الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صالح موصول عند المؤلف في الزكاة. وحديث معمر عند أحمد بن حنبل والحميدي وغيرهما عن عبد الرزاق عنه وقال فيه: أنه أعاد السؤال ثالثًا وحديث ابن أخي الزهري عند مسلم وساق فيه السؤال والجواب ثلاث مرات، والله تعالى أعلم.
20 - باب إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ. وَقَالَ عَمَّارٌ: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَار
هذا (باب) بالتنوين (السلام من الإسلام) أي هذا باب بيان أن السلام من شعب الإسلام، وفي رواية غير الأصيلي وأبي ذر وابن عساكر إفشاء السلام من الإسلام وهو بكسر الهمزة أي إذاعة السلام ونشره (وقال عمار) أبو اليقظان بالمعجمة ابن ياسر بن عامر أحد السابقين الأوّلين المقتول بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين مع علي ومقول قوله (ثلاث) أي ثلاث خصال (من جمعهن فقد جمع الإيمان) أي حاز كماله أحدهما:(الإنصاف) وهو العدل (من نفسك) بأن لم تترك لمولاك حقًا واجبًا عليك إلا أذيته ولا شيئًا مما نهيت عنه إلا اجتنبته وسقط لفظ فقد عند الأربعة، (و) الثاني:(بذل السلام) بالمعجمة (للعالم) بفتح اللام أي لك مؤمن عرفته أو لم تعرفه وخرج الكافر بدليل آخر. وفيه حضّ على مكارم الأخلاق والتواضع واستئلاف النفوس، (و) الثالث:(الإنفاق من الإقتار) بكسر الهمزة أي في حالة الفقر وفيه غاية الكرم لأنه إذا أنفق وهو محتاج كان مع التوسع أكثر إنفاقًا، والإنفاق شامل للنفقة على العيال وعلى الضيف والزائر، وهذا الأثر أخرجه أحمد في كتاب الإيمان، والبزار في مسنده، وعبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في معجمه الكبير.
28 -
حدّثنا قُتَيْبَةُ قال: حدّثنا اللَّيْثُ عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبِ عنْ أبي الخَيرِ عن عبد اللهِ بنِ عَمْرِو "أنَّ رَجُلاً سَأل رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الإسُلامِ خَيرٌ؟ قال: تُطْعِمُ الطعامَ وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لم تَعْرِفْ".
وبالسند إلى المؤلف قال رحمه الله تعالى: (حدّثنا قتيبة) تصغير قتبة بكسر القاف واحدة الأقتاب وهي الأمعاء. قال الصغاني: وبها سمي الرجل قتيبة، وكنيته أبو رجاء واسمه فيما قاله ابن منده علي بن سعيد بن جميل البغلاني نسبة إلى بغلان بفتح الموحدة وسكون المعجمة قرية من قرى بلخ المتوفى سنة أربعين ومائتين (قال: حدّثنا الليث) بن سعد (عن يزيد بن أبي حبيب) المصري (عن أبي الخير) مرثد بفتح الميم والمثلثة (عن عبد الله بن عمرو) يعني ابن العاص رضي الله عنهما.
(أن رجلاً) هو أبو ذر فيما قيل (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي) خصال (الإسلام خير. قال) عليه الصلاة والسلام: (تطعم) الخلق (الطعام وتقرأ) بفتح التاء (السلام على من عرفت ومن لم تعرف) من المسلمين. وهذا الحديث تقدم في باب إطعام الطعام، وأعاده المؤلف هنا كعادته في غيره لما اشتمل عليه وغاير بين شيخيه اللذين حدّثاه عن الليث مراعاة للفائدة الإسنادية وهي تكثير الطرق حيث يحتاج إلى إعادة المتن، فإن عادته أن لا يعيد الحديث في موضعين على صورة واحدة، وقد مرّ أن المؤلف أخرج هذا الحديث في ثلاثة مواضع، وأخرجه مسلم والنسائي.
21 - باب كُفْرَانِ الْعَشِيرِ، وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ. فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-.
هذا (باب) بغير تنوين لإضافته لقوله: (كفران العشير) وهو الزوج كما يدل عليه السياق. قيل له عشير بمعنى معاشر والمعاشرة المخالطة أو الألف واللام للجنس، والكفران من الكفر بالفتح وهو الستر، ومن ثم سمي ضد الإيمان كفرًا لأنه ستر على الحق وهو التوحيد، وأطلق أيضًا على جحد النعم، لكن الأكثرون على تسمية ما يقابل الإيمان كفرًا وعلى جحد النعم كفرانًا، وكما أن الطاعات تسمى إيمانًا كذلك المعاصي تسمى كفرًا، لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد به المخرج عن الملة، ثم إن هذا الكفر يتفاوت في معناه كما أشار إليه المؤلف بقوله:(وكفر دون كفر) كذا للأربعة أي أقرب من كفر، فأخذ أموال الناس بالباطل دون قتل النفس بغير حق، وفي بعض الأصول: وكفر بعد كفر ومعناه كالأول وهو الذي في فرع اليونينية كهي لكنه ضبب عليه، وأثبت على الهامش الأوّل راقمًا عليه علامة أبي ذر والأصيلي وابن عساكر وأصل السميساطي والجمهور على جر وكفر عطفًا على كفران المجرور، ولأبوي ذر والوقت وكفر بالرفع على القطع وخصّ المؤلف كفران العشير من بين أنواع الذنوب، كما قال ابن العربي لدقيقة بديعة وهي قوله عليه الصلاة والسلام:"لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" فقرن حق الزوج على الزوجة بحق الله تعالى، فإذا كفرت المرأة
حق زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلاً على تهاونها بحق الله تعالى. وقال ابن بطال: كفر نعمة الزوج هو كفر نعمة الله لأنها من الله أجراها على يده.
وقال المؤلف رحمه الله (فيه) أي يدخل في الباب حديث رواه (أبو سعيد) سعد بن مالك رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) كما أخرجه المؤلف في الحيض وغيره من طريق عياض بن عبد الله
عنه، ولكريمة وغير الأصيلي وأبي ذر فيه عن أبي سعيد ولأبي الوقت زيادة الخدري، أي مروي عن أبي سعيد، ونبّه بذلك على أن للحديث طريقًا غير هذه الطريق التي ساقها هنا، وزاد الأصيلي بعد قوله وسلم كثيرًا.
29 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ النَّارَ، فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ. قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ. لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» . [الحديث 29 - أطرافه في: 431، 748، 1052، 3202، 5197].
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي المدني (عن مالك) يعني ابن أنس إمام الأئمة (عن زيد بن أسلم) مولى عمر رضي الله عنه المكنى بأبي أسامة المتوفى سنة ثلاث وثلاثين ومائة (عن عطاء بن يسار) بمثناة تحتية ومهملة مخففة القاص المدني الهلالي مولى أُم المؤمنين ميمونة المتوفى سنة ثلاث أو أربع ومائة، وقيل: أربع وتسعين (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال):
(قال النبي) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر في نسخة وأبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وسلم: أريت النار) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول من الرؤية بمعنى أبصرت، وتاء المتكلم هو المفعول الأوّل أقيم مقام الفاعل، والنار هو المفعول الثاني أي أراني الله النار، ولأبي ذر: ورأيت بالواو ثم راء وهمزة مفتوحتين، وللأصيلي فرأيت بالفاء (فإذا أكثر أهلها النساء) برفع أكثر والنساء مبتدأ وخبر، وفي رواية: رأيت النار فرأيت أكثر أهلها النساء بنصب أكثر والنساء مفعولي رأيت، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر: رأيت النار بالنصب أكثر بالرفع، وفي رواية أخرى: أريت النار أكثر أهلها النساء بحذف فرأيت، وحينئذ فقوله: أريت بمعنى أعلمت والتاء والنار والنساء مفاعيله الثلاثة وأكثر بدل من النار (يكفرن) بمثناة تحتية مفتوحة أْوّله وهي جملة مستأنفة تدل على السؤال والجواب كأنه جواب سؤال سائل سأل يا رسول الله؟ ولأربعة بكفرهن أي بسبب كفرهن (قيل) يا رسول الله: (أيكفرن بالله؟ قال) صلى الله عليه وسلم: (يكفرن العشير) أي الزوج قال للعهد كما سبق أو المعاشر مطلقًا فتكون للجنس (ويكفرن الإحسان) ليس كفران العشير لذاته بل كفران إحسانه، فهذه الجملة كالبيان للسابقة وتوعده على كفران العشير وكفران الإحسان بالنار. قال النووي: يدل على أنهما من الكبائر (لو) وفي رواية الحموي والكشميهني إن (أحسنت إلى إحداهن الدهر) أي مدة عمرك أو الدهر مطلقًا على سبيل الفرض مبالغة في كفرهن وهو نصب على الظرفية، والخطاب في أحسنت غير خاص بل هو عامّ لكل من يتأتى منه أن يكون مخاطبًا فهو على سبيل المجاز، لأن الحقيقة أن يكون المخاطب خاصًّا لكنه جاء على نحو:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِم} [السجدة: 12].
فإن قلت: لولا امتناع الشيء لامتناع غيره فكيف صح جعل إن في الرواية الثانية موضعها، أجيب بأن لو هنا بمعنى إن في مجرد الشرطية فقط لا بمعناها الأصلي ومثله كثير أو هو من قبيل:
نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه، فالحكم ثابت على النقيضين، والطرف المسكوت عنه أولى من المذكور، ويسميه البيانيون ترك المعين إلى غير المعين ليعم كل مخاطب.
(ثم رأت منك شيئًا) قليلاً لا يوافق مزاجها أو شيئًا حقيرًا لا يعجبها (قالت ما رأيت منك خيرًا قط) بفتح القاف وتشديد الطاء مضمومة على الأشهر ظرف زمان لاستغراق ما مضى.
وفي هذا الحديث وعظ الرئيس الرؤوس وتحريضه على الطاعة ومراجعة المتعلم العالم والتابع المتبوع فيما قاله إذا لم يظهر له معناه، وجواز إطلاق الكفر على كفر النعمة وجحد الحق وأن المعاصي تنقص الإيمان لأنه جعله كفرًا ولا يخرج إلى الكفر الوجب للخلود في النار، وأن إيمانهنّ يزيد بشكر نعمة العشير، فثبت أن الأعمال من الإيمان. ورواة هذا