الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التنازع في العمل
إذا اقتضى عاملان متقدّمان عملا في اسم، عمل أحدهما فيه والآخر في ضميره (1).
وقلنا: اقتضى؛ ليخرج العاملان المؤكّد أولهما بالثاني، نحو قوله:
162 -
فأين إلى أين النجاة ببغلتي
…
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس (2)
وقلنا: عاملان (3)؛ ليشمل الفعلين، والاسم والفعل، والاسمين.
ثمّ المختار عند البصريين إعمال الثاني لقربه، وعند الكوفيين الأول لسبقه، فعلى اللغة البصريّة تقول: قاما وقعد أخواك، في
(1) في ظ (يده).
(2)
البيت من الطويل، ولم يعرف قائله. وروي:(اللاحقوك).
الشاهد في: (أتاك أتاك اللاحقون) على أن (اللاحقون) فاعل لأتاك الأول، وأتاك الثاني لا فاعل له؛ لأنه لم يؤت به للإسناد، بل لمجرد التوكيد اللفظي، وليس فيه تنازع حينئذ. وقيل: اللاحقون فاعل للاثنين؛ لاتحادهما لفظا ومعنى، كأنهما عامل واحد، وليس بصحيح لأنه لو كان كذلك لقال:
أتاك أتوك على إعمال الأول، أو أتوك أتاك على إعمال الثاني. وقيل: هو من التنازع وأن (اللاحقون) فاعل أحدهما وفاعل الآخر محذوف.
الخصائص 3/ 103 وأمالي ابن الشجري 1/ 243 وشرح الكافية الشافية 642 والمرادي 2/ 61 وابن الناظم 98 وشفاء العليل 445 والمساعد 1/ 450 والعيني 3/ 9 والخزانة 2/ 353 وشرح التحفة 281 وشرح شواهد شرح التحفة 324 والهمع 2/ 111، 125 والدرر 2/ 145، 158.
(3)
في م (علامات).
الفاعلية (1)، ورأيت وأكرمت أبويك، في المفعولية (2)، وضرباني (3) وضربت الزيدين في ذي وذي، يضمر في
الأول الفاعل، ويحذف المفعول؛ إذ لا يضمر فضلة قبل ذكر.
وعلى الكوفية: قام وقعدا أخواك، ورأيت وأكرمتهما أبويك، وضربني وضربتهما الزيدان.
يشهد للبصريين: آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (4) هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (5) وقوله:
163 -
وكمتا مدمّاة كأنّ متونها
…
جرى فوقها واستشعرت لون مذهب (6)
(1) يجب إضمار الفاعل في الفعل غير العامل كما في الأمثلة، وكذا نائب الفاعل؛ لأن كلّا منهما عمدة لازم الذكر عند البصريين والكوفيين.
(2)
لا يجوز إعمال الأول في ضمير المفعول به؛ لأنه فضلة فلا يصح إضماره قبل الذكر.
(3)
ظ (ضربان).
(4)
سورة الكهف الآية: 96.
تنازع الفعلان (آتوني وأفرغ) نصب (قطرا) على المفعولية، فذهب البصريون إلى أن عامل النصب الفعل الثاني (أفرغ) ولو أعمل الأول (آتوني) لقال:(أفرغه).
(5)
سورة الحاقة الآية: 19.
ذهب البصرون إلى أن عامل النصب في (كتابيه) الفعل الثاني (اقرؤوا) ولو أعمل الأول (هاؤم) لقال: (اقرؤوه).
وذهب الكوفيون إلى أن العاملين في الآيتين الأول: (آتوني) و (هاؤم).
ومذهب البصريين أقوى؛ لأنه على مذهب الكوفيين يفصل بين العامل ومعموله بجملة فعلية هي (أفرغ) و (اقرؤوا).
(6)
البيت من الطويل، قاله طفيل بن عوف الغنوي، في وصف الخيل، وهو شاعر جاهلي. ويروى:(واستشربت) بدل (واستشعرت) وفي المحكم:
(نحورها) بدل (متونها).
المفردات: كمتا: بضم الكاف وسكون الميم، جمع أكمت، وهو لون يجمع -
ومثله:
164 -
ولكنّ نصفا إن سببت وسبّني
…
بنو عبد شمس من مناف وهاشم (1)
ويشهد للكوفيين قوله:
165 -
إذا هي لم تستك بعود أراكة
…
تنخّل فاستاكت به عود إسحل (2)
- الحمرة والسواد. مدماة: شديدة الحمرة مثل الدم. متونها: المتن الظهر.
جرى: سال. استشعرت: من الشعار، وهو ما يتخذه المحارب علامة له، أو من الشعار وهو ما يلي الجسد من الثياب. مذهب: بضم الميم وسكون الذال وفتح الهاء، من الإذهاب وهو التمويه بالذهب.
الشاهد في: (جرى واستشعرت لون) على أن الفعلين تنازعا العمل في (لون) وقد أعمل الشاعر الثاني على مذهب البصريين (استشعرت) فنصب (لون) على المفعولية، وأضمر في الأول، ولو أعمله لرفعه فهو يطلبه فاعلا، ولو كان كذلك لأعمل الثاني في ضميره وقال:(جرى فوقها واستشعرته لون مذهب).
الديوان 32 وسيبويه والأعلم 1/ 39 والمقتضب 4/ 75 والمحكم 1/ 225 والجمل للزجاجي 116 والإنصاف 88 والرد على النحاة 86 وابن يعيش 1/ 77، 78 وابن الناظم 100 والعيني 3/ 24 وتخليص الشواهد 515 والأشموني 2/ 104.
(1)
البيت من الطويل للفرزدق. وفي الحماسة البصرية: (سفاها) بدل (نصفا) وسكون نون (لكن) و (بني) بدل (بنو).
الشاهد في: (سببت وسبني بنو عبد شمس) على أن الفعلين تنازعا العمل في (بنو) الأول يطلبه مفعولا والثاني فاعلا، وقد أعمل الثاني لقربه، وذلك على مذهب البصريين. ولو أعمل الأول لقال:(سببت وسبوني بني عبد شمس).
الديوان 2/ 300 وسيبويه والأعلم 1/ 39 والمقتضب 4/ 74 والإيضاح العضدي 68 والرد على النحاة 89 والاقتراح 159 والحماسة البصرية 2/ 262.
(2)
البيت من الطويل، لطفيل الغنوي، أو عمر بن أبي ربيعة. وقيل: للمقنع -
والمهمل الذي لم يسلط على العمل في الظاهر [وهو يطلبه في المعنى](1) يعمل في ضميره مطابقا له في الإفراد والتذكير وفروعهما، فإن كان المهمل الأول وهو يقتضي (2) الرفع أضمر فيه قبل الذكر على شريطة التفسير على خلف (3) فيه نحو: يحسنان
- الكندي وصححه العيني.
المفردات: تستك: من الاستياك، وهو استخدام السواك. أراكة: شجر تتخذ منها المساويك. تنخّل: أختير. اسحل: شجر تتخذ منه أعواد المساويك.
الشاهد في: (تنخل فاستاكت به عود) على أن الفعلين تنازعا العمل في (عود) الأول يطلبه فاعلا، والثاني يطلبه مفعولا معدّى بالباء، وقد أعمل
الأول وأعمل الثاني في ضميره، وبه احتج الكوفيون. ولو أعمل الثاني على رأي البصريين لقال:(تنخلته واستاكت بعود).
ديوان طفيل 89 وملحقات ديوان عمر 490 وسيبويه والأعلم 1/ 40 والإيضاح العضدي 68 وشفاء العليل 448 وابن الناظم 100 وابن يعيش 1/ 79 والعيني 3/ 32 والهمع 1/ 66 والدرر 1/ 46 والأشموني 2/ 105.
(1)
سقط ما بين القوسين [] من ظ.
(2)
في ظ (مقتضي).
(3)
البصريون يضمرون في الأول ضمير الرفع قبل الذكر، كما مثل: يحسنان ويسيء ابناك، أما إذا كان ضمير نصب امتنع الإضمار؛ لأنه فضلة يمكن الاستغناء عنه، مثل: أكرمت وأكرمني محمد.
أما الكوفيون فيمنعون الإضمار قبل الذكر، ويقولون: يحسن ويسيئان ابناك، وأكرمني وأكرمتهما محمدان، أو يحذف الفاعل للدلالة عليه، مثل: يحسن ويسيء ابناك، وأكرمني وأكرمت محمدين، وهذا رأي الكسائي. أما الفراء منهم فيعمل الأول أو الثاني، مع تأخير ضمير الأول، ويقول: يحسن ويسيء ابناك هما، وأكرمني وأكرمت محمدين هما، أو يعملهما جميعا في الاسم الظاهر إن كانا رافعين، مثل: يحسن ويسيء ابناك، ولا يجوز أكرمني وأكرمت محمدين.
انظر الخلاف في شرح ابن الناظم 99، 100 والمرادي 2/ 65 - 69.
ويسيء ابناك.
وإن اقتضى النصب امتنع أن يضمر فيه، بل يحذف إلّا في ظنّ وسيأتي. تقول: ضربت وضربني زيد، ومررت فأكرمني عمرو، ولا تعتدّ بمثل قوله:
166 -
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب
…
جهارا فكن للغيب أحفظ للودّ (1)
وإن كان المهمل الثاني وهو يقتضي (2) الرفع وجب فيه الإضمار نحو: بغى واعتديا عبداك، وضربت وأكرماني الزيدين.
(1) البيت من الطويل، ولم أقف على قائله، ومعه بيت آخر:
وألغ أحاديث الوشاة فقلما
…
يحاول واش غير إفساد ذي عهد
ورواية شرح التسهيل وابن عقيل: (أحفظ للعهد) وأورده ابن هشام في تلخيص الشواهد بقافية رائية: (السرّ).
الشاهد: في (ترضيه ويرضيك صاحب) فقد تنازع الفعلان العمل في (صاحب) الأول يطلبه مفعولا، والثاني يطلبه فاعلا، وقد أعمل الشاعر الثاني فرفعه فاعلا، وأعمل الأول في ضميره مفعولا به، وذلك لضرورة الشعر، ولذا قال الشارح: ولا تعتد بمثل قوله، يعني الشاهد. وكذا قال
ابن هشام في تخليص الشواهد: «إذا أعمل الثاني واحتاج الأول إلى منصوب، فإن كان متصلا وجب إسقاطه، كضربت وضربني زيد، ولا يجوز ضربته إلا في ضرورة، وأورد الشاهد» . وبهذا البيت احتج البصريون في إعمال الثاني، ولو أعمل الأول على رأي الكوفيين لقال:(ترضي ويرضيك صاحبا).
شرح التسهيل 2/ 171 وشرح الكافية الشافية 649 والمرادي 2/ 71 وابن الناظم 99 وشفاء العليل 448 والعيني 3/ 21 والمغني 333 وتخليص الشواهد 514 والأشموني 1/ 205 والدرر 2/ 144 والهمع 2/ 110 وشواهد المغني للسيوطي 745.
(2)
في ظ (مقتضي).
وإن اقتضى النصب أضمر فيه غالبا نحو: ضربني وضربتهم قومك.
وقد يحذف من الثاني ضمير المفعول، نحو ضربني وضربت قومك، وأكرمني وأكرمت الزيدان.
وإذا أهمل الأول ومطلوبه غير رفع وجب حذفه استغاء (1) عنه كما في: ضربت وضربني زيد.
وإن كان أحد المفعولين في باب ظنّ جيء به مؤخّرا إن لم يمنع مانع من إضماره، مثاله مفعولا أوّلا (2)، ظننت منطلقة وظنّتني منطلقا هند إيّاها، فإيّاها أول ظننت، لا يقدم ولا يحذف عند البصريين، ومثاله ثانيا لظننت أيضا، ظنّني وظننت زيدا عالما إيّاه، فإيّاه ثان لظنني، وهو كالأول في امتناع تقديمه وحذفه، ولا اعتبار بما يتوهّم من كلام الشيخ هنا من قوله:
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر (3)
إذ يوهم وجوب حذف أول مفعولي ظنّ، وليس كذلك، بل لا فرق بين الأول والثاني في امتناع الحذف ولزوم التأخير، ولو قال بدل البيت المذكور (4):
(1) في ظ (إذا استغني) بدل (استغناء).
(2)
في ظ (أول).
(3)
الألفية: 29.
(4)
في ظ زيادة (نحو).
واحذفه إن لم يكن (1) مفعولا لظن وإن يكن (2) مفعول ظنّ أخّرن لخلص من ذلك التوهّم.
أمّا إذا منع مانع من إضماره فيجب الإظهار، وذلك إذا كان خبرا عمّا يخالف المفسر بإفراد وتذكير أو بغيرهما، تقول على إعمال الثاني، ظنّاني عالما وظننت الزيدين عالمين، فالزيدين عالمين مفعولا ظننت، وعالما ثاني
مفعولي ظناني، وأظهر لأنه إن أضمر فإن طابق المفسر وهو ثاني مفعولي ظننت كان فيه إخبار بمثنى عن مفرد، وإن طابق ما أخبر به عنه وهو ياء (3) ظنّاني ففيه إعادة ضمير مفرد على مثنى، وكلاهما (4) منع البصريون. وأجاز الكوفيون الإضمار برعاية المخبر عنه، فقالوا: ظناني وظننت الزيدين عالمين إيّاه، وأجازوا حذف إيّاه أيضا، وتقول على إعمال الأول: أظنّ ويظناني [أخا زيدا وعمرا أخوين، فزيدا وعمرا أخوين مفعولا أظنّ، و (أخا) ثاني مفعولي يظنّاني](5)، وأظهر لأنه لو أضمر فإمّا أن يفرد فيخالف مفسره، وهو (أخوين) وإما أن يثنّى فيخالف المخبر به عنه وهو ياء يظنّاني. وكلّ (6) منع البصريون.
* * *
(1) في ظ (يك).
(2)
في ظ (يكون).
(3)
في الأصل وم (ثاني).
(4)
في جميع النسخ (وكليهما) وانظر الخلاف في شرح ابن الناظم 101 والمرادي 2/ 74 والأشموني 2/ 108.
(5)
سقط ما بين القوسين [] من ظ.
(6)
في ظ زيادة (ذلك).