الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النائب عن الفاعل
يحذف الفاعل لغرض ما، فينوب عنه المفعول به فيما له من الرفع، وتوقف الفائدة عليه، وتقدّم المسند إليه، ولا بدّ من كون المسند إلى النائب إمّا فعلا موافقا في الاقتضاء والصوغ لفعل، كضرب عمرو، أو يفعل، كيضرب زيد، وإمّا اسم مفعول، كمررت بالمضروب عبده، وإمّا مصدرا مقدّرا بالموافق المذكور مع (أن) أو أختها (ما) كقوله:
153 -
إنّ قهرا ذوو الضلالة والبا
…
طل عزّ لكلّ عبد محقّ (1)
بتقدير إنّ أن يقهر. وفي الحديث: «أمر بقتل الأسود ذو الطّفيتين (2)» .
(1) البيت من الخفيف، ولا يعرف قائله.
الشاهد: في (قهرا ذوو) فذوو نائب عن الفاعل، والعامل المصدر المبني فعله للمفعول، وتقديره: أن يقهر ذوو الضلالة.
شرح العمدة 184 وشرح التحفة 204 وشرح شواهده للبغدادي 224.
(2)
هكذا أورده النحاة مع اختلاف في لفظ الأسود أو الأبتر. انظر شرح العمدة 185، 702 وشرح التحفة 205 وشرح شواهد شرح التحفة للبغدادي 224.
الشاهد في: (الأسود) على أنه نائب فاعل للمصدر (قتل) المبني فعله للمفعول المقدر من (أن) والفعل، والتقدير: أمر أن يقتل الأسود.
أما ما اطلعت عليه من كتب الحديث فلا تتفق رواياتها ورواية النحاة، وليس فيها كلها شاهد لما أورده النحاة إلا على تقدير.
ففي مسند أحمد حيث عزاه الشارح في باب إعمال المصدر، كما سيأتي: =
ويضمّ لذلك أول الماضي، ويكسر ما قبل آخره، نحو:
وصل، ويضم أول المضارع ويفتح ما قبل آخره، نحو: ينتحى (1)، ويضرب.
والماضي ذو التاء المزيدة يتبع ثانيه أوله في الضم، نحو:
تعلّم وتدحرج، والماضي الذي أوله همزة وصل يتبع ثالثه أوّله في
= 420، ورد في أربع روايات، منها ثلاث عن عائشة رضي الله عنها، وهي:
1 -
«أمر بقتل الأبتر وذو الطفيتين» 40/ 265 (24219) بجر (الأبتر) بالمصدر (قتل) وعطف (ذو) على المحل، والأصل: أمر بأن يقتل الأبتر وذو الطفيتين، فالمصدر مضاف إلى نائب الفاعل (الأبتر) المجرور لفظا، المرفوع محلا، أما الروايتان الثانية والثالثة:
2 -
«أمر بقتل ذي الطفيتين» 41/ 479 (25025)
3 -
«أمر بقتل ذي الطفيتين والأبتر» 42/ 71 (25142)
والرابعة رواية عبد الله بن عمر «أنه (يعني ابن عمر) كان يأمر بقتل الحيات .. » . إلى أن قال: «فقال لهم أبو لبابة: أما بلغكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أولات البيوت والدور، وأمر بقتل ذي الطفيتين والأبتر» .
المسند 25/ 29 - 30 (15751).
فلا شاهد إذا في روايات المسند كلها على هذه المسألة؛ فقد جرّ (الأبتر) في الأولى و (ذي) في الثلاث الأخر؛ بإضافة المصدر إلى نائب الفاعل.
وكذا ما أخرجه مسلم بشرح النووي في (باب قتل الحيات وغيرها) 14/ 229، بلفظ: عن عائشة قالت: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل ذي الطفيتين فإنه يلتمس البصر ويصيب الحبل» .
وأخرجه الترمذي في (باب ما جاء في قتل الحيات) 4/ 76 (1483) عن الليث بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه بلفظ: «اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر .. » .. فهذه الرواية بالفعل (اقتلوا) وما بعده مفعول به.
(1)
في ظ (يلبحى).
الضمّ، نحو: استحلي الشراب، والماضي (1) الثلاثي المعتلّ العين يجوز كسر فائه وإشمامها، كقولك في باع
وقال: بيع وقيل.
ومن العرب من يقول: بوع وقول، فيقلب الياء واوا (2) لسكونها وانضمام ما قبلها؛ ويسلّم الواو، وقال:
154 -
ليت وهل (3) ينفع شيئا ليت
…
ليت شبابا بوع فاشتريت (4)
وقال:
155 -
حوكت على نولين إذ تحاك
…
تختبط الشوك ولا تشاك (5)
(1)(الماضي) زيادة من ظ.
(2)
في الأصل (واو).
(3)
في الأصل: (ليت وهل وما ينفع
…
) ولعل الناسخ خلط بين الرواية المشهورة التي أثبتناها ورواية الكسائي: (ليت وما ينفع
…
) كما ذكرها ابن هشام في تخليص الشواهد 496.
(4)
البيت من الرجز لرؤبة بن العجاج.
الشاهد: في (بوع) حيث جاء على لغة فقعس ودبير (وهم من فصحاء بني أسد) الذين يقلبون الياء واوا عند بناء الفعل الثلاثي المعتل العين للمجهول لسكونها وانضمام ما قبلها، كما ذكر الشارح، والقياس (بيع). ونائب الفاعل الضمير المقدر (هو) يعود على الشباب.
ملحق ديوان رؤبة 171 وشرح الكافية الشافية 605 والمرادي 1/ 26 وشفاء العليل 420 وابن الناظم 89 وابن يعيش 7/ 70 وتلخيص الشواهد 495 والعيني 2/ 524 وشرح شواهد المغني للسيوطي 819 والهمع 1/ 248 و 2/ 165 والدرر 1/ 206 و 2/ 222.
(5)
البيت الأول من رجز نسب إلى رؤبة.
المفردات: حوكت: نسجت (يعني رداءه). نولين: تثنية نول، وجمعه أنوال، وهو الخشب يلفّ عليه الحائك الثوب، ويقال له: المنوال، وجمع المنوال -
وقد يعرض بالضمّ والكسر (1) التباس فعل المفعول بفعل الفاعل، فيجب لذلك الإشمام أو إخلاص الضمة في نحو:
خفت، مقصودا به خشيت. ويجب إخلاص الكسرة في نحو: طلت مقصودا غلبت في المطاولة.
ويجوز في فاء الثلاثي المضاعف مبنيّا لما لم يسمّ فاعله من الضمّ والإشمام والكسر ما جاز في (2) باع وقال، نحو: حبّ الشيء، وحبّ. وقرئ: هذه بضعتنا ردت إلينا (3).
- مناول. ويرى: (نيرين) بكسر نون أوله، تثنية نير، وهو علم الثوب ولحمته، وإذا نسج الثوب على نيرين أو نولين كان أصفق له وأقوى. تختبط الشوك:
يقال: خبط الشجر بالعصا ليسقط ورقها، وأراد هنا متانة ردائه حتى أنها يضرب بها الشوك فلا يؤثر فيها.
الشاهد في: (حوكت) يقال فيه ما قيل في الشاهد السابق. وأصل هذا الفعل واوي؛ فهو من حاك يحوك، وباع يائي من باع يبيع.
المنصف 1/ 250 وشرح الكافية الشافية 605 وابن عقيل 1/ 426 وابن الناظم 89 والعيني 2/ 526 وتلخيص الشواهد 495 والتذييل والتكميل 6/ 271 والهمع 2/ 165 والدرر 2/ 223 والبهجة 164 وشرح التصريح 1/ 295 والأشموني 2/ 63.
(1)
في الأصل وم (بالكسر والضم)، وقد اخترت ما جاء في ظ لموافقته ترتيب الأمثلة.
(2)
في ظ زيادة (فاء).
(3)
سورة يوسف الآية: 65. ولم ترد (إلينا) في ظ.
قرأ علقمة بن قيس، بكسر الراء (ردّت) القراءات الشاذة 64، وفي المحتسب نسبها إلى علقمة ويحيى، وقال: هي لغة بني ضبّة 1/ 345، وانظر المساعد 1/ 404 والأشموني 2/ 64.
والذي ذكر لفاء باع من الأحوال الثلاثة ثابت للثالث الذي يليه العين من نحو: اختار وانقاد (1)، وهو كلّ فعل ماض معتل العين على افتعل وانفعل.
وإن خلا المسند من مفعول به صريح ناب ما تصرّف واختصّ من الظروف أو المصادر، أو جار (2) ومجرور، نحو: أفلح دهره، وسعي مبرور، وسعي الأبرار، والسعي المحمود (3)، ورضي عن المحسن. ولا ينوب نحو: عند، ومعاذ الله، وحين، وضرب (4) لفقد التصرف أو الاختصاص.
ولا ينوب بعض هذه (5) إن وجد مفعول به (6) عند سيبويه (7)، وأجازه الأخفش والكوفيون (8) واحتجوا بقراءة أبي
(1) يقال: اختير واختور، بكسر التاء، وضمها وإشمامها، وكذا يقال في انقاد انقيد وانقود، بالحركات الثلاث.
(2)
في ظ (والجار).
(3)
حذف الفعل المبني للمجهول اختصارا، والأصل سعي سعي مبرور، وكذا سعي سعي الأبرار، وسعي السعي المحمود.
(4)
يعني أن هذه لا تصح نيابتها لعدم الفائدة أو التصرف، فعند ومعاذ غير متصرفين، وحين، غير محدود فلا يفيد، وكذا لا يقال: ضرب ضرب، على أن ضرب الثانية نائب فاعل، وإنما هي توكيد لفظي، فالكلام لم يتم، فلا يفيد السامع.
(5)
في ظ زيادة واو قبل إن.
(6)
(به) زيادة من ظ.
(7)
شرح الألفية لابن الناظم 90.
(8)
المرجع السابق وشرح الكافية الشافية 609 وقال ابن مالك في شرح العمدة -
جعفر (1): لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (2).
وبنحو قوله:
156 -
لم يعن بالعلياء إلّا سيّدا
…
ولا شفى ذا الغيّ إلّا ذو هدى (3)
والأولى نيابة المفعول الأوّل من متعد إلى مفعولين ثانيهما غير
- 186 - 187: «وبقولهم (يعني الكوفيين) أقول في هذا؛ لثبوت السماع؛ وأقوى الشواهد في ذلك قراءة أبي جعفر» .
(1)
أبو جعفر، هو يزيد بن القعقاع المخزومي المدني، قيل: اسمه جندب بن فيروز، أو فيروز، أحد القراء العشرة، وأحد التابعين، توفي سنة 130 هـ.
روى القراءة عن ابن عباس وأبي هريرة، وروى عنه نافع. انظر غاية النهاية 2/ 382 والنشر 1/ 178.
(2)
سورة الجاثية الآية: 14. وذلك بضم الياء وفتح الزاي (يجزى) بالبناء للمفعول، ونصب (قوما) على المفعولية، ونائب الفاعل الجار والمجرور (بما) مع تقدم المفعول به، وذلك على قراءة أبي جعفر وشيبة.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بالياء المفتوحة وكسر الزاي بالبناء للفاعل (يجزي)، ووافقهم اليزيدي والحسن والأعمش. وقرأ الباقون بالنون مفتوحة، مبنيّا للفاعل. النشر 2/ 372 والإتحاف 2/ 466 - 467. ولا شاهد في هاتين القراءتين.
(3)
البيتان من الرجز، لرؤبة، ورواية ديوانه (لم يغن) بالغين المعجمة، وقيل:
لأبيه العجاج، ولم أجده في ديوانه.
الشاهد في: (يعن بالعلياء إلا سيدا) وذلك بنيابة الجار والمجرور (بالعلياء) عن الفاعل مع وجود المفعول به (سيدا)، وأصل الكلام: لم يعن الله بالعلياء إلا سيدا. وهذا يخالف رأي البصريين ويعدونه ضرورة.
ملحقات ديوان رؤبة 173 وشرح الكافية الشافية 609 وابن الناظم 90 وتخليص الشواهد 497 وشرح ابن عقيل 1/ 432 والعيني 2/ 521 والتصريح 1/ 291 والهمع 1/ 162 والدرر 1/ 144.
الأول، نحو: كسي زيد ثوبا، ويجوز باتفاق نيابة الثاني إن أمن لبسه بالأول، نحو: ألبس عمرا جبّة. أمّا إذا خيف لبس، نحو:
أعطي زيد بشرا، فلا.
وإن كان الثاني هو الأول معنى في باب ظنّ، وباب أرى، فأكثرهم يمنع نيابته ويوجبها للأول، نحو: ظنّ زيد قائما، وأجاز بعضهم نيابة الثاني حيث لا لبس، قياسا على كسي عمرا جبّة، وإلى جوازه ذهب الشيخ رحمه الله (1).
وينوب الأول من متعد إلى ثلاثة، نحو: أرى عمرا (2) أخاك، ولا ينوب الثالث اتّفاقا، وفي الثاني الخلاف في ظنّ.
ولا ينوب إلّا شيء واحد؛ إذ الفاعل المنوب عنه لا يكون إلّا واحدا، وما سوى النائب ممّا يتعلق بالرافع منصوب لفظا إن لم يكن كجار ومجرور، وإن يكنه فمحلّا.
* * *
(1) قال في الألفية 26:
وباتفاق قد ينوب الثان من
…
باب كسا فيما التباسه أمن
في باب ظنّ وأرى، المنع اشتهر
…
ولا أرى منعا إذا القصد ظهر
(2)
جاء في جميع النسخ (عمرو) بالرفع، وكأنه نائب الفاعل على أنه المفعول الأول، والصواب (عمرا) فهو المفعول الثاني، ونائب الفاعل ياء المتكلم المحذوفه لأنها المفعول الأول، وأصل المثال: يريني عمرا أخاك، فياء المتكلم هي المفعول الأول، فلما بني الفعل للمجهول قيل: أرى، فحذفت ياء المتكلم لنيابتها عن الفاعل، فقيل: أرى عمرا أخاك. والله أعلم.