الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ففيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مُبلِّغ عنه، أو صف قدامه يراه متابعاً للإمام)) (1).
8 - الاقتداء بمن أخطأ بترك شرط أو غير ذلك ولم يعلم المأموم
؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يصلون لكم فإن أصابوا فلكم [ولهم] وإن أخطأوا فلكم وعليهم)) (2)؛ ولحديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الإمام ضامن فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء - يعني - فعليه ولا عليهم)) (3)؛ ولحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أمَّ الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم)) (4).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم،4/ 403،وانظر: سبل السلام للصنعاني،3/ 84.
(2)
البخاري، برقم 694، وأحمد، 2/ 355، وتقدم تخريجه في عظم شأن الإمامة.
(3)
ابن ماجه، برقم 981، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/ 292، وتقدم تخريجه في عظم شأن الإمامة.
(4)
أبو داود، برقم 580، وابن ماجه، برقم 983، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 293، وتقدم تخريجه في عظم شأن الإمامة.
وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالناس الصبح ثم غدا إلى أرضه بالجرف (1) فوجد في ثوبه احتلاماً، فاغتسل وغسل الاحتلام من ثوبه، وأعاد صلاته بعد أن طلعت الشمس ولم يعد الناس (2).
وكذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه (3)،وروي عن علي رضي الله عنه من قوله (4).
وقد دلّت هذه الأحاديث والآثار على أن صلاة الإمام إذا فسدت لم تفسد صلاة المأمومين إذا لم يعلموا فساد صلاة إمامهم، وحتى لو علموا بعد انتهاء الصلاة لا يؤثر ذلك في
(1) الجُرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام. معجم البلدان، 1/ 128.
(2)
موطأ الإمام مالك، 1/ 49، برقم 81، 82، وعبد الرزاق في المصنف، 2/ 348، برقم 3648، 3649، قال العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في كتابه التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل، ص24:((بإسناد صحيح)) والدارقطني، 1/ 364.
(3)
ابن المنذر في الأوسط، 4/ 212، والدارقطني في سننه، 1/ 364، ورواه الأثرم كما ساقه ابن عبد البر في التمهيد، 1/ 182، ولفظه:((أن عثمان بن عفان صلى بالناس صلاة الفجر فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة فقال: كبرت والله، كبرت والله، فأعاد الصلاة ولم يأمرهم أن يعيدوا)).
(4)
مصنف ابن أبي شيبة،2/ 45،والأثرم في سننه كما في التمهيد لابن عبد البر،1/ 182.
صحة صلاتهم، ويعيد الإمام ولا يعيد المأمومون (1).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((والإمام إذا أخل بشيء عن اجتهاد، أو تأويل، أو عن جهل، أو نسيان، ولم يعلم به المأمومون فصلاتهم صحيحة، وعليه الإعادة هو، إذا كان ما فعله يوجب الإعادة، كمن صلى ناسياً حدثه، ولم يعلم إلا بعد الصلاة، أو علم واستحى ولم يقل لهم شيئاً (2) فإنه يعيد ولا يعيدون، وهكذا لو اعتقد أن ما خرج منه لا ينقض وضوءه: كالحجامة، فإن الجمهور يرون أنها لا تنقض الوضوء، فصلاة المأمومين صحيحة، وصلى عمر بالناس ثم ذكر أنه جنب فأعاد ولم يعيدوا، وهكذا فعل عثمان
(1) انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 369، وفتح الباري، لابن حجر،
2/ 187 - 188، وفتاوى الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، 12/ 134 - 142، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/ 413 - 414، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 576 - 577، والشرح الممتع لابن عثيمين، 2/ 312 - 318، و4/ 337 - 342، والاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص105، والاختيارات الجلية للسعدي، ص45، والمغني لابن قدامة، 2/ 504 - 512.
(2)
ولكن هذا حرام عليه أن يستمر في صلاته.
وعلي، فمن صلى صلاة يعتقد أنها مجزئة فصلاة المأمومين صحيحة، أو صلاها يعتقد طهارته ثم بان أنه على غير وضوء، فإنه يعيد ولا يعيدون؛ فهم معذورون؛ لأنهم ما علموا، وإذا علم أثناء الصلاة فلا يجوز له أن يمضي [في صلاته]، [ولكن] لو جهل ومضى ولم ينبههم فصلاتهم صحيحة، [حتى] لو علموا بعد الصلاة لا يعيدون، [و] الواجب عليه إذا علم أنه ليس على طهارة أو سبقه الحدث (1) [أن] يستخلف: يقدم واحداً يكمل بهم الصلاة، كما فعل عمر لما طُعِنَ قَدّم عبد الرحمن بن عوف وصلى بالناس. وقال بعض أهل العلم: إنه إن دخل بغير وضوء ينتظرونه ويستأنف بهم الصلاة، أو يقدم واحداً يستأنف بهم الصلاة، ولكن الصواب لا يستأنف، [بل] يقدم واحداً يكمل بهم ما بقي؛ لأنهم معذورون، ما أخطأوا هم، لكن لو أعاد بهم من جديد صحت إذا كان
(1) سبقه الحدث: أي غلبه فأحدث أثناء الصلاة. انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 576، والشرح الممتع لابن عثيمين، 2/ 314.