الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التصديق إنما يكون للخبر لا للأمر أو يكون إشارة إلى تتمة الحديث، وهو أن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه يعني وقع تبليغ الشاهد أو إشارة إلى ما بعده وهو التبليغ الذي في ضمن ألا هل بلغت بمعنى وقع تبليغ الرسول إلى الأمة قاله البرماوي كالكرماني وغيره، وفي رواية قال ذلك بدل قوله كان ذلك. (ألا) بالتخفيف أيضًا أي يا قوم (هل بلغت مرتين) أي قال هل بلغت مرتين لا إنه قال الجميع مرتين إذ لم يثبت، فقوله قال محمد الخ اعتراض وألا هل بلغت من كلامه صلى الله عليه وسلم.
38 - باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
هذا (باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم) أعاذنا الله من ذلك ومن سائر المهالك.
106 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تَكْذِبُوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ» .
وبالسند قال: (حدّثنا علي بن الجعد) بفتح الجيم وسكون العين آخره دال مهملتين الجوهري البغدادي (قال: أخبرنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد (منصور) هو ابن المعتمر (قال: سمعت ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر المهملة وتشديد المثناة التحتية (ابن حراش) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالشين المعجمة ابن جحش بفتح الجيم وسكون المهملة آخره شين معجمة الغطفاني العبسي بالموحدة الكوفي الأعور. قيل: إنه لم يكذب قطّ، وحلف أن لا يضحك حتى يعلم أين مصيره فما ضحك إلا عند موته، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز في رجب سنة إحدى ومائة أو سنة أربع ومائة (يقول: سمعت عليًّا) أي ابن أبي طالب أحد السابقين إلى الإسلام والعشرة
المبشرة بالجنة والخلفاء الراشدين والعلماء الربانيين والشجعان المشهورين، وَليِ الخلافة خمس سنين، وتوفي بالكوفة ليلة الأحد تاسع عشر رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة رضي الله عنه، وكان ضربه عبد الرحمن بن ملجم بسيف مسموم، وله في البخاري تسعة وعشرون حديثًا أي سمعت عليًّا حال كونه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لا تكذبوا عليّ) بصيغة الجمع وهو عامّ في كل كذب مطلق في كل نوع منه في الأحكام وغيرها كالترغيب والترهيب، ولا مفهوم لقوله عليّ لأنه لا يتصور أن يكذب له لأنه عليه الصلاة
والسلام نهى عن مطلق الكذب، (فإنه) أي الشأن (من كذب عليّ فليلج النار) أي فليدخل فيها هذا جزاؤه وقد يعفو الله تعالى عنه، ولا يقطع عليه بدخول النار كسائر أصحاب الكبائر غير الكفر، وقد جعل الأمر بالولوج مسببًا عن الكذب لأن لازم الأمر الإلزام، والإلزام يولج النار بسبب الكذب عليه أو هو بلفظ الأمر ومعناه الخبر، ويؤيده رواية مسلم:"من يكذب عليّ يلج النار" ولابن ماجة: "فإن الكذب عليَّ يولج النار" وقيل: دعاء عليه ثم أخرج مخرج الذم.
107 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:«مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن جامع بن شداد) المحاربي الكوفي الثقة، المتوفى سنة ثمان عشرة ومائة (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي القرشي، المتوفى سنة أربع وعشرين ومائة (عن أبيه) عبد الله بن الزبير الصحابي أول مولود في الإسلام للمهاجرين بالمدينة وكان أطلس لا لحية له، وتوفي سنة اثنتين وسبعين أنه (قال):
(قلت للزبير) بن العوام بتشديد الواو حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة المتوفى بوادي السباع بناحية البصرة سنة ست وثلاثين بعد منصرفه من وقعة الجمل، وله في البخاري تسعة أحاديث (إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدّث فلان وفلان) أي كتحديث فلان وفلان وسمى منهما في رواية ابن ماجة عبد الله بن مسعود (قال) أي الزبير:(أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرف استفتاح ولذا كسرت همزة إن بعدها في قوله: (إني لم أفارقه) صلى الله عليه وسلم زاد الإسماعيلي منذ أسلمت، والمراد المفارقة العرفية الصادقة بأغلب الأوقات، وإلا فقد هاجر إلى الحبشة ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في حال هجرته إلى المدينة لكن أجيب عن هجرة الحبشة بأنها كانت قبل ظهور شوكة الإسلام أي ما فارقته عند ظهور شوكته (ولكن) وللأصيلي
وابن عساكر وأبي ذر والحموي ولكني، وفي رواية مما ليس في اليونينية ولكنني إذ يجوز في إن وأخواتها إلحاق نون الوقاية بها وعدمه (سمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول: من كذب عليَّ فليتبوّأ) بكسر اللام على الأصل وبسكونها على المشهور ومن موصول متضمن معنى الشرط والتالي صلته وفليتبوّأ جوابه أمر من التبوّء أي فليتخذ (مقعده من النار) أي فيها. والأمر هنا معناه الخبر أي أن الله تعالى يبوِّئه مقعده من النار، أو أمر على سبيل التهكم والتغليظ، أو أمر تهديد أو دعاء على معنى بوَّأه الله، وإنما خشي الزبير من الإكثار أن يقع في الخطأ وهو لا يشعر لأنه وإن لم يأثم بالخطأ لكنه قد يأثم بالإكثار، إذ الإكثار مظنة الخطأ، والثقة إذا حدَّث بالخطأ فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطأ يعمل به على الدوام للوثوق بنقله فيكون سببًا للعمل بما لم يقله الشارع، فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطأ لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار، فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث، وأما من أكثر منهم
فمحمول على أنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبّت أو طالت أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان قاله الحافظ ابن حجر.
108 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَعَمَّدَ عَلَىَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو معمر) بفتح الميمين وسكون العين المهملة عبد الله بن عمرو المنقري البصري المعروف بالمقعد (قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التيمي البصري (عن عبد العزيز) بن صهيب الأعمى البصري أنه قال: (قال أنس) أي ابن مالك رضي الله عنه، وفي رواية أبوي ذر والوقت بإسقاط قال الأولى:
(إنه ليمنعني أن أحدثكم) بكسر همزة إن الأولى مع التشديد، وفتح الثانية مع التخفيف أي ليمنعني تحديثكم (حديثًا كثيرًا) بالنصب فيهما والمراد جنس الحديث، ومن ثم وصفه بالكثرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعمد عليّ كذبًا) عامّ في جميع أنواع الكذب لأن النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي في إفادة العموم، والمختار أن الكذب عدم مطابقة الخبر للواقع ولا يشترط في كونه كذبًا تعمده والحديث يشهد له لدلالته على انقسام الكذب إلى متعمد وغيره (فليتبوّأ مقعده من النار) فأفاد أنس أن توقّيه من التحديث لم يكن للامتاع من أصل التحديث للأمر بالتبليغ، وإنما هو لخوف الإكثار المفضي إلى الخطأ. وقد ذهب الجويني إلى كفر من كذب متعمدًا عليه صلوات الله وسلامه عليه، ورده عليه ولده إمام الحرمين وقال: إنه من هفوات والده، وتبعه من بعده فضعفوه، وانتصر له ابن المنير بأن خصوصية الوعيد توجب ذلك إذ لو كان بمطلق النار لكان كل كاذب كذلك عليه وعلى غيره، فإنما الوعيد بالخلود. قال: ولهذا قال فليتبوّأ أي فليتخذها مباءة ومسكنًا وذلك هو الخلود، وبأن الكاذب عليه في تحليل حرام مثلاً لا ينفك عن استحلال ذلك الحرام أو الحمل على استحلاله، واستحلال الحرام كفر والحمل على الكفر كفر، وأجيب عن الأوّل: بأن دلالة التبوّء على الخلود غير مسلمة ولو سلم فلا نسلم أن الوعيد بالخلود مقتضٍ للكفر بدليل متعمد القتل الحرام.
وأجيب عن الثاني: بأنَّا لا نسلم أن الكذب عليه ملازم لاستحلاله ولا لاستحلال متعلقه فقد يكذب عليه في تحليل حرام مثلاً مع قطعه بأن الكذب عليه حرام، وأن ذلك الحرام ليس بمستحل كما تقدم العصاة من المؤمنين على ارتكابهم الكبائر مع اعتقادهم حرمتها انتهى:
109 -
حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ يَقُلْ عَلَىَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
وبه قال: (حدّثنا المكي) وفي رواية أبي ذر: حدّثني المكي بالإفراد والتعريف، وفي أخرى: حدّثني مكي بالإفراد والتنكير (ابن إبراهيم) البلخي (قال: حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) بضم العين
الأسلمي، المتوفى بالمدينة سنة ست أو سبع وأربعين ومائة (عن سلمة) بفتح السين واللام (ابن الأكوع) واسم الأكوع سنان بن عبد الله السلمي المدني، المتوفى بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة، وله في البخاري عشرون حديثًا.
(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم) أي كلامه حال كونه (يقول: من يقل علي) أصله يقول حذفت الواو للجزم