المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - الاقتداء بمن ذكر أنه محدث أو خرج لحدث سبقه وحكم الاستخلاف: - الإمامة في الصلاة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدّمة

- ‌أولاً: مفهوم الإمامة والإمام:

- ‌ثانياً: فضل الإمامة في الصلاة والعلم:

- ‌1 - الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل

- ‌2 - الإمام في الصلاة يُقتدى به في الخير

- ‌3 - دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة بالإرشاد

- ‌4 - الإمامة فضلها مشهور، تولاها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه

- ‌5 - عظم شأن الإمامة وخطره على من استهان بأمرها

- ‌ثالثاً: طلب الإمامة في الصلاة إذا صلحت النية لا بأس به

- ‌خامساً: أنواع الإمامة في الصلاة

- ‌1 - إمامة الصبي جائزة على الصحيح

- ‌2 - إمامة الأعمى صحيحة

- ‌3 - إمامة العبد والمولى صحيحة

- ‌4 - إمامة المرأة للنساء صحيحة

- ‌5 - إمامة الرجل للنساء فقط صحيحة

- ‌6 - إمامة المفضول للفاضل صحيحة

- ‌7 - إمامة المتيمم للمتوضئ جائزة

- ‌8 - إمامة المسافر للمقيم صحيحة ويتم المقيم بعد سلام المسافر

- ‌9 - إمامة المقيم للمسافر صحيحة، ويتمّ المسافر مثل صلاة إمامه

- ‌10 - إمامة من يؤدي الصلاة بمن يقضيها صحيحة

- ‌11 - إمامة من يقضي الصلاة بمن يؤديها

- ‌12 - إمامة المفترض للمتنفل صحيحة بلا خلاف

- ‌13 - إمامة المتنفل للمفترض جائزة على القول الصحيح

- ‌14 - إمامة من يصلي العصر أو غيرها بمن يصلي الظهر

- ‌15 - إمامة الفاسق الذي تصحّ صلاته لنفسه صحيحة

- ‌16 - إمامة من يكرهه أكثر الجماعة بحق مكروهة

- ‌17 - إمامة الزائر لقوم منهيٌّ عنها إلا بإذنهم

- ‌18 - الإمامة في مسجد قبل إمامه لا تجوز إلا إذا تأخر

- ‌19 - الإمامة من المصحف صحيحة على الصحيح

- ‌سادساً: وقوف المأموم مع الإمام أنواع:

- ‌1 - وقوف المأموم الواحد عن يمين الإمام

- ‌2 - وقوف الاثنين فأكثر خلف الإمام

- ‌3 - وقوف الإمام تلقاء وسط الصف

- ‌4 - وقوف المرأة الواحدة خلف الرجل

- ‌5 - وقوف المرأة الواحدة أو أكثر خلف الرجال

- ‌6 - وقوف المرأة الواحدة مع المرأة

- ‌7 - وقوف النساء مع المرأة عن يمينها وشمالها

- ‌8 - وقوف العراة مع إمامهم العاري عن يمينه وشماله

- ‌9 - وقوف الرجال، والصبيان، والنساء مع الإمام

- ‌سابعاً: متى يقوم المأمومون لأداء الصلاة

- ‌ثامناً: الصفوف في الصلاة والعناية بها:

- ‌1 - ترتيب الصفوف

- ‌2 - تسوية الصفوف تجب على الصحيح

- ‌3 - ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم في تسوية الصفوف أنواع:

- ‌النوع الأول: ((أقيموا صفوفكم وتراصُّوا))

- ‌النوع الثاني: ((سوُّوا صفوفكم فإنّ تسوية الصفوف من إقامة الصلاة))

- ‌النوع الثالث: ((سوُّوا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة))

- ‌النوع الرابع: ((أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة))

- ‌النوع الخامس: ((استووا ولا تختلفوا فتختلفَ قلوبكم))

- ‌النوع السادس: ((أتموا الصفوف))

- ‌النوع السابع: ((أقيموا الصفوف

- ‌النوع الثامن: ((أقيموا صفوفكم - ثلاثاً

- ‌النوع العاشر: ((رصُّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق))

- ‌النوع الحادي عشر: ((أتموا الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر))

- ‌النوع الثاني عشر: ((استووا، استووا، استووا

- ‌النوع الثالث عشر: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم))

- ‌النوع الرابع عشر: ((أحسنوا إقامة الصفوف))

- ‌النوع الخامس عشر: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها))

- ‌4 - الصف الأول أفضل الصفوف

- ‌5 - ميامن الصفوف أفضل

- ‌6 - وصل الصفوف رغَّب فيه النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح على القول الصحيح

- ‌8 - صلاة الصفوف بين السواري مكروهة لغير حاجة

- ‌9 - كمال الصفوف وتسويتها يشمل عدة أمور:

- ‌الأمر الأول: أن يدنوَ أُولو الفضل

- ‌الأمر الثاني: ترتيب الصفوف:

- ‌الأمر الثالث: تسوية محاذاة الصفوف وقد سبقت

- ‌الأمر الرابع: التراصّ في الصف

- ‌الأمر الخامس: إكمال الصف الأول فالأول

- ‌الأمر السادس: التقارب بين الصفوف

- ‌الأمر السابع: تفضيل اليمين في الصفوف:

- ‌الأمر الثامن: أن تفرد النساء وحدهن

- ‌الأمر التاسع: اقتداء كل صف بمن أمامه عند الحاجة

- ‌الأمر العاشر: عدم صلاة الفذ خلف الصف

- ‌الأمر الحادي عشر: عدم صلاة المأمومين بين السواري

- ‌10 - جواز انفراد المأموم عن الإمام لعذر

- ‌11 - انتقال المنفرد إماماً لا بأس به

- ‌12 - انتقال الإمام مأموماً إذا استُخلف فحضر مستَخْلِفُه

- ‌13 - انتقال المأموم إماماً إذا استخلفه الإمام لا بأس به

- ‌تاسعاً: الاقتداء وشروطه ولوازمه على النحو الآتي:

- ‌1 - صفة الاقتداء بالإمام وعدم سبقه ومقارنته

- ‌2 - مسابقة الإمام

- ‌3 - أحوال المأموم مع إمامه:

- ‌الحال الأول: المسابقة:

- ‌الحال الثاني: الموافقة أو المقارنة

- ‌الحال الثالث: التأخر أو التخلف عن متابعة الإمام

- ‌4 - ارتفاع مكان الإمام اليسير على المأمومين لا يضر

- ‌5 - الاقتداء بالإمام داخل المسجد وخارجه

- ‌6 - المسبوق إذا أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة

- ‌7 - اقتداء الصف الأول ومن بعده بالإمام

- ‌8 - الاقتداء بمن أخطأ بترك شرط أو غير ذلك ولم يعلم المأموم

- ‌9 - الاقتداء بمن ذكر أنه مُحدث أو خرج لحدث سبقه وحكم الاستخلاف:

- ‌10 - اقتداء الجالس القادر على القيام بالجالس المعذور

- ‌11 - اقتداء القائم بالجالس المعذور جائز

- ‌12 - اقتداء الجالس المعذور بالقائم لا بأس به

- ‌13 - قراءة المأموم خلف الإمام واجبة على القول الصحيح في الصلاة السرية والجهرية

- ‌عاشراً: آداب الإمام في الصلاة على النحو الآتي:

- ‌1 - تخفيف الصلاة مع الكمال والتمام

- ‌2 - تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية

- ‌3 - تطويل الركعتين الأوليين وتقصير الأخريين

- ‌4 - مراعاة مصلحة المأمومين بشرط ألا يخالف السنة

- ‌5 - لا يصلي في موضعه الذي صلى فيه المكتوبة

- ‌6 - يمكث في مكانه بعد السلام يسيراً

- ‌7 - يستقبل المأمومين بوجهه إذا سلم

- ‌8 - لا يخصّ نفسه بالدعاء الذي يؤمن عليه المأمومون

- ‌9 - لا يصلي في مكان مرتفع جدّاً عن المأمومين

- ‌10 - لا يصلي في مكان يستتر فيه عن جميع المأمومين

- ‌11 - لا يطيل القعود بعد السلام مستقبل القبلة

- ‌12 - ينصرف إلى الناس بعد السلام تارة عن يمينه وتارة عن شماله

- ‌13 - يتخذ سترة؛ لأنها سترة له ولمن خلفه

- ‌الحادي عشر: آداب المأموم في الصلاة على النحو الآتي:

- ‌1 - إذا سمع الإقامة فلا يسرع وعليه السكينة والوقار

- ‌2 - لا يركع قبل الدخول في الصف

- ‌3 - لا يقوم المأموم إذا أقيمت الصلاة حتى يخرج الإمام

- ‌4 - يُبَلِّغ صوتَ الإمام عند الحاجة

- ‌5 - يقول خلف الإمام ((ربنا لك الحمد)) بعد قول الإمام ((سمع الله لمن حمده))

- ‌6 - إذا تأخر الإمام تأخراً ظاهراً قدَّم المأمومون أفضلهم

- ‌7 - إذا أقيمت الصلاة فلا يصلي إلا المكتوبة

- ‌8 - لا يتطوع مكان المكتوبة حتى يفصل بينهما بكلام أو يخرج

- ‌9 - لا ينصرف قبل الإمام، بل ينتظر حتى يستقبل الإمام الناس

- ‌10 - لا يصفّ في صفٍّ بين السواري إلا لحاجة

- ‌11 - يدخل مع الإمام إذا سبقه على أي حال يدركه

- ‌12 - لا يلازم بقعة بعينها في المسجد لا يصلي إلا فيها

- ‌13 - الفتح على الإمام إذا لُبِّس عليه في القراءة

- ‌14 - لا يصلي قدَّام الإمام

الفصل: ‌9 - الاقتداء بمن ذكر أنه محدث أو خرج لحدث سبقه وحكم الاستخلاف:

يرى هذا المذهب وهذا الرأي فلا بأس، لكن الأفضل أن يكمل بهم)) (1).

‌9 - الاقتداء بمن ذكر أنه مُحدث أو خرج لحدث سبقه وحكم الاستخلاف:

عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتح الصلاة فكبّر ثم أومأ أن مكانكم، ثم دخل فخرج ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما قضى صلاته قال:((إنما أنا بشر وإني كنت جنباً)) (2). وفي لفظ أبي داود: ((دخل في صلاة الفجر [فكبر] فأومأ بيده أن مكانكم، ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال: ((إنما أنا بشر مثلكم، وإني كنت جنباً)) (3).

(1) سمعته أثناء تقريره على المنتقى من أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، الحديث رقم 1450، ورقم 1451.

(2)

أحمد في المسند، 5/ 41.

(3)

أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الجنب يصلي بالقوم، برقم 233، ورقم 234، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 70.

ص: 126

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أقيمت الصلاة وعُدِّلت الصفوف قياماً فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمّا قام في مصلاه ذكر أنه جنب، فقال لنا: ((مكانكم))، ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر فصلينا معه)) (1). وفي رواية: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلاة وعُدِّلَت الصفوف حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف، قال: ((على مكانكم

)) (2). وفي لفظ لمسلم: ((حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف، وقال لنا: ((مكانكم)) فلم نزل قياماً ننتظره حتى خرج إلينا وقد اغتسل ينطف رأسه ماءً فكبر فصلى بنا)). وفي لفظ: ((فأومأ إليهم بيده أن مكانكم)) (3).

في حديث أبي بكرة دلالة على أن الإمام إذا صلى

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الغسل، باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو برقم 275، وباب: إذا قال الإمام مكانكم حتى نرجع انتظروه، برقم 640، ومسلم، كتاب المساجد، باب متى يقوم الناس للصلاة، برقم 605.

(2)

البخاري، الطرف رقم 639.

(3)

مسلم، برقم 605 و158 - (605).

ص: 127

بالناس وهو جنب وهم لا يعلمون بجنابته أن صلاتهم صحيحة ولا إعادة عليهم، وعلى الإمام الإعادة، وذلك أن الظاهر أنهم قد دخلوا في الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم استوقفهم إلى أن اغتسل وجاء فأتم الصلاة بهم (1).

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه دلالة صريحة على أنه صلى الله عليه وسلم انصرف بعدما قام في مصلاه وقبل أن يكبر، وحديث أبي هريرة هذا معارض لحديث أبي بكرة (2)،وقد أشكل ذلك على كثير من العلماء فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:((ويمكن الجمع بينهما بحمل قوله ((كبّر)) على أراد أن يكبر، أو بأنهما واقعتان، أبداه عياض والقرطبي احتمالاً، وقال النووي إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته، فإن ثبت وإلا فما في الصحيح أصح)) (3).وقال النووي-رحمه الله عن حديث أبي بكرة: ((فتحمل هذه الرواية على أن المراد

(1) معالم السنن للخطابي المطبوع مع مختصر المنذري لسنن أبي داود، 1/ 159.

(2)

انظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم آبادي،

1/ 396 - 398.

(3)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 2/ 122.

ص: 128

بقوله: دخل في الصلاة أنه قام في مقامه للصلاة وتهيأ للإحرام بها، ويحتمل أنهما قضيتان وهو الأظهر)) (1). وقال القرطبي رحمه الله:((وقد أشكل هذا الحديث على هذه الرواية على كثير من العلماء؛ ولذلك سلكوا فيه مسالك: فمنهم من ذهب إلى ترجيح الرواية الأولى (2) ورأى أنها أصح وأشهر، ولم يعرج على هذه الرواية (3). ومنهم من رأى أن كلتيهما صحيح، وأنه لا تعارض بينهما إذ يحتمل أنهما نازلتان في وقتين فيقتبس من كل واحدة منهما ما تضمنته من الأحكام)) (4).

وعن عمرو بن ميمون قال: ((إني لقائم ما بيني وبين عمر - غداة أصيب - إلا عبد الله بن عباس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين

(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 107.

(2)

أي حديث أبي هريرة في الصحيحين.

(3)

أي حديث أبي بكرة في سنن أبي داود ومسند أحمد.

(4)

المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/ 229.

ص: 129

طعنه، وتناول عمر عبد الرحمن بن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة)) (1).

وعن أبي رزين قال: ((صلى عليٌّ رضي الله عنه ذات يوم فرعُف، فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف)) (2).

وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: ((إن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعليّ، وإن صلوا وحداناً فقط طُعن معاوية وصلى الناس وحداناً من حيث طعن أتموا صلاتهم)) (3).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((هذه الأحاديث فيما يتعلق بصلاة الإمام وهو محدث، أو سبقه الحدث بعدما دخلها وهو على طهارة: حديث أبي بكرة وما جاء في معناه كلها تدل

(1) البخاري، رقم 3700، وتقدم تخريجه في انتقال المأموم إماماً.

(2)

ذكره أبو البركات ابن تيمية في منتقى الأخبار، برقم 1455، وعزاه إلى سعيد بن منصور في سننه.

(3)

ذكره المجد أبو البركات ابن تيمية في منتقى الأخبار، بعد الحديث رقم 1455.

ص: 130

على أن الإمام إذا دخل وهو على غير طهارة ثم ذكر أنه على غير طهارة فإنه ينفتل ويتطهر ويأتيهم على حالهم ويكمل بهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ((مكانكم)) وبقوا صفوفاً. وقد اختلفت الروايات في هذا، ففي روايات أبي بكرة وبعض روايات أبي هريرة أنه كبَّر ودخل في الصلاة، وفي رواية في الصحيحين أنه وقف وانتظر الناس تكبيرهُ ثم قال لهم:((مكانكم)) قبل أن يكبر وذهب واغتسل.

اختلف العلماء في ذلك: هل هما قصتان أو قصة واحدة؟ فذهب قوم إلى أنهما قصة واحدة ورجحوا رواية الصحيحين وأنه لم يكبر وإنما ذكر قبل أن يكبر ثم ذهب واغتسل وجاء عليه الصلاة والسلام.

وقال آخرون: كالنووي، وابن حبان، وجماعة: إنهما قصتان: قصة فيها أنه كبَّر، وقصة فيها أنه لم يكبر، وكل واحدة لها حكمها، فالتي فيها أنه كبر بنى على صلاته بالنسبة إليهم، فإنهم بقوا على حالهم، فلما جاء كبر وصلى

ص: 131

بهم فدل ذلك على أن صلاتهم لا تبطل بسبقه الحدث، أو تَذَكَّر أنه محدث وهذا هو الصواب، فإذا صلى بهم مثلاً: ركعة أو ركعتين ثم بان له أنه ليس على طهارة فإن شاء قال: مكانكم، ثم ذهب فتطهر، ثم جاء وكمل بهم، ثم ينتظرونه حتى يكمل ما عليه.

وإن شاء استخلف كما استخلف عمر لما طعن قدّم عبد الرحمن وصلى بالناس وهذا أرفق بالناس، ولا سيما إذا كان مكانه بعيداً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مكانه قريب في المسجد؛ ولهذا ذهب بسرعة ورجع عليه الصلاة والسلام وصلى بهم.

وإن صلوا وحداناً كلٌّ صلى لنفسه، وكمَّل لنفسه كما فُعِل في قصة معاوية فلا حرج، لكن الأفضل أن يفعل كما فعل عمر، وأن يقدِّم من يصلِّي بهم، فيتم ما بقي على الإمام؛ ولا ينتظرون؛ لأن الانتظار قد يكون فيه مشقة كبيرة في بعض الأحيان.

أما إذا تذكر وهو واقف قبل أن يكبِّر فحينئذ إن أمرهم أن ينتظروه فلا بأس، وإن أمرهم أن يصلوا حتى لا يشق

ص: 132