المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌8 - باب أحكام المياه - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ١

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتَابُ الإيمَانِ

- ‌2 - باب الكبائر وعلامات النِّفاق

- ‌فصل في الوَسْوَسةِ

- ‌3 - باب الإِيمان بالقَدَرِ

- ‌4 - باب إِثْبات عَذَاب القَبْر

- ‌5 - باب الاعتِصام بالكتاب والسنة

- ‌2 - كِتابُ العِلْمِ

- ‌3 - كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌2 - باب ما يُوجِب الوضوءَ (باب ما يوجب الوضوء)

- ‌3 - باب أَدَب الخَلاءِ

- ‌4 - باب السِّواكِ

- ‌5 - باب سُنن الوُضوء

- ‌6 - باب الغسل

- ‌7 - باب مُخالَطة الجُنُب وما يُباح لَهُ

- ‌8 - باب أحكام المِيَاهِ

- ‌9 - باب تَطْهير النَّجاسات

- ‌10 - باب المَسْح على الخُفَّيْنِ

- ‌11 - باب التَّيمُّم

- ‌12 - باب الغُسْل المَسْنون

- ‌13 - باب الحيض

- ‌14 - باب المستحاضة

- ‌4 - كِتابُ الصَّلَاةِ

- ‌2 - باب المَواقيْتِ

- ‌3 - باب (تَعْجيل الصلاةِ)

- ‌فصل

- ‌4 - باب الأَذان

- ‌5 - باب فَضْل الأَذان وإجابة المؤذّن

- ‌فصل

- ‌6 - باب المَساجِد ومَواضع الصَّلاةِ

- ‌7 - باب السَّتْر

- ‌8 - باب السُّتْرة

- ‌9 - باب صِفَة الصَّلاةِ

- ‌10 - باب ما يَقْرأُ بعد التكبيرِ

- ‌11 - باب القِراءةِ في الصلاة

الفصل: ‌8 - باب أحكام المياه

الرجل السلام وقال: إنه لم يمنعني أن أردَّ عليك السلام إلا أني لم أكن على طُهْرٍ"، فيه دليل على أن من قَصَّرَ في الرَّدِّ لعذرِ يُستحبُّ أن يعيده ويعتذِرَ إليه، ويخبره أنه أَخَّرَه لعذر.

"وروي: أنه لم يردَّ عليه حتى تَوَضَّأ، ثم اعتذرَ إليه فقال: إني كرهتُ أن أذكر الله إلا على طُهْرٍ": فيه دليلٌ على أنه يستحبُّ أن يكون ذِكْرُ الله على الوضوء أو التيمم؛ لأن السلام اسم من أسمائه تعالى.

والتوفيق بين هذا وحديث عليٍّ: أنه عليه الصلاة والسلام كان يخرجُ من الخلاء فَيُقْرِئُنا القرآنَ= أنه صلى الله عليه وسلم أخذ في ذلك بالرخصة تيسيراً على الأمة، وفي هذا بالعزيمة.

* * *

‌8 - باب أحكام المِيَاهِ

(باب أحكام المياه)

مِنَ الصِّحَاحِ:

324 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَبُولَّنَ أحدكُمْ في الماء الدَّائِم الذي لا يَجري ثمَّ يغتَسِلُ فيهِ".

"من الصحاح":

" عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبولَنَّ أحدكم في الماء الدَّائم"، أي: الرَّاكد.

"الذي لا يجري" صفة ثانية للماء مؤكّدة للأولى.

ص: 304

"ثم يغتسلُ فيه"، وهذا لأنَّ الماء الواقف إن كان دون القُلَّتين ينجس، فلا يجوز الاغتسال منه، وإن كان قُلَّتين فلعلَّه يتغيَّرُ به فيصير نَجِساً بالتغير، وكذا إن كَثُرَ غايةَ الكثرة، إذ لو جُوِّزَ البول فيه لبال واحدٌ بعد واحد فيتغيَّر من كثرة البول.

* * *

325 -

وقال: "لا يَغتسِلُ أحدكمْ في الماء الدَّائم وهو جُنُبٌ"، رواه أبو هريرة رضي الله عنه.

"وقال: لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب"، وهذا النهي إنما يكون في الماء الذي دون القلتين؛ لأنه يصير مستعملاً باغتسال الجنب، فحينئذ قد أفسدَ الماء على الناس لأنه لا يصحُّ الاغتسال والتوضّؤ منه بعد ذلك.

* * *

326 -

وقال جابر: نَهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يُبالَ في الماءَ الرَّاكِدِ.

"وقال جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الرَّاكد"؛ أي: الواقف.

* * *

327 -

وقال السَّائب بن يَزيد: ذهَبَتْ بي خالَتي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسولَ الله! إنَّ ابن أُخْتِي وَجِع، فَمسحَ برأْسي، فدعا لي بالبَرَكةِ، ثم توضَّأ، فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئهِ، ثمَّ قُمْتُ خلفَ ظهرِهِ، فنظرتُ إلى خاتَم النّبوَّةِ بينَ كتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ.

"وقال السَّائب بن يزيد: ذهبت بي خالتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقالت: يا رسول الله! إن ابن أختي وَجِع" بكسر الجيم؛ أي: مريضٌ.

ص: 305

"فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضَّأ فشربْتُ من وَضوئه" بفتح الواو؛ أي: من ماء وضوئه.

عدمُ نهيه عليه الصلاة والسلام عن شربه يدلُّ على طهارة الماء المستعمَل، والمانع: حملُهُ على التَّداوي، أو على أنه شرب من فَضْلِ وضوئه، لا ما انفصل من أعضاء وضوئه.

"ثم قمت خلف ظهره، فنظرت إلى خاتم النبوة": وهو طابعه الذي خُتمت به النبوة، وهو أثرٌ كان"بين كتفيه مثلَ" نصب على نزع الخافض؛ أي: كمِثْلِ.

"زر الحَجَلَة"(الزرُّ) بتقديم الزاي المكسورة على الراء المشددة: واحدُ الأزرار التي يُشَدُّ بها على ما يكون في حَجَلَةِ العَرُوس، وهي بيتٌ كالقُبّة يُستَرُ بالثياب ويكون له أزرار كِبار.

وقيل: بتقديم الراء المهملة على الزاي: بمعنى البَيْض، والحَجَلَة هي القَبَجَة، وهي طائر معروف، وبيضها فيه نقوش تضرب إلى الحمرة؛ أي: شَبَّه خاتم النبوة بزر حجل العروس، أو بيض القَبَج، كان ذلك عَلَما من أعلام النبوة نُعِتَ به في الكتب المنزلة يُعلَم به أنه النبي الموعود، المُبَشَرِ به فيها.

* * *

مِنَ الحِسَان:

328 -

عن ابن عمر رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانَ الماءُ قُلَّتيْنِ لَمْ يَحْمِل نَجساً"، ويروى:"فإنَّه لا يَنْجُس".

"من الحسان":

" عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان الماء قُلَّتين"، (القُلَّة):

ص: 306

جَرة كبيرة معروفة بالحِجاز تَسَع مئتين وخمسين رَطْلاً بالبغدادي، فالقُلَّتان خمس مئة رَطْل، وقيل: ست مئة رطل.

"لم يحمِلْ نَجَساً"؛ أي: لا يقبَلُ نجاسة، بل يدفعها عن نفسه، يقال: فلان لا يحمِلُ ضَيماً؛ أي: يمتنع عن قَبوله: إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه.

"ويروى: فإنه لا ينجُسُ"، وهذا بشرط ألا يتغيَّر بها، فإن تغيَّر بها ينجس؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"خُلِقَ الماء طَهوراً لا ينجِّسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه".

وهذا الحديث يدلُّ بمنطوقه على أنَّ الماء البالغ قُلَّتين لا ينجس بملاقاة النجاسة، وبمفهومه يدلّ على أن ما دونه ينجس بالملاقاة وإن لم يتغيَّر، فمن قال بحجيّة المفهوم كالشافعي خص عمومَ واحدٍ من الحديثين بالأخرى؛ يعني: خصَّ عموم منطوق الأول بمنطوق الثاني، وعموم منطوق الثاني بمفهوم الأول، ومن لم يقل بحجيَّته أَجْرَى الثاني على عمومه، والظاهر أنه يكون مخصصاً للأول عنده.

* * *

329 -

وقال أبو سعيد الخُدرِيّ رضي الله عنه: قيلَ: يا رسولَ الله! أنتوضَّأ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ، وهِيَ بئرٌ تُلْقَى فيها الحِيَضُ ولُحومُ الكلابِ والنتنُ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الماءَ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شيءٌ".

"وقال أبو سعيد الخدري: قيل: يا رسول الله! أنتوضأ من بئر بُضاعَةَ" بضم الباء وأجيز كسرها، وحكي أيضاً: بالصاد المهملة، دار بني ساعدة بالمدينة، وهم بطنٌ من الخزرج.

"وهي بئر": معروفة بالمدينة.

ص: 307

"تُلْقَى فيها الحِيَض" بكسر الحاء وفتح الياء: جمع حِيْضة - بكسر الحاء وسكون الياء - وهي الخِرْقة التي تستعملها المرأة في دم الحيض.

"ولحوم الكلاب والنَّتن"؛ وهو الرائحة الكريهة، والمراد به هنا: الشيء المنِتنُ كالعَذِرَةِ والجِيْفَة.

قيل: كانت السيول تَكْسَحُ الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملُها وتلقيها في هذه البئر، وكان ماؤها كثيراً سيَّالاً يجري بها، فسألوا عن حكمها في الطهارة والنجاسة.

"فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الماء طهور لا ينجِّسه شيء" قيل: الألف واللام في (الماء) للعهد الخارجي، فتأويله: أن الماء الذي تسألون عنه وهو ماءُ بئر بُضَاعة طاهر؛ لأنه أكثر من قُلَّتين، فلا يخالف حديث ابن عمر.

قال أبو داود: مددْتُ فيه ردائي، فإذا عرضُهُ ستَّةُ أَذْرُعٍ.

* * *

330 -

ورُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خُلِقَ الماءُ طَهوراً لا يُنجِّسُهُ إلَاّ ما غيَّرَ طعمَهُ أو ريحَهُ".

"وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام " في جواب السؤال المذكور "أنه قال: خُلِقَ الماء طَهوراً لا ينجِّسُه شيء إلا ما غَيَّرَ طَعْمَه أو ريحه"، قاس الشافعى اللونَ على الطَّعْمِ والريح المنصوص عليهما في الحديث.

* * *

331 -

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "سألَ رجل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! إنَّا نركبُ البحرَ، ونحمِلُ مَعَنَا القليلَ مِنَ الماء، فإنْ تَوَضَّأنَا بهِ عَطِشْنَا، أفنتوضَّأ بماء البحر؛ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: " هُوَ الطَّهُورُ ماؤُهُ، والحِلُّ مَيْتَتُهُ".

ص: 308

"وقال أبو هريرة: سألَ رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضَّأنا به عَطِشْنَا، أفتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو"؛ أي: البحر.

"الطَّهور ماؤه"؛ أي: المطهِّر؛ لأنهم سألوه عن تطهير مائه لا عن طهارته، وهذا يدل على أن التوضؤ بماء البحر جائز مع تغير طعمه ولونه، ولما سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر وعَلِمَ جهلَهُم بحكم مائه، قاسَ جهلهم بحلّ صيده مع عموم قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]، فزاد في الجواب:"والحل مِيْتَتُهُ": فالحوت حلال بالاتفاق، والسرطان أيضاً في أصحِّ القولين، وكذلك ما يعيش في الماء والبَر، فأما ما لا يعيش في البر ففيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أن جميعه حلال، والثاني: حرام، والثالث: ما يؤكَل شبهه في البَر يؤكَل، وما لا فلا.

* * *

332 -

عن أبي زيد، عن عبد الله بن مَسْعود رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ ليلةَ الجن: "ما في إداوَتك؟ "، قال: قلت: نبَيذٌ، قال:"تمرةٌ طيبة وماءٌ طَهُور"، فتوضَّأ مِنْهُ.

قال الإمام: هذا ضعيف، وأبو زيد مجهولٌ، وقد صحَّ:

"وعن أبي زيد، عن عبد الله بن مسعود: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له ليلةَ الجن"، وهي الليلة التي جاءت الجِنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهبوا به إلى قومهم ليتعلموا منه الدين، وكان معه عليه الصلاة والسلام عبد الله بن مسعود، وفي رواية: معه زيد بن ثابت.

"ما في إداوتك؟ "؛ أي: أيُّ شيءٍ في مِطْهَرتك.

ص: 309

"قال"؛ أي: ابن مسعود.

"قلت: نبيذٌ"، وهو التمر أو الزبيب المنبوذ؛ أي: المُلْقَى في الماء.

"قال: تمرة طيبة وماء طَهور فتوضأ منه"، يدل على أن التوضُّؤ بنبيذ التمر جائزٌ، وبه قال أبو حنيفة خلافاً للشافعي إذا تغيَّر.

"وهذا ضعيفٌ، وأبو زيد مجهول، وقد صح": * * *

333 -

عن عَلْقمة، عن عبد الله بن مَسْعُود - رضى الله عنه - قال: لَمْ أكُنْ ليلةَ الجنّ مَعَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

"عن علقمةَ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لم أكن ليلة الجنِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "، فلم يكن ما رُوي عنه ثابتاً، ولئن ثبتَ فلم يكن نبيذاً متغيراً، بل كان ماء مُعَداً للشرب، كانوا يفعلون ذلك ليجتذب ملوحة مائهم فيكون أوفقَ وأنفع لأمزجتهم.

* * *

334 -

عن كبْشَة بنت كعْب بن مالك رضي الله عنه، وكانت تحت ابن أبى قَتادة: أنَّ أبا قتادة دخلَ عليها، فسكبَتْ لهُ وَضوءاً، فجاءتْ هِرَّةٌ تشربُ مِنْهُ، فأصغَى لها الإناءَ، قالت: فرآني أنظُرُ إليه، فقال: أتعجبين يا بنتَ أخي؟ قالت: فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنِّها لَيْسَتْ بنجَسٍ، إنَّها مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُمْ والطَّوافاتِ".

"وعن كبشة رضي الله عنها بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة"؛ أي: كانت زوجته، وكان اسم ابن أبي قتادة عبد الله.

ص: 310

"أن أَبا قَتادة دخل عليها"؛ أي: على كبشة.

"فسكبتْ له"؛ أي: صبَّت لأبي قَتادة.

"وَضوءًا" بفتح الواو؛ أي: ماءً الوضوء في إناء.

"فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها الإناء"؛ أي: أمالَه إليها ليسهُلَ عليها شربُه منه.

"قالت: فرآني" أبو قتادة "أنظر إليه، فقال: أتعجبين يَا ابنة أخي" شربَها من وَضوئي؟ وهذا على عادة العرب، فإن بعضهم يقول لبعض: يَا أخي، وإن كانا ابني عمين "فقالت: قلت: نعم، فقال:

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها"؛ أي: الهرة.

"ليست بنجَس إنها"؛ أي: لأنها "من الطَّوَافين عليكم"؛ أي: في منازلكم، ويقع عليها ثِيابكم وأبدانكم، فلو كانت نَجِسَة لأُمرتم بالمجانبة عنها وإخراجها من البيوت.

"أو الطَّوافات"، شك من الراوي، شبَّهها بالمماليك وخَدَمَة البيت الذين يطوفون للخِدْمة، قال تعالى:{طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النور: 58]، وألحقها بهم لأنها خادمة أَيضًا حيث تقتلُ المؤذِيات، أو لأن الأجر في مواساتها كالأجر في مواساتهم، وهذا يدل على أن سُؤْرها طاهر، وبه قال الشَّافعيّ، وعند أبي حنيفة مكروه.

* * *

335 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأُ بفَضْلِها.

ص: 311

"وعن عائشة أنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها"؛ أي: فضلِ الهرة؛ أي: بما بقي في الإناء بعد شربها.

* * *

336 -

وقال جابر: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضَّأُ بما أفْضَلَتِ الحُمُر؟ قال: "نعم، وبما أَفْضَلَتِ السِّباعُ كُلُّها".

"وقال جابر: سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضَّأ بما أَفْضَلَتِ الحُمُر؟، جمع حمار؛ أي: أبقت من فُضَالة مشروبها.

"قال: نعم، وبما أفضلتِ السباع كلُّها" و (ما) في كلا الموضعين موصولة، وهذا يدل على أن سُؤْر السباع طاهر، وبه قال الشَّافعيّ إلَّا سُؤْرَ الكلب والخنزير، وعند أبي حنيفة سُؤْرُ كلِّها نَجِس.

* * *

337 -

وقالت أُمّ هانئ: اغتسلَ هو - تعني: رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونة في قَصْعَةٍ فيها أثرُ العَجين.

"قالت أم هانئ" بالهمزة؛ هي أخت علي بن أبي طالب.

"اغتسلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وميمونةُ في قَصْعَة فيها أثرُ العجين"؛ وهو الدقيق المعجون بحيث لم يكن أثرُه في تلك القَصْعة كثيرًا مغيرًا للماء، فإنْ كان كثيرًا مغيرًا للماء جازت الطهارةُ به أَيضًا عند أبي حنيفة خلافًا للشافعي.

* * *

ص: 312