الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها شيء سببًا لتحريم شيء على المسلمين فيلحقهم به المشقة أو غير ذلك، وكان من هذه الأشياء السؤال عن الساعة ونحوها كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(فلما أكثر) بضم الهمزة على صيغة المجهول أي فلما أكثر الناس السؤال (عليه) صلى الله عليه وسلم (غضب)
لتعنتهم في السؤال وتكلفهم ما لا حاجة لهم فيه (ثم قال) عليه الصلاة والسلام (للناس سلوني) وللأصيلي ثم قال: (عمّا شئتم) بالألف، وللأصيلي عمّ شثتم بحذفها لأنه يجب حذف ألف ما الاستفهامية إذا جرت وإبقاء الفتحة دليل عليها نحو فيم وإلامَ وعلام للفرق بين الاستفهام والخبر ومن ثم حذفت في نحو {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 43] {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ} [النمل: 35] وثبتت في {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ} [النور: 14]{أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بيدي} [ص: 75] فكما لا تحذف الألف في الخبر لا تثبت في الاستفهام، وحمل هذا القول منه عليه الصلاة والسلام على الوحي أولى، وإلا فهو لا يعلم ما يسأل عنه من المغيبات إلا بإعلام الله تعالى كما هو مقرر (قال رجل) هو عبد الله بن حذافة الرسول إلى كسرى (من أبي) يا رسول الله؟ (قال) عليه الصلاة والسلام (أبوك حذافة) بمهملة مضمومة وذال معجمة وفاء القرشي السهمي، المتوفى في خلافة عثمان رضي الله عنه (فقام) رجل (آخر) وهو سعد بن سالم كما في التمهيد لابن عبد البر (فقال: من أبي يا رسول الله؟ فقال) وفي رواية أبوي ذر والوقت وابن عساكر قال: (أبوك سالم مولى شيبة) بن ربيعة وهو صحابي جزمًا وكان سبب السؤال طعن بعض الناس في نسب بعضهم على عادة الجاهلية، (فلما رأى) أبصر (عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (ما في وجهه) الوجيه عليه الصلاة والسلام من أثر الغضب (قال: يا رسول الله إنّا نتوب إلى الله عز وجل مما يوجب غضبك.
29 - باب مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ أَوِ الْمُحَدِّث
(باب من برك) بفتحتين وتخفيف الراء.
93 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ. ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي» . فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا، فَسَكَتَ. [الحديث 93 - أطرافه في: 540، 749، 4621، 6362، 6468، 6486، 7089، 7090، 7091، 7294، 7295].
وبالسند إلى المصنف قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا) وللأصيلي حدّثنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني)
بالتوحيد (أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم خرج) فسئل فأكثروا عليه فغضب فقال: سلوني (فقام عبد الله بن حذافة) السهمي المهاجري أحد الذين أدركوا بيعة الرضوان (فقال) يا رسول الله (من أبي؟ فقال) عليه الصلاة والسلام وفي رواية قال: من أبي؟ (فقال: أبوك حذافة) وفي مسلم أنه كان يدعى لغير أبيه ولما سمعت أمه سؤاله قالت: ما سمعت بابن أعقّ منك أأمنت أن تكون أمك قارفت ما يقارف نساء الجاهلية تفضحها على أعين الناس. فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به (ثم أكثر) بالمثلثة (أن يقول) عليه الصلاة والسلام (سلوني فبرك) بفتح الموحدة والراء المخففة (عمر) رضي الله عنه (على ركبتيه) يقال برك البعير إذ ستناخ واستعمل في الآدمي على طريق المجاز غير المقيد وهو أن يكون في حقيقته مقيدًا فيستعمل في الأعمّ بلا قيد كالمشفر لشفة البعير فيستعمل لمطلق الشفة فيقال: زيد غليظ المشفر (فقال) عمر رضي الله عنه بعد أن برك على ركبتيه تأدبًّا وإكرامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشفقة على السلمين: (رضينا بالله ربًَّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيَّا) فرضي النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، (فسكت) وفي بعض الروايات فسكن غضبه بدل فسكت.
30 - باب مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ
فَقَالَ: «أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ» ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «هَلْ بَلَّغْتُ» ؟ ثَلَاثًا.
هذا (باب من أعاد الحديث) في أمور الدين (ثلاثًا ليفهم) بضم المثناة التحتية وفتح الحاء (عنه) كذا للأصيلي وكريمة فيما نص عليه الحافظ ابن حجر، وفي رواية حذف عنه وكسر الهاء، وفي أخرى كذلك مع فتحها (فقال: ألا) بالتخفيف وفي غير رواية أبي ذر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا (وقول الزور فما زال يكرّرها) في مجلسه ذلك والضمير لقوله وقول الزور وهذا طرف من حديث وصله بتمامه في كتاب الشهادات (وقال ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما فيما وصله المؤلف في خطبة الوداع (قال النبي صلى الله عليه وسلم: هل بلغث ثلاثًا) أي قال: هل بلغت ثلاث مرات.
94 -
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا. [الحديث 94 - طرفاه في: 95، 6244].
وبالسند الماضي إلى المؤلف قال: (حدّثنا عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن عبد الله
الخزاعي البصري الكوفي الأصل، المتوفى سنة ثمان وخمسين ومائتين (قال: حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد العنبري التميمي البصري الحافظ الحجة، المتوفى سنة سبع ومائتين (قال حدّثنا عبد الله بن المثنى) بضم الميم وفتح المثلثة وتشديد النون المفتوحة ابن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري وثّقه العجلي والترمذي (قال: حدّثنا ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميمين زاد في غير رواية
أبي ذر وأبي الوقت (ابن عبد الله) أي ابن أنس بن مالك الأنصاري البصري (عن) جدّه (أنس) أي ابن مالك رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه:
(كان إذا سلم) على أناس (سلم) عليهم (ثلاثًا) أي ثلاث مرات ويشبه أن يكون ذلك عند الاستئذان لحديث إذا استأذن أحدكم ثلاثًا ولم يؤذن له فليرجع، وعورض بأن تسليمة الاستئذان لا تثنى إذا حصل الإذن بالأولى، ولا تثلث إذا حصل بالثانية، نعم يحتمل أن يكون معناه أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أتى على قوم سلم عليهم تسليمة الاستئذان، وإذا دخل سلم تسليمة التحية، ثم إذا قام من المجلس سلم تسليمة الوداع وكلٌّ سُنَّة. (وإذا تكلم) عليه الصلاة والسلام (بكلمة) أي بجملة مفيدة من باب إطلاق اسم البعض على الكل (أعادها ثلاثًا) أي ثلاث مرات.
قال البدر الدماميني: لا يصح أن يكون أعاد مع بقائه على ظاهره عاملاً في ثلاثًا ضرورة أنه يستلزم قول تلك الكلمة أربع مرات، فإن الإعادة ثلاثًا إنما تتحقق بها إذ المرة الأولى لا إعادة فيها، فأما إن تضمن معنى قال ويصح عملها في ثلاثًا بالمعنى المضمن أو يبقى أعاد على معناه، ويجعل العامل محذوفًا أي أعادها فقالها وعليهما فلم تقع الإعادة إلا مرتين انتهى.
95 -
حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ، وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا.
وبه قال (حدّثنا عبدة بن عبد الله) زاد في رواية الأصيلي الصفار وهو السابق وسقط عنده لفظة ابن عبد الله (قال حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث (قال حدّثنا عبد الله بن المثنى) الأنصاري (قال حدّثنا ثمامة بن عبد الله) وفي رواية الأصيلي وابن عساكر ثمامة بن أن فنسباه إلى جدّه وأسقطا اسم أبيه وإلا فاسم أبيه عبد الله (عن أنس) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها) أي الكلمة المفسرة بالجملة المفيدة (ثلاثًا) أي ثلاث مرات وقد بيّن المراد بالتكرار في قوله (حتى تفهم عنه) بضم أوّله وفتح ثالثه أي لكي تعقل لأنه عليه الصلاة والسلام مأمور بالإبلاغ والبيان وعبر بكان إذا تكلم ليشعر بالاستمرار لأن كان تدل على الثبات والاستمرار بخلاف صار فإنها تدل على الانتقال فلهذا يجوز أن يقال كان الله ولا يجوز صار (و) كان صلى الله عليه وسلم (إذا أتى على قوم سلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا) أي ثلاث مرات إذا شرط جوابه سلم لا فسلم بل هو عطف على أتى من بقية الشرط وقد سقط حديث عبدة الأول في رواية ابن عساكر وأبي ذر ولا يخفى الاستغناء
عنه بالثاني.
96 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الصَّلَاةَ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» . مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
وبه قال (حدّثنا مسدد) بفتح السين المهملة (قال حدّثنا أبو عوانة) بفتح العين المهملة اليشكري (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة جعفر بن إياس (عن يوسف بن ماهك) بفتح الهاء وبكسرها غير منصرف للعجمة والعلمية وللأصيلي بالصرف لأجل الصفة على ما تقدم تقريره في باب من رفع صوته بالعلم (عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي رضي الله عنه (قال تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه) وللأصيلي كما في الفرع في سفرة سافرناها، ووقع في مسلم تعينها من مكة إلى المدينة (فأدركنا) بفتح الكاف أي النبي صلى الله عليه وسلم (وقد أرهقنا) بسكون القاف (الصلاة) بالنصب على المفعوية ولأصيلي أرهقتنا بالتأنيث وفتح القاف الصلاة بالرفع على الفاعلية (صلاة العصر) النصب أو الرفع على البدلية من الصلاة (ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا) أي نغسلها غسلاً خفيفًا (فنادى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا) شك من الراوي، وقد سبق الحديث في باب من رفع صوته بالعلم وأعاده لغرض تكرار الحديث، وأخرجه هناك عن النعمان عن أبي عوانة، وهنا عن مسدّد عن أبي عوانة وصرح هنا بصلاة العصر، وتأتي بقية مباحثه