الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها مزيد لذلك بعون الله تعالى، وليس مراد القائل بأن الاسم عين المسمى أن اللفظ الذي هو الصوت المكيّف بالحروف عين المعنى الذي وضع له اللفظ، إذ لا يقول به عاقل، وإنما مراده أنه قد يطلق اسم الشيء مرادًا به مسماه وهو الكثير الشائع، فإنك إذا قلت الله ربنا ونحو ذلك إنما تعني به الإخبار عن المعنى المدلول عليه باللفظ لا عن نفس اللفظ، وقد قال جماعة إن الاسم الأعظم هو اسم الجلالة الشريفة لأنه الأصل في الأسماء الحسنى لأن سائرها يضاف إليه والرحمن صفة الله تعالى، وعورض بوروده غير تابع لاسم قبله. قال الله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]{الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن: 1، 2] وأجيب بأنه وصف يراد به الثناء، وقيل عطف بيان. وردّه السهيلي بأن اسم الجلالة الشريفة غير مفتقر لبيان لأنه أعرف المعارف كلها، ولذا قالوا وما الرحمن ولم يقولوا وما الله، والرحيم فعيل حوّل من فاعل للمبالغة، والاسمان مشتقان من الرحمة ومعناهما واحد عند المحققين، إلا أن الرحمن مختص به تعالى فهو خاص اللفظ إذ لا يجوز أن يسمى به أحد غير الله تعالى عام المعنى من حيث إنه يشمل جميع الموجودات، والرحيم عام من حيث الاشتراك في التسمي به خاص من طريق المعنى، لأنه يرجع إلى اللطف والتوفيق.
وقدّم الرحمن لاختصاصه بالباري تعالى كاسم الله وقرن بينهما للمناسبة، ولم يأتِ المصنف رحمه الله تعالى بخطبة تنبىء عن مقاصد كتابه هذا مبتدأة بالحمد والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل غيره اقتداء بالكتاب العزيز، وعملاً بحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" المروي في سنن ابن ماجة وغيرها لأنه صدّر كتابه بترجمة بدء الوحي، وبالحديث الدال على مقصوده المشتمل على أن العمل دائر مع النية، فكأنه قال قصدت جمع وحي السنة المتلقى عن خير البرية على وجه سيظهر حسن عملي فيه من قصدي، وإنما لكل امرىء ما نوى. فاكتفى بالتلويح عن التصريح. وأما الحديث فليس على شرطه بل تكلم فيه لأن في سنده قرة بن عبد الرحيم، ولئن سلمنا الاحتجاج به فلا يتعين النطق والكتابة معًا فيحمل على أنه فعل ذلك نطقًا عند تأليفه اكتفاء بكتابة البسملة، وأيضًا فإنه ابتدأ ببسم الله ثم رتب عليه من أسماء الصفات الرحمن الرحيم، ولا يعني بالحمد إلا هذا لأنه الوصف بالجميل على جهة التفضيل، وفي جامع الخطيب مرفوعًا "كل أمر لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع" وفي رواية أحمد لا يفتتح بذكر الله فهو أبتر أو أقطع ولا ينافيه حديث بحمد الله لأن معناه الافتتاح بما يدل على المقصود من حمد الله تعالى والثناء عليه، لا أن لفظ الحمد متعين لأن القدر الذي يجمع ذلك هو ذكر الله تعالى، وقد حصل بالبسملة لا سيما وأول شيء نزل من القرآن اقرأ باسم ربك، فطريق التأسي به الافتتاح بالبسملة والاقتصار عليها، ويعضده أن كتبه عليه الصلاة والسلام إلى الملوك مفتتحة بها دون حمدلة وغيرها، وحينئذ فكأن المؤلف أجرى مؤلفه هذا مجرى الرسالة إلى أهل العلم لينتفعوا به.
وتعقب بأن الحديث صحيح صححه ابن حبان وأبو عوانة، وقد تابع سعيد بن عبد العزيز قرة أخرجه النسائي، ولئن سلمنا أن الحديث ليس على شرطه فلا يلزم منه ترك العمل به مع مخالفة سائر المصنفين وافتتاح الكتاب العزيز، وبأن لفظ الذكر غير لفظ الحمد، وليس الآتي بلفظ الذكر آتيًا بلفظ الحمد، والغرض التبرّك باللفظ المفتتح به كلام الله تعالى انتهى.
والأولى الحمل على أن البخاري تلفظ بذلك، إذ ليس في الحديث ما يدل على أنه لا يكون إلا بالكتابة، وثبتت البسملة لأبي ذر والأصيلي.
1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}
(كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) كذا لأبي ذر والأصيلي بإسقاط لفظ (باب) ولأبي الوقت وابن عساكر والباقي باب كيف الخ، وهو بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، أي هذا باب كيف، ويجوز فيه التنوين والقطع عما بعده وتركه للإضافة إلى الجملة التالية. لا يقال إنما يضاف إلى
الجملة أحد أشياء مخصوصة، وهي كما في مغني ابن هشام ثمانية أسماء: الزمان، وحيث، وآية بمعنى علامة، وذو، ولدن، وريث، وقول، وقائل، واستدل للأخيرين بقوله:
قول يا للرجال ينهض منا
…
مسرعين الكهول والشبانا
وقوله:
وأجبت قائل كيف أنت بصالح
…
حتى مللت وملني عوّادي
وليس الباب شيئًا منها، لأن هذا الذي ذكره النحاة كما قاله الشيخ بدر الدين الدماميني في مصابيح الجامع إنما هو في الجملة التي لا يراد بها لفظها، وأما ما أريد به لفظه من الجمل فهو في حكم المفرد، فتضيف إليه ما شئت مما يقبل بلا حصر. ألا ترى أنك تقول محل قام أبوه من قولك زيد قام أبوه رفع، ومعنى لا إله إلاّ الله إثبات الألوهية لله ونفيها عما سواه إلى غير ذلك، وهنا أريد لفظ الجملة قال، ولا يخفى سقوط قول الزركشي لا يقال، كيف لا يضاف إليها لأنّا نقول الإضافة إلى الجملة، كلا إضافة. وقال في الشرح: لا ينبغي أن يعدّ هذان البيتان من قبيل ما هو بصدده لأن الجملة التي أضيف إليها كل من قول وقائل مراد بها لفظها، فهي في حكم المفرد وليس الكلام فيه، وتعقبه الشيخ تقيّ الدين الشمني فقال لا نسلم أن الكلام ليس فيه بل الكلام فيما هو أعمّ منه اهـ.
فليتأمل وقد استبان لك أن عدّ ابن هشام في مغنيه قولاً وقائلاً من الألفاظ المخصوصة التي لا تضاف إلى الجملة غير ظاهر. وكيف في قول البخاري باب كيف كان بإضافة باب خبر لكان إن كانت ناقصة، وحال من فاعلها إن كانت تامة، ولا بدّ قبلها من مضاف محذوف والتقدير باب جواب كيف كان بدء الوحي، وإنما احتيج إلى هذا المضاف لأن المذكور في هذا الباب هو جواب كيف كان بدء الوحي لا السؤال بكيف عن بدء الوحي، ثم إن الجملة من كان ومعمولها في محل جرّ بالإضافة. ولا تخرج كيف بذلك عن الصدرية لأن المراد من كون الاستفهام له الصدر أن يكون في صدر الجملة التي هو فيها، وكيف على هذا الإعراب كذلك. والبدء بفتح الموحدة وسكون المهملة آخره همزة من بدأت الشيء بدأ ابتدأت به. قال القاضي عياض روي بالهمز مع سكون الدال من الابتداء وبدوّ بغير همزة مع ضم الدال وتشديد الواو من الظهور، ولم يعرف الأخيرة الحافظ ابن حجر، نعم قال روي في بعض الروايات كيف كان ابتداء الوحي، فهذا يرجح الأولى وهو الذي سمعناه من أفواه المشايخ، والوحي الإعلام في خفاء. وفي اصطلاح الشرع إعلام الله تعالى أنبياءه الشيء، إما بكتاب أو برسالة ملك أو منام أو إلهام. وقد يجيء بمعنى الأمر نحو:{وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي} [المائدة: 111]، وبمعنى التسخير نحو {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْل} [النحل: 68] أي سخرها لهذا الفعل، وهو اتخاذها من الجبال بيوتًا إلى آخره. وقد يعبر عن ذلك بالإلهام، لكن المراد به هدايتها لذلك، وإلا فالإلهام حقيقة إنما يكون لعاقل، والإشارة نحو {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] وقد يطلق على الموحى كالقرآن والسُّنّة
من إطلاق المصدر على المفعول. قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4]. والتصلية جملة خبرية يراد بها الإنشاء كأنه قال اللهمَّ صل.
(وقول الله جل ذكره) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي. وقول الله عز وجل، ولابن عساكر وقول الله سبحانه، وقول مجرور عطفًا على محل الجملة التي أضيف إليها الباب، أي باب كيف كان ابتداء الوحي. ومعنى قول الله قيل وإنما لم يقدّروا باب كيف قول الله، لأن قول الله لا يكيف.
وأجيب بأنه يصح على تقدير مضاف محذوف أي كيف نزول قول الله، أو كيف فهم معنى قول الله، أو أن يراد بكلام الله المنزل المتلوّ لا مدلوله، وهو الصفة القائمة بذات الباري تعالى ويجوز رفعه مبتدأ محذوف الخبر، أي وقول الله تعالى كذا مما يتعلق بهذا الباب ونحو هذا من التقدير أو خبره.
(إنّا أوحينا إليك) وحي إرسال فقط (كما أوحينا) أي كوحينا (إلى نوح والنبيين من بعده) زاد أبو ذر الآية. قاله العيني فليتأمل وهذا جواب لأهل الكتاب عن اقتراحهم أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، واحتجاج عليهم بأن أمره في الوحي كسائر الأنبياء. وآثر صيغة التعظيم تعظيمًا للموحي والموحى إليه. قيل خصّ نوحًا بالذكر لأنه أول مشرع، وعورض بأن أول مشرّع آدم لأنه نبي أرسل إلى بنيه وشرّع لهم شرائع، ثم شيث وكان نبيًّا مرسلاً، وبعده إدريس. وقيل إنما
خصّ بالذكر لأنه أول رسول آذاه قومه، فكانوا يحصبونه بالحجارة حتى يقع على الأرض كما وقع مثله لنبينا عليهما الصلاة والسلام. وقيل لأنه أول أُولي العزم، وعطف عليه النبيّين من بعده، وخص منهم إبراهيم إلى داود تشريفًا لهم وتعظيمًا لشأنهم، وترك ذكر موسى عليه السلام ليبرزه مع ذكرهم بقوله:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] على نمط أعم من الأوّل، ولما كان هذا الكتاب لجمع وحي السُّنَّة صدره بباب الوحي، لأنه ينبوع الشريعة. وكان الوحي لبيان الأحكام الشرعية صدره بحديث الأعمال بالنيات لمناسبته للآية السابقة لأنه أوحى إلى الكل الأمر بالنية، كما قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] والإخلاص النية، فقال كما أخبرنا به وبما سبق من أوّله إلى آخر الصحيح الشيخ المسند رحلة الآفاق أبو العباس أحمد بن عبد القادر بن طريف بفتح الطاء المهملة الحنفي المتوفى سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة وقد جاوز التسعين، بقراءتي عليه لجميع هذا الجامع في خمسة مجالس وبعض مجلس متوالية مع ما أُعيد لمفوّتين أظنه نحو العشر آخر يوم الأحد ثامن عشر من شوّال سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة.
قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي قراءة لجميعه وأنا في الخامسة، والعلاّمة المقري أبو إسحق إبراهيم بن أحمد البعلي بالموحدة المفتوحة والعين المهملة الساكنة التنوخي بفتح الفوقية وضم النون الخفيفة وبالخاء المعجمة، والحافظان زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي ونور الدين عليّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي من باب وكلّم الله موسى تكليمًا إلى آخر الصحيح، وإجازة لسائره. قال الأولان أخبرنا أبو العباس أحمد بن طالب بن أبي النعم بن الشحنة الديرمقرّني المتوفى خامس عشر من صفر سنة ثلاثين وسبعمائة سماعًا، قال الثاني لجميعه وقال الأوّل للثلاثيات
منه. ومن باب الإكراه إلى آخر الصحيح، إجازة لسائره. وزاد فقال وأخبرتنا ست الوزراء وزيرة بنت محمد بن عمر بن أسعد بن المنجأ التنوخية، وزاد الثاني فقال وأخبرنا أبو نصر محمد بن محمد الشيرازي الفارسي إجازة عن جدّه أبي نصر عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر، قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الساعدي الفراوي بضم الفاء، قال أخبرنا أبو سهل محمد الحفصي عن أبي الهيثم بفتح الهاء وإسكان المثناة التحتية وفتح المثلثة محمد بن مكي بفتح الميم وتشديد الكاف ابن محمد بن زراع بضم الزاي وتخفيف الراء الكشماهني بكاف مضمومة وشين معجمة ساكنة وفتح الهاء وكسرها وقد تمال الألف وقد يقال الكشميهني بالياء بدل الألف قرية بمرو، وقال الرابع أخبرنا المظفر بالظاء المعجمة والفاء العسقلاني، قال أخبرنا أبو عبد الله الصقلي بفتح المهملة وكسر القاف وتشديد اللام، قال وكذا وزيرة وابن أبي النعم أخبرنا أبو عبد الله الصقلي بفتح المهملة وكسر القاف وتشديد اللام، قال وكذا وزيرة وابن أبي النعم أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك الزبيدي بفتح الزاي وكسر الموحدة المتوفى سنة إحدى وثلاثين وستمائة ح.
وأخبرنا الحافظ نجم الدين عمر ابن الحافظ تقي الدين المكي، قال حدّثنا المسند الرحلة نجم الدين عبد الرحمن بن سراج الدين عمر القبابي بكسر القاف والموحدتين المخففتين بينهما ألف المقدسي، أخبرنا العلاّمة شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن قاضي شهبة والإمام عماد الدين أبو عبد الله محمد بن موسى بن سليمان الشيرجي بسماع الأوّل لجميع الصحيح على أم محمد وزيرة وبسماع الثاني من الإمام الحافظ شرف الدين أبي الحسن محمد بن عليّ اليونيني بسماعهما من أبي عبد الله الحسين الزبيدي، قال أخبرنا أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب السجزي بكسر السين المهملة وسكون الجيم وكسر الزاي الهروي الصوفيّ ولد في القعدة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وتوفي ليلة الأحد سادس القعدة سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، قال حدّثنا أبو الحسن عبد الرحمن الداودي البوشنجيّ بضم الموحدة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة وسكون النون وبالجيم نسبة إلى بلدة بقرب هراة خراسان المتوفى سنة سبع وستين وأربعمائة سماعًا، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه بفتح المهملة وتشديد الميم
المضمومة وإسكان الواو وفتح المثناة التحتية السرخسي بفتح السين المهملة والراء وسكون الخاء المعجمة أو بسكون الراء وفتح المعجمة المتوفى سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، وقال الثالث أخبرنا أبو علي أو أبو محمد عبد الرحيم الأنصاري المعروف بابن شاهد الجيش بالجيم والمثناة التحتية والثين المعجمة المتوفى سنة ستين وسبعمائة، قال أخبرنا المعين أبو العباس الدمشقي وأبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن عزون بفتح العين المهملة وضم الزاي المشددة وبالواو والنون المصري الشافعي وأبو عمرو عثمان بن رشيق بفتح الراء وكسر المعجمة المالكي سماعًا وإجازة لما فات، قالوا أخبرنا أبو عبد الله محمد الأرتاحي بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح المثناة الفوقية وبالحاء المهملة، قال أخبرنا أبو الحسن علي الموصلي، قال أخبرتنا أم الكرام كريمة بنت أحمد المروزية، قالت أخبرنا الكشميهني ح.
وقال أبو الحسن الدمشقي أخبرنا سليمان بن حمزة بن أبي عمر بضم العين عن محمد بن عبد الهادي المقدسي عن الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر المديني، قال أخبرنا أبي، قال أخبرنا الحسن بن أحمد، قال أخبرنا أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري، قال أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الكشاني وهو آخر من حدّث عن الفربري بالبخاري ح.
وأخبرنا قاضي القضاة إمام الحرم الشريف المكي أبو المعالي محمد ابن الإمام رضي الدين محمد الطبري المكي المتوفى آخر ليلة الأربعاء ثامن عشر صفر سنة أربع وتسعين وثمانمائة بمكة بسماعي عليه للثلاثيات وإجازة لسائره بمكة المشرفة في يوم الاثنين ثالث عشر ذي القعدة الحرام سنة إحدى وتسعين وثمانمائة، قال أخبرنا أبو الحسن علي بن سلامة السلمي سماعًا لبعضه وإجازة لسائره، قال أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أسعد اليافعيّ سماعًا عليه، قال أخبرنا الإمام رضيّ الدين الطبري، قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي حرمي بالحاء المهملة والراء المفتوحتين فتوح بن بنين بلفظ جمع ابن الكاتب المكي سماعًا لجميعه خلا فوتًا شملته الإجازة، قال أخبرنا أبو الحسن علي بن حميد بضم الحاء ابن عمار بتشديد الميم الأطرابلسي بفتح الهمزة وإسكان المهملة وبالراء وضم الموحدة واللام وبالسين المهملة، قال أخبرنا به أبو مكتوم بفتح الميم وبالمثناة الفوقية المضمومة عيسى بن أبي ذر بالذال المعجمة وتشديد الراء، قال أخبرنا والدي أبو ذر عبد الله بن محمد الهروي بفتح الهاء والراء المتوفى سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، قال أخبرنا أبو إسحق إبراهيم البلخي بفتح الموحدة وسكون اللام وبالخاء المعجمة المستملي المتوفى سنة ست وسبعين وثلثمائة والكشميهني والسرخسي ح.
وأخبرنا الأئمة الثلاثة الحافظان أبو عمرو فخر الدين بن أبي عبد الله محمد وشمس الدين محمد بن زين الدين أبي محمد المصريان والمحدث الحافظ نجم الدين عمر بن المحدث الكبير تقي الدين محمد الهاشمي المكي المتوفى في رمضان سنة خمس وثمانين وثمانمائة عن ثلاث وسبعين سنة الشافعيون قراءةً وسماعًا عليهم للكثير منه وإجازة لسائره، قالوا أخبرنا شيخ الإسلام إمام الحفاظ أحمد بن أبي الحسن العسقلاني الشافعي، قال أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد المهدوي إذنًا مشافهةً عن يحيى بن محمد الهمداني، قال أخبرنا أبو محمد عبد الله الديباجي بالجيم إذنًا، قال أخبرنا عبد الله بن محمد الباهلي بالموحدة، قال حدّثنا الحافظ أبو علي الجياني بفتح الجيم وتشديد المثناة التحتية وبالنون، قال أخبرنا أبو شاكر عبد الواحد بن موهب عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جعفر الأصيلي نسبة إلى أصيل من بلاد العدوة سكنها ونشأ بها وتوفي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة وحاتم بن محمد الطرابلسي عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد القابسي بالقاف والموحدة والمهملة خ.
وبسند أبي الحسن علي بن محمد الدمشقي إلى الحافظ أبي موسى المديني، قال أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد، قال أخبرنا الحافظ أبو نعيم، قال الثلاثة أخبرنا أبو زيد محمد المروزي ح.
وقال القابسي أخبرنا أبو أحمد محمد
بن محمد الجرجاني بجيمين ح.
وقال أبو الحسن الدمشقي وأيضًا أخبرنا محمد بن يوسف بن المهتار عن الحافظ أبي عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري، قال أخبرنا منصور بن عبد الدائم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، قال أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال أخبرنا سعيد بن أحمد بن محمد الصيرفي العيار بالعين المهملة وتشديد المثناة التحتية، قال أخبرنا أبو علي محمد بن عمر بن شبويه ح.
وقال الجياني أخبرنا أبو عمر أحمد بن محمد الحذاء سماعًا وأبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الحافظ إجازة، قالا أخبرنا أبو محمد الجهني، قال أخبرنا الحافظ أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن بفتح السين المهملة والكاف، قال هو والمستملي والكشميهني والسرخسي وأبو زيد المروزي والجرجاني والكشاني وابن شبويه أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري بكسر الفاء وفتحها وفتح الراء وإسكان الموحدة نسبة إلى قرية من قرى بخارى المتوفى سنة عشرين وثلثمائة وكان سماعه من البخاري صحيحه هذا مرتين مرة بفربر سنة ثمان وأربعين ومائتين ومرة ببخارى سنة اثنتين وخمسين ومائتين ح.
وقال الجياني أيضًا أخبرنا الحكم بن محمد، قال أخبرنا أبو الفضل بن أبي عمران الهروي سماعًا لبعضه وإجازة لباقيه، قال أخبرنا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل، قال أخبرنا إبراهيم بن معقل النسفي المتوفى سنة أربع وتسعين ومائتين وفاته أوراق رواها عن المؤلف إجازة ح.
وأخبرنا الحافظان الفخر والشمس المصريان والحافظ المحدث الكبير النجم المكي عن إمام الصنعة أبي الفضل أحمد بن علي بن أحمد العسقلاني الشافعي، قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد في كتابه عن ابن أبي الربيع بن أبي طاهر بن قدامة عن الحسن ابن السيد العلوي عن أبي الفضل بن طاهر الحافظ عن أبي بكر أحمد بن علي بن خلف عن الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ عن أحمد بن محمد بن رميح النسوي عن حماد بن شاكر قال هو والنسفي وابن مطر الفربري أخبرنا الإمام العلاّمة أستاذ الحفاظ أمير المؤمنين في الحديث وشيخ مشايخ الأئمة في الرواية والتحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه بفتح الموحدة وسكون الراء وكسر الدال المهملتين وسكون الزاي المعجمة وفتح الموحدة بعدها هاء ومعناه الزراع بالفارسية الجعفي بضم الجيم وإسكان العين المهملة وبالفاء البخاري المتوفى وله من العمر اثنتان وستون سنة إلا ثلاثة عشر يومًا في الليلة المسفرة عن يوم السبت مستهل شوّال سنة ست وخمسين ومائتين رحمه الله تعالى قال:
1 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». [الحديث 1 - أطرافه في: 54، 2529، 3898، 5070، 6689، 6953]
(حدّثنا الحميدي) بضم المهملة وفتح الميم نسبة إلى جده الأعلى حميد، أو إلى الحميدات قبيلة، أو لحميد بطن من أسد بن عبد العزى وهو من أصحاب إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه أخذ عنه ورحل معه إلى مصر، فلما مات الشافعي رجع إلى مكة وهو أفقه قرشي مكي أخذ عنه البخاري، وقيل ولذا قدمه المتوفى سنة تسع عشرة ومائتين وليس هو أبا عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح الحميدي صاحب الجمع بين الصحيحين ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر حدّثنا الحميدي (عبد الله بن الزبير) كما في الفرع كأصله، (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة المكي التابعي الجليل أحد مشايخ الشافعي والمشارك لإمام دار الهجرة مالك في أكثر شيوخه المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة ولأبي ذر عن الحموي عن سفيان، (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) هو ابن قيس (الأنصاري) المدني التابعي المشهور قاضي المدينة المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة ولأبي ذر عن يحيى بدل قوله حدّثنا يحيى (قال أخبرني) بالإفراد وهو لما قرأه بنفسه على الشيخ وحده (محمد بن إبراهيم) بن الحرث (التيمي) نسبة إلى تيم قريش المتوفى سنة عشرين ومائة، (أنه سمع علقمة) أبا واقد بالقاف (ابن وقاص) بتشديد القاف (الليثي) بالمثلثة نسبة إلى ليث بن بكروذ، وذكره ابن منده في الصحابة وغيره في التابعين المتوفى بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان، (يقول سمعت عمر بن الخطاب) بن نفيل بضم النون وفتح الفاء المتوفى سنة ثلاث وعشرين (رضي الله تعالى عنه) أي
سمعت كلامه حال كونه (على المنبر) النبوي المدني، فأل فيه للعهد وهو بكسر الميم من النبرة، وهي الارتفاع أي سمعته حال كونه (قال) ولأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر يقول (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي سمعت كلامه حال كونه (يقول) فيقول في موضع نصب حالاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن سمعت لا يتعدى إلى مفعولين، فهي حال مبنية للمحذوف المقدّر بكلام، لأن الذات لا تسمع. وقال الأخفش: إذا علقت سمعت بغير مسموع كسمعت زيدًا يقول فهي متعدية لمفعولين الثاني منهما جملة، يقول واختاره الفارسي وعورض بأن سمعت لو كان يتعدى إلى مفعولين لكان إما من باب أعطيت أو ظننت، ولا جائز أن يكون من باب أعطيت لأن ثاني مفعوليه لا يكون جملة ولا مخبرًا به عن الأوّل، وسمعت بخلاف ذلك. ولا جائز أن يكون من باب ظننت لصحة قولك سمعت كلام زيد فتعديه إلى واحد ولا ثالث للبابين، وقد بطلا فتعين القول الأوّل.
وأجيب بأن أفعال التصيير ليست من البابين وقد ألحقت بهما. وأيضًا من أثبت ما ليس من البابين مثبت لما لا مانع منه، فقد ألحق بعضهم بما ينصب مفعولين ضرب مع المثل نحو:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا} [النحل: 75]، وألحق بعضهم رأي الحلمية نحو قوله تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وأتى بيقول المضارع في رواية من ذكرها بعد سمع الماضي. إما حكاية لحال
وقت السماع أو لإحضار ذلك في ذهن السامعين تحقيقًا وتأكيدًا له، وإلا فالأصل أن يقال: قال كما في الرواية الأخرى ليطابق سمعت.
(إنما الأعمال) البدنية أقوالها وأفعالها فرضها ونفلها قليلها وكثيرها الصادرة من المكلفين المؤمنين صحيحة أو مجزئة (بالنيات) قيل: وقدّره الحنفية إنما الأعمال كاملة والأوّل أولى لأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم للشيء كان أقرب خطورًا بالبال عند إطلاق اللفظ، وهذا يوهم أنهم لا يشترطون النية في العبادات، وليس كذلك فإن الخلاف ليس إلا في الوسائل، أما المقاصد، فلا اختلاف في اشتراط النية فيها. ومن ثم لم يشترطوها في الوضوء لأنه مقصود لغيره لا لذاته، فكيفما حصل حصل المقصود وصار كستر العورة وباقي شروط الصلاة التي لا تفتقر إلى نية، وإنما احتيج في الحديث إلى التقدير لأنه لا بدّ للجار من متعلق محذوف هنا هو الخبر في الحقيقة على الأصح، فينبغي أن يجعل المقدر أوّلاً في ضمن الخبر فيستغنى عن إضمار شيء في الأوّل لئلا يصير في الكلام حذفان، حذف المبتدأ أوّلاً وحذف الخبر ثانيًا، وتقديره: إنما صحة الأعمال كائنة بالنيات، لكن قال البرماوي يعارضه أن الخبر يصير كونًا خاصًّا، وإذا قدّرنا إنما صحة الأعمال كائنة كان كونًا مطلقًا وحذف الكون المطلق أكثر من الكون الخاص، بل يمتنع إذا لم يدل عليه دليل وحذف المضاف كثير أيضًا، فارتكاب حذفين بكثرة وقياس أولى من حذف واحد بقلة وشذوذ وهو الوجه المرضيّ، ويشهد لذلك ما قرّره في حذف خبر المبتدأ بعد لولا في الكون العامّ والخاص. ومنهم من جعل المقدّر القبول أي إنما قبول الأعمال، لكن تردّد في أن القبول ينفك عن الصحة أم لا، فعلى الأوّل هو كتقدير الكمال وعلى الثاني كتقدير الصحة، ومنهم من قال: لا حاجة إلى إضمار محذوف من الصحة أو الكمال أو نحوهما، إذ الإضمار خلاف الأصل، وإنما المراد حقيقة العمل الشرعي فلا يحتاج حيئذ إلى إضمار.
والنيات بتشديد الياء جمع نية من نوى ينوي من باب ضرب يضرب وهي لغة القصد، وقيل: هي من النوى بمعنى البعد، فكأنَّ الناوي للشيء يطلب بقصده وعزمه بما لم يصل إليه بجوارحه وحركاته الظاهرة لبعده عنه، فجعلت النية وسيلة إلى بلوغه. وشرعًا قصد الشيء مقترنًا بفعله، فإن تراخى عنه كان عزمًا، أو يقال: قصد الفعل ابتغاء وجه الله وامتثالاً لأمره، وهي هنا محمولة على معناها اللغوي ليطابق ما بعده من التقسيم، والتقييد بالمكلفين المؤمنين يخرج أعمال الكفار، لأن المراد بالأعمال أعمال العبادة وهي لا تصح من الكافر وإن كان مخاطبًا بها معاقبًا على تركها، وجمعت النية في هذه الرواية باعتبار تنوّعها لأن
المصدر لا يجمع إلا باعتبار تنوّعه أو باعتبار مقاصد الناوي، كقصده تعالى، أو تحصيل موعوده أو اتقاء وعيده. وليس المراد نفي ذات العمل لأنه حاصل بغير نية، وإنما المراد نفي صحته أو كماله على اختلاف التقديرين. وفي معظم الروايات النية بالإفراد على الأصل لاتحاد محلها وهو القلب، كما أن مرجعها واحد وهو الإخلاص للواحد الذي لا شريك له، فناسب إفرادها بخلاف الأعمال فإنها متعلقة بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها. وفي صحيح ابن
حبان الأعمال بالنيات بحذف إنما، وجمع الأعمال والنيات. وفي كتاب الإيمان من البخاري من رواية مالك عن يحيى الأعمال بالنية، وفيه أيضًا في النكاح العمل بالنية بالإفراد فيهما. والتركيب في كلها يفيد الحصر باتفاق المحققين، لأن الأعمال جمع محلى بالألف واللام مفيد للاستغراق وهو مستلزم للحصر لأنه من حصر المبتدأ في الخبر، ويعبر عنه البيانيون بقصر الموصوف على الصفة، وربما قيل قصر المسند إليه على المسند، والمعنى كل عمل بنية فلا عمل إلا بنية. واختلف في إنما هل تفيد الحصر أم لا، فقال الشيخ أبو إسحق الشيرازي والغزاليّ والكيا الهراسي والإمام فخر الدين: تفيد الحصر المشتمل على نفي الحكم عن غير المذكور، نحو: إنما قائم زيد أي لا عمرو، أو نفي غير الحكم عن المذكور نحو: إنما زيد قائم أي لا قاعد. وهل تفيده بالمنطوق أو بالمفهوم، قال البرماوي في شرح ألفيته: الصحيح أنه بالمنطوق، لأنه لو قال ما له عليّ إلا دينار كان إقرارًا بالدينار، ولو كان مفهومًا لم يكن مقرًّا لعدم اعتبار المفهوم بالأقارير اهـ.
وممن صرّح بأنه منطوق أبو الحسين بن القطان والشيخ أبو إسحق الشيرازي والغزالي، بل نقله البلقيني عن جميع أهل الأصول من المذاهب الأربعة إلا اليسير كالآمدي، قال في اللامع: وقيل الحصر من عموم المبتدأ باللام وخصوص خبره على حد صديقي زيد لعموم المضاف إلى المفرد وخصوص خبره، ففي الرواية الأخرى كما سبق بدون إنما، فالتقدير كل الأعمال بالنيات إذ لو كان عمل بلا نية لم تصدق هذه الكلية، وأصل إنما أنّ التوكيدية دخلت عليها ما الكافة، وهي حرف زائد خلافًا لمن زعم أنها ما النافية، ولا يرد على دعوى الحصر نحو صوم رمضان بنيّة قضاء أو نذر حيث لم يقع له ما نوى لعدم قابلية المحل والضرورة في الحج ينويه للمستأجر فلا يقع إلا للناوي، لأن نفس الحج وقع، ولو كان لغير المنوي له. والفرق بينه وبين نيّة القضاء أو النذر في رمضان حيث لا يصح أصلاً لأن التعيين ليس بشرط في الحج فيحرم مطلقًا ثم يصرفه إلى ما شاء، ولذا لو أحرم بنفله وعليه فرضه انصرف للفرض لشدة اللزوم، فإذا لم يقبل ما أحرم به انصرف إلى القابل.
نعم لو أحرم بالحج قبل وقته انعقد عمرة على الراجح لانصرافه إلى ما يقبل، وهذا بخلاف ما لو أحرم بالصلاة قبل وقتها عالمًا لا تنعقد، وأما إزالة النجاسة حيث لا تفتقر إلى نية فلأنها من قبيل التروك، نعم تفتقر لحصول الثواب كتارك الزنا إنما يثاب بقصد أنه تركه امتثالاً للشرع، وكذلك نحو القراءة والأذان والذكر لا يحتاج إلى نية لصراحتها إلا لغرض الإثابة. وخروج هذا ونحوه عن اعتبار النية فيها إما بديل آخر، فهو من باب تخصيص العموم أو لاستحالة دخولها، كالنية ومعرفة الله تعالى، فإن النية فيهما محال. أما النية فلأنها لو توقفت على نية أخرى توقفت الأخرى على أخرى، ولزم التسلسل أو الدور وهما محُالان. وأما معرفة الله تعالى فلأنها لو توقفت على النية مع أن النية قصد المنوي بالقلب، لزم أن يكون عارفًا بالله تعالي قبل معرفته وهو محال، والأعمال جمع عمل وهو حركة البدن بكله أو بعضه، وربما أطلق على حركة النفس، فعلى هذا يقال العمل إحداث أمر قولاً كان أو فعلاً بالجارحة أو بالقلب، لكن الأسبق إلى الفهم الاختصاص بفعل الجارحة لا نحو النية،
قاله ابن دقيق العيد، قال: ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصّه بما لا يكون قولاً، قال: وفيه نظر ولو خصص بذلك لفظ الفعل لكان أقرب من حيث استعمالها متقابلين، فيقال: الأقوال والأفعال ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضًا اهـ.
وتعقبه صاحب جمع العدة بأنه: إن أراد بقوله ولا
تردد عندي أن الحديث يتناول الأقوال أيضًا باعتبار افتقارها إلى النية بناء على أن المراد إنما صحة الأعمال، فممنوع بل الأذان والقراءة ونحوهما تتأدّى بلا نية. وإن أراد باعتبار أنه يُثاب على ما ينوي منها ويكون كلامًا فمسلم ولكنه مخالف لما رجحه من تقدير الصحة.
فإن قلت: لم عدل عن لفظ الأفعال إلى الأعمال؟ أجاب الخويّي بأن الفعل هو الذي يكون زمانه يسيرًا ولم يتكرّر، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1] وتبين لكم كيف فعلنا بهم حيث كان إهلاكهم في زمان يسير، ولم يتكرر بخلاف العمل، فإنه الذي يوجد من الفاعل في زمان مديد بالاستمرار والتكرار. قال الله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة: 25] طلب منهم العمل الذي يدوم ويستمر ويتجدد كل مرة ويتكرر لا نفس الفعل. قال تعالى: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُون} [الصافات: 61] ولم يقل يفعل الفاعلون، فالعمل أخص. ومن ثم قال الأعمال ولم يقل الأفعال، لأن ما يندر من الإنسان لا يكون بنية لا أن كل عمل تصحبه نية. وأما العمل فهو ما يدوم عليه الإنسان ويتكرر منه فتعتبر النية اهـ. فليتأمل.
والباء في بالنيات تحتمل المصاحبة والسببية، أي الأعمال ثابت ثوابها بسبب النيات، ويظهر أثر ذلك في أن النية شرط أو ركن، والأشبه عند الغزاليّ أنها شرط لأن النية في الصلاة مثلاً تتعلق بها فتكون خارجة عنها، وإلاّ لكانت متعلقة بنفسها وافتقرت إلى نية أخرى، والأظهر عند الأكثرين أنها من الأركان، والسببية صادقة مع الشرطية وهو واضح لتوقف المشروط على الشرط، ومع الركنية لأن بترك جزء من الماهية تنتفي الماهية. والحق أن إيجادها ذكرًا في أوّله ركن واستصحابها حكمًا بأن تعرى عن المنافي شرط كإسلام الناوي وتمييزه وعلمه بالمنوي، وحكمها الوجوب ومحلها القلب، فلا يكفي النطق مع الغفلة. نعم يستحب النطق بها ليساعد اللسان القلب، ولئن سلمنا أنه لم يرو عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه النطق بها لكنا نجزم بأنه عليه الصلاة والسلام نطق بها لأنه لا شك أن الوضوء المنوي مع النطق به أفضل، والعلم الضروري حاصل بأن أفضل الخلق لم يواظب على ترك الأفضل طول عمره، فثبت أنه أتى بالوضوء المنوي مع النطق، ولم يثبت عندنا أنه أتى بالوضوء العاري عنه.
والشك لا يعارض اليقين، فثبت أنه أتى بالوضوء المنوي مع النطق، والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة أو تمييز رتبها، ووقتها أوّل الفرض كأوّل غسل جزء من الوجه في الوضوء، فلو نوى في أثناء غسل الوجه كفّت ووجب إعادة المغسول منه قبلها، وإنما لم يوجبوا المقارنة في الصوم لعسر مراقبة الفجر. وشرط النية الجزم فلو توضأ الشاك بعد وضوئه في الحدث احتياطًا فبان محدثًا لم يجزه للتردد في النية بلا ضرورة، بخلاف ما إذا لم يبن محدثًا فإنه يجزيه للضرورة. وإنما صح وضوء الشاك في
طهره بعد تيقن حدثه مع التردد لأن الأصل بقاء الحدث. بل لو نوى في هذه إن كان محدثًا فعن حدثه، وإلا فتجديد صح أيضًا، وإن تذكر. نقله النووي في شرح المهذب عن البغوي وأقرّه.
(وإنما لكل امرىء) بكسر الراء لكل رجل (ما نوى) أي الذي نواه أو نيته، وكذا لكل امرأة ما نوت لأن النساء شقائق الرجال. وفي القاموس والمرء مثلث الميم الإنسان أو الرجل، وعلى القول بأن إنما للحصر فهو هنا من حصر الخبر في المبتدأ، أو يقال: قصر الصفة على الموصوف لأن المقصور عليه في إنما دائمًا المؤخر، ورتبوا هذه على السابقة بتقديم الخبر وهو يفيد الحصر كما تقرر، واستشكل الإتيان بهذه الجملة بعد السابقة لاتحاد الجملتين فقيل تقديره وإنما لكل امرىء ثواب ما نوى، فتكون الأولى قد نبهت على أن الأعمال لا تصير معتبرة إلا بنية، والثانية على أن العامل يكون له ثواب العمل على مقدار نيته، ولهذا أخّرت عن الأولى لترتبها عليها. وتعقب بأن الأعمال حاصلة بثوابها للعامل لا لغيره فهي عين معنى الجملة الأولى، وقال ابن عبد السلام: معنى الثانية حصر ثواب الإجزاء المرتب على العمل لعامله، ومعنى الأولى صحة الحكم وإجزاؤه ولا يلزم منه ثواب، فقد يصح العمل ولا ثواب عليه كالصلاة في المغصوب ونحوه على أرجح المذاهب، وعورض بأنه
يقتضي أن العمل له نيتان نية بها يصح في الدنيا ويحصل الاكتفاء به، ونية بها يحصل الثواب في الآخرة إلا أن يقدر في ذلك وصف النية إن لم يحصل صح ولا ثواب، وإن حصل صح وحصل الثواب فيزول الإشكال. وقيل: إن الثانية تفيد اشتراط تعيين المنويّ فلا يكفي في الصلاة نيتها من غير تعيين، بل لا بدّ من تمييزها بالظهر أو العصر مثلاً، وقيل: إنها تفسد منع الاستنابة في النية لأن الجملة الأولى لا تقتضي منعها بخلاف الثانية، وتعقب بنحو نية وليّ الصبي في الحج فإنها صحيحة، وكحج الإنسان عن غيره، وكالتوكيل في تفرقة الزكاة.
وأجيب بأن ذلك واقع على خلاف الأصل في المواضع. وذهب القرطبيّ إلى أن الجملة اللاحقة مؤكدة للسابقة، فيكون ذكر الحكم بالأولى وأكده بالثانية تنبيهًا على سرّ الإخلاص وتحذيرًا من الرياء المانع من الخلاص، وقد علم أن الطاعات في أصل صحتها وتضاعفها مرتبطة بالنيات، وبها ترفع إلى خالق البريّات.
(فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها) جملة في موضع جرّ صفة لدنيا أي يحصلها نية وقصدًا (أو إلى امرأة) ولأبي ذر أو امرأة (ينكحها) أي يتزوّجها كما في الرواية الأخرى، (فهجرته إلى ما هاجر إليه) من الدنيا والمرأة والجملة جواب الشرط في قوله فمن. قال ابن دقيق العيد في قوله: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، أي فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نيةً وقصدًا فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا، ونحو هذا في التقدير قوله: فمن كانت هجرته إلى دنيا إلى آخره، لئلا يتحد الشرط والجزاء، ولا بدّ من تغايرهما، فلا يقال من أطاع الله أطاع الله، وإنما يقال من أطاع الله نجا، وهنا وقع الاتحاد فاحتيج إلى التقدير المذكور، وعورض بأنه ضعيف من جهة العربية لأن الحال المبينة لا تحذف بلا دليل، ومن ثم منع بعضهم تعلق الباء في بسم الله
بحال محذوفة أي ابتدىء متبركًا قال: لأن حذف الحال لا يجوز، وأجاب البدر الدماميني منتصرًا لابن دقيق العيد بأن ظاهر نصوصهم جواز الحذف، قال: ويؤيده أن الحال خبر في المعنى أو صفة وكلاهما يسوغ حذفه بلا دليل فلا مانع في الحال أن تكون كذلك. اهـ.
وقيل: لأن التغاير يقع تارة باللفظ وهو الأكثر وتارة بالمعنى، ويفهم ذلك من السياق كقوله تعالى:{َمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: 71] أي مرضيًا عند الله ماحيًا للعقاب محصلاً للثواب، فهو مؤوّل على إرادة المعهود المستقرّ في النفس كقولهم: أنت أنت أي الصديق، وقوله: أنا أبو النجم وشعري شعري. وقال بعضهم: إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر أو الشرط والجزاء علم منهما المبالغة إما في التعظيم كقوله: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، وإما في التحقير كقوله: فمن كانت هجرته إلى دنيا إلى آخره، وقيل الخبر في الثاني محذوف والتقدير فهجرته إلى ما هاجر إليه من الدنيا، والمرأة قبيحة غير صحيحة أو غير مقبولة ولا نصيب له في الآخرة. وتعقب بأنه يقتضي أن تكون الهجرة مذمومة مطلقًا وليس كذلك، فإن من نوى بهجرته مفارقة دار الكفر وتزويج المرأة معًا لا تكون قبيحة ولا غير صحيحة بل ناقصة بالنسبة إلى من كانت هجرته خالصة، وإنما أشعر السياق بذم من فعل ذلك بالنسبة إلى من طلب المرأة بصورة الهجرة الخالصة، فأما من طلبها مضمومة إلى الهجرة فإنه يثاب على قصده الهجرة لكن دون ثواب من أخلص. وقد اشتهر أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس المروية في المعجم الكبير للطبراني بإسناد رجاله ثقات من رواية الأعمش، ولفظه عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوّجه حتى يهاجر فهاجر فتزوّجها، قال: فكنا نسميه مهاجر أم قيس. ولم يقف ابن رجب على من خرجه فقال في شرحه الأربعين للنووي: وقد ذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم ولم نر له أصلاً بإسناد يصح. وذكر أبو الخطاب بن دحية أن اسم المرأة قيلة، وأما الرجل فلم يسمه أحد ممن صنف في الصحابة فيما رأيته، وهذا السبب وإن كان خاص المورد لكن العبرة بعموم اللفظ والتنصيص على المرأة من باب التنصيص على الخاص
بعد العام للاهتمام نحو والملائكة وجبريل. وعورض بأن لفظ دنيا نكرة وهي لا تعم في الإثبات فلا يلزم دخول المرأة فيها.
وأجيب بأنها إذا كانت في سياق الشرط تعم، ونكتة الاهتمام الزيادة في التحذير لأن الافتتان بها أشد، وإنما وقع الذم هنا على مباح ولا ذم فيه ولا مدح لكون فاعله أبطن خلاف ما أظهر، إذ خروجه في الظاهر ليس لطلب الدنيا لأنه إنما خرج في صورة طلب فضيلة الهجرة، والهجرة بكسر الهاء الترك والمراد هنا من هاجر من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة فلا هجرة بعد الفتح، لكن جهاد ونية كما قال عليه الصلاة والسلام، نعم حكمها من دار الكفر إلى دار الإسلام مستمر، وفي الحقيقة هي مفارقة ما يكرهه الله تعالى إلى ما يحبه، وفي الحديث:"المهاجر من هجر ما نهى الله عنه". ودنيا بضم الدال مقصورة غير منوّنة للتأنيث والعلمية وقد تكسر وتنوّن، وحكي عن الكشميهني أنكر
عليه وأنه لا يعرف في اللغة التنوين، ولم يكن الكشميهني ممن يرجع إليه في ذلك اهـ. والصحيح جوازه قال في القاموس: والدنيا نقيض الآخرة وقد تنوّن وجمعها دنى اهـ، واستدلوا له بقوله:
إني مقسم ما ملكت فجاعل
…
جزءًا لآخرتي ودنيا تنفع
فإن ابن الأعرابيّ أنشده منوّنًا وليس بضرورة كما لا يخفى، والدنيا فعلى من الدنوّ وهو القرب، سميت بذلك لسبقها للأخرى، وهي ما على الأرض من الجوّ والهواء أو هي كل المخلوقات من الجواهر والأعراض الموجودة قبل الدار الآخرة، أو لدنوّها من الزوال. ووقع في رواية الحميدي هذه حذف أحد وجهي التقسيم وهو قوله: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله الخ. وقد ذكره البخاري من غير طريق الحميدي، فقال ابن العربي: لا عذر للبخاري في إسقاطه لأن الحميدي رواه في مسنده على التمام، قال: وقد ذكر قوم أنه لعله استملاه من حفظ الحميدي فحدّثه هكذا فحدّث عنه كما سمع أو حدّثه به تامًّا فسقط من حفظ البخاري. قال: وهو أمر مستبعد جدًّا عند من اطّلع على أحوال القوم، وجاء من طريق بشر بن موسى، وصحيح أبي عوانة، ومستخرجي أبي نعيم على الصحيحين من طريق الحميدي تامًّا، ولعل المؤلف إنما اختار الابتداء بهذا السياق الناقص ميلاً إلى جواز الاختصار من الحديث ولو من أثنائه كما هو الراجح، وقيل غير ذلك. وهذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام.
قال أبو داود: يكفي الإنسان لدينه أربعة أحاديث: "الأعمال بالنيات"، و"حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" و"لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه"، و"الحلال بيّن والحرام بيّن". وذكر غيره غيرها. وقال الشافعي وأحمد إنه يدخل فيه ثلث العلم. قال البيهقي: إذا كسب العبد إما بقلبه أو بلسانه أو ببقية جوارحه. وعن الشافعي أيضًا أنه يدخل فيه نصف العلم، ووجه بأن للدين ظاهرًا وباطنًا، والنية متعلقة بالباطن والعمل هو الظاهر. وأيضًا فالنية عبودية القلب، والعمل عبودية الجوارح. وقد زعم بعضهم أنه متواتر وليس كذلك لأن الصحيح أنه لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمر، ولم يروه عن عمر إلا علقمه، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم، ولم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري وعنه انتشر. فقيل: رواه عنه أكثر من مائتي راوٍ، وقيل سبعمائة، من أعيانهم مالك والثوري والأوزاعي وابن المبارك والليث بن سعد وحماد بن زيد وسعيد وابن عيينة، وقد ثبت عن أبي إسماعيل الهروي الملقب بشيخ الإسلام أنه كتبه عن سبعمائة رجل أيضًا من أصحاب يحيى بن سعيد فهو مشهور بالنسبة إلى آخره غريب بالنسبة إلى أوله، نعم المشهور ملحق بالمتواتر عند أهل الحديث، غير أنه يفيد العلم النظري إذا كانت طرقه متباينة سالمة من ضعف الرواة ومن التعليل. والمتواتر يفيد العلم الضروري، ولا تشترط فيه عدالة ناقله وبذلك افترقا. وقد توبع علقمة والتيمي ويحيى بن سعيد على روايتهم. قال ابن منده: هذا الحديث رواه عن عمر غير علقمة ابنه عبد الله وجابر وأبو جحيفة وعبد الله بن عامر بن ربيعة وذو الكلاع وعطاء بن يسار وناشرة بن سمي ووأصل بن عمرو الجذامي ومحمد بن المنكدر،