الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخه في روايته له عن شيخه فما فوقه إلى آخر السند واحدًا واحدًا حتى الصحابي فتابع أيضًا لكنه في ذلك قاصر عن مشاركته هو كمتابعة هلال إذ وافقه في شيخ شيخه، وكلما بعد فيه المتابع كان أنقص، وفائدتها التقوية ولا اقتصار فيها على اللفظ، بل لو جاءت بالمعنى كفى، كقول يونس ومعمر
في روايتهما عن الزهري بوادره خلافًا لظاهر ألفية العراقي في التخصيص باللفظ. وحكي عن قوم كالبيهقي نعم هي مخصوصة بكونها من رواية ذلك الصحابي، وقد يسمى كل واحد من المتابع لشيخه فمن فوقه شاهدًا ولكن تسميته تابعًا أكثر.
4 - باب
5 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ - فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا -فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ جَمْعُهُ لَهُ فِي صَدْرِكَ، وَتَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قَالَ فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَرَأَ. [الحديث 5 - أطرافه في: 4927، 4928، 4929، 5044، 7524].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي الوقت أخبرنا (موسى) أبو سلمة (بن إسماعيل) المنقري بكسر الميم وإسكان النون وفتح القاف نسبة إلى منقر بن عبيد الحافظ المتوفى بالبصرة في رجب سنة ثلاث وعشرين ومائتين، (قال: حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين المهملة والنون الوضاح بن عبد الله اليشكري بضم الكاف المتوفى سنة ست وتسعين ومائة، (قال: حدّثنا موسى بن أبي عائشة) أبو الحسن الكوفي الهمداني بالميم الساكنة والدال المهملة، وأبو عائشة لا يعرف اسمه، (قال: حدّثنا سعيد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية ابن هشام الكوفيّ الأسديّ قتله الحجاج صبرًا في شعبان سنة ست وتسعين ولم يقتل بعده أحدًا، بل لم يعش بعده إلا أيامًا (عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما عبد الله الحبر ترجمان القرآن أبي الخلفاء وأحد العبادلة الأربعة المتوفى بعد أن عمي بالطائف سنة ثمان وستين، وهو ابن إحدى وسبعين سنة، على الصحيح في أيام ابن الزبير، وله في البخاري مائتا حديث وسبعة عشر حديثًا، (في قوله تعالى): وللأصيلي عز وجل ({لا تحرّك به}) أي القرآن ({لسانك لتعجل به})(قال):
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل) القرآنيّ لثقله عليه (شدة) بالنصب. مفعول يعالج، والجملة في محل نصب خبر كان. (وكان) عليه الصلاة والسلام (مما) أي ربما كان قاله في المصابيح (يحرّك) زاد في بعض الأصول به (شفتيه) بالتثنية، أي كثيرًا ما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. قاله القاضي عياض كالسرقسطي، وكان يكثر من ذلك حتى لا ينسى أو لحلاوة الوحي في لسانه. وقاله الكرماني: أي كان العلاج ناشئًا من تحريك الشفتين أي مبدأ العلاج منه، أو ما بمعنى من الموصولة،
وأطلقت على من يعقل مجازًا أي وكان ممن يحرك شفتيه، وتعقب بأن الشدّة حاصلة قبل التحريك.
وأجيب بأن الشدة وإن كانت حاصلة له قبل التحريك إلا أنها لم تظهر إلا بتحرك الشفتين، إذ هي أمر باطنيّ لا يدركه الرائي إلا به قال سعيد بن جبير:(فقال ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما: (فأنا أحرّكهما) أي شفتيّ (لكم) كذا للأربعة وفي بعض النسخ كما في اليونينية.
(كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما) لم يقل كما قال في الآتي كما رأيت ابن عباس لأن ابن عباس لم يدرك ذلك. (وقال سعيد) هو ابن جبير (أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما فحرّك شفتيه)، وإنما قال ابن جبير كما رأيت ابن عباس لأنه رأى ذلك منه من غير نزاع بخلاف ابن عباس، فإنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة لسبق نزول آية القيامة على مولده، إذ كان قبل الهجرة بثلاث سنين ونزول الآية في بدء الوحي كما هو ظاهر صنيع المؤلف، حيث أورده هنا، ويحتمل أن يكون أخبره أحد من الصحابة أنه رآه عليه الصلاة والسلام يحركهما، أو أنه عليه الصلاة والسلام أخبر ابن عباس بذلك بعد، فرآه ابن عباس حينئذ، نعم ورد ذلك صريحًا في مسند أبي داود الطيالسي، ولفظه قال ابن عباس: فأنا أحرّك لك شفتيّ كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، وجملة فقال ابن عباس إلى قوله فأنزل الله اعتراض بالفاء وفائدتها زيادة البيان بالوصف على القول.
وهذا الحديث يسمى المسلسل بتحريك الشفة لكنه لم يتصل تسلسله، ثم عطف على قوله كان يعالج قوله:(فأنزل الله تعالى)، ولأبوي ذر والوقت: عز وجل (لا تحرك) يا محمد (به) أي بالقرآن (لسانك) قبل أن يتم وحيه، (لتعجل به) لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلت منك. وعند ابن جرير من رواية الشعبي عجل به من
حبه إياه، ولا تنافي بين محبته إياه والشّدة التي تلحقه في ذلك، (إن علينا جمعه وقرآنه) أي قراءته فهو مصدر مضاف للمفعول والفاعل محذوف والأصل وقراءتك إياه.
وقال الحافظ ابن حجر: ولا منافاة بين قوله يحرك شفتيه وبين قوله في الآية لا تحرك به لسانك، لأن تحريك الشفتين بالكلام المشتمل على الحروف التي لا ينطق بها إلا اللسان يلزم منه تحريك اللسان أو اكتفى بالشفتين وحذف اللسان لوضوحه لأنه الأصل في النطق أو الأصل حركة الفم، وكلّ من الحركتين ناشىء عن ذلك وهو مأخوذ من كلام الكرماني، وتعقبه العيني بأن الملازمة بين التحريكين ممنوعة على ما لا يخفى، وتحريك الفم مستبعد بل مستحيل لأن الفم اسم لما يشتمل عليه الشفتان، وعند الإطلاق لا يشتمل على الشفتين ولا على اللسان لا لغة ولا عرفًا بل هو من باب الاكتفاء والتقدير: فكان مما يحرك به شفتيه ولسانه على حد {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أي والبرد، وفي تفسير ابن جرير الطبري كالمؤلف في تفسير سورة القيامة من طريق جرير عن ابن أبي عائشة: ويحرّك به لسانه وشفتيه فجمع بينهما.
(قال) ابن عباس في تفسير جمعه أي (جمعه) بفتح الميم والعين (لك صدرك) بالرفع على الفاعلية، كذا في أكثر الروايات وهي في اليونينية للأربعة أي جمعه الله في صدرك. وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز على حد أنبت الربيع البقل أي أنبت الله في الربيع البقل واللام للتعليل أو
للتبيين، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر جمعه لك صدرك بسكون الميم وضم العين مصدرًا ورفع راء صدرك فاعل به. ولكريمة والحموي مما ليس في اليونينية جمعه لك في صدرك بفتح الجيم وإسكان الميم وزيادة في، وهو يوضح الأوّل. وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر أيضًا مما في الفرع كأصله جمعه له بإسكان الميم، أي جمعه تعالى للقرآن صدرك. وللأصيلي وحده جمعه له في صدر بزيادة في (و) قال ابن عباس أيضًا في تفسير قرآنه أي (تقرأه) بفتح الهمزة في اليونينية.
وقال البيضاوي: إثبات قرآنه في لسانك وهو تعليل للنهي، (فإذا قرأناه) بلسان جبريل عليك (فاتبع قرآنه. قال) ابن عباس في تفسيره فاتبع أي (فاستمع له). ولأبي الوقت فاتبع قرآنه فاستمع له من باب الافتعال المقتضي للسعي في ذلك، أي لا تكون قراءتك مع قراءته بل تابعة لها متأخرة عنها. (وأنصت) بهمزة القطع مفتوحة من أنصت ينصت إنصاتًا، وقد تكسر من نصت ينصت نصتًا إذا سكت. واستمع للحديث، أي تكون حال قراءته ساكتًا. والاستماع أخص من الإنصات لأن الاستماع الإصغاء والإنصات كما مرّ السكوت، ولا يلزم من السكوت الإصغاء. (ثم إن علينا بيانه) فسره ابن عباس بقوله:(ثم إن علينا أن تقرأه). وفسره غيره ببيان ما أشكل عليك من معانيه.
قال: وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، أي لكن لا عن وقت الحاجة اهـ. وهو الصحيح عند الأصوليين ونص عليه الشافعي لما تقتضيه ثم من التراخي، وأوّل من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب وتبعوه، وهذا لا يتم إلا على تأويل البيان بتبيين المعنى، وإلا فإذا حمل على أن المراد استمرار حفظه له بظهوره على لسانه فلا. قال الآمدي: يجوز أن يراد بالبيان الإظهار لا بيان المجمل. يقال: بان الكوكب إذا ظهر. قال: ويؤيد ذلك أن المراد جميع القرآن، والمجمل إنما هو بعضه ولا اختصاص لبعضه بالأمر المذكور دون بعض. وقال أبو الحسين البصري: يجوز أن يراد البيان التفصيلي ولا يلزم منه جواز تأخير البيان الإجمالي فلا يتم الاستدلال. وتعقب باحتمال إرادة المعنيين الإظهار والتفصيل وغير ذلك لأن قوله بيانه جنس مضاف، فيعم جميع أصنافه من إظهاره وتبيين أحكامه وما يتعلق بها من تخصيص وتقييد ونسخ وغير ذلك، وهذه الآية كقوله تعالى في سورة طه:{وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُه} [طه: 114] فنهاه عن الاستعجال في تلقي الوحي من الملك ومساوقته في القرآن حتى يتم وحيه. (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل) ملك الوحي المفضل به على سائر الملائكة (استمع فإذا انطلق جبريل) عليه السلام (قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأ)