الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكذا بدل أنا رسمت (اللهمّ أيّده) أي قوّه (بروح القدس) جبريل صلوات الله وسلامه عليه. (قال أبو هريرة) رضي الله عنه: (نعم) سمعته يقول ذلك:
فإن قلت: ليس في حديث الباب أن حسانًا أنشد شعرًا في المسجد بحضرته عليه الصلاة والسلام، وحينئذٍ فلا تطابق بينه وبين الترجمة. أجيب: بأن غرض المؤلّف تشحيذ الأذهان بالإشارات، ووجه ذلك هنا أن هذه المقالة منه صلى الله عليه وسلم دالّة على أن للشعر حقًّا يتأهل صاحبه لأن يؤيد في النطق به بجبريل صلوات الله عليه وسلامه، وما هذا شأنه يجوز قوله في المسجد قطعًا، والذي يحرم إنشاده فيه ما كان من الباطل المنافي لما اتخذت له المساجد من الحق أو أن روايته في بدء الخلق تدلّ على أن قوله عليه الصلاة والسلام لحسان أجب عني كان في المسجد، وأنه أنشد فيه ما أجاب به المشركين، ولفظة: مرّ عمر رضي الله عنه في المسجد وحسان ينشد فزجره فقال: كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك الله الحديث.
ورواة حديث الباب الستة ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث بالجمع والإخبار به والإفراد والعنعنة والسماع، وأخرجه المؤلّف أيضًا في بدء الخلق، وأبو داود في الأدب، والنسائي في الصلاة وفى اليوم والليلة.
69 - باب أَصْحَابِ الْحِرَابِ فِي الْمَسْجِدِ
(باب) جواز دخول (أصحاب الحراب في المسجد) ونصال حرابهم مشهورة والحراب بالكسر جمع حربة بفتحها.
454 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: "لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ. [الحديث 454 - أطرافه في: 455، 950، 988، 2906، 3529، 5190، 5236].
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى القرشي العامري المدني (قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) وللأصيلي زيادة ابن كيسان (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام بن خويلد الأسدي المدني:
(أن) أُم المؤمنين (عائشة رضي الله عنها قالت: لقد رأيت) أي والله لقد أبصرت (رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد) للتدريب على مواقع الحروب والاستعداد للعدو ومن ثم جاز فعله في المسجد لأنه من منافع الدين، (ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم) وآلاتهم لا إلى ذواتهم، إذ نظر الأجنبية إلى الأجنبي غير جائز، وهذا يدلّ على أنه كان بعد نزول الحجاب، ولعله عليه الصلاة والسلام تركها تنظر إلى لعبهم لتضبطه وتنقله لتعلمه بعد واللعب بفتح اللام وكسر العين أو بالكسر ثم السكون والجمل كلها أحوال.
455 -
زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ".
(زاد) ولأبي الوقت وزاد (إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله الأسدي الحازمي. فقال: (حدّثنا) ولابن عساكر وأبي الوقت حدّثني بالإفراد وفي رواية حدّثه (ابن وهب) عبد الله بن مسلم القرشي مولاهم المصري قال: (أخبرني) بالإفراد (يونس) هو ابن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت)(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحبشة يلعبون بحرابهم) هذه اللفظة الأخيرة هي التي زادها ابن المنذر في رواية يونس، وبها تحصل المطابقة بين الترجمة والحديث،
ورواته التسعة ما بين مدني ومصري بالميم وأيلي، وفيه التحديث والإخبار بصيغة الإفراد والعنعنة وثلاثة من التابعين، وأخرجه المؤلّف في العيدين ومناقب قريش ومسلم في العيدين.
70 - باب ذِكْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْمَسْجِدِ
(باب ذكر البيع والشراء) أي في الأخبار عن وقوعهما (على المنبر في المسجد) لا عن وقوعهما
على المنبر، ولأبي ذر على المنبر والمسجد أي وعلى المسجد فضمن على معنى في عكس {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71].
456 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِي. وَقَالَ أَهْلُهَا: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِي"َ. وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: "إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَنَا. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ فَقَالَ: ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ" وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً "فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ". قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ
…
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ
…
رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَمْرَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ
…
وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ الْمِنْبَرَ. [الحديث 456 - أطرافه في: 1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) بن جعفر السعدي مولاهم المدني البصري (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن يحيى) بن سعيد الأنصاري، وفي مسند الحميدي عن سفيان: حدّثنا يحيى (عن عمرة) بفتح العين وسكون الميم بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت) أي عائشة: (أتتها بريرة) بعدم الصرف لأنه منقول من بريرة واحدة البرير وهو ثمر الأراك وهي بنت صفوان فيما نقل عن النووي في التهذيب. قال الجلال البلقيني: لم يقله غيره وفيه نظر وفيه التفات إذ الأصل أن تقول: أتتني أو القائلة ذلك عمرة وحينئذٍ فلا التفات (تسألها) أي
حال كونها تستعين بها (في كتابتها) عبر بفي دون عن لأن السؤال للاستعطاء لا للاستخبار (فقالت) عائشة لها: (إن شئت أعطيت أهلك) أي مواليك بقية ما عليك فحذف مفعول أعطيت الثاني لدلالة الكلام عليه، (ويكون الولاء) بفتح الواو عليك (لي) دونهم (وقال أهلها) مواليها لعائشة رضي الله عنها: (إن شئت
أعطيتها) أي بريرة (ما بقي) عليها من النجوم وموضع هذه الجملة النصب مفعول ثان لأعطيتها ومفعوله الأوّل الضمير المنصوب في أعطيتها. (وقال سفيان) بن عيينة (مرة) ومفهومه تحديثه به على وجهين وهو موصول بالسند السابق (إن شئت أعتقتها) هي بدل أعطيتها (ويكون الولاء) عليها (لنا) وكان المتأخر على بريرة من الكتابة خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الكتابة (فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرته ذلك) بتشديد كاف ذكرته وسكون تائها. بلفظ المتكلم كما في الفرع وأصله، أو بضمها مع سكون الراء فعلى الأوّل يكون من كلام الراوي بمعنى ما وقع منها، وعلى الثاني يكون من كلام عائشة رضي الله عنها.
وقال الزركشي: صوابه ذكرت ذلك له انتهى. وهو الذي وقع في رواية مالك وغيره، وعلّل بأن التذكير يستدعي سبق علم بذلك. قال الحافظ ابن حجر: ولا يتجه تخطئة الرواية لاحتمال السبق أوّلاً على وجه الإجمال انتهى.
وتعقّبه العيني بأنه لم يبيّن أحد هاهنا راوي التشديد ولا راوي التخفيف، واللفظ يحتمل أربعة أوجه ذكرته بالتشديد والضمير المنصوب، وذكرت بالتشديد من غير ضمير، وذكرت على صيغة المؤنثة الواحدة بالتخفيف بدون الضمير، وذكرته بالتخفيف والضمير لأن ذكرت بالتخفيف يتعدى.
يقال: ذكرت الشيء بعد النسيان، وذكرته بلساني وبقلبي، وتذكرته وأذكرته غيري، وذكرته بمعنى انتهى.
وقال الدماميني متعقبًا لكلام الزركشي وكأنه فهم أن الضمير المنصوب عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مفعول فاحتاج إلى تقدير الحرف ضرورة أن ذكر إنما يتعدى بنفسه، وليس الأمر كما ظنه بل الضمير المنصوب عائد إلى الأمر المتقدم، وذلك بدل منه، والمفعول الذي يتعدى إليه هذا الفعل بحرف الجر حذف مع الحرف الجار له لدلالة ما تقدم عليه، فآل الأمر إلى أنها قالت: فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك الأمر له وليت شعري ما المانع من حمل هذه الرواية الصحيحة على الوجه السائغ ولا غبار عليه.
(فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (ابتاعيها) ولغير أبي ذر فقال ابتاعيها (فأعتقيها) بهمزة القطع في الثاني والوصل في الأوّل (فإن الولاء) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر فإنما الولاء (لمن أعتق ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر) النبوي.
(وقال سفيان مرة)(فصعد) بدل ثم قال (رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال ما بال) أي ما شأن (أقوام) كنى به عن الفاعل إذ من خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم أن لا يواجه أحدًا بما يكرهه (يشترطون شروطًا ليس) أي الاشتراط أو التذكير باعتبار جنس الشرط وللأصيلي ليست أي الشروط (في كتاب الله) عز وجل أي في حكمه سواء ذكر في القرآن أم في السنة، أو المراد بالكتاب المكتوب وهو اللوح المحفوظ (من اشترط شرطًا ليس فى كتاب الله فليس) ذلك الشرط (له) أي لا يستحقه، (وإن اشترط
مائة مرة) للمبالغة لا لقصد التعيين، ولا يستدلّ به على أن ما ليس في القرآن باطل لأن قوله: إنما الولاء لمن أعتق ليس في كتاب الله، بل من لفظ الرسول إلا أن يقال لا قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] كان ما قاله عليه الصلاة والسلام كالمذكور في كتاب الله.
وبقية مباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى، ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين مدني وكوفي ومديني وفيه تابعي عن تابعي عن صحابي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الزكاة والعتق والبيوع والهبة والفرائض والطلاق والشروط والأطعمة وكفّارة الإيمان، ومسلم مختصرًا ومطوّلاً، وأبو داود في العتق، والترمذي في الوصايا، والنسائي في البيوع والعتق والفرائض والشروط، وابن