الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَلَّمَ- كان ينقل معهم الحجارة) أي مع قريش (للكعبة) أي لبنائها وكان عمره عليه السلام إذ ذاك خمسًا وثلاثين سنة، وقيل: كان قبل المبعث بخمس عشرة سنة، وقيل كان عمره خمس عشرة سنة (وعليه إزاره) ولابن عساكر وعليه إزار بغير ضمير والجملة حالية بالواو، وفي بعض الأصول بغير واو (فقال له العباس
عمّه) بالرفع عطف بيان (يا ابن أخي لو حللت إزارك) لكان أسهل عليك أو لو بمعنى التمنّي فلا جواب لها (فجعلت) وللكشميهني فجعلته بالضمير أي الإزار (على منكبيك دون الحجارة) أي تحتها (قال) جابر أو مَن حدّثه (فحلّه) أي حلّ عليه السلام الإزار (فجعله على منكبيه فسقط) عليه السلام حال كونه (مغشيًّا) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة أي مغمى (عليه) أي لانكشاف عورته، لأنه عليه الصلاة والسلام كان مجبولاً على أحسن الأخلاق من الحياء الكامل حتى كان أشدّ حياءً من العذراء في خدرها، فلذلك غشي عليه، ورُوِيَ مما هو في غير الصحيحين أن الملك نزل عليه فشدّ عليه إزاره (فما رُئِيَ) بضم الراء فهمزة مكسورة فمثناة تحتية مفتوحة أو بسكر الراء فياء ساكنة فهمزة مفتوحة (بعد ذلك عريانًا) بالنصب على الحال، وعند الإسماعيلي فلم يتعرّ بعد ذلك (صلى الله عليه وسلم).
فإن قلت: ما الجمع بين حديث الباب وما ذكره ابن إسحاق من أنه صلى الله عليه وسلم تعرّى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرّى بعد ذلك؟ أُجيب بأنه إن ثبت حمل النفي فيه على التعرّي لغير ضرورة عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية والنفي فيها على الإطلاق أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الزوجة أحيانًا، واستنبط من الحديث منع بدوّ العورة إلاّ ما رخص من رؤية الزوجات لأزواجهنّ عُراة.
ورواة هذا الحديث ما بين تنيسي ومروزي ومكّي وفيه التحديث والسماع، ورواية جابر له من مراسيل الصحابة لأن ذلك كان قبل البعثة فأما أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو من بعض مَن حضر ذلك من الصحابة، وقد اتفقوا على الاحتجاج بمرسل الصحابي إلاّ ما تفرّد به أبو إسحاق الإسفرايني لكن في السياق ما يستأنس لأخذ ذلك من العباس فلا يكون مرسلاً.
9 - باب الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ
(باب الصلاة في القميص والسراويل والتبّان) بضم المثناة الفوقية وتشديد الموحدة سراويل صغيرة يستر العورة المغلظة فقط (والقباء) بفتح القاف وتخفيف الموحدة مع المدّ والقصر مشتق من القبو وهو الضم والجمع سمّي به لانضمام أطرافه، وأول مَن لبسه سليمان عليه الصلاة والسلام.
365 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، فَقَالَ: أَوَ كُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ. ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ، فَقَالَ: إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا: جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ، صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ، فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ، فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ، فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ، -قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ- فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ".
وبالسند قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) أبو أيوب (قال: حدّثنا حمّاد بن زيد) أبو إسماعيل (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال):
(قام رجل) لم يُسَمَّ (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصلاة في الثوب الواحد) أي هل تصحّ أم لا؟ (فقال) عليه السلام (أو كلكم) بهمزة الاستفهام الإنكاري الإبطالي وواو العطف وأصل الكلام وأكلكم، لكن قدّم الاستفهام لأن له صدر الكلام أو الواو عاطفة على محذوف بين الهمزة والواو دلّ عليه المعطوف ولا تقديم ولا تأخير، فالتقدير هنا أكلكم يجد ثوبين وكلكم يجد ثوبين والأول أولى والتقديم والتأخير أسهل من الحذف، والمعنى ليس كلكم (يجد ثوبين) فلذا تصحّ الصلاة في الثوب الواحد، (ثم سأل رجل عمر) بن الخطاب رضي الله عنه أنهى عن الصلاة في الثوب الواحد.
والسائل يحتمل أن يكون هو ابن مسعود أو أُبيًّا لأنهما اختلفا في ذلك كما رواه عبد الرزاق فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد لا تكره، وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك وفي الثياب قلّة، (فقال) عمر رضي الله عنه مجيبًا للسائل:(إذا وسع الله فأوسعوا) فيه دليل على أن الثوب الواحد كاف وأن الزيادة استحسان (جمع) أي ليجمع (رجل عليه) أي على نفسه (ثيابه صلّى) أي ليصلّ (رجل في إزار) وهو ما يؤتزر به في النصف الأسفل (ورداء) للنصف الأعلى أو (في إزار وقميص) أو (في إزار وقباء) أو (في سراويل ورداء) غير منصرف على وزن مفاعيل، أو (في سرايل وقميص) أو (في
سراويل وقباء) أو (في تبّان وقباء) أو (في تبّان وقميص).
(قال) أي أبو هريرة (وأحسبه) أي عمر (قال) أو (في تبّان ورداء) وهذه تسع صور، ولم يجزم أبو هريرة بل ذكره بالحسبان لإمكان أن عمر أهمل ذلك لأنّ التبّان لا يستر العورة كلها بناء على أن الفخذ من العورة، فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل. ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة والستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغًا وقدّم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة، وهذه الجملة من قوله جمع إلى هنا من تتمة قول عمر وعبّر بصيغة الماضي ومراده الأمر أي ليجمع وليصل كما مرّ، ومثله في كلام العرب: اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه أي ليتّق الله وليفعل. وقال ابن المنير: الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال: إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن وحذف أو العاطفة في المواضع التسعة على قول مَن يجوّز ذلك من النحاة، والأصل إثباتها كما قاله ابن مالك. وعورض بأنه لا يتعيّن أن يكون المحذوف حرف عطف، بل يحتمل أن يكون المحذوف فعلاً أي صلّى في إزار وقميص صلى في إزار وقباء وكذا الباقي أي ليجمع عليه ثيابة ليصلِّ إلي كذا، والحمل على هذا أولى لثبوته إجماعًا وحذف حرف العطف بابه الشعر فقط وعند بعض وقوعه في الشعر مختلف فيه أو أنها على سبيل التعداد فلا حاجة للعطف.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة.
366 -
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا وَرْسَ، فَمَنْ لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ».
وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
وبه قال: (حدّثنا عاصم بن علي) هو ابن عاصم الواسطي (قال: حدّثنا ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن نسبه إلى جدّه لشُهرته به (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سالم) هو ابن عبد الله بن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (قال):
(سأل رجل) لم يُسمّ كما في الفتح (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) بالفاء التفسيرية إذ هو نفس سأل
وللأصيلي قال (ما يلبس المحرم: فقال) عليه السلام: (لا يلبس القميص) بفتح القاف ولا ناهية فتكسر السين أو نافية فتضم (ولا السراويل ولا البرنس) بضم الموحدة والنون ثوب معروف رأسه ملصق فيه أو هو قلنسوة طويلة كان الناس يلبسونها في صدر الإسلام، والسراويل مفرد بلفظ الجمع وجمعه سراويلات (ولا ثوبًا) ويجوز رفعه بتقدير فعل مبني للمفعول أي ولا يلبس ثوب (منه الزعفران) بفتح الزاي والفاء ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر زعفران (ولا ورس) بفتح الواو وسكون الراء آخره سين مهملة نبت أصفر باليمن يصبغ به (فمَن لم يجد النعلين فليلبس الخفّين وليقطعهما حتى يكونا) وللحموي والمستملي حتى يكون بالإفراد أي كل واحد منهما (أسفل من الكعبين) هو إذن في ذلك لا أمر إذ لا يجب على مَن فقد النعلين لبس الخفّين المقطوعين، والمراد هنا من الحديث أن الصلاة تجوز بدون القميص والسراويل وغيرهما من المَخيط لأمر المحرم باجتناب ذلك وهو مأمور بالصلاة.
وفي هذا الحديث التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في اللباس والحج وتأتي بقية مباحثه فيه إن شاء الله تعالى بعون الله ثم عطف المؤلّف قوله.
(وعن نافع) على قوله عن الزهري كما قال الحافظ ابن حجر، وقال البرماوي كالكرماني هو تعليق، ويحتمل أنه عطف على سالم فيكون متصلاً، وتعقبه ابن حجر بأن التجويزات العقلية لا يليق استعمالها في الأمور النقلية، فإن المؤلّف رحمه الله أخرج الحديث في آخر كتاب العلم عن آدم عن ابن أبي ذئب فقدّم طريق نافع وعطف عليها طريق الزهري عكس ما هنا، وانتصر العيني رحمه الله تعالى للكرماني رادًّا على ابن حجر بأنه تعليق بالنظر إلى ظاهر الصورة، مع أن الكرماني لم يجزم بذلك، بل قال: ويحتمل أن يكون عطفًا على سالم قال: ولا فرق بين أن يقال عطفًا على سالم أو عطفًا على الزهري، وأجاب ابن حجر في انتقاض الاعتراض بأنه إذا اتّضح المراد فأيّ وجه للنزول وبأن قوله عطفًا على سالم يصير كأن ابن أبي ذئب رواه عن الزهري عن نافع، فهو عند ابن أبي ذئب عن شيخين بالنزول عن الزهري عن سالم، وبالعكس عن نافع وسالم ونافع روياه جميعًا عن ابن عمر، قال: فمَن كان هذا مبلغ فهمه فكيف يليق به التصدّي للردّ على غيره اهـ.
(عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (عن