المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الاستثناء للمستثنى بإلّا مع تمام الكلام إذا تأخر عن المستثنى منه - شرح ألفية ابن مالك المسمى تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة - جـ ١

[ابن الوردي الجد، زين الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول ابن الوردي: حياته وآثاره

- ‌نسبه:

- ‌أسرته:

- ‌مولده ووفاته:

- ‌شيوخه:

- ‌إجازات ابن الوردي لتلاميذه وعلماء عصره:

- ‌ابن الوردي والعمل في القضاء:

- ‌منزلته العلمية والأدبية:

- ‌مصنفاته العلمية:

- ‌آثاره الأدبية:

- ‌الفصل الثاني تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة دراسة تحليلية منهجه في الشرح:

- ‌مصادره:

- ‌ابن الوردي وابن مالك:

- ‌ابن الوردي وابن الناظم:

- ‌مذهبه النحوي:

- ‌ومما ردّ من آراء سيبويه إمام البصريين:

- ‌ما يوهم أنها آراء نحوية لابن الوردي:

- ‌اسم الكتاب:

- ‌[إلمامة مختصرة عن ابن مالك]

- ‌حياته:

- ‌ مؤلفاته

- ‌نسبه ومولده:

- ‌[تحقيق كتاب (تحرير الخصاصة في تيسير الخلاصة)]

- ‌مقدمة التحقيق وصف النسخ:

- ‌1 - نسخة رامبور:

- ‌2 - نسخة دار الكتب المصرية:

- ‌3 - نسخة المكتبة الظاهرية:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌[بيان المعارف]

- ‌العلم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌[المرفوعات]

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌ما ولا وإن المشبّهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إنّ وأخواتها

- ‌لا التي لنفي الجنس

- ‌ظنّ وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدّي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌[المنصوبات]

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه وهو المسمّى ظرفا

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌الحال

- ‌التمييز

الفصل: ‌ ‌الاستثناء للمستثنى بإلّا مع تمام الكلام إذا تأخر عن المستثنى منه

‌الاستثناء

للمستثنى بإلّا مع تمام الكلام إذا تأخر عن المستثنى منه النصب بشرط ألّا يتأثر المستثنى منه بنفي أو نهي أو استفهام، نحو: جاء القوم إلّا زيدا، وما قام إلّا إخوتك إلّا عمرا، فالإخوة (1) وإن كانوا بعد نفي فهم مثل القوم في عدم التأثر (2) بالنفي لنقضه بإلّا، فالتقدير: اختصّ بالقيام إخوتك.

ولم ينبّه عليه الشيخ في الألفية (3) ولا ابنه (4) فإن تأثر بأحد الثلاثة اختير الاتباع إن كان المستثنى بعض المستثنى منه، مثل:

ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ (5). والنصب عربي جيد، قرأ ابن عامر:

(1) في ظ (والإخوة).

(2)

في جميع النسخ (التأثير).

(3)

لم ينبه ابن مالك في الألفية على هذه المسألة، لكنه ذكره بالتفصيل في العمدة وشرحها 377 - 379.

(4)

لم يشترط ابن الناظم في شرح الألفية 113 لنصب المستثنى عدم التأثّر بالنفي أو النهي أو الاستفهام.

(5)

سورة النساء الآية: 66.

(قليل) بالرفع، وهي قراءة غير ابن عامر على أنه بدل بعض من ضمير الرفع الواو في (فعلوه) وذلك عند البصريين، وعطف نسق عند الكوفيين؛ لأن (إلا) عندهم من حروف العطف.

وقرأ ابن عامر: (قليلا) بالنصب على الاستثناء، أو على تقدير: إلا فعلا قليلا. انظر حجة القراءات 206 - 207 والكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 392 ومشكل إعراب القرآن 1/ 195 - 196 والإتحاف 1/ 515 والكشاف 1/ 539.

ص: 310

ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ (1).

واختير (2) النصب إن لم يكن المستثنى بعض المستثنى منه، مثل: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ (3) وهي الحجازية، وتميم يتبعون في غير الجار إن صحّ الاستغناء عنه بالمستثنى كقوله:

181 -

وبلدة ليس بها أنيس

إلّا اليعافير وإلّا العيس (4)

(1) في م (قليل) وفي ظ (قليلا منهم). وانظر التعليق السابق.

(2)

سقطت من م.

(3)

سورة النساء الآية: 157. الواجب على لغة أهل الحجاز في الآية الكريمة نصب (اتباع)؛ لكونه استثناء منقطعا؛ فاتباع ليس بعضا من العلم. وليس المختار كما يقول الشارح، وبه قرأ السبعة. أما تميم فيرفعون (اتباع) على أنه بدل من (علم) المجرور لفظا المرفوع محلا على أنه اسم ما؛ لإمكان الاستغناء عن المستثنى منه بالمستثنى، فيمكن أن يقال: ما لهم إلا اتباع الظن. والله أعلم. كما أنه يجوز عندهم النصب على الاستثناء. انظر معاني القرآن للزجاج 2/ 128 ومشكل إعراب القرآن 1/ 211 والبيان في غريب إعراب القرآن 1/ 274.

(4)

البيت من رجز لجران العود، واسمه عامر بن الحارث، شاعر جاهلي، أدرك الإسلام ولم يسلم. وقيل لنزال بن غلاب. وروي البيت بعدة روايات، ورواية الديوان:

بسابسا ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلّا العيس

المفردات: بسابسا: جمع بسبس، وهو القفر. أنيس: كل ما يؤنس. اليعافير:

أولاد الظباء، ومفردها يعفور. العيس: الإبل، ومفرده أعيس.

الشاهد في: (إلا اليعافير وإلا العيس) برفع اليعافير بدلا من (أنيس) وذلك على لغة تميم؛ لأنه يصح الاستغناء بالمستثنى عن المستثنى منه فيقال: ليس بها إلا اليعافير، وهذا شرطهم. والعيس معطوف على اليعافير مرفوع.

ديوان جران 52 وسيبويه والأعلم 1/ 133، 365 ومعاني القرآن للفراء 1/ 479 -

ص: 311

وقد يجعل المستثنى المتأخر مبتدأ، إمّا مذكور الخبر كقوله صلى الله عليه وسلم:«ما للشياطين من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلّا المتزوجون، أولئك المتطهرون (1) المبرؤون من الخنا (2)» . وإما مقدر الخبر كقراءة بعض السلف: فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ (3) أي: لم يشرب، ومثله:

- و 3/ 273 والمقتضب 2/ 319، 347 و 4/ 414 والإنصاف 271 ومعاني الحروف 61 ومشكل إعراب القرآن 1/ 354، 417 وابن يعيش 2/ 80 وشفاء العليل 501 وابن الناظم 118 والعيني 3/ 107 وشرح التحفة الوردية 228 وشرح شواهد شرح التحفة 254 والخزانة 4/ 197.

(1)

في ظ (المطهرون).

(2)

مسند أحمد 5/ 163، 164 عن أبي ذر رضي الله عنه قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له عكاف بن بشر التميمي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عكاف هل لك من زوجة؟ قال: لا، قال ولا جارية، قال: ولا جارية، قال: وأنت موسر بخير، قال: وأنا موسر بخير، قال أنت إذا من إخوان الشياطين، لو كنت في النصارى كنت من رهبانهم، إنّ سنتنا النكاح، شراركم عزّابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبا الشيطان تمرسون، ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجون، أولئك المطهرون المبرّؤون من الخنا، ويحك يا عكاف، إنهنّ صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف، فقال له بشر بن عطيّة، ومن كرسف يا رسول الله؟ قال: رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاث مئة عام يصوم النهار ويقوم الليل، ثم إنه كفر بالله العظيم في سبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة الله، ويحك يا عكاف: تزوج وإلا فأنت من المذبذبين، قال زوّجني يا رسول الله، قال زوجتك كريمة بنت كلثوم الحميري. «وانظر الحديث في شرح العمدة 379 - 380.

والشاهد في الحديث إعراب المستثنى المتأخر (المتزوجون) مبتدأ خبره جملة (أولئك المطهرون).

(3)

سورة البقرة الآية: 249. قرأ أبيّ والأعمش برفع (قليل) على أنه مبتدأ خبره محذوف، تقديره: قليل لم يشرب، ولا يجوز أن يكون بدلا؛ لأن المعنى -

ص: 312

182 -

وبالصريمة منهم منزل خلق

عاف تغيّر إلّا النّؤي والوتد (1)

أي: لم يتغير.

استشهد به الشيخ (2) على هذا، واستشهد به ابنه (3) على تقدم

- يصير: فشرب قليل، وهذا لا يناسب المعنى.

انظر القراءات الشاذة 15 وإملاء ما من به الرحمن 1/ 104 والكشاف 1/ 381.

(1)

البيت من البسيط، للأخطل، من قصيدة يمدح بها عبد الله ويزيد ابني معاوية.

المفردات: الصريمة: اسم موضع، وفي الأصل اسم لكل رملة انصرمت من معظم الرمل. خلق: قديم بال. عاف: قديم دارس. النؤي: شق حول خباء البيت؛ لألّا يدخله المطر. الوتد: عود أو حديدة تضرب في الأرض وتشد بها حبال البيت.

الشاهد في: (تغير إلا النؤي) على أن المستثنى (النؤي) الواقع بعد إلّا يجوز إعرابه مبتدأ خبره مقدر، والتقدير: لم يتغير، مع أنه تام موجب. وهذا قول ابن مالك وابن الوردي. ويستشهد ابن الناظم وغيره بالبيت على أن (النؤي) بدل من ضمير الفاعل في (تغير)، وجاز الإبدال مع أنه تام موجب؛ لأن معنى (تغير) لم يبق على حاله، فهو وإن كان موجب اللفظ إلا أنه منفيّ معنى.

الديوان 168 والمغني 276 وشرح الكافية الشافية 709 وشرح العمدة 380 وابن الناظم 117 وشفاء العليل 500 والعيني 3/ 103 وشرح شواهد المغني للسيوطي 670 والبحر 1/ 288.

(2)

قال ابن مالك في شرح العمدة 380: يشير إلى الآية الكريمة فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ: «ومثله في جعل ما بعد إلا مبتدأ منويّ الخبر قول الأخطل» ، وذكر البيت، وقال بعده:«أي: إلا النؤي والوتد لم يتغيرا» .

(3)

شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم 117 قال: «ومثال تقدم النفي معنى قول الشاعر» وذكر البيت، وقال:«فإنّ (تغيّر) بمعنى لم يبق على حاله» .

ص: 313

النفي معنى، فقال: إنما رفع النّؤي لأن معنى تغيّر لم يبق على حاله.

وهذا غير حسن؛ إذ يمكن هذا التقدير في المتحتم النصب، فيقال: معنى صام القوم إلا زيدا، لم يفطر القوم إلا زيدا. وتحتّم النصب في شيء واختيار (1) الاتباع فيه تناقض.

والوجه نصب المستثنى المتقدم مع الاتصال بعد نفي أو شبهه، كقوله:

183 -

وما لي إلّا آل أحمد شيعة

ومالي إلّا مشعب الحقّ مشعب (2)

ويرفع على تفريغ العامل له ثمّ الإبدال منه، كقول حسان:

(1) في الأصل وم (والاختيار) وفي ظ (واختار).

(2)

البيت من الطويل للكميت الأسدي، من قصيدة طويلة يمدح بها آل البيت، وقد عرف عنه التشيع. ورواية الهاشميات لعجز البيت وهي المشهورة:

وما لي إلّا مذهب الحق مذهب

الشاهد في: (آل، ومشعب الحق) فقد روي: بنصب (آل ومشعب) وبرفعهما، والمستثنى متقدم على المستثنى منه في كلام غير موجب. أما النصب وهو الأجود فعلى الاستثناء، وليس على البدلية؛ لأنها لا تصح؛ إذ البدل تابع والتابع لا يتقدم على المتبوع. وأما الرفع فعلى الابتداء، والخبر (لي) في الوضعين، والاستثناء مفرغ. وعلى هذا تعرب (شيعة، و (مشعب) آخر البيت بدل كل من (آل أحمد، ومشعب الحق) وهذا على عكس الأصل؛ فالذي كان بدلا صار مبدلا منه، والذي كان مبدلا منه صار بدلا.

القصائد الهاشميات 50 والمقتضب 4/ 398 والكامل 2/ 90 ومجالس ثعلب 1/ 49 والإفصاح 85 وابن الناظم 118 وشرح التحفة 229 والعيني 3/ 111 والخزانة عرضا 2/ 208 وشرح شواهد شرح التحفة 255.

ص: 314

184 -

لأنّهم يرجون منك شفاعة

إذا لم يكن إلّا النبيون شافع (1)

وإذا فرّغ عامل قبل إلّا لما بعدها، أي لم يذكر المستثنى منه فلتلو إلا ما كان له مع سقوطها، تقول: ما جاءني إلا زيد، وما رأيت إلّا زيدا، وما مررت إلا بزيد.

وتلغ (إلّا) ويكون دخولها كخروجها إذا كررت للتوكيد، إما مع البدل، نحو: امرر بهم إلّا الفتى إلا العلا، المعنى إلا الفتى العلا.

وأمّا عطف النسق نحو: ما قام إلا زيد وإلا عمرو، وجمع المثالين قوله:

185 -

ما لك من شيخك إلا عمله

إلا رسيمه وإلّا رمله (2)

(1) البيت من الطويل لحسّان بن ثابت رضي الله عنه، من قصيدة طويلة يرثي فيها شهداء بدر رضوان الله عليهم أجمعين.

الشاهد في: (إلا النبيون شافع) فقد رفع المستثنى (النبيون) المتقدم المنفي بلم على أنه فاعل (يكن) التامة، وشافع هو المستثنى منه، يعرب بدل كل من كل على غير الأصل كما في الشاهد السابق.

ورواية الديوان: (النبيين) بالنصب على الاستثناء، ولا شاهد على هذه الرواية لما أورده الشارح؛ لأنها جاءت على الأجود، و (شافع) على هذه الرواية فاعل (يكن).

الديوان 254 وشرح الكافية الشافية 705 وابن الناظم 118 وشفاء العليل 503 وشرح التحفة 230 والعيني 3/ 114 وشرح شواهد شرح التحفة 259 والهمع 1/ 255 والدرر 1/ 192.

(2)

البيت من رجز لم يعرف قائله.

ص: 315

وإن كررتها لغير توكيد والمستثنى بها مباين للمستثنى الأوّل وفرّغت ما قبلها فأشغله بأحد المستثنيين والمستثنيات، فلا (1) غنى عن نصب ما سواه، نحو: قام إلا زيد إلّا عمرا إلا بكرا، والأقرب إلى المفرغ أولى بعمله، وإن لم يكن تفريغ بأن كان العامل مشغولا بالمستثنى منه وتقدم المستثنى، فللمستثنيين أو المستثنيات النصب، نحو: قام إلا زيدا إلا عمرا إلا بكرا القوم.

وإن تأخر المستثنى فلأحدهما أو أحدها من الاتباع والنصب ما كان له لو لم يستثن غيره، ولما سواه النصب، نحو: ما جاءني أحد إلا زيد إلا عمرا إلا بكرا، ومثله: لم يف إلا امرؤ إلا عليّا.

وما بعد الأوّل من هذه المستثنيات مساو لحكم الأوّل في الدخول في غير الإيجاب، وفي الخروج في (2) الإيجاب.

واجرر بغير إذا استثنيت بها، وأعربها بما يستحقه المستثنى

- الشاهد في: (إلا عمله إلا رسيمه وإلا رمله) وفيه شاهدان، الأول:(إلا عمله إلا رسيمه) فقد تكررت إلّا دون عطف فألغيت واكتفت بالتوكيد فقط، وصار ما بعدها بدلا مما قبلها على معنى إلّا عمله رسيمه، (فرسيمه) بدل من (عمله) المرفوع على الابتداء وخبره (لك) المتقدم، ولا عمل ل (ما) النافية لانتقاضه بإلا.

والشاهد الثاني: (إلا رسيمه وإلّا رمله) حيث تكررت (إلا) مع العطف فألغيت واقتصرت على التوكيد، ورمله معطوف على رسمه.

سيبويه والأعلم 1/ 374 وشرح الكافية الشافية 712 وابن الناظم 119 والمرادي 2/ 107 وشفاء العليل 506 والمقرب 1/ 170 والعيني 3/ 117 والهمع 1/ 227 والدرر 1/ 193.

(1)

في ظ (ولا).

(2)

في ظ (و) بدل (في).

ص: 316

بإلا من نصب لازم أو راجح أو مرجوح أو تأثر (1) بعامل مفرغ.

وسوى وسواء لغتان في سوى، والأصح أنها مثل غير خلافا لسيبويه (2) فإنه جعلها ظرفا غير متصرف، ولا شكّ أنها تستعمل ظرفا مجازا، فيقال: رأيت الذي سواك، كما يقال رأيت الذي مكانك.

وانصب إذا استثنيت بليس وخلا وعدا ولا يكون، وإن شئت جررت بخلا وعدا، وإذا دخلت (ما) على خلا وعدا وجب النصب بناء على أن ما مصدرية. وروي الجرمي (3) الجرّ بناء على أنّ ما زائدة، فالجر على أنهما حرفان،

والنصب على أنهما فعلان غير متصرفين، وحاشى مثل خلا، لكن لا تصحب ما إلا فيما ندر من قوله صلى الله عليه وسلم:«وأسامة أحب الناس إليّ ما حاشى فاطمة» (4)

(1) في ظ (تأثره).

(2)

قال سيبويه: «وجعلوا ما لا يجرى في الكلام إلا ظرفا بمنزلة غيره من الأسماء، وذلك قول المرّار بن سلامة العجلي:

ولا ينطق الفحشاء من كان منهم

إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا»

ثم قال: «فعلوا ذلك لأن معنى سواء معنى غير» . 1/ 12 - 13 وانظر 1/ 377.

(3)

انظر المسألة في شرح الكافية الشافية 722 والمرادي 2/ 123 وأجاز ذلك الكسائي والربعي والفارسي.

والجرمي، هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي، مولى جرم بن زبان، أخذ النحو عن يونس والأخفش، واللغة عن الأصمعي وأبي عبيدة، من تصانيفه:

التنبيه وكتاب الأبنية. توفي سنة 225 هـ. بغية الوعاة 2/ 8.

(4)

رواه أبو أمية الطرسوسي في مسنده عن ابن عمر، وفيه زيادة:(ولا غيرهما) -

ص: 317

رضي الله عنها (1).

ويقال في حاشى: حاش (2) كثيرا، وحشى (3) قليلا. وخولف سيبويه (4) حيث التزم حرفية حاشى، وفعليّة عدا.

* * *

- 73. ورواه الطبراني في الكبير: «أسامة أحب الناس إليّ». 1/ 159 (372) دون زيادة.

وأورده الشارح وغيره على أن (حاشا) سبقت بما، فنصب الاسم بعدها على أنها فعل، وما مصدرية.

ويظهر أن" ما حاشا فاطمة" مدرجة من كلام الراوي، وليست من كلامه عليه الصلاة والسلام، أي: أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة رضي الله عنها، بدليل ما في مسند الطبراني: ما حاشا فاطمة ولا غيرها». وعلى هذا تكون (ما) نافية لا مصدرية، (وحاشى) فعلا ماضيا متعديا متصرفا، بمعنى استثنى، ولا شاهد في الحديث على هذه الرواية، والله أعلم.

(1)

سقطت من ظ رضي الله عنها.

(2)

في ظ (حاشى). وفي اللسان 891 - 892: حاشى وحاش وحشى.

(3)

في ظ (حاشا).

(4)

قال سيبويه: «وأما حاشى فليس باسم، ولكنه حرف يجر ما بعده كما تجر حتى ما بعدها، وفيه معنى الاستثناء» . 1/ 377.

ص: 318