الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيده الأرض) ولأبي ذر وابن عساكر على الأرض أي ضربها بيده (فمسحها بالتراب ثم غسلها) بالماء وأجرى القول مجرى الفعل مجازًا كما مرَّ (ثم تمضمض) بمثناة قبل الميم، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر مضمض (واستنشق) طلبًا للكمال المستلزم للثواب، وقد قال الحنفية بفرضيتهما في الغسل دون الوضوء لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. قالوا: وهو أمر بتطهير جميع البدن إلا أن ما يتعذر إيصال الماء إليه خارج عن النص بخلاف الوضوء لأن الواجب غسل الوجه والمواجهة فيهما منعدمة، وأيضًا مواظبته عليه الصلاة والسلام عليهما بحيث لم ينقل عنه تركهما يدل على الوجوب لنا قوله عليه الصلاة والسلام عشر من الفطرة أي من السُّنّة وذكرهما منها، (ثم غسل) عليه الصلاة والسلام (وجهه وأفاض) أي صب الماء (على رأسه ثم تنحى) أي تحول إلى ناحية (فغسل قدميه ثم أُتي) بضم الهمزة (بمنديل) بكسر الميم (فلم ينفض بها) بضم الفاء وفي نسخه فلم ينتفض بمثناة فوقية بعد النون، وأنّث الضمير على معنى الخرقة لأن المنديل خرقة مخصوصة. زاد هنا في رواية كريمة قال أبو عبد الله: أي المؤلف يعني لم يتمسح به أي بالمنديل من بلل الماء لأنه أثر عبادة فكان تركه أولى. قال ابن التين: ما أُتي بالمنديل إلا أنه كان يتنشف به ورده لنحو وسخ كان فيه اهـ.
وفي التنشف في الوضوء والغسل أوجه فقيل: يندب تركه لا ذكر، وقيل: يندب فعله ليسلم من غبار نجس ونحوه، وقيل: يكره فعله فيهما وإليه ذهب ابن عمرو. قال ابن عباس: يكره في الوضوء دون الغسل وقبل تركه وفعله سواء. قال النووي في شرح مسلم: وهذا هو الذي نختاره ونعمل به لاحتياج المنع والاستحباب إلى دليل، وقيل: يكره في الصيف دون الشتاء. قال في المجموع: وهذا كله إذا لم يكن حاجة كبرد أو التصاق نجاسة فإن كان فلا كراهة قطعًا اهـ.
قال في الذخائر: وإذا تنشف فالأولى أن لا يكون بذيله وطرف ثوبه ونحوهما.
ورواة هذا الحديث السبعة ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي.
8 - باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى
(باب مسح اليد) أي مسح المغتسل يده (بالتراب لتكون) بالفوقية لابن عساكر والأصيلي ولغيرهما بالتحتية (أنقى) بالنون والقاف أي أطهر من غير الممسوحة فحذف من الملازمة لأفعل التفضيل المنكر، وحينئذ فلا مطابقة بينهما لأن أفعل التفضيل إذا كان بمن فهو مفرد مذكر قاله العيني كالكرماني، وتعقبه البرماوي بأنه إن عنى أن اسمها ضمير اليد صح ما قاله قال: والظاهر أن اسمها يعود على المسح أو نحوه فالمطابقة حاصلة.
260 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ثُمَّ غَسَلَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) بضم الحاء وفتح الميم ولأبي ذر عبد الله بن الزبير الحميدي (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس عن ميمونة) رضي الله عنها:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة) هذا مجمل فصله بقوله (فغسل فرجه بيده ثم دلك بها الحائط) وفي الرواية السابقة دلك يده على التراب (ثم غسلها) بالماء (ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه) لأن المفصل يعقب المجمل فهو تفسير لاغتسل وإلا فغسل الفرج والدلك ليسا بعد الفراغ من الاغتسال. وقال العيني: الفاء عاطفة ولكنها للترتيب أي المستفاد من ثم الدالة عليه.
قال: والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام اغتسل فرتب غسله فغسل فرجه ثم يده ثم توضأ، وكون الفاء للتعقيب لا يخرجها عن كونها عاطفة.
فإن قلت: سياق المؤلف لهذا الحديث تكرار لأن حكمه علم من السابق. أجيب بأن غرض المؤلف بمثله استخراج روايات الشيوخ مثلاً عمر بن حفص روى الحديث في معرض المضمضة والاستنشاق في الجنابة، والحميدي في معرض مسح اليد بالتراب هذا مع إفادة التقوية والتأكيد، وحينئذ فلا تكرار في سياقه له.
وهذا الحديث من السباعيات وفيه التحديث والعنعنة.
9 - باب هَلْ يُدْخِلُ الْجُنُبُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ قَذَرٌ غَيْرُ الْجَنَابَةِ
وَأَدْخَلَ ابْنُ عُمَرَ وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ يَدَهُ فِي الطَّهُورِ وَلَمْ يَغْسِلْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ. وَلَمْ يَرَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بَأْسًا بِمَا يَنْتَضِحُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ.
هذا (باب) بالتنوين (هل يدخل الجنب يده في الإناء) الذي فيه ماء الغسل (قبل أن يغسلها) خارج الإناء (إذا لم يكن على يده قذر) بالذال المعجمة أي شيء مستكره من نجاسة أو غيرها
(غير الجنابة وأدخل ابن عمر) بن الخطاب (والبراء بن عازب) رضي الله عنهم (يده) بالإفراد أي أدخل كل واحد منهما يده (في الطهور) بفتح الطاء وهو الماء الذي يتطهر به (ولم يغسلها) قبل (ثم توضأ) كل منهما، ولأبي الوقت توضآ بالتثنية على الأصل. قال البرماوي كالكرماني وفي بعض النسخ يديهما ولم يغسلاهما ثم توضآ بالتثنية في الكل، وأثر ابن عمر وصله سعيد بن منصور بمعناه، وأثر البراء وصله ابن أبي شيبة بلفظ: أنه أدخل يده في المطهرة قبل أن يغسلها. واستنبط منه جواز إدخال الجنب يده في إناء الماء الذي يتطهر به قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده نجاسة.
(ولم ير ابن عمر) بن الخطاب (وابن عباس) رضي الله عنهم (بأسًا بما ينتضح) أي يترشرش (من) ماء (غسل الجنابة) في الإناء الذي يغتسل منه لأنه يشق الاحتراز عنه. قال أحسن البصري فيما رواه ابن أبي شيبة: ومن يملك انتشار الماء إنّا لنرجو من رحمة الله ما هو أوسع من هذا. وأثر ابن عمر وصله عبد الرزاق هنا، وأثر ابن عباس وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق.
261 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قال: أَخْبَرَنَا أَفْلَحُ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتى الميم واللام القعنبي (قال: أخبرنا) ولكريمة وعزاه في الفرع للأصيلى وابن عساكر حدّثنا (أفلح) غير منسوب، وللأصيلي وأبي الوقت ابن حميد بضم الحاء وفتح الميم الأنصاري المدني وليس هو أفلح بن سعيد لأن المؤلف لم يخرج له شيئًا (عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم (عن عائشة) رضي الله عنها أنها (قالت):
(كنت أغتسل أنا والنبي) بالرفع عطفًا على المرفوع في كنت وأبرز الضمير المنفصل ليصح العطف عليه وبالنصب مفعول معه فتكون الواو للمصاحبة أي اغتسل مصاحبة له (صلى الله عليه وسلم من إناء واحد) نغترف منه جميعًا (تختلف أيدينا فيه) من الإدخال فيه والإخراج منه. زاد مسلم في آخره من الجنابة أي لأجلها، ولمسلم أيضًا من طريق معاذ عن عائشة فيبادرني حتى أقول دع لي، وللنسائي وأبادره حتى يقول دعي لي، وجملة تختلف الخ حالية من قوله من إناء واحد، والجملة بعد المعرفة حال وبعد النكرة صفة والإناء هنا موصوف.
ومطابقة هذا الحديث للترجمة من حيث جواز إدخال الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن عليها قدّر لقولها تختلف أيدينا فيه واختلافها فيه لا يكون إلا بعد الإدخال، فدل ذلك على أنه غير مفسد للماء إذا لم يكن عليها ما ينجس يقينًا. ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة وأخرجه مسلم.
262 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَهُ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا حماد) هو ابن زيد لا حماد بن سلمة لأن المؤلف لم يرو عنه (عن هشام) هو ابن عروة (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت):
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يده) قبل أن يدخلها الإناء، وهو محمول على ما إذا خشي أن يكون علق بها شيء والسابق كاللاحق في حال تيقن نظافتها، فاستعمل في اختلاف الحديثين ما جمع بينهما، ونفي التعارض عنهما، أو يحمل الفعل على الندب والترك على الجواز أو أن الترك مطلق والفعل مقيد فيحمل المطلق على المقيد.
وهذا الحديث من الخماسيات، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف مختصرًا وأبو داود مطولاً لكنه قال: غسل يديه بالتثنية وهي نسخة في اليونينية.
263 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ جَنَابَةٍ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ.
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بكر بن حفص) السابق في باب الغسل بالصاع (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها:
(كنت) ولابن عساكر قالت: كنت (أغتسل أنا والنبي) بالرفع والنصب كما مر (صلى الله عليه وسلم) آخذين الماء (من إناء واحد من جنابة) وللكشميهني من الجنابة ثم عطف المؤلف على قوله عن أبي بكر بن حفص قوله: (وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة) رضي الله عنها لينبه على أن لشعبة فيه إسنادين إلى عائشة أحدهما عن عروة والآخر عن القاسم كلاهما عن عائشة (مثله) بالنصب والرفع أي مثل