الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليكم صلاة الليل)) (1). قال أبو البركات - ابن تيمية رحمه الله: ((باب انتقال المنفرد إماماً في النوافل)) ثم ساق الأحاديث السابقة (2). قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ((والأحاديث المذكورة تدل على ما بوّب له المصنف رحمه الله من جواز انتقال المنفرد إماماً في النوافل، وكذلك في غيرها لعدم الفارق)) (3).
12 - انتقال الإمام مأموماً إذا استُخلف فحضر مستَخْلِفُه
؛ لحديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف، ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيمَ؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلَّص حتى وقف في الصف، فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما
(1) البخاري، كتاب الأذان، بابٌ إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة، برقم 729.
(2)
المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، 1/ 609.
(3)
نيل الأوطار، 2/ 375.
أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف قال:((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟)) فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قُحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من رابَهُ (1) شيء في صلاته فليسبح؛ فإنه إذا سبح التُفت إليه، وإنما التصفيق للنساء)). وفي رواية: ((أن هذه الصلاة هي صلاة العصر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء وأبو بكر يصلي بالناس شق الصفوف حتى قام خلف أبي بكر فتقدم في الصف الذي يليه
…
)) (2).
(1) وفي رواية للبخاري، برقم 1218:((من نابه شيء في صلاته)) والمعنى: من أصابه شيء يحتاج فيه إلى إعلام الغير)).
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته، برقم 684، وكتاب الأحكام، باب الإمام يأتي قوماً يصلح بينهم، برقم 7190، ومسلم، كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم، برقم 421.
والحديث يدلّ على جواز انتقال الإمام مأموماً إذا استُخلف فحضر مستخلفهُ (1).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((فيه الدلالة على أنه لا بأس أن يتأخر الإمام إذا كان خليفة وجاء المستخلف، فيكون في أول [الصلاة إماماً] وفي أثنائها مأموماً، لا حرج في ذلك، كما فعل الصّدّيق لمَّا حضر النبي صلى الله عليه وسلم، ولو استمر إماماً فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه أن يستمر، ولكنه كره ذلك وقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف عند مسلم في غزوة تبوك (2) أنه صلى بالناس وأقره النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى خلفه، وكان عبد الرحمن قد صلى بالناس ركعة
(1) نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 377، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/ 65.
(2)
مسلم، برقم 274، وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.
من صلاة الفجر، فلمَّا سلم عبد الرحمن قام النبي فقضى ركعة هو والمغيرة، فإذا جاء الإمام والمستخلف قد صلى ركعة فينبغي له ألا يتقدم؛ بل يصلي مع الناس، أما إذا كان في أولها فهو مخير إن شاء تقدم وتأخر الخليفة، وإن شاء تركه يكمل وصلى مع الناس، والأفضل أن يتركه يكمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصّدّيق أن يكمل ولكن الصّدّيق تأدَّب)) (1).
ويدل على ذلك أيضاً حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته وجد خفة فخرج فوجد أبا بكر يصلي بالناس فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك، ثم جيء به صلى الله عليه وسلم يُهادى بين رجلين حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائماً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس بصلاة أبي بكر)). وفي لفظ للبخاري: أنها صلاة الظهر، وفي لفظ لمسلم: ((وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وأبو بكر
(1) سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحديث رقم 1390.