الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الصحف لأنه في جوفه وحامله، إذ غرض المؤلف بهذا الباب الدلالة على جواز حمل الحائض المصحف، فالمؤمن الحافط له أكبر أوعيته. وتعقب بأنه ليس في الحديث إشارة إلى الحمل، وإنما فيه الاتكاء وهو غير الحمل، وكون الرجل في حجر الحائض لا يدل على جواز الحمل، وإنما مراده الدلالة على جواز القراءة بقرب موضع النجاسة لا على جواز حمل الحائض المصحف.
ورواة الحديث ما بين كوفي ومكي، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والسماع والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في التوحيد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة في الطهارة.
4 - باب مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا
.
(باب من سمى النفاس حيضًا) واعترض عليه بأن الذي في الحديث الآتي أنفست أي أحضت فأطلق على الحيض النفاس، فكان حقه أن يقول من سمى الحيض نفاسًا. وأجيب بأنه أراد التنبيه على تساويهما في حكم تحريم الصلاة كغيرها، وعورض بأن الترجمة في التسمية لا في الحكم أو مراده من أطلق لفظ النفاس على الحيض، وبذلك تقع المطابقة بين ما في الحديث والترجمة زاد الكشميهني والحيض نفاسًا.
298 -
حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهَا قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعَةً فِي خَمِيصَةٍ إذْ
حِضْتُ، فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي. قَالَ: أَنُفِسْتِ؟. قُلْتُ: نَعَمْ. فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ. [الحديث 298 - أطرافه في: 322، 323، 1929].
وبه قال: (حدّثنا المكي) وللأصيلي مكي (بن إبراهيم) بن بشر البلخي (قال: حدّثنا هشام) الدستوائي (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ولمسلم قال: حدّثني أبو سلمة:
(أن زينب ابنة) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر بنت (أُم سلمة) رضي الله عنهما (حدّثته أن أم سلمة) أم المؤمنين هند بنت أبي أمية (حدّثتها قالت: بينا) بغير ميم (أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم) حال كوني (مضطجعة) أصله مضتجعة بالتاء من باب الافتعال فقلبت التاء طاء ويجوز رفعه على الخبرية (في خميصة) بفتح الخاء وكسر الميم كساء أسود مربع له علمان يكون من صوف وغيره (إذ حضت) جواب بينًا، وقد علم أن الأفصح في جواب بينا أن لا يكون فيه إذا ولا إذ (فانسللت) ذهبت في خفية تقدّرت نفسها أن تضاجعه وهي كذلك أو خشيت أن يصيبه من دمها أو أن يطلب منها استمتاعًا، (فأخذت ثياب حيضتي) بكسر الحاء كما في الفرع. قال النووي: وهو الصحيح المشهور اهـ. وبه جزم الخطابي وبفتحها، ورجحه القرطبي، وبهما رويناه فمعنى الأولى أخذت ثيابي التي أعددتها لألبسها حالة الحيض، ومعنى الثانية أخذت ثيابي التي ألبسها من الحيض لأن الحيضة بالفتح هي الحيض، ووقع في بعض الأصول حيضي بغير تاء وهو يؤيد وجه رواية الفتح.
(قال) صلى الله عليه وسلم ولأبوي ذر والوقت فقال: (أنفست) بضم النون كذا في الفرع لا غير وبفتحها.
قال النووي: وهو الصحيح في اللغة بمعنى حضت والضم الأكثر في الولادة، وبالوجهين رواه ابن حجر ورويناه قالت أُم سلمة رضي الله عنها:(قلت نعم) نفست (فدعاني) عليه الصلاة والسلام (فاضطجعت معه في الخميلة) باللام بدل الصاد وهي القطيفة ذات الخمل وهو الهدب الذي ينسج ويفضل له فضول أو هي من صوف له خمل من أي نوع كان أن الأسود من الثياب.
واستنبط من الحديث استحباب اتخاذ المرأة ثيابًا للحيض غير ثيابها المعتادة، وجواز النوم مع الحائض في ثيابها والاضطجاع في لحاف واحد.
ورواته الستة ما بين بلخي وبصري ومدني ويماني، وفيه التحديث بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي وصحابية عن صحابية، وأخرجه المؤلف في الصوم والطهارة ومسلم والنسائي فيه أيضًا.
5 - باب مُبَاشَرَةِ الْحَائِضِ
(باب مباشرة) الرجل زوجته (الحائض) أي التقاء بشرتيهما لا الجماع.
299 -
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا َالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ كِلَانَا جُنُبٌ.
وبه قال: (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وفتح الصاد المهملة ابن عقبة الكوفي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن منصور) أي ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت):
(كنت أغتسل أنا والنبي) بالرفع عطفًا على الضمير المرفوع في كنت والنصب على أن الواو بمعنى مع أي مصاحبة للنبي (صلى الله عليه وسلم من إناء واحد) حالة كوننا (كلانا جنب) بالتوحيد أفصح من التثنية.
300 -
وَكَانَ يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ. [الحديث 300 - طرفاه في: 302، 2030].
(وكان) عليه الصلاة والسلام وللأصيلي
فكان (يأمرني فأتزر) بفتح الهمزة وتشديد المثناة الفوقية وأنكره أكثر النحاة وأصله فاأتزر بهمزة ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ثم المثناة الفوقية بوزن افتعل. قال ابن هشام: وعوام المحدثين يحرّفونه فيقرؤونه بألف وتاء مشددة ولا وجه لأنه افتعل ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة. وقطع الزمخشري بخطأ الإدغام، وقد حاول ابن مالك جوازه. وقال: إنه مقصور على السماع كاتكل، ومنه قراءة ابن محيصن فليؤد الذي اتمن بهمزة وصل وتاء مشددة، وعلى تقدير أن يكون خطأ فهو من الرواة عن عائشة فإن صح عنها كان حجة في الجواز لأنها من فصحاء العرب، وحينئذ فلا خطأ. نعم نقل بعضهم أنه مذهب الكوفيين، وحكاه الصغاني في مجمع البحرين (فيباشرني) عليه الصلاة والسلام أي تلامس بشرته بشرتي (وأنا حائض) جملة حالية، وليس المراد المباشرة هنا الجماع إذ هو حرام بالإجماع فمن اعتقد حلّه كفر.
301 -
وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَىَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ.
قالت عائشة: (وكان) عليه الصلاة والسلام (يخرج رأسه) من المسجد (إليَّ) أي وهي في حجرتها (وهو معتكف) في المسجد جملة حالية (فاغسله وأنا حائض) جملة حالية أيضًا.
ورواة هذا الحديث كلهم إلى عائشة كوفيون وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلف في آخر الصوم ومسلم في الطهارة وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
302 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ -هُوَ الشَّيْبَانِيُّ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا
فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (إسماعيل بن خليل) وللأصيلي وابن عساكر الخليل باللام للمح الصفة كالحرث والعباس الكوفي الخزاز بالخاء والزايين المعجمات وأولى الزايين مشددة. قال البخاري: جاءنا نعيه سنة خمس وعشرين ومائتين. (قال: أخبرنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء آخره راء القرشي الكوفي، المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة (قال: أخبرنا أبو إسحاق) سليمان بن فيروز التابعي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة (وهو الشيباني) بفتح الشين المعجمة وإنما قال هو لينبّه على أنه من قوله لا من قول الراوي عن أبي إسحاق (عن عبد الرحمن بن الأسود) التابعي، المتوفى سنة تسع وتسعين (عن أبيه) الأسود بن يزيد (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت):
(كانت إحدانا) أي إحدى زوجاته عليه الصلاة والسلام (إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله)
وللأصيلي النبي (صلى الله عليه وسلم أن يباشرها) بملاقاة البشرة للبشرة من غير جماع (أمرها أن تتّزر) بتشديد المثناة الفوقية وللكشميهني أن تأتزر بهمزة ساكنة وهي أفصح. وقال في المصابيح على القياس (في فور) بفتح الفاء وسكون الواو آخره راء أي في ابتداء (حيضتها) قبل أن يطول زمنها، وفي سنن أبي داود فوح بالحاء المهملة (ثم يباشرها) بملامسة بشرته لبشرتها. (قالت) عائشة:(وأيكم يملك إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة. ورواة أبو ذر فيما حكاه في اللامع بفتح الهمزة والراء، وصوبه الخطابي والنحاس، وعزاه ابن الأثير لرواية أكثر المحدثين ومعناه أضبطكم لشهوته أو عضوه الذي يستمتع به (كما كان النبي صلى الله عليه وسلم-ويملك إربه) فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، وكان يباشر فوق الإزار تشريعًا لغيره ممن ليس بمعصوم، وبه استدل الجمهور على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء أو غيره، وفي الترمذي وحسنه أنه سئل عما يحل من الحائض فقال: ما وراء الإزار وهو الجاري على قاعدة المالكية في سد الذرائع، وذهب كثير من العلماء إلى أن الممنوع هو الوطء دون غيره، واختاره النووي في التحقيق وغيره وقال به محمد بن الحسن من الحنفية، ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ من المالكية لخبر مسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح فجعلوه مخصصًا لحديث الترمذي السابق، وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعًا بين الأدلة، وعند أبي داود بإسناد قوي حديث أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد من الحائض ألقى على فرجها ثوبًا، واستحسن في المجموع وجهًا ثالثًا أنه إن وثق بترك الوطء لورع أو قلة شهوة جاز الاستمتاع وإلاّ فلا. قال في التحقيق وغيره: فلو وطئ عامدًا عالمًا بالتحريم أو الحيض مختارًا فقد ارتكب كبيرة فيتوب