الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسناده ذكر المؤلف معنا هذا بعد إسناده وسياق حديثه بنزول بالنسبة للإسناد السابق مع موافقته له في السياق.
237 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا: اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ» . [الحديث 237 - طرفاه في: 2803، 5533].
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن محمد) أي ابن موسى المروزي المعروف بمردويه بفتح الميم وسكون الراء وضم المهملة وسكون الواو وفتح المثناة التحتية (قال: أخبرنا) ولابن عساكر حدّثنا (عبد الله) بن المبارك (قال: أخبرنا معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين ساكنة ابن راشد (عن همام بن منبه) بكسر الموحدة المشددة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال):
(كل كلم) بفتح الكاف وسكون اللام (يكلمه المسلم) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول ويجوز بناؤه للفاعل أي كل جرح يجرحه وأصله يكلم به فحذف الجار وأضيف إلى الفعل
توسعًا، وابن عساكر في نسخة كل كلمة يكلمها أي كل جراحة يجرحها المسلم (في سببل الله) قيد يخرج به ما إذا وقع الكلم في غير سبيل الله، زاد المؤلف في الجهاد والله أعلم بمن يكلم في سبيله (يكون) أي الكلم (يوم القيامة) وفي رواية الأصيلي وأبي ذر تكون بالمثناة الفوقية (كهيئتها) قال الحافظ ابن حجر: أعاد الضمير مؤنثًا لإرادة الجراحة اهـ.
وتعقبه العيني فقال: ليس كذلك بل باعتبار الكلمة لأن الكلم والكلمة مصدران، والجراحة اسم لا يعبر به عن المصدر (إذ) بسكون الذال أي حين (طعنت) قال الكرماني: المطعون هو المسلم وهو مذكر لكن لما أريد طعن بها حذف الجار ثم أوصل الضمير المجرور بالفعل وصار المنفصل متصلاً، وتعقبه البرماوي بأن التاء علامة لا ضمير، فإن أراد الضمير المستتر فتسميته متصلاً طريقة، والأجود أن الاتصال والانفصال وصف للبارز، وفي بعض أصول البخاري كمسلم إذا طعنت بالألف بعد الذال وهي هاهنا لمجرد الظرفية أو هي بمعنى إذ وقد يتقارضان، أو لاستحضار صورة الطعن لأن الاستحضار كما يكون بصريح لفظ المضارع نحو:{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [فاطر: 9]. يكون بما في معنى المضارع كما فيما نحن فيه (تفجر دمًا) بفتح الجيم المشدّدة. وقال البرماوي كالكرماني هو بضم الجيم من الثلاثي وبفتحها مشددة من التفعل. قال العيني: أشار بهذا إلى جواز الوجهين لكنه مبني علي مجيء الرواية بهما وأصله تتفجر فحذف التاء الأولى تخفيفًا (اللون) ولأبي ذر واللون (لون الدم) يشهد لصاحبه بفضله على بذل نفسه وعلى ظالمه بفعله (والعرف عرف) بفتح العين وسكون الراء أي الريح ريح (المسك) لينتشر في أهل الموقف إظهارًا لفضله، ومن ثم لا يغسل دم الشهيد في المعركة ولا يغسل.
فإن قلت: ما وجه إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة؟ أجيب: بأن المسك طاهر وأصله نجس، فلما تغير خرج عن حكمه، وكذا الماء إذا تغير خرج عن حكمه أو أن دم الشهيد لما انتقل بطيب الرائحة من النجاسة حتى حكم له في الآخرة بحكم المسك الطاهر وجب أن ينتقل الماء الطاهر بخبث الرائحة إذا حلّت فيه نجاسة من حكم الطهارة إلى النجاسة، وتعقب بأن الحكم المذكور في دم الشهيد من أمور الآخرة والحكم في الماء بالطهارة والنجاسة من أمور الدنيا فكيف يقاس عليه اهـ.
أو أن مراد المؤلف تأكيد مذهبه أن الماء لا ينجس بمجرد الملاقاة ما لم يتغير، فاستدل بهذا الحديث على أن تبدل الصفة يؤثر في الموصوف، فكما أن تغير صفة الدم بالرائحة الطيبة أخرجه من الذم إلى المدح، فكذلك تغير صفة الماء إذا تغير بالنجاسة يخرجه عن صفة الطهارة إلى النجاسة، وتعقب بأن الغرض إثبات انحصار التنجس بالتغير، وما ذكر يدل على أن التنجس يحصل بالتغير وهو وفاق لا أنه لا يحصل إلا به وهو موضع النزاع، وبالجملة فقد وقع للناس أجوبة عن هذا الاستشكال وأكثرها بل كلها متعقب والله أعلم. وسيأتي مزيد البحث في هذا الحديث إن شاء الله تعالى في باب الجهاد.
ورواته الخمسة ما بين مروزي وبصري ويماني وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الجهاد وكذا مسلم.
68 - باب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ
(باب الماء الدائم) بالجر صفة للمضاف إليه أي الراكد ولفظ الباب ساقط عند
الأصيلي ولابن عساكر باب البول في الماء الدائم، وللأصيلي: لا تبولوا في الماء الدائم.
238 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ» . [الحديث 238 - أطرافه في: 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) بتخفيف الميم الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (قال: أخبرنا) ولابن عساكر حدّثنا (أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدّثه أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (أنه سمع) وللأصيلي قال: سمعت ولابن عساكر يقول: سمعت (رسول الله) ولابن عساكر النبي (صلى الله عليه وسلم يقول):
(نحن الآخرون) بكسر الخاء أي المتأخرون في الدنيا (السابقون) أي المتقدمون في الآخرة.
239 -
وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» .
(وبإسناده) أي إسناد هذا الحديث السابق (قال):
(لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) القليل الغير القلتين فإنه يتنجس وإن لم يتغير وهذا مذهب الشافعية. وقال المالكية: لا ينجس إلا بالتغير قليلاً كان أو كثيرًا جاريًا كان الماء أو راكدًا حديث: "خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه شيء" الحديث. وعند الحنفية: ينجس إذا بلغ الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد أطرافه بتحرك أحدها، وعن أحمد رواية صحّحوها في غير بول الآدمي وعذرته المائعة فأما هما فينجسان الماء وإن كان قلّتين فأكثر على المشهور ما لم يكثر أي بحيث لا يمكن نزحه، وقوله:(الذي لا يجري) قيل: هو تفسير للدائم وإيضاح لمعناه. وقيل: احترز به عن الماء الدائر لأنه جارٍ من حيث الصورة ساكن من حيث المعنى. وقال ابن الأنباري: الدائم من حروف الأضداد يقال
للساكن والدائر، ويطلق على البحار والأنهار الكبار التي لا ينقطع ماؤها أنها دائمة بمعنى أن ماءها غير منقطع، وقد اتفق على أنها غير مرادة هنا وعلى هذين القولين فقوله الذي لا يجري صفة مخصصة لأحد معنيي المشترك، وهذا أولى من حمله على التوكيد الذي الأصل عدمه، ولا يخفى أنه لو لم يقل
الذي لا يجري مجملاً بحكم الاشتراك الدائر بين الدائر والدائم، وحينئذ فلا يصح الحمل على التأكيد أو احترز به عن راكد يجري بعضه كالبرك.
(ثم) هو (يغتسل فيه) أو يتوضأ وهو بضم اللام على المشهور في الرواية، وجوز ابن مالك في توضيحه صحة الجزم عطفًا على يبولن المجزوم موضعًا بلا الناهية، ولكنه فتح بناء لتأكيده بالنون والنصب على إضمار أن إعطاء لثم حكم واو الجمع.
وتعقبه القرطبي في المفهم والنووي في شرح مسلم بأنه يقتضي أن النهي للجمع بينهما، ولم يقله أحد بل البول منهي عنه أراد الغسل منه أو لا. وأجاب ابن دقيق العيد بأنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد، فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر انتهى. يعني كحديث مسلم عن جابر مرفوعًا: نهى عن البول في الماء الراكد. وقال القرطبي أبو العباس: لا يحسن النصب لأنه لا ينصب بإضمار أن بعد ثم، وقال أيضًا: إن الجزم ليس بشيء إذ لو أراد ذلك لقال ثم لا يغتسلن لأنه إذ ذاك يكون عطف فعل على فعل لا عطف جملة على جملة، وحينئذ يكون الأصل مشاركة الفعلين في المنهي عنه وتأكيدهما بالنون المشددة، فإن المحل الذي توارد عليه شيء واحد وهو الماء، فعدوله عن ثم لا يغتسلن إلى ثم يغتسل دليل على أنه لم يرد العطف، وإنما جاء يغتسل على التنبيه على مآل الحال، ومعناه: أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه فيمتنع عليه استعماله لما وقع فيه من البول.
وتعقبه الزين العراقي بأنه لا يلزم من عطف النهي على النهي ورود التأكيد فيهما معًا كما هو معروف في العربية، قال: وفي رواية أبي داود لا يغتسل فيه من الجنابة فأتى بأداة النهي ولم يؤكده، وهذا كله محمول على القليل عند أهل العلم على اختلافهم في حدّ القليل، وقد تقدم قول من لا يعتبر إلا التغير وعدمه وهو قوي، لكن التفصيل بالقلتين أقوى لصحة الحديث فيه، وقد نقل عن مالك أنه حمل النهي على التنزيه فيما لا يتغير وهو قول الباقين في الكثير، وقد وقع في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد: ثم يغتسل منه بالميم بدل فيه وكلٌّ منهما يفيد حكمًا بالنص وحكمًا بالاستنباط، فلفظة فيه بالفاء تدل على منع الانغماس بالنص وعلى منع التناول بالاستنباط ولفظه منه بالميم