الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرج عظيم، ومشقة كبيرة، فالصواب أنها تصح، ولكن على المسؤولين أن يختاروا)) (1) والله المستعان (2).
16 - إمامة من يكرهه أكثر الجماعة بحق مكروهة
على أقل الأحوال؛ لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون)) (3). وعن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال:
(1) سمعته أثناء تقريره على الأحاديث رقم 1429 - 1432 من المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأبي البركات ابن تيمية.
(2)
فكل من صحّت صلاته لنفسه صحّت إمامته، قال العلامة محمد بن عثيمين في الشرح الممتع، 4/ 307:((وهذا القول لا يسع الناس اليوم إلا هو، لأننا لو طبقنا القول الأول على الناس ما وجدنا إماماً يصلح للإمامة)).
(3)
الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في من أمّ قوماً وهم له كارهون، برقم 360، وقال:((هذا حديث حسن غريب))، والبيهقي، 3/ 128 وقال:((إسناده ليس بالقوي))، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وذكر تحسين الترمذي له وأقرّه،
1/ 382، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 228، وله شاهد من حديث طلحة في صحيح الترغيب، 1/ 228، ومن حديث الذهلي، 1/ 228، وقد جاء لهذا شواهد: عن أنس عند الترمذي، برقم 358، وعن عبد الله بن عمرو عند أبي داود، برقم 593، وابن ماجه، برقم 970، وعن ابن عباس عند ابن ماجه، برقم 971. والحديث صححه أحمد شاكر في شرحه على سنن الترمذي، 2/ 193، وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي، 2/ 348: ((قال النووي في الخلاصة: والأرجح هنا قول الترمذي)). وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 113، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار، 2/ 417:((وأحاديث الباب يقوي بعضها بعضاً)).
كان يقال: أشدُّ الناس عذاباً [يوم القيامة] اثنان: امرأة عصت زوجها، وإمام قومٍ وهم له كارهون (1).
قال الإمام الترمذي - رحمه الله تعالى -: ((وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤمَّ الرجل قوماً وهم له كارهون، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الإثم على من كرهه، وقال أحمد وإسحاق في هذا: إذا كَرِهَ واحدٌ، أو اثنان، أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم)) (2). وذكر الشوكاني رحمه الله: أنه ذهب إلى التحريم قوم وإلى الكراهة آخرون، وقيّد جماعة من أهل العلم ذلك بالكراهة الدينية لسبب شرعي، فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها، وقيدوه بأن يكون الكارهون أكثر
(1) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن أمّ قوماً وهم له كارهون، برقم 359، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 113:((صحيح الإسناد)).
(2)
سنن الترمذي، ص97.
المأمومين، ولا اعتبار بكراهة الواحد، والاثنين، والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعاً كثيراً، لا إذا كانوا اثنين أو ثلاثة، فإن كراهتهم أو كراهة أكثرهم معتبرة، والاعتبار بكراهة أهل الدين دون غيرهم (1).
وقال الترمذي رحمه الله: ((قال هنَّاد: قال جرير: قال منصور: فسألنا عن أمر الإمام؛ فقيل لنا: إنما عنى بهذا الأئمة الظلمة، فأما من أقام السنة فإنما الإثم على من كرهه)) (2). وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول: ((ذكر أهل العلم رحمهم الله أن كراهة المأمومين فيها تفصيل: فمراد النبي صلى الله عليه وسلم إذا كرهوه بحق، أما إذا كانت كراهتهم له؛ لأنه
(1) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 417 - 418، والاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص106 وقال:((وإذا كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء أو المذاهب لم ينبغ أن يؤمهم؛ لأن المقصود بالصلاة جماعة الائتلاف، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) [مسلم برقم 432]، فإن أمهم فقد أتى بواجب ومحرم يقاوم الصلاة فلم تقبل إذ الصلاة المقبولة ما يثاب عليها)) ص106 - 107، وانظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 327 والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/ 353 - 355.
(2)
الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن أم قوماً وهم له كارهون، بعد الحديث رقم 359، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/ 171.