الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنأكل منه أم لا؟ فقال: "اذكروا اسم الله عليه وكلوا". فلو كان واجبًا لما جاز الأكل مع الشك، وأما الآية ففسر الفسق فيها بما أهلّ لغير الله تعالى وتوجيهه: أن قوله. {وإنه لفسق} ليس معطوفًا لأن الجملة الأولى فعلية إنشائية، والثانية خبرية. ولا يجوز أن تكون جوابًا لمكان الواو فتعين كونها حالية فتقيد النهي بحال كون الذبح فسقًا، والفسق مفسر في القرآن بما أهلّ به لغير الله تعالى فيكون دليلاً لنا علينا وهذا نوع من القلب. وقال تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وهم لا يسمون وقد قام الإجماع على أن من أكل متروك التسمية ليس بفاسق.
ومطابقة هذا الحديث للترجمة من قوله فيها وسؤر الكلاب لأن في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام أذن في أكل ما صاده الكلاب ولم يقيد ذلك بغسل موضع فمه، ولذا قال مالك: كيف يؤكل صيده ولكون لعابه نجسًا؟ وأجيب بأن الشارع وكله إلى ما تقرر عنده من غسل ما يماسه فمه.
وهذا الحديث من الخماسيات، ررواته كلهم أئمة أجلاّء ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في البيوع والصيد والذبائح ومسلم وابن ماجة كلاهما فيه أيضًا.
34 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَاّ مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ مِنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ لقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}
وَقَالَ عَطَاءٌ فِيمَنْ يَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهِ الدُّودُ أَوْ مِنْ ذَكَرِهِ نَحْوُ الْقَمْلَةِ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ.
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا ضَحِكَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ أَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَوْ خَلَعَ خُفَّيْهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا وُضُوءَ إِلَاّ مِنْ حَدَثٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَرُمِيَ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَنَزَفَهُ الدَّمُ فَرَكَعَ وَسَجَدَ وَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ فِي جِرَاحَاتِهِمْ. وَقَالَ طَاوُسٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٌ وَأَهْلُ الْحِجَازِ: لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ. وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَبَزَعقَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى دَمًا فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ فِيمَنْ يَحْتَجِمُ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ غَسْلُ مَحَاجِمِهِ.
هذا (باب من لم ير الوضوء) واجبًا من مخرج من مخارج البدن (إلا من المخرجين القبل والدبر) بالجر فيهما عطف بيان أو بدل أي لا من مخرج آخر كالفصد والحجامة والقيء وغيرها، والقبل يتناول ذكر الرجل وفرج المرأة وزاد في رواية من قبل القبل والدبر (لقوله تعالى) وفي رواية غير الهروي والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت، وقول الله تعالى:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِط} [المائدة: 6] أي فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين القبل والدبر، وأصل الغائط المطمئن من الأرض تقضى فيه الحاجة سمي باسم الخارج للمجاورة، لكن ليس في هذه الآية ما يدل على الحصر الذي ذكره المؤلف غاية ما فيها أن الله تعالى أخبر أن الوضوء أو التيمم عند فقد الماء يجب بالخارج من السبيلين وبملامسة النساء المفسرة بجسّ اليد كما فسّرها به ابن عمر رضي الله عنهما، واستدل بذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه على نقض الوضوء به، والمعنى في النقض به أنه مظنة الالتذاذ المثير للشهوة. وقال الحنفية: الملامسة كناية عن الجماع فيكون دليلاً للغسل لا للوضوء، وأجيب: بأن اللفظ لا يختص بالجماع قال تعالى: {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} [الأنعام: 7] وقال عليه الصلاة والسلام لماعز: "لعلك لمست". (وقال عطاء) أي ابن أبي رباح مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح (فيمن يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة) وغير ذلك من النادر. قال: (يعيد الوضوء) وهذا مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وسفيان الثوري والأوزاعي، وقال قتادة ومالك: لا وضوء فيه، وفي نسخة باليونينية يعيد الصلاة بدل الوضوء. (وقال جابر بن عبد الله) رضي الله عنه مما وصله سعيد بن منصور والدارقطني:(إذا ضحك) فظهر منه حرفان أو حرف مفهم (في الصلاة أعاد الصلاة لا الوضوء) والذي في اليونينية ولم يعد الوضوء. وقال أبو حنيفة: إذا قهقه في الصلاة ذات الركوع والسجود بصوت يسمعه جيرانه بطلت الصلاة وانتقض الوضوء وإن لم يسمعه جيرانه فلا لحديث "من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة". أخرجه ابن عديّ في كامله سواء كان بصوت يسمع أو تبسم، والخلاف إنما هو في نقض الوضوء لا في إبطال الصلاة. (وقال الحسن) البصري مما أخرجه سعيد بن منصور، وابن المنذر بإسناد صحيح موصولاً (إن أخذ من شعره) أي شعر رأسه أو شاربه (أو) من (أظفاره) ولابن عساكر وأظفاره فلا وضوء عليه خلافًا لمجاهد والحكم بن عتيبة وحماد (أو خلع) وفي رواية ابن عساكر وخلع (خفّيه) أو أحدهما بعد المسح عليهما (فلا وضوء عليه) وهذا مما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن هشيم عن يونس عن الحسن البصري، وإليه ذهب قتادة وعطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وسلمان وداود، واختاره النووي في شرح المهذب كابن المنذر وفي قول يتوضأ لبطلان كل الطهارة ببطلان بعضها كالصلاة، والأظهر أنه يغسل قدميه فقط لبطلان طهرهما بالخلع أو
الانتهاء.
(وقال أبو هريرة) رضي الله عنه مما وصله القاضي إسماعيل في الأحكام بإسناد صحيح من طريق مجاهد عنه: (لا وضوء إلا من حَدَث) هو في اللغة الشيء الحادث ثم نقل إلى الأسباب الناقضة للطهارة وإلى المنع المترتب عليها مجازًا من باب قصر العام على الخاص والأول هو المراد هنا، (ويذكر) بضم الياء (عن جابر) رضي الله عنه مما وصله ابن إسحاق في المغازي، وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم كلهم من طريق ابن إسحاق (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع فرمي رجل) وهو عباد بن بشر (بسهم فنزفه الدم) بفتح الزاي والفاء أي خرج منه دم كثير (فركع وسجد ومضى في صلاته) فلم يقطعها لاشتغاله بحلاوتها عن مرارة ألم الجرح وفيه رد على الحنفية حيث قالوا: ينتقض الوضوء إذ سال الدم، لكن يشكل عليه الصلاة مع وجود الدم في بدنه أو ثوبه المستلزم لبطلان الصلاة للنجاسة، وأجيب باحتمال عدم إصابة الدم لهما أو إصابة الثوب فقط ونزعه عنه في الحال ولم يسل على جسده إلا مقدار ما يعفى عنه كذا قرره الحافظ ابن حجر والبرماوي والعيني وغيرهم وهو مبني على عدم العفو عن كثير دم نفسه فيكون كدم الأجنبي فلا يعفى إلا عن قليله فقط، وهو الذي صححه النووي في المجموع والتحقيق، وصحح في المنهاج والروضة أنه كدم البثرة وقضيته العفو عن قليله وكثيره، وقد صح أن عمر رضي الله عنه صلى وجرحه ينزف دمًا.
(وقال الحسن) البصري: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) بكسر الجيم. قال العيني: منتصرًا لمذهبه: أي يصلون في جراحاتهم من غير سيلان الدم والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان لا يرى الوضوء من الدم إلا ما كان سائلاً. هذا الذي روي عن الحسن بإسناد صحيح وهو مذهل الحنفية وحجة لهم على الخصم انتهى، وليس كما قال لأن الأثر الذي رواه البخاري ليس هو الذي ذكره هو، فإن الأول هو روايته عن الصحابة وغيرهم، والثاني مذهب للحسن فافهم.
(وقال طاوس) اسمه ذكوان بن كيسان اليماني الحميري من أحد الأعلام فيما وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبيد الله بن موسى بن حنظلة عنه، (و) قال (محمد بن علي) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني التابعي أبو جعفر المعروف بالباقر لأنه بقر العلم أي شقّه بحيث علم حقائقه مما وصله أبو بشر سمويه في فوائده من طريق الأعمش رضي الله عنهم أجمعين، (و) قال (عطاء) أي ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه، (و) قال (أهل الحجاز) كسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والفقهاء السبعة ومالك والشافعي وغيرهم: وهو من باب عطف العام على الخاص لأن الثلاثة السابقة طاوس ومحمد بن علي وعطاء حجازيون (ليس في الدم وضوء) سواء سأل أو يسل خلافًا لأبي حنيفة حيث أوجبه مع الإسالة مستدلاً بحديث الدارقطني إلا أن يكون دمًا سائلاً وأجيب:
(وعصر ابن عمر) رضي الله عنهما (بثرة) بسكون المثلثة وقد تفتح خراجًا صغيرًا في وجهه (فخرج منها الدم) فحكه بين أصبعيه وصلى (ولم يتوضأ) وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي فخرج منها دم، وفي أخرى لهم الدم فلم، وفي أخرى لابن عساكر دم ولم، وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، (وبزق) بالزاي ويجوز بالسين كالصاد (ابن أبي أوفى) عبد الله الصحابي ابن الصحابي وهو آخر من مات من الصحابة بالكوفة سنة سبع وثمانين وقد كفّ بصره قبل، وقد رآه أبو حنيفة رضي الله عنه وعمره سبع سنين (دمًا) وهو يصلي (فمضى في صلاته) وهذا وصله سفيان الثوري في جامعه عن عطاء بن السائب بإسناد صحيح لأن سفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه.
(وقال ابن عمر) رضي الله عنهما (والحسن) البصري (فيمن يحتجم) وفي رواية الأربعة فيمن احتجم (ليس عليه إلاّ غسل محاجمه) لا الوضوء. والمحاجم جمع محجمة بفتح الميم موضع الحجامة، وقد وصل أثر ابن عمر الشافعي وابن أبي شيبة بلفظ: كان إذا احتجم غسل محاجمه، وأما أثر الحسن فوصله ابن أبي شيبة أيضًا بلفظ: إنه سئل عن الرجل يحتجم ماذا عليه؟
قال: يغسل أثر محاجمه. وفي رواية الكشميهني ليس عليه غسل محاجمه بإسقاط إلا وهو الذي ذكره الإسماعيلي. وقال ابن بطال: ثبتت في رواية المستملي دون رفيقيه انتهى. وكذا هي ثابتة في فرع اليونينية عنه وعن الهروي، وقال ابن حجر وهي في نسختي ثابتة من رواية أبي ذر عن الثلاثة.
176 -
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قال: عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ» . فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ: مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: الصَّوْتُ (يَعْنِي الضَّرْطَةَ). [الحديث 176 - أطرافه في: 445، 477، 647، 648، 659، 2119، 3229، 4717].
وبالسند قال: (حدّثنا آدم بن أبي إياس) بكسر الهمزة (قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث بن أبي ذئب واسمه هشام (قال: حدّثنا سعيد المقبري) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال):
(قال النبي) وفي رواية أبي ذر رسول الله (صلى الله عليه وسلم: لا يزال العبد في) ثواب (صلاة) لا حقيقتها وإلاّ لامتنع عليه الكلام ونحوه (ما كان) وللكشميهني ما دام (في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث) أي ما لم يأت بالحدث وما مصدرية ظرفية أي مدة دوام عدم الحدث وهو يعمّ ما خرج من السبيلين وغيره، ونكر الصلاة في قوله في صلاة ليشمل انتظار كل واحدة منها (فقال رجل أعجمي) لا يفصح كلامه ولا يعينه وإن كان عربيًا:(ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت يعني الضرطة) ونحوها وفي رواية أبي داود وغيره لا وضوء إلا من صوت أو ريح فكأنه قال: لا وضوء إلا من ضراط أو فساء، وإنما خصّهما بالذكر دون ما هو أشد منهما لكونهما لا يخرج من المرء غالبًا في المسجد غيرهما، فالظاهر أن السؤال وقع عن الحدث الخاص وهو المعهود وقوعه غالبًا في الصلاة.
وهذا الحديث من الرباعيات ورجاله كلهم مدنيون إلا آدم مع أنه دخل المدينة وفيه التحديث والعنعنة.
177 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» .
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (قال: حدّثنا ابن عيينة) وفي رواية ابن عساكر سفيان بن عيينة (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عباد بن تميم) بتشديد الموحدة بعد العين المفتوحة الأنصاري (عن عمه) عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(لا ينصرف) أي المصلي عن صلاته (حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا) وفي رواية: لا ينفتل وهي بمعنى لا ينصرف أورده هنا مختصرًا اقتصر منه على الجواب وسبق تامًّا في باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن من طريق علي بن المديني، حدّثنا سفيان قال: حدّثنا الزهري عن سعيد بن المسيب، وعن عباد بن تميم ولفظه عن عمه: أنه شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: "لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا". وهذا الحديث من الخماسيات ورواته أئمة أجلاء ما بين بصري وكوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف في الطهارة أيضًا وفي البيوع، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي كلهم في الطهارة.
178 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُنْذِرٍ أَبِي يَعْلَى الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ» . وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ.
وبه قال (حدّثنا قتيبة) بن سعيد (قال: حدّثنا جرير) أي ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن منذر أبي يعلى الثوري) بالمثلثة (عن محمد ابن الحنفية) أنه (قال):
(قال علي) أي ابن أبي طالب أبوه رضي الله عنه (كنت رجلاً مذّاء) بالمعجمة والهمزة والنصب خبر كان وهو على وزن فعال بالتشديد أي كثيره (فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن حكمه (فأمرت المقداد بن الأسود) مجازًا إذ أبوه في الحقيقة ثعلبة البهراني نسب إلى الأسود لأنه تبناه أو حالفه أو لغير ذلك أن يسأله عليه الصلاة والسلام عن ذلك (فسأله فقال) صلى الله عليه وسلم: يجب (فيه الوضوء) لا الغسل.
(ورواه) وفي رواية ابن عساكر رواه بإسقاط الواو (شعبة) بن الحجاج (عن الأعمش) سليمان بن مهران عن منذر الخ، والحديث سبق في آخر كتاب العلم، ويأتي إن شاء الله تعالى في
باب غسل المذي من كتاب الغسل، وأورده هنا لدلالته على إيجاب الوضوء من المذي وهو خارج من أحد المخرجين.
179 -
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ قال: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنهم فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ. [الحديث 179 - طرفه في: 292].
وبه قال: (حدّثنا سعد بن حفص) بسكون العين أبو محمد الطلحي بالمهملتين الكوفي (قال: حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية (عن يحيى) بن أبي كثير البصري التابعي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بفتح اللام عبد الله بن
عبد الرحمن بن عوف التابعي.
(أن عطاء بن يسار) بفتح المثناة التحتية والسين المهملة المدني (أخبره أن زيد بن خالد) المدني الصحابي (أخبره أنه سأل عثمان بن عفان) رضي الله عنه (قلت) بتاء التكلم على سبيل الالتفات من الغيبة للتكلم لقصد حكاية لفظه بعينه إلاّ فكان أسلوب الكلام أن يقول قال: (أرأيت إذا جامع) الرجل امرأته أو أمته (فلم) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت ولم (يمن) بضم الياء وسكون الميم وقد يفتح الأوّل وقد يضم مع فتح الميم وشد النون يتوضأ. (قال عثمان) رضي الله عنه (يتوضأ كما يتوضأ للصلاة) أي الوضوء الشرعي لا الوضوء اللغوي، وإنما أمره بالوضوء احتياطًا لأن الغالب خروج المذي من المجامع وإن لم يشعر به (ويغسل ذكره) لتنجسه بالمذي وهل يغسل جميعه أو بعضه المتنجس؟ قال الإمام الشافعي بالثاني ومالك بالأوّل.
ْفإن قلت: غسل الذكر متقدم على الوضوء فلم أخره؟ أجيب: بأن الواو لا تدل على الترتيب بل هو على مطلق الجمع فلا فرق بين أن يغسل الذكر قبل الوضوء أو بعده على وجه لا ينتقض الوضوء معه.
(قال عثمان) رضي الله عنه: (سمعته) أي ما ذكر جميعه (من النبي صلى الله عليه وسلم) قال زيد: (فسألت عن ذلك عليًّا) أي ابن أبي طالب رضي الله عنه (والزبير) بن العوام (وطلحة) بن عبيد الله و (أُبي بن كعب) رضي الله عنهم (فأمروه) أي المجامع (بذلك) أي بأن يتوضأ والضمير المرفوع للصحابة والمنصوب للمجامع كما هو مأخوذ من دلالة التضمن في قوله: إذا جامع.
وفي هذا الحديث وجوب الوضوء على من جامع ولم ينزل لا الغسل لكنه منسوخ كما سيأتي إن شاء الله قريبًا، وقد انعقد الإجماع على وجوب الغسل بعد أن كان في الصحابة من لا يوجب الغسل إلا بالإنزال كعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوّام، وطلحة بن
عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، ورافع بن خديج، وأبي سعيد الخدري، وأُبيّ بن كعب، وابن عباس، وزيد بن ثابت، وعطاء بن أبي رباح، وهشام بن عروة، والأعمش، وبعض أصحاب الظاهر.
فإن قلت: إذا كان الحديث منسوخًا فكيف يصح استدلال المصنف به؟ أجيب: بأن المنسوخ منه عدم وجوب الغسل لا عدم الوضوء، فحكمه باقٍ والحكمة في الأمر به قبل أن يجب الغسل إما لكون الجماع مظنة خروج الذي أو لملامسة الموطوءة فدلالته على الترجمة من هذه الجزئية وهي وجوب الوضوء من الخارج المعتاد لا على الجزء الأخير وهو عدم الوجوب في غير المنسوخ، ولا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على كل الترجمة، بل تكفي دلالة البعض على البعض. ورجال هذا الحديث أحد عشر رجلاً ما بين كوفي وبصري ومدني، وفيهم ثلاثة من التابعين وصحابيان يروي أحدهما عن الآخر، والتحديث والعنعنة والإخبار والسؤال والقول، وأخرجه المؤلف أيضًا في الطهارة وكذا مسلم.
180 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هو ابن منصورٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَجَاءَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ» ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُعْجِلْتَ -أَوْ قُحِطْتَ- فَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ» .
تَابَعَهُ وَهْبٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَلَمْ يَقُلْ غُنْدَرٌ وَيَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ "الْوُضُوءُ".
وبه قال: (حدّثنا) وفي رواية بالإفراد (إسحاق هو ابن منصور) وفي رواية كريمة بإسقاط قوله هو ابن منصور، وفي رواية أبي ذر إسحاق بن منصور أي ابن بهرام بفتح الموحدة الكوسج كما عند أبي نعيم (قال: أخبرنا النضر) بفتح النون وسكون العجمة ابن شميل بضم المعجمة أبو الحسن المازني البصري (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتح المهملة والكاف ابن عتيبة مصغر عتبة الباب (عن ذكوان أبي صالح) الزيات المدني (عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة سعد بن مالك الأنصاري:
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار) هو عتبان بكسر العين المهملة وسكون التاء المثناة الفوقية وموحدة ثم نون بينهما ألف ابن مالك الأنصاري كما في مسلم، أو صالح الأنصاري فيما ذكره عبد الغني بن سعيد، أو رافع بن خديج كما حكاه ابن بشكوال، ورجح في الفتح الأول، ولمسلم مرّ على رجل فيحمل على أنه مرّ به فأرسل إليه (فجاء ورأسه يقطر) جملة وقعت حالاً من ضمير جاء أي ينزل منه الماء قطرة قطرة من أثر الاغتسال، وإسناد القطر إلى الرأس مجاز كسال الوادي (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) له:(لعلنا) قد (أعجلناك) عن فراغ حاجتك من الجماع (فقال)
الرجل، وفي رواية ابن عساكر قال