الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي " تَذْكِرَةِ الْخِلَافِ " فِي مَسْأَلَةِ تَغْسِيلِ الشَّهِيدِ الْجُنُبِ. فَقَالَ: غُسْلُ الْمَلَائِكَةِ لَا يُسْقِطُ مَا تُعُبِّدَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ، وَقِيَاسُ سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ هَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْجِنِّ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا، وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَكْلِيفِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَسَنَذْكُرُهُ.
[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فَرْضُ الْكِفَايَة يَلْزَم بِالشُّرُوعِ]
ِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي " الْمَطْلَبِ " فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَأَشَارَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إلَى أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ إنَّمَا هُوَ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ، وَلِهَذَا قَالُوا: يَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ بِحُضُورِ الصَّفِّ، وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْأَصَحِّ بِالشُّرُوعِ، وَأَمَّا تَجْوِيزُهُمْ الْخُرُوجَ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فَبَعِيدٌ، وَلَمْ يُرَجِّحْ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ شَيْئًا بِخُصُوصِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّحُوا فِي أَفْرَادِ مَسَائِلِهَا مَا يُخَالِفُ الْآخَرَ، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ: أَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إذَا أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ النَّجَابَةَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَصَحَّحَا خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ بِخِلَافِ الْجِهَادِ. وَقَالَ الْقَاضِي الْبَارِزِيُّ فِي تَمْيِيزِهِ ": وَلَا يَلْزَمُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ.
وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ، وَقَالَ فِي " الْوَسِيطِ ": وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَلِيقُ بِأَصْلِ الشَّافِعِيِّ تَعْيِينُ الْحُكْمِ بِالشُّرُوعِ، فَإِنَّ الشُّرُوعَ لَا يُغَيِّرُ حَقِيقَةَ الْمَشْرُوعِ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ التَّطَوُّعُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَقَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْتِقَاطِ الْمَنْبُوذِ: وَمَنْ لَابَسَ فَرْضًا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ إتْمَامِهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْإِضْرَابَ عَنْهُ، فَقَدْ نَقُولُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِيرُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالْمُلَابَسَةِ مُتَعَيِّنًا، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَتَفْصِيلٌ سَأَذْكُرُهُ فِي بَابِ السِّيَرِ. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَفْعُولِ أَوَّلًا، أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ هَلْ يَلْزَمُ؟ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ ": لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَمَا صَلَّى عَلَيْهَا فَرْضَ الْكِفَايَةِ هَلْ لَهُ " الْخُرُوجُ؟ " يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ يَنْبَنِيَانِ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الثَّانِيَةَ تَقَعُ فَرْضًا أَمْ لَا؟ وَفِيهِ جَوَابَانِ، وَالْقِيَاسُ عِنْدِي: أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا، لِأَنَّ الْفَرْضَ مَا لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. اهـ. وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُ فِي سَائِرِ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ فَرْضًا.