الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - باب المَواقيْتِ
(باب المواقيت)
مِنَ الصِّحَاحِ:
402 -
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما لَمْ يحضُرِ العَصْرُ، ووقْتُ العَصْرِ ما لَمْ تصفَرَّ الشَّمسُ، ووقتُ صَلاةِ المَغربِ إذا غابتِ الشَّمسُ ما لَمْ يَسقُطِ الشَّفَقُ، ووقْتُ صَلاةِ العِشاءَ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ الأَوْسَطِ، ووقْتُ صَلاةِ الصُّبْح مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ ما لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ، فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فأَمْسِكْ عَنِ الصَّلاةِ، فإنَّها تَطْلُعُ بينَ قَرْني الشيطانِ".
"من الصحاح":
" عن عبد الله بن عمرو أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: وَقْتُ الظهر"؛ أي: أولُ وقت الظهر "إذا زالت الشمس"، أي: مالت بعد الاستواء إلى جهة المغرب.
"ما لم يحضُرِ العصر": وهذا يدل على أنْ لا فاصلةَ بين وقتيهما ولا مشترك بينهما، وعلى أن لا كراهة في تأخير الظهر إلى آخر الوقت.
وعند مالك: إذا صار ظلُّ كل شيء مثلَه من موضع الزيادة، كان قَدْر أربع ركعات من ذلك مشتركًا بينهما.
"ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس"، والمراد منه: وقت الاختيار، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر:"مَن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"، والحديث يدلُّ على كراهة التأخير إلى وقت الاصفرار.
"ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقُط"؛ أي: لم يغرب "الشفق"؛ وهو الحمرة التي تلي الشمس بعد الغروب عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد، والبياض الذي يكون بعد غروب الحُمْرة عند أبي حنيفة.
وهذا يدل على امتداد وقت المغرب إلى سقوط الشَّفَق، فلو سقط بعضه لا يدخل وقت العشاء كما لا يدخل وقتُ المغرب بغروب بعض القُرْص، وتأخير المغرب إلى آخر الوقت أقلُّ كراهة بالنسبة إلى تأخير العصر.
"ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسطِ"، صفة الليل؛ أي: بقدْر نصف ليل أوسطَ لا طويلِ ولا قصيرِ، وهذا وقتُ الاختيار أيضًا؛ لأن وقت الجواز يمتد إلى طلوع الفجر.
"ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر"، وهو تبيُّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، ويدخل وقته بأدنى الطلوع.
"ما لم تطلع الشمس": ولا كراهة في تأخيرها إلى آخر الوقت.
"فإذا طلعت الشمس فأمسِك عن الصلاة"؛ أي: اتركْها.
"فإنها"؛ أي: فإن الشمس "تطلع بين قَرْنيَ الشيطان"؛ أي: بين جانبي رأسه، وذلك أن الشيطان يقف عند طلوع الشمس مستدبرًا لها مستقبلًا لسجود مَن يسجد لها؛ ليكون ذلك عبادة له، فنهى - عليه الصلاة السلام - عن الصلاة في هذا الوقت كراهةَ موافقة عُبَّادِ الشمس.
وقيل: المراد بقرنيه: حزباه السابقون واللاحقون بالليل والنهار.
وقيل: هو من باب التخييل، تشبيهًا له بذوات القرون التي تناطح الأشياء؛ لأن اللعين مناطِحٌ للحق ومدافع له.
* * *
403 -
عن بُرَيْدة: أنَّ رجلًا سألَ النبي صلى الله عليه وسلم عنْ وَقْتِ الصَّلاةِ فقال: "صَلِّ مَعَنا هذَيْنِ" يعني: اليَوْمَيْنِ، فلما زالتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بلالاً فأذَّنَ، ثم أَمَرَهُ فأقامَ الظُّهْرَ، ثمَّ أَمَرَهُ فأقامَ العَصْرَ والشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بيضاءُ نقيَّه، تمَ أمَرَهُ فأقامَ المَغْرِبَ حِينَ غابَتِ الشَّمْسُ، ثم أمَرَهُ فأقامَ العِشاءَ حِينَ غابَ الشَّفَقُ ثمَّ أمَرَهُ فأقامَ الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفجر، فلمَّا أن كانَ اليَوْمُ الثَّاني أمَرَهُ فأبْرَدَ بالطهْرِ فأنْعَمَ أنْ يُبْرِدَ بها، وصلى العَصْرَ والشَّمْسَ مُرتفعةٌ، أخَّرَها فَوْقَ الذي كان بالأمس، وصلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغيبَ الشَّفَقُ، وصلَّى العِشاءَ بَعْدَما ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وصلَّى الفَجْرَ فأسْفَرَ بها، ثمَّ قال:"أينَ السَّائلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟ "، فقالَ الرَّجُلُ: ها أنا، يا رسولَ الله، قال:"وَقْتُ صَلاتِكُمْ بينَ ما رأيْتُمْ".
"وعن بريدة: أن رجلًا سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال: صل معنا هذين اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر": نصب بنزع الخافض؛ أي: للظهر.
"ثم أمره فأقام العصرَ والشمسُ مرتفعةٌ"؛ أي: في أول وقته.
"بيضاءُ"؛ أي: لم يختلِط بها صفرة.
"نقيةٌ"؛ أي: طاهرة صافية من الاصفرار؛ يعني: أي في أول وقته.
"ثم أمرَه فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشَّفَق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أنْ كان"، (أن) هذه زائدة و "كان" تامة؛ أي: دخلَ "اليومُ الثاني أمرَه فأبردَ بالظهر"، قيل: معنى الإبراد: انكسارُ شدة حَرِّ الظهيرة.
"أنعم أن يبرِد بها"، الباء للتعدية؛ أي: زاد على الإبراد في صلاة الظهر وبالغ فيه حتى تمَّ انكسار الحَر.
"وصلى العصرَ والشمسُ مرتفعةٌ أَخرها"؛ أي: صلاة العصر في اليوم الثاني.
"فوقَ الذي كان" بالأمس.
"وصلى المغرب قبلَ أن يغيب الشفقُ"؛ يعني صلاها في آخر الوقت.
"وصلى العِشاء بعد ما ذهب ثلثُ الليل، وصلى الفجر فأسفرَ بها"، الباء للتعدية؛ أي: صلاها وقت الإسفار، وهو الإضاءة.
"ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ فقال الرجل: أنا"؛ أي: السائل أنا "يا رسول الله، قال: وقتُ صلاتكم بين ما رأيتم"؛ أي: هذا الوقت المقتصِد الذي لا إفراطَ فيه تعجيلًا ولا تفريطَ فيه تأخيراً.
* * *
مِنَ الحِسَان:
404 -
عن ابن عبَّاسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّني جِبرِيلُ عند بابِ البَيْتِ مَرَّتِيْنِ، فصلَّى بيَ الظُّهْرَ حِينَ زالَتِ الشَّمْسُ وكانَ الفَيْءُ مِثْلَ الشِّراكِ، وصلَّى بيَ العَصْرَ حِينَ كانَ كُلُّ شيءٍ مثلَ ظِلِّه، وصَلَّى بيَ المَغْرِبَ حِينَ أفطَرَ الصَّائمُ، وصلَّى بيَ العِشاءَ حِينَ غابَ الشَّفقُ، وصلَّى بيَ الفَجْرَ حِينَ حَرُمَ الطَّعامُ والشَّرابُ على الصَّائِمِ، وصلَّى بيَ الغَدَ الظُّهْرَ حِينَ كانَ كُلُّ شيءٍ مِثْلَ ظلِّهِ، وصلَّى بيَ العَصْرَ حِينَ كانَ ظِلُّ كُل شيءٍ مِثْلَيْهِ، وصلَّى بيَ المَغْرِبَ حِينَ أفطَرَ الصَّائمُ، وصلَّى بيَ العِشاءَ حِينَ ذهبَ ثُلُثُ الليلِ، وصلَّى بيَ الفَجْرَ حِينَ أسفَرَ، ثمَّ التفتَ إليَّ فقال: يا مُحمَّدُ، هذا وَقْتُ الأنبياءِ مِنْ قبلِكَ، والوقتُ ما بينَ هذينِ الوَقْتَيْنِ".
"من الحسان":
" عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أمَّني جِبْرَائيل"؛ أي: صار إمامًا لي.
"عند باب البيت"؛ أي: الكعبة.
"مرَّتين"؛ أي: في يومين؛ ليعرِّفَني كيفية الصلاة وأوقاتَها.
"فصلى بي"، الباء للمصاحبة والمعية؛ أي: صَلَّى معي "الظهرَ حين زالت الشمس، وكان الفيءُ"؛ أي: الظِلّ الراجع من النقصان إلى الزيادة.
"مِثلَ الشِّرَاك"؛ أي: كان بقدْر شِراك النعل، وهذا على وجه التقدير لا التحديد؛ لأن زوال الشمس لا يتبيَّنُ بأقلَّ ما يُرى من الظل في جانب المشرق، وكان حينئذٍ بمكة هذا القَدْر والظِّلُّ يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فكل بلد هو أقربُ إلى خط الاستواء ومعدَّل النهار كان الظل فيه أقصرَ، وكل بلد كان أبعدَ عنهما إلى جانب الشمال كان فيه أطولَ.
"وصلى بي العصرَ حين كان ظِلُّ كل شيء مثلَ ظِلِّه"، معناه: زاد ظِلّ كل شيء عن مثلِه أَدْنىَ زيادة.
"وصلى بي المغربَ حين أفطر الصائم"؛ يعني بعد غروب الشمس؛ لأن الصائم يُفطر في هذا الوقت.
"وصلى بي العِشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجرَ حين حَرُمَ الطعامُ والشراب على الصائم"؛ يعني: أول طلوع الفجر الثاني.
"وصلَّى بي الغداةَ"؛ أي: صلى في اليوم الثاني "الظهرَ حين كان كلُّ شيء مثلَ ظِلِّه، وصلى بي العصر حين كان ظِلّ كلِّ شيءٍ مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين ذهب ثلثُ الليل، وبي الفجر حين أسفرَ"؛ أي: أضاء.
"ثم التفتَ"؛ أي: نظرًا "إليَّ" جبرائيل عليه السلام.
"فقال: يا محمدا هذا وقت الأنبياء من قبلِك"، إذ المحافظةُ عليه شاقّةٌ على النفس لا يقدِر عليها إلا المراعون للظلال والمنتظِرون للصلوات.