الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
362 -
عن المُغيرة رضي الله عنه قال: رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يمسحُ على الخُفَّيْنِ على ظاهرهِما.
"عن المغيرة أنَّه قال: رأيتُ النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام يمسَح على الخُفَّين على ظاهرهما"، وهو مذهب أبي حنيفة.
* * *
363 -
وعن المُغيرة رضي الله عنه قال: توضَّأ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ومسحَ على الجَوْرَبَيْنِ والنَّعْلَيْنِ.
"وعن المغيرة أنَّه قال: توضَّأ النَّبِيّ عليه الصلاة والسلام، ومسحَ على الجَوْرَبَين والنعلين"؛ أي: ونعليهما، فيجوز المسح على الجوربين المنعلين بحيث يمكن متابعة المشي عليهما.
قال الخطابي: معناه: والنعلين لبسُهما فوق الجوربين، وقد ضَعَّف أبو داود هذا الحديث.
* * *
11 - باب التَّيمُّم
(باب التيمم)
مِنَ الصِّحَاحِ:
364 -
عن حُذَيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُضلْنا على النَّاسِ بثلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كصُفُوفِ الملائكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرضُ كُلُّهَا مسجدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا إذا لمْ نَجدِ الماءَ".
"من الصحاح":
" عن حُذيفة أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فُضلْنا على الناس"، بصيغة المجهول، يعني: فَضَّلَنا الله تعالى على الأمم السابقة.
"بثلاث"؛ أي: بثلاث خِصال لم يكن لهم واحدة منها.
"جُعِلَت صفوفُنا"، يعني: وقوفنا في الصلاة صفًا صفًا.
"كصفوف الملائكة" فإن الأمم الماضية يقِفُون في صلاتهم كيف اتفق من غير الصف.
"وجُعِلَت لنا الأرض كلُّها مسجدًا": ولم يَجُزْ لهم أن يصلُّوا إلَّا في كنائسهم وبيَعهم.
"وجُعِلَت تربتُها"؛ أي: تراب الأرض.
"لنا طَهورًا"؛ أي: مطهِّرًا.
"إذا لم نجد الماء" ولم يَجُزْ ذلك للأمم المتقدمة.
* * *
365 -
وقال عِمْران: كُنَّا في سَفَرٍ معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فصلَّى بالنَّاسِ، فلمَّا انفتلَ إذا هو برَجُلٍ مُعتزلٍ لم يُصَلِّ مع القومِ، فقال:"ما منعَكَ أنْ تصلِّيَ معَ القومِ؟ "، قال: أصابَتْني جنابةٌ ولا ماءَ قال: "عليكَ بالصَّعيدِ فإنَّه يكفيك".
"وقال عِمران: كنَّا في سَفَرٍ مع النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فصلى بالنَّاس، فلما انفتلَ"؛ أي: فرغَ من الصلاة.
"إذا هو"؛ أي: النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم "برجل معتزِلٍ" عن القوم؛ أي: خارج من بينهم، واقفٍ في ناحية.
"لم يصلِّ مع القوم، فقال: ما منعك أن تصلي مع القوم؟ قال: أصابتني جَنابة ولا ماء، قال: عليك بالصَّعِيد"، أي: يَلزم عليك التيمُّم بالصعيد، وهو التُّراب عند الشَّافعيّ، ووجهُ الأرض عند أبي حنيفة، سواءٌ كان عليه التُّراب أولا.
"فإنَّه يكفيك"؛ أي: يستغنيك عن الوضوء، ويرفع عنك القضاء، سواء كان من الحَدَث أو من الجَنَابة.
* * *
366 -
وقال عمَّار رضي الله عنه: كُنَّا في سَرِيَّةٍ فاجْنَبْتُ، فتمعَّكْتُ فصلَّيْتُ، فذكرتُ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنَّما كانَ يكفيكَ هكذا"، فضربَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بكَفيْهِ الأرضَ ونفخَ فيهما، ثمَّ مسحَ بهما وجهَهُ وكفَّيْهِ.
وفي رواية قال: فأتيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنما يَكفيكَ أنْ تضربَ بيَدَيْكَ الأرضَ، ثمَّ تنفُخَ، ثمَّ تمسحَ بهما وجهَكَ وكفَّيْكَ".
"قال عمار: كنا في سَرِيَّة"؛ أي: جيش.
"فأجْنَبْتُ"؛ أي: صرت جُنُبًا.
"فتمعَّكْتُ"؛ أي: تمرَّغْتُ في التُّراب، ظانًّا بأن إيصال التُّراب إلى جميع الأعضاء واجب في الجنابة كالماء.
"فصلَّيتُ فذكرتُ للنَّبيِّ عليه الصلاة والسلام فقال: إنما يكفيك هكذا، فضرب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما"، ليقِل الترابُ الذي حصل في كفيه، "ثم مسح بهما وجهه وكفيه" وهذا يدل على أنَّه يكفي ضربةٌ واحدة للوجه والكفين، وبه قال أَحْمد والأوزاعي.
وأما عند مالك والشافعي وأبي حنيفة: لا يجوز إلَّا بضربتين: ضربةٍ للوجه، وضربةٍ لليدين إلى المرفقين، بدليل حديث ابن عمر المار في آخر (باب مخالطة الجنب).
"وفي رواية قال" عمار: "فأتيتُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنما يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ، ثم تمسحَ بهما وجهَك وكفَّيك".
* * *
367 -
عن أبي جُهَيْم بن الحارِث بن الصِّمَّة قال: مَرَرْتُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو يبولُ، فسلَّمْتُ عليه، فلمْ يَرُدَّ عليَّ حتَّى قامَ إلى جِدارٍ، فحتَّهُ بعَصًا كانت معه، ثمَّ وضعَ يده على الجدارِ، فمسحَ وجهَهُ وذِراعَيْهِ، ثمَّ ردَّ عليَّ.
"عن أبي الجُهَيم بن الحارث بن الصِّمَّة"، بكسر الصاد وتخفيف الميم.
"أنَّه قال: مررتُ على النَّبِيّ - علبه الصلاة والسلام - وهو يبول، فسلَّمتُ عليه فلم يردَّ عليَّ، حتَّى قام إلى جِدار فحَتَّه"؛ أي: خَدَشَه "بعصًا كانت معه"؛ حتَّى يحصلَ منه التُّراب.
"فوضع يديه"؛ أي: ضرَبَ بهما "على الجدار، فمسح وجهه وذراعيه، ثم رَدَّ عليَّ" السلامَ، والحديث يدلُّ على استحباب الطهارة لذِكْر الله تعالى؛ لأن السلام من أسماء الله تعالى، وفي تأخيره صلى الله عليه وسلم ردَّ الجواب تعليمٌ بأن رَدَّه من الواجبات المطلَقة، وعلى أن التيمُّمَ لا يصح ما لم يَعْلَق باليد غبارُ التُّراب.
وبه قال محمَّد؛ لأنه لو كان مجردُ الضرب كافيًا لم يحثَّ صلى الله عليه وسلم الجدار بالعصا.
* * *
مِنَ الحِسَان:
368 -
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الصَّعيدَ الطَّيبَ وَضُوءُ المسلمِ وإنْ لمْ يجدِ الماءَ عَشْرَ سنِينَ، فإذا وجدَ الماءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرتَهُ، فإنَّ ذلك خَيْرٌ".
"من الحسان":
" عن أبي ذر أنَّه قال: قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: إن الصَّعِيد الطَّيب"؛ أي: التُّراب الطاهر.
"وَضوء المسلم" بفتح الواو، يعني: بمنزلة ماء الوضوء في صحة الصلاة به.
"وإن لم يجد الماء عَشْرَ سنين"، (إن) للوصل، والمراد منه الكثرة لا المدة المقدَّرة.
"فإذا وجد الماءَ فليُمِسَّه"، من الإمساس؛ أي: ليمْسَحْ "بَشَرتَه" بالماء وليوصِلْه إليه، يعني: فليتوضَّأْ.
"فإنَّ ذلك خيرٌ"، ليس معناه أن كليهما جائز عند وجود الماء، لكن الوضوء خير له، بل المراد منه أن الوضوءَ واجبٌ عند وجود الماء، ونظيرُه قوله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24] مع أنَّه لا خيريةَ ولا أحسنيةَ لمستقَرِّ أصحاب النَّار.
* * *
369 -
وقال جابرٌ: خَرَجْنا في سفَرٍ، فأصابَ رَجُلًا مِنَّا حجَرٌ فشجَّهُ في رأسِهِ، فاحتلَمَ، فسألَ أصحابَهُ: هَلْ تجدُونَ لي رُخصةً في التَّيمُّم؟ قالوا: ما نجدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تقدِرُ على الماءِ، فاغتَسَلَ فمات، فلمَّا قدِمْنا على
رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخْبرَ بذلك، قال:"قتلُوهُ قتلَهُمُ الله، ألا سألُوا إذْ لم يعلَمُوا، فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ، إنَّما كانَ يَكفيهِ أنْ يتيمَّمَ، ويَعصبَ على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثمَّ يمسحَ عليها، ويغسِلَ سائرَ جسَدِهِ".
"قال جابر: خرجْنا في سفر فأصاب رجلًا منا حجرٌ فشجَّه"؛ أي: كَسَرَه.
"في رأسه"، ذكر الرأسَ لزيادة التأكيد، فإن الشجَّ هو كسر الرأس.
"فاحتلَمَ" الرجلُ؛ أي: أصابته جَنابة وخاف أن يقع الماءُ في الجِرَاحة لو اغتسل.
"فسأل أصحابَه: هل تجدون لي رُخْصةً في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رُخْصةً وأنت تقدِرُ على الماء"، هذه جملة حالية.
"فاغتسَلَ فماتَ، فلمَّا قَدِمْنا على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلك، قال: قتلوه"؛ أي: أسند القتل إليهم بطريق المغَايَبَة؛ ليكون أدلَّ على الإنكار عليهم.
"قتلهم الله"؛ أي: لعنهم.
"ألا سألوا إذا لم يعلموا"، عاتبهم عليه الصلاة والسلام بالإفتاء بغير علم، وألحقَ بهم الوعيد بأن دعا عليهم؛ لكونهم مقصِّرين في التأمل في النص، وهو قوله تعالى:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6].
"فإنما شفاء العِيِّ" بكسر العين: هو التحيُّر في الكلام وغيره.
"السؤالُ"، فلمْ يسألوا ولم يتعلَّموا ما لا يعلَمون، فإنَّه لا شفاء لداء الجهل إلَّا التعلُّم.
"إنما كانَ يَكفيه"؛ أي: الرَّجل المحتلِم.
"أن يتيمَّمَ ويَعْصِبَ"؛ أي: يشدَّ "على جُرحه خِرْقةً" حتَّى لا يصلَ إليه الماء.