد جملة مشتملة عليه نحو: له بكاء بكاء ذات عضلة (7)، ومررت به فإذا له صوت صوت حمار.
- الشاهد في: (ندلا) حيث حذف عامل المفعول المطلق وجوبا؛ لنيابته عن فعله، والتقدير: اندل ندلا.
ديوان أعشى همدان 90 وملحقات ديوان الأحوص 215 وملحقات ديوان جرير 1021 وسيبويه والأعلم 1/ 59 والكامل 1/ 184 والحماسة البصرية 2/ 263 والخصائص 1/ 120 وفرحة الأديب 88 - 89 وشرح الكافية الشافية 659 وابن الناظم 105، 162 والمرادي 2/ 82 والمساعد 2/ 242 وشفاء العليل 654 والعيني 3/ 46، 523 والإنصاف 293 وشرح شواهد شرح التحفة عرضا 404 والصحاح (ندل).
(1)
سورة محمد الآية: 4.
(2)
(ما جاء) زيادة من ظ.
(3)
سورة محمد الآية السابقة.
(4)
في ظ (انت).
(5)
سقطت (أي) من جميع النسخ، والسياق يتطلبها.
(6)
سقطت هاء الضمير من ظ.
(7)
ذات عضلة: هي المرأة التي ضارها زوجها فلم يحسن عشرتها، لتفتدي منه بمهرها الذي مهرها إياه ليطلّقها. أو هي التي نشب ولدها فخرج بعضه ولم يخرج بعض، فبقي معترضا، فهي تصيح من شدة ما يصيبها.
تتمّة
ومن المصدر الآتي بدلا من فعله ما لا فعل له أصلا، كبله، إذا كان مضافا، وويحه، وويبه، وويسه (1)، وويله، وقيّد (بله) بالإضافة ليخرج الناصبه بمعنى اترك، والرافعه بمعنى كيف، ولذلك أنشد قول أبي الطيب:
169 -
أقلّ فعالي بله أكثره مجد
…
................ (2)
بجرّ (أكثره) ونصبه ورفعه.
* * *
(1) ويحه، دعاء ترحم، ومثله ويسه. وويبه دعاء عليه بالهلاك، ومثله ويل.
(2)
البيت مطلع قصيدة من الطويل لأبي الطيب المتنبي، وعجزه:
وذا الجدّ فيه نلت أم لم أنل جدّ
التمثيل به: في (أكثره) يجوز فيه الجر والنصب والرفع، فالجرّ على أن (بله) مصدر مضاف و (أكثر) مضاف إليه. والنصب على أن (بله) اسم فعل بمعنى (اترك) أو (دع) و (أكثر) مفعول به، وهو الأجود. والرفع على أن (بله) اسم استفهام بمعنى كيف، خبر مقدم، و (أكثر) مبتدأ مؤخر.
الديوان 1/ 373.