الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب سُنن الوُضوء
(باب سنن الوضوء)
مِنَ الصِّحَاحِ:
265 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استَيقظَ أحدكمْ مِنْ نَومِهِ فلا يغمِسْ يدَهُ في الإناء حتَّى يغسِلَهَا ثلاثاً، فإنَّهُ لا يدري أينَ باتتْ يدُه".
"من الصحاح":
" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمسن"؛ أي: فلا يدخلن.
"يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً": وهذا يُؤْذِن بأن الباعثَ على الأمر بالغسل احتمالُ النجاسة؛ لترتبه عليه بالفاء بقوله: "فلا" وبـ "أن" قوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده" من مكان طاهر أو نجس، وذلك أن أكثرهم كانوا يتجمَّرون لقلَّة الماء في ديارهم، وينامون عراة، ويعرق منهم محلُّ النَّجاسة، فربما وصلت أيديهم إلى منافذهم وهم لا يشعرون، فأمرهم أن يغسلوها ثلاثًا استحبابًا لتوهم النجاسة.
* * *
266 -
وقال: "إذا استيقظَ أحدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فتوضَّأ فلْيَسْتَنْثِر ثلاثاً، فإنَّ الشيطانَ يبيتُ على خَيْشومِه"، رواه أبو هريرة.
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من
منامه فتوضأ فليستَنْثِر": جواب الشرط، أي: فليغْسِلْ داخل أنفه.
"ثلاثاً فإنَّ الشيطان" إذا لم يمكنه الوسوسة عند النوم لزوال الإحساس بالنوم.
"يبيت على خَيْشومه" وهو أقصى الأنفِ ليُلْقِي في دماغه الرُّؤيا الفاسدة، ويمنعه عن الرؤيا الصالحة، لأن محلها الدماغ فأمر عليه الصلاة والسلام أُمَّته أن يغسلوا داخل أنوفهم؛ لإزالة لوث الشيطان ونتنه منها.
* * *
267 -
وقيل لعبد الله بن زَيد بن عاصم: كيفَ كانَ يتوضَّأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فدعا بوَضُوءٍ، فأفرغَ على يده اليُمْنَى، فغسَلَ يدَيْهِ مرَّتين مرتين، ثم مَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ وجهَهُ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ يديهِ مرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إلى المِرْفَقَيْنِ، ثمَّ مسَحَ رأسَهُ بِيَدَيْهِ، فأقبَلَ بهما وأدبَرَ، بدأ بمُقدَّمِ رَأْسِهِ ثمَّ ذهبَ بهما إلى قَفَاهُ، ثمَّ ردَّهُمَا حتى رجعَ إلى المكانِ الذي بدأَ منهُ، ثم غسلَ رِجلَيْهِ، وفي روايةٍ: فمضمَض واستنشَقَ ثلاثاً بثلاثِ غَرَفَاتٍ مِنْ ماء، وفي روايةٍ: مضمَضَ واستنشقَ مِنْ كفٍّ واحدةٍ، فعلَ ذلكَ ثلاثاً، وقال: مسحَ رأسَهُ فأقبلَ بهما وأدبرَ مرةً واحدةً، ثُمَّ غسلَ رِجلَيْهِ إلى الكَعْبَيْنِ، وفي روايةٍ: فمَضْمض واستنثَرَ ثلاثَ مرَّاتٍ مِنْ غرفةٍ واحدةٍ.
"وقيل لعبد الله بن زيد بن عاصم: كيف كان رسول الله يتوضأ؛ فدعا بوَضوء": بفتح الواو؛ أي: بماء يتوضأ به.
"فأفرغ"؛ أي: صبَّ الماء.
"على يده اليمنى فغسل يديه مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثاً، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يديه مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما
وأدبر، فَسَّرَ كيفية الإقبال والإدبار بقوله:
"بدأ بمُقَدَّم رأسه"؛ أي: وضع كفيه وأصابعه عند مقدَّم رأسه.
"ثم ذهب بهما"؛ أي: أمرَّهما حتى وصلاً إلى قفاه، ثم ردَّهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه، وفي رواية: فمضمض واستنشق ثلاثاً بثلاث غَرَفَات" بفتح الغين والراء: جمع غَرْفَة وهي بالفتح: مصدر؛ بمعنى: مرة واحدة من غرف الماء، وبالضم: اسم؛ معناه: مِلء كَفٍّ.
"من ماء".
"وفي رواية: فمضمض واستنشق من كف واحدة": بأن جعل ماء الكفِّ بعضه في فمه، وبعضه في أنفه.
"فعل ذلك ثلاثاً"، وفيه حجة للشافعي.
"وقال: مسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه إلى الكعبين".
"وفي رواية: فمضمض واستنثر ثلاث مرات من غرفة واحدة".
* * *
268 -
رُوي عن ابن عباس أنَّه قال: توضَّأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّة مَرَّةً.
"روي عن ابن عباس أنه قال: توضأ النبي عليه الصلاة والسلام مرة مرةً"؛ أي: غسل كل عضوٍ مرة واحدة، ومسح برأسه مرة واحدة، هذا هو أقلُّ الوضوء.
* * *
269 -
وعن عبد الله بن زيد: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأَ مرَّتينِ مرَّتَين.
"وعن عبد الله بن زيد أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ مرتين مرَّتين" هذا هو الأفضل في الوضوء.
* * *
270 -
وروي عن عثمان - رضى الله عنه -: أنَّهُ توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
"وروى عثمان رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام توضأ ثلاثاً ثلاثاً"، هذا هو الأكمل، وقد فعل عليه الصلاة والسلام كل ذلك تبيينًا لأمته أنَّ جميع ذلك جائز، فمن فعل الأكمل يكون ثوابه أكثر.
* * *
271 -
وقال عبد الله بن عمرو: رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم قوماً توضَّؤُوا وأعقابُهُمْ تَلُوحُ لم يمسَّهَا الماء فقال: "ويل للأَعقابِ مِنَ النَّارِ، أَسبغُوا الوُضُوء".
"وقال عبد الله بن عمرو: رأى النبي عليه الصلاة والسلام قوماً توضؤوا وأعقابهم": جمع عقيب.
"تلوح"؛ أي: تظهر يبوستها، جملة حالية، وكذا:"لم يمسَّها الماء": جملة حالية مبينة لـ (تلوح).
"فقال: ويل للأعقاب"؛ أي: لأصحابها المقصِّرين في غَسلها.
"من النار"؛ يعني: يصل النار إلى المواضع التي لم يصل إليها الماء.
"أَسْبغُوا الوُضوء"؛ أي: أتمُّوه بإتيان جميع فرائضه وسننه.
قيل: لعلهم كانوا حديثي عهد بالإسلام وأحكامه، فتجوزوا في غَسْل أرجلهم لجهلهم بأحكام الشرع، وفيه دليل على وجوب غَسْلِ الرِّجلين وهو المنقول من فعله عليه الصلاة والسلام وفعل الصحابة.
* * *
272 -
وقال المُغيرة بن شُعبة رضي الله عنه: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأ، فمَسحَ بناصيتهِ وعلى عِمَامَتِهِ وخُفَّيْهِ.
"وقال المغيرة بن شعبة: أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته": إن جعلت الباء فيه للتبعيض دليل للشافعي على وجوب مَسْحِ قَدْر ما يطلق عليه اسم المسح وإن قل، وإن جُعِلَت زائدة ففيه دليل لأبي حنيفة في التقدير بالرُّبع وهو قَدْر النَّاصِيَة.
"وعلى عِمَامته" حمل الشافعي المسحَ عليها لتكميل السّنة بعد مَسْحِ الواجب من الرأس لا لسقوط الفرض، وجوَّزه أحمد إن تعمَّمَ على طهْر كلبس الخف، وجوَّزه داود مطلقا، ولم يجوِّزه أبو حنيفة مطلقا.
وقيل: يحتمل أنه كان جائزاً قبل نزول الآية، والأخذ بظاهر التنزيل أولى.
"وخُفَّيه"؛ أي: مسح على خفيه.
* * *
273 -
وقالت عائشة رضي الله عنها: كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يُحبّ التَّيَمُّنَ ما استطاعَ في شأنِهِ كُلِّهِ: في طُهُورِه، وتَرَجُّلِهِ، وتَنَعّلِهِ.
"وقالت عائشة: كان النبي عليه الصلاة والسلام يحب التَّيمُّن"؛ أي: يختار الابتداء باليمين من اليد والرجل وبالجانب الأيمن.
"ما استطاع في شأنه"؛ أي: في أمره.
"كُلِّه، في طُهُوره": بدل من (شأنه) بإعادة العامل؛ أي: في وضوءه، يعني: يغسل يده اليمنى ورجله اليمنى قبل اليسرى.
"وترجُّلِهِ"؛ أي: امتشاط شعر رأسه؛ يعني: يمتشط الجانب الأيمن من رأسه قبل اليسار.
"وتنعُّلِهِ"؛ أي: لبس نعليه، يعني: يُدْخِل رجله اليمنى في النَّعل قبل اليسرى.
* * *
مِنَ الحِسَان:
274 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا لَبسْتُمْ وإذا توضَّأْتُمْ فابْدَؤُا بأيمانكم".
"من الحسان":
" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لبستم وإذا توضَّأتم فابدؤوا بِأَيَامِنِكُم": جمع الأيمن، وهو بمعنى اليمين.
* * *
275 -
وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسمَ الله عليهِ".
"وعن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وُضُوء لمن لم يَذْكُرِ اسم الله، أكثر الأئمة على أنه أريد به نفي الكمال والفضيلة بدليل ما روى ابن عمر وابن مسعود: أنه عليه الصلاة والسلام قال: "مَنْ توضَّأ وذَكَرَ اسم الله كان طَهُوراً لجميع بَدَنِهِ، ومن توضَّأَ ولم يذْكُرِ اسمَ الله كان طَهُوراً لأعضَاءِ وُضُوئه".
والمراد من الطهور هنا: الطهور من الذُّنوب لا عن الحدث فإنه لا يتجزأ، فدلَّ على حصول الوضوء بدون ذكر اسم الله عليه فيكون مستحباً.
وذهب بعضهم إلى وجوبه عند ابتداء الوضوء تمسُّكاً بظاهر الحديث حتى
إن تركه في ابتدائه بطل وضوؤه.
وقيل: إن تركه عامداً بطل، وإن تركه ناسياً (1) أو متاؤلاً فلا.
* * *
276 -
وقال لَقيط بن صَبرة: قلت: يا رسولَ الله! أخبرْني عن الوُضُوء قال: "أسْبغِ الوُضُوء، وخَلِّلْ بينَ الأَصابعِ، وبالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ إلَاّ أن تكونَ صائماً".
"وقال لقيط بن صَبرَة: قلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء قال: أسْبغِ الوضوء، وخلِّلْ بين الأصابع، وبالِغْ في الاستنشاق" بإيصال الماء إلى باطن الأنف.
"إلا أن تكون صائماً" فلا تبالغ حينئذٍ، كيلا يصل الماء إلى باطنه فيبطل الصوم، وإنما أجاب ببعض سنن الوضوء لعلم السائل بأصل الوضوء.
* * *
277 -
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأتَ فخللْ أصابعَ يدَيْكَ ورِجْلَيْكَ"، غريب.
"وعن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا توضَّأْتَ فخلِّلْ أصابعَ يدَيْكَ ورِجْلَيْك"، فالتخليل سُنَّة إن وصل الماء إلى أَثْنَائِهَا، وإن لم يصل بأن كانت الأصابع مُنْضَمَّةً فواجبٌ.
"غريب".
* * *
(1) في "غ": "ساهياً".
278 -
وقال المُسْتَوْرِدُ بن شدَّاد: رأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ يَدْلُكُ أصابعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِه.
"وقال المُسْتَوْرِدُ بن شدَّاد: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ يَدْلُكُ أصابع رِجْلَيْه"؛ أي: يخلِّلها.
"بِخِنْصَرِه"؛ أي: بِخِنْصَرِ يده اليسرى؛ يبدأ برجله اليمنى من الخنصر إلى الإبهام، وبرجله اليسرى من الإبهام إلى الخنصر.
* * *
279 -
وقال أنس: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ أخذَ كفًّا مِنْ ماء، فأدخَلَهُ تحتَ حَنَكِهِ، فخلَّلَ بِهِ لحيتَهُ، وقال:"هكذا أمرَني ربي".
"وقال أنس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ أخذَ كفّاً من ماء فأدخله تحت حَنَكِهِ"؛ أي: تحت لحيته، وذلك كان عند غسل وجهه.
" فخلَّلَ به لحيته" من جانب حلقه؛ ليصل الماء إلى كل جانب من اللحية.
"وقال: هكذا أمرني ربي".
* * *
280 -
وعن عثمان رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يُخلِّلُ لِحْيتهُ.
"وعن عثمان أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُخلل لحيته".
* * *
281 -
عن أبي حَيَّة - رضى الله عنه - قال: رأيتُ عليًّا - رضى الله عنه - توضَّأ فغسلَ كفَّيْهِ حتَّى أنقاهُما، ثمَّ مَضْمَضَ ثلاثاً، واستنشَقَ ثلاثاً، وغسلَ وجهَهُ ثلاثاً، وذِراعَيْهِ ثلاثاً،
ومسحَ برأْسِهِ مَرَّة، ثمَّ غسلَ قَدَمَيْهِ إلى الكعبَيْنِ، ثمَّ قامَ، فأخذَ فَضْلَ طَهُورِه فشَرِبَهُ وهو قائم، ثم قال: أَحبَبْتُ أنْ أُرِيَكُمْ كيفَ كانَ طُهُورُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ويُروى: فمضمضَ واستنْشَقَ ونثرَ بيَده اليُسرى، فعلَ ذلك ثلاثاً، ويُروى: ثم تمضمضَ واستنْشَقَ بكفٍّ واحدةٍ ثلاثَ مرات.
"وعن أبي حَيَّة أنه قال: رأيت علياً رضي الله عنه توضَّأَ فغسلَ كفَّيْه حتى أَنْقَاهُما"؛ أي: أزالَ الوسخ منهما.
"ثم مَضْمَضَ ثلاثاً، واسْتَنْشَقَ ثلاثاً، وغسَلَ وجهَهُ ثلاثاً، وذراعَيْه"؛ أي: يديه من رؤوس الأصابع إلى المرفقين.
"ثلاثاً، ومسح برأسه مرة، ثم غسل قدميه إلى الكعبين، ثم قام فأخذ فَضْلَ طَهُوره" بالفتح؛ أي: بقية مائه الذي توضأ به.
"فشربه وهو قائم" أما شرب فَضْله فلأنه ماء أدَّى به عبادة، وهي الوضوء، فيكون فيه بركة فيَحْسُنُ شربه، وأما شربه من القيام فلتعليم الأمة أنَّ الشُّرب قائماً جائز.
"ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طُهور رسول الله صلى الله عليه وسلم بضم الطاء؛ أي: توضُّؤُه.
"ويروى: ثم تمضمض (1) واستنشق ونثر"؛ أي: طرح من أنفه الأذى.
"بيده اليسرى ففعل ذلك ثلاثاً".
"ويروى: ثم تمضمض واستنشق بكفٍّ واحدة ثلاث مرات".
* * *
(1) في "غ":"مضمض".
282 -
وعن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسحَ برأسِهِ ثلاثَ مرَّات.
"وعن ابن عباس أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه ثلاث مَرَّات": وفيه حُجَّة للشافعي في تثليث مسح الرأس.
* * *
283 -
عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مسحَ برأسِهِ وأُذُنيهِ باطِنِهِمَا بالسَّبَّابَتَيْنِ، وظاهِرِهما بإبهامَيْهِ.
"وعنه أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح برأسِهِ وأُذُنيهِ بَاطِنِهِمَا بالسَّبَّابَتَيْنِ" باطن الأذن: الجانب الذي فيه الثقبة.
"وظاهرهما لإبْهَامَيْهِ": ظاهر الأذن الطرف الذي ملتصق بالرأس.
وفي بعض النسخ: "بالسَّبَّاحَتَيْنِ" مكان "السَّبَّابتين" والسَّبَّاحة والمسبحة بمعنى واحد، وهما من التسميات الإسلامية، وضعوها مكان السَّبَّابة لما فيها من المعنى المكروه.
* * *
284 -
وعن الرُّبَيع بنت مُعَوِّذ: أنَّها رأَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتوَضَّأُ، قالت: ومسَحَ رأْسَهُ ما أقبلَ مِنْهُ وما أدْبَرَ، وصُدْغَيْهِ، وأُذُنيهِ مَرَّةً واحِدةً، وقالت: وأَدخلَ أُصْبُعَيْهِ في جُحْرَيْ أُذُنيهِ.
"وعن الرُّبَيع بنت مُعَوِّذ: أنها رأت النبي عليه الصلاة والسلام يتوضأ قالت: ومسح رأسه ما أَقْبَلَ منه وما أَدْبَرَ وصُدْغَيْهِ": وهو الشعر الذي بين الأذن وبين النَّاصية من كل جانب من جانبي الرأس.
"وأذنيه مرة واحدة، وقالت: وأدخل أُصْبُعَيْه في جُحْري أُذُنيهِ"؛ أي: صِمَاخيهما.
* * *
285 -
وعن عبد الله بن زَيد: أنَّه رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأَ، وأنَّه مسحَ رأسَهُ بماءٍ غيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ.
"وعن عبد الله بن زيد: أنه رأى النبي عليه الصلاة والسلام توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فَضْلِ يديه"؛ أي: بماء جديد، لا بماء بقي على يديه من غسلهما؛ لأنه مستعمل، وفيه حجة للشافعي.
* * *
286 -
عن أبي أُمامة، ذكرَ وُضوءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمسحُ المَأقَيْن، قال: وقال: "الأذُنَانِ مِنَ الرَّأسِ"، وقيل: هذا من قول أبي أُمامة.
"وعن أبي أمامة: ذَكَرَ وضوء رسول الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقَيْن"؛ أي: طرف العينين الذي يلي الأنف؛ أي: ينقيها ويغسلهما من الغمض وهو قيح العين.
"قال": أبو أمامة: "وقال عليه الصلاة والسلام الأذنان من الرأس"؛ أي: يمسحهما مع مسح الرأس بماء واحد، وبه أخذ أبو حنيفة ومالك وأحمد.
"وقيل هذا من قول أبي أمامة".
* * *
287 -
وعن عمْرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ أعرابيًّا سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الوُضُوءَ، فأراهُ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هكذا الوُضُوءُ، فمنْ زادَ على هذا فقدْ
أَساءَ وتعدَّى وظلَم".
"وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن أعرابياً سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الوضوء فأراه"؛ يعني: غَسْل كل عضو.
"ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء"؛ أي: أساء الأدب؛ لأن الازْدِيَاد على ما استكْمَلَهُ الشَّرع استنقاصٌ له.
"وتعدَّى"؛ أي: وجاوز الحدَّ المحدود، وهو التوضُّؤ ثلاثاً ثلاثاً.
"وظلم"؛ أي: نفسه بمخالفته عليه الصلاة والسلام، وإنما ذمّه بهذه الكلمات الثلاث إظهاراً لشدة النَّكير عليه وزجراً له عن ذلك.
قال الإمام حافظ الدين النسفي: هذا إذا زادَ معتقِدًا أن السُّنَّة هذا، فأما لو زاد لطمأنينة القلب عند الشكِّ أو بنيَّةِ وضوءِ آخر فلا بأس به؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه.
* * *
288 -
عن عبد الله بن المُغَفَّل - رضى الله عنه -: أنَّه سمعَ ابنهُ يقولُ: اللهمَّ إنِّي أسألُكَ القَصْرَ الأبيضَ عَنْ يمينِ الجنَّةِ، قال: أيْ بنيَّ، سَلِ الله الجنَّةَ، وتعوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ، فإني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه سيكونُ في هذه الأُمَّةِ قوْمٌ يعتدونَ في الطُّهُورِ والدُّعاء".
"وعن عبد الله بن مُغَفَّل: أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القَصْرَ الأبيض عن يمين الجنة قال"؛ أي: عبد الله لابنه: "أي بنيَّ": لا تسأل شيئاً معيناً من الجنة؛ لأنه ربما يكون ذلك في تقدير الله لشخص غيرك، بل "سَلِ الله تعالى الجنَّة وتعوَّذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في هذا الأمَّة قومٌ يعتدون في الطَّهُور والدُّعاء"؛ أما الاعتداد في الطهور: فبأن
يزيد على الوضع الشرعي والسنة المأثورة، وأما في الدعاء قيل: فبأن يسأل ما لا حاجة له إليه.
وقيل: أن يطلب ما لا يبلغه عملاً وحالاً، كما فعله ابن [عبدالله بن] مغفل حيث سأل منازل الأنبياء.
* * *
289 -
وعن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إنَّ للوُضُوءَ شيطاناً يُقالُ له: الوَلْهَانُ، فاتَّقُوا وَسْوَاس الماء"، ضعيف.
"وعن أُبَيِّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ للوُضُوء شيطاناً يُقال له: الوَلَهان" بفتحتين: مصدر، وَلَهَ: إذا تحيَّر من شدَّة العِشْق، سُمِّي شيطان الوضوء به لإلقائه الناس في التّحير، حتى لا يعلمون: هل وصل الماء إلى أعضاء الوضوء أو لا؟ وهل غسل أكثر من ثلاث أو أقل؟
"فاتقوا"؛ أي: احذروا.
"وسواس الماء"؛ يعني: وسواس الوَلْهَان، وضع الماء موضع ضميره مبالغة في كمال وسواسه في شأن الماء.
"ضعيف، قال الترمذي: غريب".
* * *
290 -
عن مُعاذ بن جَبل قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ مسحَ وجهَهُ بطَرَفِ ثوْبهِ. غريب.
"وعن معاذ بن جبل أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ مسحَ وجهَهُ"؛ أي: يَنْشِفه بعد الوضوء.