الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتغال العامل عن المعمول
إذا تقدّم اسم على فعل صالح لأن ينصبه لفظا أو محلّا وشغل الفعل عن عمله فيه بعمله في ضميره، صحّ في الاسم أن ينصب بفعل لا يظهر، مماثل للظاهر أو مقاربه، نحو: زيدا ضربته، وأزيدا مررت به؟
والاسم الواقع بعده فعل ناصب على خمسة أوجه (1):
الأول: واجب النصب؛ وذلك حيث تلا السابق ما يختصّ بالفعل من أداة شرط، نحو: إن، وحيثما، أو (2) تحضيض، نحو:
هلّا، أو غير ذلك، تقول: إن زيدا رأيته فاضربه، وحيثما عمرا لقيته فأكرمه.
الثاني: لازم الرفع؛ وذلك حيث يتقدم على الاسم مختصّ بالابتداء، كإذا المفاجأة، نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو.
وكثير من غفل عن هذا وأجاز النصب، ولا سبيل إلى جوازه؛ إذ لم تولها العرب إلّا مبتدأ، وكذا حيث يكون بين الاسم والفعل ماله صدر الكلام، ممّا لا يعمل ما بعده فيما قبله، كالاستفهام، وما النفي، ولام الابتداء، وأدوات الشرط، نحو:
زيد هل رأيته؟ وعمرو ما صحبته، وبشر لأحبّه، وعبد الله إن
(1) في ظ (أقسام).
(2)
في ظ (و).
أكرمته أكرمتك.
وقريب من هذا امتناع النصب في نحو: وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)(1) ممّا الفعل فيه صفة ناصبة لضمير اسم سابق؛ إذ لا تعمل صفة في موصوف، وما لا يعمل لا يفسّر عاملا.
الثالث: راجح النصب، وذلك لأسباب منها:
كون الفعل المشغول بضمير الاسم السابق فعل أمر أو نهي أو دعاء، كزيدا أكرمه، وعمرا لا تشتمه، واللهمّ عبدك ارحمه.
ومنها أن يتقدّم على الاسم ما الغلب أن يليه الفعل، كالنفي بما، ولا، وإن، وكحيث (2) المجردة من ما، وكالاستفهام بغير هل، أمّا الاستفهام بهل فواجب النصب، نحو: هل زيدا (3) رأيته؟
ومنها أن يلي الاسم عاطفا قبله معمول فعل، نحو: قام زيد وعمرا أكرمته، ولقيت بشرا وعمرا وبكرا أبصرته.
ويشترط أن يكون العاطف بلا فصل؛ لأنّ نحو: قام زيد وأمّا عمرو فأكرمته، رفعه أجود.
الرابع: مستو فيه الأمران، وذلك إذا كانت الجملة ابتدائية وخبرها فعل ومعموله، وتسمّى ذات وجهين، نحو: زيد قام وعمرا
(1) سورة القمر الآية: 52. كل: مبتدأ، وشيء: مضاف إليه، وجملة فعلوه صفة لكل، ولا تعمل الصفة في موصوفها، وما لا يعمل لا يفسر عاملا.
(2)
في ظ (وحيث).
(3)
في ظ (زيد).
كلّمته (1).
الخامس: راجح الرفع، وذلك حيث خلا من موجب نصبه ومانعه ومرجّحه ومستويه، فالرفع (2)، نحو: زيد لقيته وعبد الله أكرمته، ومنهم من منع النصب (3) هنا، ودليلنا قراءة بعضهم:
جنات عدن يدخلونها (4) وأنشد ابن (5) الشجري (6):
157 -
فارسا ما غادروه ملجما
…
غير زمّيل ولا نكس وكل (7)
(1) جاز الوجهان للمشاكلة بين الجملتين، فإذا رفعت عمرا فهو من باب عطف جملة اسمية على مثلها، وإن نصبت عمرا، فهو من باب عطف جملة فعلية على مثلها، وهي كلّمت عمرا. من (عمرا كلمته). على جملة فعلية، وهي (قام) الواقعة خبرا لزيد قبلها.
(2)
في ظ (بالرفع).
(3)
في ظ (الاسم) بدل (النصب).
(4)
سورة فاطر الآية: 33.
قرأ عاصم الجحدري (جنات) بكسر التاء جرّا على أنها بدل من (الخيرات) من قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) في الآية قبلها، أو نصبا على الاشتغال بفعل يفسره (يدخلونها) المشتغل بضمير الجنات، وهو موضع الاستشهاد بالقراءة. وقرأ الباقون بالرفع (جنات) على الابتداء. إعراب القرآن للنحاس 3/ 698 والقراءات الشاذة لابن خالويه 123.
(5)
سقطت (ابن) من ظ.
(6)
هو أبو السعادات هبة الله بن علي المعروف بابن الشجري، يتصل نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما، كان عالما باللغة وأشعار العرب وأيامها، أقرأ النحو سبعين سنة، ولد ببغداد (450 - 542 هـ) له الأمالي وشرح اللمع. بغية الوعاة 2/ 324.
(7)
البيت من الرمل، قاله علقمة بن عبدة الفحل. وقيل: لامرأة من بني الحارث بن كعب ترثي، ومعه بيتان. ورواية ديوان علقمة (ملحما) بالحاء مكان (ملجما). =
وحكم المشغول عنه الفعل بضمير (1) جرّ أو بمضاف إليه، حكم المشغول عنه بضمير (1) نصب؛ فإن زيدا (2) مررت به، أو رأيت أخاه، مثل: إن زيدا رأيته، في تحتّم (3) النصب، وأزيدا (4) مررت به، أو عرفت أباه (5)، مثل:[إن زيدا لقيته، في ترجيح النصب، وزيد قام وعمرا مررت به](6)، أو كلمت غلامه، مثل:
= المفردات: ملجما: بالجيم، ولعل معناه أن الأعداء قد أحاطوا به في المعركة فلا يجد مخرجا فكأنهم ألجموه من جميع الجهات، أو أنه لا
يستطيع الدفاع عن نفسه فلجامه بالقتل. والمشهور ملحما: بالحاء المهملة، والملحم هو الذي أحيط به في الملحمة وهي الحرب، وذلك أن ينشب في الحرب فلا يجد له منها مخرجا، أو أنه أصبح ملحما أي قتيلا طعمة للسباع.
زمّيل: بضم الزاي وتشديد الميم وسكون الياء، الرجل الجبان الضعيف.
نكس: بكسر النون وسكون الكاف، الرجل الضعيف، ويجمع على أنكاس.
وكل: بفتح الواو والكاف، من يكل أمره إلى غيره؛ لعجزه وضعف رأيه.
الشاهد في: (فارسا غادروه) نصب (فارسا) على الاشتغال بفعل يدل عليه الفعل المذكور (غادروه)، ويجوز رفعه على الابتداء؛ لأن لم يوجد ما يوجب النصب، ولا ما يوجب الرفع، ولا ما يرجح أحدهما، فاستوى فيه الأمران، وإن كان الرفع أحسن من النصب لعدم التقدير.
ديوان علقمة 133 والحماسة 1/ 552 وأمالي ابن الشجري 1/ 187، 333 وتخليص الشواهد 501 وابن الناظم 93 والعيني 2/ 539 والخزانة عرضا 4/ 522 وشواهد السيوطي 664، 909.
(1)
في ظ (لضمير) في الموضعين.
(2)
في جميع النسخ (زيد).
(3)
سقطت من ظ. ولم يذكر الشارح جواب الشرط في الأمثل للاختصار إذ التقدير: فأكرمه، ونحوه.
(4)
في م (زيدا) دون همزة الاستفهام.
(5)
في هامش ظ مصححة (أو أباه) بدل (أو عرفت أباه).
(6)
سقط ما بين [] من ظ.
زيد قام وعمرا (1) كلّمته، في ذات الوجهين، وزيدا مررت به، مثل: زيدا ضربته، في جواز نصبه مرجوحا.
ويصح أن تفسّر الصفة عاملا في الاسم السابق كما يفسّره الفعل بشرط أن يصلح لعمل الفعل وألّا يكون قبلها ما يمنع من التفسير، نحو: أزيدا أنت ضاربه؟ [وأعمرا أنت مكرم أخاه؟
بخلاف ما لم يصلح، نحو: أزيد أنت ضاربه] (2) أمس (3)؟
وبخلاف صلة (أل) نحو: أزيد أنت الضاربه؟ إذ لا تعمل صلة فيما قبل موصول، فلا يفسّر عاملا.
والملابسة بالشاغل الواقع أجنبيّا متبوعا بسببيّ كالملابسة بالشاغل الواقع سببا، فلزيد مثلا في نحو: أزيدا ضربت رجلا يحبّه؟ أو ضربت عمرا وأخاه، ما له في: أزيدا ضربت محبّه؟ أو ضربت أخاه.
* * *
(1) في ظ (وعمرو).
(2)
ما بين القوسين [] هكذا في م، وفي الأصل في الهامش غير كامل التصوير، وفي هامش ظ دون إشارة إلى أنه تصحيح.
(3)
لأن اسم الفاعل بمعنى الماضي، والذي بمعنى الماضي لا يعمل عمل الفعل.