الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأصيلي
وابن عساكر منه أي من عمار (فقال أبو موسى) له (فدعنا) أي اتركنا (من قول عمار) واقطع النظر
عنه، (كيف تصنع بهذه الآية) أي قوله تعالى:(فلم يجدوا ماء فتيمموا) فانتقل في المحاجّة من دليل
إلى آخر مما فيه الخلاف إلى ما عليه الاتفاق تعجيلاً لقطع خصمه وإفحامه، (فما درى) أي فلم يعرف
(عبد الله) بن مسعود (ما يقول) في توجيه الآية على وفق فتواه، واستشكل ما ذهب إليه ابن مسعود
كعمر رضي الله عنهما من إبطال هذه الرخصة مع ما فيها من إسقاط الصلاة عمن خوطب بها وهو
مأمور بها، وأجيب: بأنهما إنما تأوّلا الملامسة في الآية، وهي قوله تعالى (أو لامستم النساء)
[المائدة: 6] على مماسة البشرتين من غير جماع، إذ لو أراد الجماع لكان فيه مخالفة الآية صريحة لأنه
تعالى قال: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) أي اغتسلوا ثم قال: (أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء
فتيمموا) فجعل التيمم به بدلاً عن الوضوء، فلا يدل على جواز التيمم للجنب، ولعل مجلس
المناظرة بين أبي موسى وابن مسعود ما كان يقتضي تطويل المناظرة، وإلاّ فكان لابن مسعود أن يجيب
أبا موسى بأن الملامسة في الآية المراد بها تلاقي البشرتين بلا جماع كما مرّ والحاصل أن عمر وابن
مسعود رضي الله عنهما لا يريان تيمم الجنب لآية (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) وآية (ولا جنبًا إلا
عابري سبيل حتى تغتسلوا) [النساء: 43](فقال) أي ابن مسعود (إنّا لو رخصنا لهم في هذا) أي
في التيمم للجنب (لأوشك) بفتح الهمزة أي قرب وأسرع (إذا برد على أحدهم الماء) بفتح الراء
وضمها كذا ضبطه في الفرع كأصله، لكن قال الجوهري الفتح أشهر (أن يدعه ويتيمم). قال
الأعمش: (فقلت لشقيق) أبي وائل (فإنما كره عبد الله) بن مسعود التيمم للجنب (لهذا) أي لأجل
احتمال أن يتيمم للبرد (قال) شقيق ولأبوي ذر والوقت فقال: (نعم) كرهه لذلك.
8 - باب التَّيَمُّمُ ضَرْبَةٌ
(باب التيمم) حال كونه (ضربة) واحدة كذا للكشميهني بإضافة باب لتاليه.
فإن قلت: ليس هذا من الصور الثلاث التي يقع فيها الحال من المضاف إليه وهي أن يكون
المضاف جزءًا من المضاف إليه أو كجزئه أو عاملاً في الحال؟ أجيب: بأن المعنى باب شرح التيمم،
فالتيمم بحسب الأصل مضاف إلى ما يصلح عمله في الحال فهو من الصور الثلاث قاله الدماميني،
وفي رواية الأكثرين باب التنوين خبر مبتدأ محذوف التيمم مبتدأ ضربة خبره.
347 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَجْنَبَ، فَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ نَعَمْ. فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ فَأَجْنَبْتُ، فَلَمْ أَجِدِ الْمَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ. فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا» - فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ وَزَادَ يَعْلَى عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي أَنَا وَأَنْتَ فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ بِالصَّعِيدِ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» . وَمَسَحَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً.
وبالسند قال: (حدّثنا محمد) وفي غير رواية الأصيلي محمد بن سلام بتخفيف اللام وتشديدها
كما في الفرع البيكندي (قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي حدّثنا (أبو معاوية) محمد بن
خازم بالمعجمتين الضرير (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن شقيق) أي أبي وائل بن سلمة
(قال):
(كنت جالسًا مع عبد الله) بن مسعود (وأبي موسى الأشعري) رضي الله عنهما (فقال له أبو
موسى) تقول (لو أن رجلاً أجنب فلم يجد الماء شهرًا أما كان يتيمم ويصلي)؟ كذا لكريمة والأصيلي
بالهمز كما قاله الحافظ ابن حجر، وما نافية على أصلها، والهمزة إما للتقرير المخرج عن معنى
الاستفهام الذي هو المانع من وقوعه جزاء للشرط، وإما مقحمة فوجودها كالعدم، وإمّا للاستفهام،
وعليه فهو جواب لو لكن يقدر في الأولين القول قبل لو كما مرّ، وفي الثالث قبل أما كان أي: لو
أن رجلاً أجنب يقال في حقه أما يتيمم، ويجوز على هذا أن يكون جواب لو هو قوله: (فكيف
تصنعون) أي مع قولكم لا يتيمم (بهذه الآية) التي (في سورة المائدة) وفي رواية الأكثرين ما كان
بإسقاط الهمزة، ولمسلم كيف تصنع بالصلاة؟ وفي رواية قال أي أبو موسى: فكيف؟ وللأصيلي كما
في الفتح فما تصنعون بهذه في سورة المائدة؟ وفي الفرع علامة للكشميهني على بهذه وعلى الآية.
(فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا) وللأصيلي زاد في الفرع وأبي ذر: فإن لم تجدوا وهو مغاير
للتلاوة، وقد قيل: إنه كذلك كان في نسخة أبي ذر ثم أصلحه على وفق التلاوة، وهو يؤيد ما في
الفرع كما مرّ، وإنما عيّن سورة المائدة لكونها أظهر في مشروعية تيمم الجنب من آية النساء لتقديم
حكم الوضوء في المائدة، ولأنها آخر
السور نزولاً (فقال عبد الله) بن مسعود: (لو رخص لهم في
هذا لأوشكوا) بفتح الهمزة أي لأسرعوا (إذا برد) بفتح الراء وضمها (عليهم الماء أن يتيمموا) أي
يقصدوا (الصعيد) وللأصيلي بالصعيد، قال الأعمش (قلت) لشقيق (وإنما) بالواو ولأبي ذر والأصيلي
فإنما (كرهتم هذا) أي تيمم الجنب (لذا) أي لأجل تيمم صاحب البرد، وفي رواية حفص بن عمر
السابقة فقلت لشقيق فإنما كره عبد الله لهذا. (قال) أي شقيق (ئعم) وهو يرد على البرماوي
كالكرماني حيث قال في حديث هذا الباب قلت وهو قول شقيق (فقال) بالفاء، ولابن عساكر قال
(أبو موسى ألم تسمع قول عمار لعمر) بن الخطاب رضي الله عنهما؟ (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حاجة) أي في سرية فذهبت (فأجنبت فلم) بالفاء ولأبي الوقت ولم (أجد الماء فتمرغت في الصعيد)
وفي رواية في التراب (كما تمرغ الدابة) برفع الغين وحذف إحدى التاءين تخفيفًا كتلظى والكاف
للتشبيه وموضعها مع مجرورها نصب على الحال، وأعربها أبو البقاء في قوله تعالى: (كما آمن
الناس) [البقرة: 13] نعتًا لمصدر محذوف فيقدر تمرّغًا كتمرّغ الدابة، ومذهب سيبويه في هذا كله
النصب على الحال من المصدر الفهوم من الفعل المتقدم المحذوف بعد الإضمار على طريق الاتّساع،
فيكون التقدير: فتمرغت على هذه الحالة، ولا يكون عنده نعتًا لمصدر محذوف لأنه يؤدي إلى حذف
الموصوف في غير المواضع المستثناة. قال عمار: (فدكرت ذلك للنبي-صلى الله عليه وسلم فقال: إنما كان يكفيك أن
تصنع) بالتراب (هكذا فضرب) بالفاء وللأربعة وضرب (بكفه) بالإفراد وللأصيلي بكفّيه (ضربة)
واحدة (على الأرض) وفي غير هذه الطريق ضربتان، وهو الذي رجحه النووي وقال: إنه الأصح
المنصوص كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، (ثم نفضها) تخفيفًا للتراب (ثم مسح بها) أي بالضربة
(ظهر كفّه) اليمنى (بشماله أو) مسح (ظهر شماله بكفه) اليمنى بالشك في جميع الروايات. نعم هو
في رواية أبي داود من طريق معاوية من غير شك، (ثم مسح بهما) أي بكفيه، ولأبي الوقت وابن
عساكر بها أي بالضربة (وجهه) فيه الاكتفاء بضربة واحدة، وتقديم مسح الكف على الوجه والاكتفاء
بظهر كف واحدة وعدم مسح الذراعين ومسح الوجه بالتراب المستعمل في الكفّ، ولا يخفى ما في
ذلك كله. وقد تعسف الكرماني فأجاب بأن الضربة الواحدة لأحد ظهري الكف، والتقدير: ثم
ضرب ضربة أخرى ثم مسح بما لديه للإجماع على عدم الاكتفاء بمسح إحدى اليدين، فيكون السح
الأول ليس لكونه من التيمم بل فعله عليه الصلاة والسلام خارجًا عنه لتخفيف التراب اهـ.
وتعقب بأن حديث عمار لم يزد فيه على ضربة، والأصل عدم التقدير، وقد قال به ابن المنذر
ونقله عن جمهور العلماء، وإليه ذهب الرافعي وهو مذهب أحمد، وقال النووي: الأصح المنصوص
وجوب ضربتين، وأما عدم الترتيب فيتجه على مذهب الحنفية، أما عند الشافعية فواجب نعم لا
يشترط ترتيب نقل التراب للعضو في الأصح، بل يستحب لأنه وسيلة، فلو ضرب بيديه دفعة
واحدة ومسح بيمينه وجهه وبيساره يمينه جاز لأن الفرض المسح والنقل وسيلة، وقد روى أصحاب
السنن أنه عليه الصلاة والسلام تيمم فمسح وجهه وذراعيه، والذراع اسم للساعد إلى المرفق. وعن
القديم إلى الكوعين لحديث عمار هذا قال في المجموع: وهو الأقوى دليلاً، وفي الكفاية تعيين
ترجيحه، وذكر في المحرر كيفية التيمم وجزم في الروضة باستحبابها، فإذا مسح اليمنى وضع بطون
أصابع يساره غير الإبهام على ظهور أصابع يمينه غير الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسحة
اليسرى ولا تحازي مسحة اليمنى أطراف أنامل اليسرى ويمرها على ظهر الكف، فإذا بلغ الكوع ضم
أطراف أصابعه على حرف الذراع ويمرها إلى المرفق، ثم يدير بطن كفّه إلى بطن الذراع ويمرها عليه
وإبهامه مرفوعة، فإذا بلغ الكوع أمرّها على إبهام اليمنى ثم يمسح اليسار باليمنى كذلك، ثم يمسح
إحدى