الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الستر بقدر المستطاع (1)، وإذا كن عراة فكذلك تقوم إمامتهم وسطهن، وتجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية (2).
8 - وقوف العراة مع إمامهم العاري عن يمينه وشماله
، فيكون إمامهم وسط صفهم ولو طال الصف؛ لأن ذلك أستر له (3). قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني:((وإذا شرعت الجماعة لعراة النساء مع أن الستر في حقهن آكد، والجماعة في حقهن أخف فللرجال أولى وأحرى، وغض البصر يحصل بكونهم صفّاً واحداً يستر بعضهم بعضاً، إذا ثبت هذا فإنهم يصلون صفّاً واحداً ويكون إمامهم وسطهم، ليكون أستر له)) (4). وهذا على سبيل الوجوب إلا إذا كانوا عمياً، أو في ظلمة فإنه يصلي بهم أمامهم (5).
9 - وقوف الرجال، والصبيان، والنساء مع الإمام
على النحو الآتي:
(1) انظر: الإنصاف للمرداوي، مع الشرح الكبير، 4/ 462، والشرح الممتع، 4/ 370، و3/ 125، المغني لابن قدامة، 3/ 37، و2/ 319 - 320، وحاشية الروض لابن قاسم، 2/ 339.
(2)
مجموع فتاوى ابن باز، 12/ 130.
(3)
انظر: المغني لابن قدامة،2/ 318،والشرح الممتع، لابن عثيمين،4/ 370،و2/ 184.
(4)
المغني لابن قدامة، 2/ 318 - 320.
(5)
الشرح الممتع لابن عثيمين، 2/ 184، 4/ 370.
أ- يصف الرجال خلف الإمام إن سَبقُوا.
ب- ثم يصف الصبيان خلف الرجال ما لم يسبقوا أو يمنع مانع.
ج- ثم يصف النساء خلف الصبيان.
ويدل على هذا الترتيب حديث أبي مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: ((استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلِني منكم أُولو الأحلام والنهى (1)،ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)) (2).وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم-ثلاثاً-وإياكم وهيشات (3)
(1) الأحلام والنهى: العقول والألباب، وهما بمعنى واحد: وهي العقول: واحدها: نهية؛ لأنه ينهى صاحبه عن الرذائل، انظر: المفهم للقرطبي، 2/ 62، وجامع الأصول لابن الأثير، 5/ 599.
(2)
مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، وإقامتها، وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول، والمسابقة إليها، وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، برقم 122 - ((432)).
(3)
هيْشات الأسواق: اختلاطها، والمنازعة، والخصومات وارتفاع الأصوات، واللغط والفتن التي فيها. شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 400.
الأسواق)) (1).قال الإمام النووي-رحمه الله تعالى-: ((فالأفضل إلى الأمام؛ لأنه أولى بالإكرام؛ ولأنه ربما يحتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى؛ ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لِمَا لا يتفطن له غيره؛ وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها، وينقلوها ويُعلِّموها للناس؛ وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس: كمجالس العلم، والقضاء، والذكر، والمشاورة، ومواقف القتال، وإمامة الصلاة، والتدريس، والإفتاء، وإسماع الحديث، ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين، والعقل، والشرف، والسن، والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك)) (2).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في
(1) مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول، والمسابقة إليها، وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، برقم 123 - ((432)).
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 399 - 400.
أصحابه تأخراً فقال: ((تقدّموا فائتمّوا بي وليأتمّ بكم مَنْ بعدكم (1)، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم (2) الله)) (3). وفي لفظ أبي داود عن عائشة رضي الله عنها:((لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار)) (4). والمقصود فيما تقدم أن يتقدم الرجال، ثم بعد ذلك الصبيان؛ لأن الصبيان ذكور وقد فضّل الله الذكور على الإناث فهم أقدم من النساء، ثم بعد ذلك النساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((خير صفوف الرجال أوّلها وشرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرّها أولها)) (5). ويلزم من
(1) معنى وليأتم بكم من بعدكم: أي يقتدوا بي مستدلين على أفعالي بأفعالكم، ففيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه، وصف قدامه يراه متابعاً للإمام. شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 403.
(2)
لا يزال قوم يتأخرون: أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة، وعن العلم ونحو ذلك، شرح النووي، 4/ 403.
(3)
مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم 438.
(4)
أبو داود، كتاب الصلاة، باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول، برقم 479، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 200.
(5)
مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم 440.
ذلك تأخر صفوف النساء عن صفوف الرجال (1).
أما ترتيب صفوف الصبيان فلا شك أن الأولى أن يكونوا خلف الرجال إلا إذا حصل بذلك تشويش على المصلين فإنا نجعل بين كل صبيين رجلاً بالغاً، ليخشع الناس في الصلاة (2).
وتقديم الرجال ثم الصبيان يكون في ابتداء الأمر، كأن يجتمع الناس للصلاة في وقت واحد ولم يتقدم أحد قبل أحد، أما إذا جاء الصبي إلى الصفوف الأُوَل وسبق إلى مكانٍ فالصواب أنه أحق به من غيره (3)؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه)). وفي لفظ: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل الرجل من مقعده ويجلس فيه)) فقيل لنافع:
(1) انظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 4/ 390.
(2)
انظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 4/ 391.
(3)
وهو اختيار أبي البركات جد شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال المرداوي في الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف:((وهو الصواب)) الإنصاف المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 3/ 406، و4/ 429 - 430.
الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها (1). وفي لفظ لمسلم: ((لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسّحوا وتوسّعوا)).
وإقامة الصبي من مكانه وتأخيره يؤدي إلى تنفير الصبيان من المساجد، وكراهتهم للرجل الذي أخّرهم عن الصف (2)، وهذه مفسدة (3). قال الإمام شيخنا
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه، برقم 911، وكتاب الاستئذان، باب لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه، برقم 6269، ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه، برقم 2177.
(2)
رأيت رجلاً كبيراً في السن معه عكازه جاء متأخراً إلى الجامع الكبير بالرياض قبل عام 1405هـ فوجد صبياً في الصف الأول فقرعه في رأسه بالعصا وقال: تأخّر وجلس مكانه وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)) فاستغربت هذا العمل، وسألت العلامة شيخنا عبد العزيز ابن باز رحمه الله وكان إمام الجامع آنذاك فبيّن رحمه الله أن هذا خطأ ولا يجوز، وإنما تأخير الصبيان إذا جاء الناس للصلاة في وقت واحد ولم يتقدم أحد على أحد، وذكر أنه ينبغي لأولي الأحلام والنهى أن يتقدموا ويسبقوا إلى الصف الأول.
(3)
انظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 3/ 20 - 21 و4/ 389 - 393، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 341، والمغني لابن قدامة، 3/ 57، والإنصاف للمرداوي المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 4/ 429 - 430 و3/ 406، ونيل الأوطار، للشوكاني، 2/ 426.