الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن جعلت استفهامية أو موصولة (يقال) للمفتون: (ما علمك) مبتدأ وخبره (بهذا الرجل) صلى الله عليه وسلم ولم يعبر بضمير المتكلم لأنه حكاية قول الملكين، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يصير تلقينًا لحجته وعدل عن خطاب الجمع في أنكم تفتنون إلى المفرد في قوله ما علمك لأنه تفصيل. أي كل واحد يقال له ذلك لأن السؤال عن العلم يكون لكل واحد، وكذا الجواب بخلاف الفتنة، (فأما المؤمن أو الموقن) أي المصدق بنبوّته صلى الله عليه وسلم (لا أدري بأيهما) وفي رواية الأربعة أيهما المؤمن أو الموقن.
(قالت أسماء) والشك من فاطمة بنت المنذر (فيقول) الفاء جواب أما لما في أما من معنى الشرط (هو محمد رسول الله) هو (جاءنا بالبينات) بالمعجزات الدالّة على نبوّته (والهدى) أي الدلالة الموصلة إلى البغية (فأجبنا واتبعنا) وفي رواية أبي ذر فأجبناه واتبعناه بالهاء فيهما فحذف ضمير المفعول في الرواية الأولى للعلم به أي قبلنا نبوّته معتقدين مصدّقين واتّبعناه فيما جاء به إلينا أو الإجابة تتعلق بالعلم والاتباع بالعمل. يقول المؤمن: (هو محمد) وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت وهو محمد-صلى الله عليه وسلم قولاً (ثلاثًا) أي ثلاث مرات (فيقال) له: (نم) حال كونك (صالحًا) منتفعًا بأعمالك إذ الصلاح كون الشيء في حدّ الانتفاع (قد علمنا إن كنت) بكسر الهمزة أي الشأن كنت (لموقنًا به) أي إنك موقن كقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] أي أنتم أو تبقى على بابها. قال
القاضي: وهو الأظهر واللام في قوله لموقنًا عند البصريين للفرق بين إن المخففة وإن النافية، وأما الكوفيون فهي عندهم بمعنى "ما" واللام بمعنى "إلا" كقوله تعالى:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4] أي ما كل نفس إلا عليها حافظ والتقدير ما كنت إلا موقنًا. وحكى السفاقسي فتح همزة أن على جعلها مصدرية أي علمنا كونك موقنًا به، وردّه بدخول اللام انتهى. وتعقبه البدر الدماميني فقال: إنما تكون اللام مانعة إذا جعلت لام الابتداء على رأي سيبويه ومن تابعه، وأما على رأي الفارسي وابن جني وجماعة أنها لام غير لام الابتداء اجتلبت للفرق فيسوغ الفتح بل يتعين حينئذ لوجود المقتضى وانتفاء المانع.
(وأما المنافق) أي غير المصدق بقلبه لنبوّته (أو المرتاب) الشاك قالت فاطمة (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته) أي قلت ما كان الناس يقولونه وفي رواية وذكر الحديث أي الخ الآتي إن شاء الله تعالى. وفي هذا الحديث إثبات عذاب القبر وسؤال الملكين وأنّ من ارتاب في صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته فهو كافر وأنّ الغشي لا ينقض الوضوء ما دام العقل باقيًا إلى غير ذلك مما لا يخفى.
25 - باب تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى أَنْ يَحْفَظُوا الإِيمَانَ وَالْعِلْمَ وَيُخْبِرُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ» .
هذا (باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم) أي حثّه (وفد عبد القيس) القبيلة المشهورة (على أن يحفظوا الإيمان والعلم) من باب عطف الخاص على العام (ويخبروا به من وراءهم) وتحريض بالضاد المعجمة، وقيل وبالمهملة أيضًا وهما بمعنى كما قاله الكرماني، وعورض بأنه تصحيف ودفع بأنه إذا كان كلاهما يستعمل في معنى واحد لا يكون تصحيفًا وعلى منكر استعمال المهمل بمعنى المعجم البيان، وأجيب: بأن النافي لا يلزمه إقامة دليل وبأنه لا يلزم من ترادفهما وقوعهما معًا في الرواية، والكلام إنما هو في تقييد الرواية لا مطلق الجواز انتهى.
(وقال مالك بن الحويرث) بالتصغير والمثلثة ابن حشيش بفتح المهملة وبالشين المعجمة المكررة الليثي له في البخاري أربعة أحاديث، المتوفى بالبصرة سنة أربع وتسعين مما هو موصول عند المؤلف في الصلاة والأدب وخبر الواحد كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وأخرجه مسلم كذلك (قال لنا النبيّ) وفي نسخة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي لما قدم عليه في ستة من قومه وأسلم وأقام عنده أيامًا وأذن له في الرجوع:
(ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم) أمر دينهم، وفي رواية الأصيلي والمستملي فعظوهم من الوعظ والتذكير.
87 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنِ الْوَفْدُ -أَوْ مَنِ الْقَوْمُ- قَالُوا: رَبِيعَةُ. فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ -أَوْ بِالْوَفْدِ- غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى. قَالُوا إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَاّ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عز وجل وَحْدَهُ، قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ -قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ النَّقِيرِ، وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ. قَالَ: احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ.
[الحديث 87 - أطرافه في: 53، 523، 1398، 3095، 3510، 4368، 4369، 6176، 7266، 7556].
وبالسند إلى البخاري قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة والشين المعجمة المثقلة ابن عثمان البصري (قال: حدّثنا غندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال المهملة محمد بن جعفر الهذلي
البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي جمرة) بالجيم والراء نصر بن عمران البصري أنه (قال):
(كنت أترجم) أي أعبر (بين ابن عباس) رضي الله عنهما (وبين الناس) فأعبر لهم ما أسمع من ابن عباس وله ما أسمع منهم (فقال) ابن عباس: (إن وفد عبد القيس) بن أفصى بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح الصاد المهملة، والوفد اسم جمع لا جمع لوافد على الصحيح، قال القاضي: وهم القوم يأتون ركبانًا (أتوا النبي) وفي الرواية السابقة لما أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم فقال) لهم: (من الوفد أو) قال لهم (من القوم)؟ شك شعبة أو شيخه. (قالوا): نحن (ربيعة) لأن عبد القيس من أولاده (فقال) عليه الصلاة والسلام، وفي رواية ابن عساكر قال:(مرحبًا بالقوم أو الوفد) على الشك أيضًا، وفي رواية غير الأصيلي وكريمة بحذفهما (غير خزايا) أي مذلّين ولا مهانين ولا فضوحين بوطء البلاد وقتل الأنفس وسبي النساء ونصب غير على الحال. قال النووي: وهو المعروف وبالجر على الصفة.
(ولا ندامى) الأصل نادمين جمع نادم، لأن ندامى إنما هو جمع ندمان أي المنادم في اللهو، لكن هنا على الاتباع كما قالوا: العشايا والغدايا وغداة جمعها الغدوات لكنه اتبع قاله الزركشي كالخطابي، وعورض بما في جامع القزاز على ما حكاه السفاقسي أنه يقال: رجل نادم وندمان في الندامة بمعنى أي نادم، وحينئذ يكون جاريًا على الأصل، وعند النسائي من طريق قرة فقال: مرحبًا بالوفد ليس الخزايا النادمين. (قالوا) يا رسول الله (إنّا نأتيك من شقة) بضم الشين المعجمة أي سفرة (بعيدة وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر) أصل الحي منزل القبيلة ثم سميت به اتساعًا لأن بعضهم يحيا ببعض. (ولا نستطيع أن نأتيك إلاّ في شهر حرام) بتنكيرهما وهو يصلح لكلها، وفي رواية الأصيلي في شهر الحرام بتعريف الثاني كمسجد الجامع، والمراد رجب لتفرّده بالتحريم مع التصريح به في
رواية البيهقي كما مرّ (فمرنا بأمر) زاد في رواية كتاب الإيمان فصل (نخبر به) بالرفع على الصفة لقوله أمر وبالجزم جوابًا للأمر (من وراءنا) من قومنا (ندخل به الجنة) بإسقاط واو العطف الثابتة في رواية كتاب الإيمان مع الرفع على الحال المقدرة. أي: نخبر مقدرين دخول الجنة أو على الاستئناف أو البدلية أو الصفة بعد الصفة والجزم جوابًا للأمر جوابًا بعد جواب، وفي فرع اليونينية وندخل بإثبات العاطف كالأولى، وحينئذ فلا يتأتى الجزم في الثاني مع رفع الأوّل، (فأمرهم) عليه الصلاة والسلام (بأربع) وزاد خامسة وهي إعطاء الخمس، (ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله عز وجل وحده) زاد في رواية الكشميهني لفظة قال (قال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة) المفروضة (وإيتاء الزكاة) المعهودة (وصوم رمضان) وأن (تعطوا الخُمس من المغنم) صرّح بأن في وتعطوا في رواية أحمد عن غندر فقال: وأن تعطوا فكأن الحذف من شيخ البخاري. (ونهاهم عن الدباء) بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة والمدّ القرع (و) عن (الحنتم) بفتح المهملة وهو جرار خضر مطلية بما يسدّ الخرق (و) عن (المزفت) أي المطلي بالزفت.
(قال شعبة: ربما) وفي رواية أبي ذر وأبي الوقت وربما (قال) أبو جمرة عن (النقير) بالنون المفتوحة وكسر القاف أي الجذع المنقور، (وربما قال) عن (المقير) أي المطلي بالقار. قال في فتح الباري: وليس المراد أنه كان يتردد في هاتين اللفظتين ليثبت إحداهما دون الأخرى لئلا يلزم من ذكر المقير التكرار لسبق ذكر المزفت لأنه بمعناه، بل المراد أنه كان جازمًا بذكر الثلاث الأول شاكًا في الرابع وهو النقير، فكان تارة يذكره وتارة لا يذكره، وكان أيضًا شاكًّا في التلفظ بالثالث فكان تارة يقول المزفت وتارة يقول المقير هذا توجيهه فلا يلتفت إلى ما عداه، والدليل عليه أنه جزم بالنقير في الباب السابق يعني في كتاب الإيمان ولم يتردد إلا في المزفت والمقير (قال: احفظوه) أي المذكور (وأخبروه) بفتح الهمزة وكسر الموحدة، وللكشميهني وأخبروا بحذف الضمير، وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني وأخبروا به (من وراءكم) من قومكم.