الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكيّون وخلاد سكنها وفيه التحديث والعنعنة ورواية صحابية عن صحابية، وأخرجه أبو داود. (بسم الله الرحمن الرحيم) هكذا لأبي ذر وسقطت لغيره كما في الفرع.
20 - باب مَنِ اغْتَسَلَ عُرْيَانًا وَحْدَهُ فِي الْخَلْوَةِ، وَمَنْ تَسَتَّرَ فَالتَّسَتُّرُ أَفْضَلُ
وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» .
(باب من اغتسل عريانًا) حال كونه (وحده في الخلوة) وللكشميهني في خلوة أي من الناس وهي تأكيد لقوله وحده واللفظان متلازمان بحسب المعنى، (ومن تستر) عطف على من اغتسل السابق وللحموي والمستملي ومن يستتر (فالتستر) ولأبوي الوقت وذر والأصيلي وابن عساكر والتستر (أفضل) بلا خلاف، ويفهم منه جواز الكشف للحاجة كالاغتسال كما هو مذهب الجمهور خلافًا لابن أبي ليلى لحديث أبي داود مرفوعًا "إذا اغتسل أحدكم فليستتر" قاله لرجل رآه يغتسل عريانًا وحده. وفي مراسيله حديث: لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن تجدوا متوارى فإن لم تجدوا متوارى فليخط أحدكم كالدائرة فليسمّ الله تعالى وليغتسل فيه. وهذا حكاه الماوردي وجهًا لأصحابنا فيما إذا
نزل عريانًا في الماء بغير مئزر لحديث "لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرًا" وضعف فإن لم تكن حاجة للكشف فالأصح عند الشافعية التحريم.
(وقال بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء وبالزاي المعجمة زاد الأصيلي ابن حكيم (عن أبيه) حكيم بفتح الحاء المهملة وكسر الكاف التابعي الثقة (عن جده) معاوية الصحابي فيما قاله في الكمال وأشعر به كلام المؤلف ابن حيدة بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية ابن معاوية القشيري. قال البغوي: نزل البصرة، وقال ابن الكلبي: أخبرني أبي أنه أدركه بخراسان ومات بها. وقال ابن سعد: له وفادة وصحبة علق له البخاري في الطهارة وفي الغسل رضي الله عنه.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم: الله أحق أن يستحيى منه من الناس) يتعلق بأحق، وللسرخسي: الله أحق أن
يستتر منه بدل أن يستحيى منه، وهذا التعليق قطعة من حديث وصله أحمد والأربعة، من طرق عن بهز وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، ولفظ رواية ابن أبي شيبة قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟. قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك". قلت: يا رسول الله أحدنا إذا كان خاليًا؟ قال: "الله أحق أن يستحيى منه من الناس" وفهم من قوله: إلا من زوجتك جواز نظرها ذلك منه، وقياسه جواز نظره لذلك منها إلا حلقة الدير كما قاله الدارمي من أصحابنا. وبهز وأبوه ليسا من شرط المؤلف. قال الحاكم: بهز كان من الثقات ممن يحتج بحديثه، وإنما لم تعدّ من الصحيح روايته عن أبيه عن جدّه لأنها شاذة لا متابع له فيها، نعم الإسناد إلى بهز صحيح، ومن ثم عرف أن مجرد جزمه بالتعليق لا يدل على صحة الإسناد إلا إلى من علق عنه بخلاف ما فوقه.
278 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَاّ أَنَّهُ آدَرُ، فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، فَخَرَجَ مُوسَى فِي إِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي يَا حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى مُوسَى فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. وَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا» . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبًا بِالْحَجَرِ. [الحديث 278 - طرفاه في: 3404، 4799].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) نسبه هنا إلى جده وفي غيره إلى أبيه إبراهيم وقد مرّ ذكره في باب فضل من تعلم وعلم (قال: حدّثنا عبد الرزق) بن همام الصنعاني (عن معمر) أي ابن راشد (عن همام بن منبه) بكسر الموحدة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال):
(كانت بنو إسرائيل) وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام وأنّث كانت على رأي من يؤنث الجموع مطلقًا، ولو كان الجمع سالمًا لمذكر كما هنا فإن بني جمع سلامة
أصله بنون لكنه على خلاف القياس لتغير مفرده، وأما على قول من يقول كل جمع مؤنث إلا جمع السلامة المذكر فإما لتأويله بالقبيلة وإما لأنه جاء على خلاف القياس (يغتسلون) حال كونهم (عراة) حال كونهم (ينظر بعضهم إلى بعض) لكونه كان جائزًا في شرعهم وإلا لما أقرّهم موسى على ذلك أو كان حرامًا عندهم، لكنهم كانوا يتساهلون في ذلك وهذا الثاني هو الظاهر لأن الأوّل لا ينهض أن يكون دليلاً لجواز مخالفتهم له في ذلك، ويؤيده قول القرطبي: كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندة للشرع ومخالفة لموسى عليه الصلاة والسلام، وهذا من جملة عتوّهم وقلة مبالاتهم باتباع شرعه.
(وكان موسى) زاد الأصيلي صلى الله عليه وسلم (يغتسل وحده) يختار الخلوة تنزهًا واستحبابًا وحياء ومروءة أو لحرمة التعري (فقالوا) أي بنو إسرائيل
(والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) بالمد وتخفيف الراء كآدم أو على وزن فعل أي عظيم الخصيتين أي منتفخهما، (فذهب مرة) حال كونه (يغتسل فوضع ثوبه على حجر) قال سعيد بن جبير: هو الحجر الذي كان يحمله معه في الأسفار فيتفجر منه الماء، (ففرّ الحجر بثوبه فخرج) وللكشميهني والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر فجمع (موسى) أي ذهب يجري جريًا عاليًا (في أثره) بكسر الهمزة وسكون المثلثة، وفي بعد الأصول بفتحهما. قال في القاموس: خرج في أثره وإثره بعده حال كونه (يقول) ردّ أو أعطني (ثوبي يا حجر ثوبي يا حجر) مرتين ونصب ثوب بفعل محذوف كما قررناه. ويحتمل أن يكون مرفوعًا بمبتدأ محذوف تقديره هذا ثوبي، وعلى هذا الثاني المعنى استعظام كونه يأخذ ثوبه فعامله معاملة من لا يعلم كونه ثوبه كي يرجع عن فعله ويرد، وقوله ثوبي يا حجر الثانية ثابتة للأربعة، وإنما خاطبه لأنه أجراه مجرى من يعقل
لفعله فعله إذ المتحرك يمكن أن يسمع ويجيب ولغير الأربعة ثوبي حجر، (حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى) عليه الصلاة والسلام، وفيه ردّ على القول بأن ستر العورة كان واجبًا وفيه إباحة النظر إلى العورة عند الضرورة الداعية إلى ذلك من مداواة أو براءة مما رمي به من العيوب كالبرص وغيره، لكن الأوّل أظهر ومجرد تستر موسى لا يدل على وجوبه لما تقرر في الأصول أن الفعل لا يدل بمجرده على الوجوب، وليس في الحديث أن موسى صلوات الله وسلامه عليه أمرهم بالتستر ولا أنكر عليهم التكشّف.
وأما إباحة النظر إلى العورة للبراءة مما رمي به من العيوب، فإنما هو حيث يترتب على الفعل حكم كفسخ النكاح.
وأما قصة موسى عليه الصلاة والسلام فليس فيها أمر شرعي ملزم يترتب على ذلك، فلولا إباحة النظر إلى العورة لما أمكنهم موسى عليه الصلاة والسلام من ذلك ولا خرج مارًّا على مجالسهم وهو كذلك.
وأما اغتساله خاليًا فكان يأخذ في حق نفسه بالأكمل والأفضل، ويدل على الإباحة ما وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم وقت بناء الكعبة من جعل إزاره على كتفه بإشارة العباس عليه بذلك ليكون أرفق به في نقل الحجارة، ولولا إباحته لما فعله لكنه ألزم بالأكمل والأفضل لعلوّ مرتبته صلى الله عليه وسلم.
(فقالوا) وللأصيلي وابن عساكر وقالوا (والله ما) أي ليس (بموسى من بأس) اسم ما وحرف الجر زائد (وأخذ) عليه الصلاة والسلام (ثوبه فطفق) بكسر الفاء الثانية وفتحها وللأصيلي وابن عساكر وطفق أي شرع (يضرب الحجر ضربًا) كذا للكشميهني والحموي وللأكثر فطفق بالحجر بزيادة الموحدة أي جعل يضربه ضربًا لما ناداه ولم يطعه. (فقال) وللأصيلي وابن عساكر قال (أبو هريرة) رضي الله عنه مما هو من تتمة مقول همام فيكون مسندًا أو مقول أبي هريرة فيكون تعليقًا وبالأوّل جزم في فتح الباري: (والله إنه لندب) بالنون والدال المهملة المفتوحتين آخره موحدة أي أثر (بالحجر ستة) بالرفع على البدلية أي ستة آثار أو بتقدير هي أو بالنصب على الحال من الضمير المستكن في
قوله بالحجر، فإنه ظرف مستقر لندب أي أنه لندب استقر بالحجر حال كونه ستة آثار (أو سبعة) بالشك من الراوي (ضربًا بالحجر) بنصب ضربًا على التمييز أراد عليه الصلاة والسلام إظهار المعجزة لقومه بأثر الضرب في الحجر، ولعله أوحي إليه أن يضربه، ومشي الحجر بالثوب معجزة أخرى، ودلالة الحديث على الترجمة من حيث اغتسال موسى عليه الصلاة والسلام عريانًا وحده خاليًا من الناس وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا.
ورواة هذا الحديث خمسة، وأخرجه مسلم في أحاديث الأنبياء وفي موضع آخر.
279 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ بَلَى: وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ». وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا .... » . [الحديث 279 - طرفاه في: 3391، 7493].
وبالسند السابق أول الكتاب إلى المؤلف قال: حال كونه عاطفًا على هذا السند السابق قوله: (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال):
(بينا) بألف من غير ميم (أيوب) النبي ابن العوص بن رزاح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم أو ابن رزاح بن روم بن عيص وأمه بنت لوط، وكان أعبد أهل زمانه وعاش ثلاثًا وستين أو تسعين سنة ومدة