الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(جالس) حال كونه (في المسجد) المدني (والناس معه) جملة حالية (إذ أقبل) جواب بينما (ثلاثة نفر) بالتحريك، ولم يسم واحد من الثلاثة أي ثلاثة رجال من الطريق فدخلوا المسجد كما في حديث أنس، فإذا ثلاثة نفر مارّين (فأقبل اثنان) منهم (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد. قال: فوقفا على) مجلس (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أو على هنا بمعنى عند قاله في الفتح. وتعقبه صاحب عمدة القاري بأنها لم تجئ بمعناها، وزاد الترمذي والنسائي وأكثر
رواة الموطأ، فلما وقفا سلما (فأما) بفتح الهمزة وتشديد الميم تفصيلية (أحدهما) بالرفع مبتدأ خبره (فرأى فرجة) بضم الفاء (في الحلقة فجلس فيها) وأتى بالفاء في قوله فرأى لتضمن أما معنى الشرط ولابن عساكر فرجة بفتح الفاء وهي والضم لغتان وهي الخلل بين الشيئين قاله النووي فيما نقله في عمدة القاري، (وأما الآخر) بفتح الخاء أي الثاني (فجلس خلفهم) بالنصب على الظرفية (وأما الثالث فأدبر) حال كونه (ذاهبًا) أي أدبر مستمرًا في ذهابه ولم يرجع، وإلا فأدبر بمعنى مرّ ذاهبًا (فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم) مما كان مشتغلاً به من تعليم القرآن أو العلم أو الذكر أو الخطبة أو نحو ذلك (قال ألا) بالتخفيف حرف تنبيه والهمزة يحتمل أن تكون للاستفهام ولا للنفي (أخبركم عن النفر الثلاثة) فقالوا: أخبرنا عنهم يا رسول الله. فقال: (أما أحدهم فأوى) بقصر الهمزة أي لجأ (إلى الله تعالى) أو انضم إلى مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم (فآواه الله إليه) بالمد أي جازاه بنظير فعله بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه أو يؤويه يوم القيامة إلى ظل عرشه، فنسبة الإيواء إلى الله تعالى مجاز لاستحالته في حقه تعالى، فالمراد لازمه وهو إرادة إيصال الخير، ويسمى هذا المجاز مجاز المشاكلة والمقابلة. (وأما الآخر) بفتح الخاء (فاستحيا) أي ترك المزاحمة حياء من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه وعند الحاكم، ومضى الثاني قليلاً ثم جاء فجلس. قال في الفتح: فالمعنى أنه استحيا من الذهاب عن المجلس كما فعل رفيقه الثالث، (فاستحيا الله منه) بأن رحمه ولم يعاقبه فجازاه بمثل ما فعل، وهذا أيضًا من قبيل المشاكلة لأن الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يذم به، وهذا محُال على الله تعالى فيكون مجازًا عن ترك العقاب، حينئذ فهو من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم. (وأما الأخر) وهو الثالث (فأعرض) عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلتفت إليه بل ولّى مدبرًا (فأعرض الله) تعالى (عنه) أي جازاه بأن سخط عليه، وهذا أيضًا من قبيل المشاكلة لأن الإعراض هو الالتفات إلى جهة أخرى، وذلك لا يليق بالباري تعالى فيكون مجازًا عن السخط والغضب، ويحتمل أن هذا كان منافقًا فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على أمره، ورواة هذا الحديث مدنيون وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والأخبار وتابعي عن مثله. وأخرجه المؤلف في الصلاة، ومسلم والترمذي في الاستئذان، والنسائي في العلم.
9 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»
(باب قول النبي صلى الله عليه وسلم رب مبلغ) بفتح اللام لا بكسرها إليه عني يكون (أوعى) أي أفهم لما أقوله (من سامع) مني، وقول مجرور بالإضافة، ورب حرف جر يفيد التقليل لكنه كثر في الاستعمال للتكثير بحيث غلب حتى صارت كأنها حقيقة فيه وتنفرد عن أحرف الجر بوجوب تصديرها وتنكير مجرورها ونعته إن كان ظاهرًا وغلبة حذف معداها ومضيه وبزيادتها في الإعراب دون المعنى ومحل مجرورها رفع على الابتداء نحو قوله: هنا رب مبلغ فإنه وإن كان مجرورًا بالإضافة لكنه مرفوع على الابتدائية محلاً وخبره يكون المقدّر، وأوعى صفة للمجرور، وأما في نحو: ربّ رجل لقيت فنصب على المفعولية في نحو: ربّ رجل صالح لقيت فرفع أو نصب.
67 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ -أَوْ بِزِمَامِهِ- قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟. فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ. قَالَ: أَلَيْسَ النَّحْرِ؟
قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَأَىُّ شَهْرٍ هَذَا؟ فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا. لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ. [الحديث 67 - أطرافه في: 105، 1741، 3197، 4406، 4662، 5550، 7078، 7447].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا بشر) بكسر الموحدة وسكون الشين
المعجمة ابن المفضل بن لاحق الرّقاشي البصري، المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة قال: (حدّثنا ابن
عون) بالنون عبد الله بن أرطبان البصري الثقة الفاضل من السادسة، المتوفى سنة إحدى وخمسين
ومائة. وقال ابن حجر: سنة خمسين
على الصحيح (عن ابن سيرين) محمد (عن عبد الرحمن بن أبي
بكرة) بن الحرث الثقفي البصري أوّل من ولد في الإسلام بالبصرة سنة أربع عشرة المتوفى سنة تسع
وتسعين (عن أبيه) أبي بكرة نفيع بضم النون وفتح الفاء.
(ذكر) أي أبو بكرة أي أنه كان يحدثهم فذكر (النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية ابن عساكر وأبي الوقت والأصيلي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت وابن عساكر في نسخة قال: ذكر بضم أوّله وكسر ثانيه النبي صلى الله عليه وسلم بالرفع نائب عن الفاعل أي قال أبو بكرة: حال كونه قد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وعند النسائي عن أبي بكرة قال: وذكر النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: وللحال؛ ويجوز أن تكون للعطف على أن يكون المعطوف عليه محذوفًا (قعد) عليه الصلاة والسلام (على بعيره) بمنى يوم النحر في حجة الوداع، وإنما قعد عليه لحاجته إلى إسماع الناس، فالنهي عن اتخاذ ظهورها منابر محمول على ما إذا لم تدع الحاجة إليه (وأمسك إنسان بخطامه) بكسر الخاء (أو بزمامه) وهما بمعنى، وإنما شك الراوي في اللفظ الذي سمعه وهو الخيط الذي تشد فيه الحلقة التي تسمى البرة بضم الموحدة وتخفيف الراء المفتوحة ثم يشد في طرفه المقود والإنسان الممسك هنا هو أبو بكرة لرواية الإسماعيلي الحديث بسنده إلى أبي بكرة. قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وأمسكت أنا قال بخطامها أو زمامها، أو كان الممسك بلالاً لرواية النسائي عن أم الحصين قالت: حججت فرأيت بلالاً يقود بخطام راحلة النبي صلى الله عليه وسلم أو عمرو بن خارجة لما في السنن من حديثه قال: كنت آخذًا بزمام ناقته عليه الصلاة والسلام، وفائدة إمساك الزمام صون البعير عن الاضطراب والإزعاج لراكبه ثم (قال) عليه الصلاة والسلام، وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي فقال:(أي يوم هذا) برفع أي والجملة
وقعت مقول القول، (فسكتنا) عطف على قال (حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال: أليس) هو (النحر؟ قلنا) وفي رواية أبي الوقت فقلنا: (بلى) حرف يختص بالنفي ويفيد إبطاله وهو هنا مقول القول أقيم مقام الجملة التي هي مقول القول (قال) عليه الصلاة والسلام: (فأيّ شهر هذا؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسمّيه بغير اسمه. فقال) عليه الصلاة والسلام، ولأبي الوقت وابن عساكر قال:(أليس بذي الحجة) بكسر الحاء كما في الصحاح، وقال الزركشي: هو المشهور وأباه قوم، وقال القزاز: الأشهر فيه الفتح (قلنا بلى) وقد سقط من رواية الحموي والمستملي والأصيلي السؤال عن الشهر، والجواب الذي قبله ولفظهم أي يوم هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه. قال: أليس بذي الحجة وتوجيهه ظاهر وهو من إطلاق الكل على البعض، وفي رواية كريمة فأيّ بلد هذا فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس بمكة، وفي رواية الكشميهني وكريمة بالسؤال عن الشهر، والجواب الذي قبله كمسلم وغيره مع السؤال عن البلد والثلاثة ثابتة عند المؤلف في الأضاحي والحج. (قال) صلى الله عليه وسلم:(فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) أي: فإن سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم، لأن الذوات لا تحرم فيه فيقدر لكل ما يناسبه كذا قاله الزركشي والبرماوي والعيني والحافظ ابن حجر، وفي إطلاقهم هذا اللفظ نظر لأن سفك الدم وأخذ المال وثلب العرض إنما يحرم إذا كان بغير حق، فالإفصاح به متعيّن، والأولى كما أفاده في مصابيح الجامع أن يقدر في الثلاثة كلمة واحدة وهي لفظة انتهاك التي موضوعها تناول الشيء بغير حق كما نص عليه القاضي، فكأنه قال: فإن انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم ولا حاجة إلى تقديره مع كل واحد من الثلاثة لصحة انسحابه على الجميع وعدم احتياجه إلى التقييد بغير الحقيقة. والأعراض جمع عرض بكسر العين وهو موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو في سلفه، وشبه الدماء والأموال والأعراض