الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُكَلَّفُ ذَلِكَ تَعَبُّدًا أَوْ تَرَكَهُ تَعَبُّدًا، فَأَمَّا إذَا فَعَلَهُ لَا بِقَصْدِ التَّعَبُّدِ بَلْ لِغَرَضٍ آخَرَ، أَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ التَّعَبُّدِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِبَادَةً مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ} [الروم: 38] وَأَمَّا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَإِنَّمَا صَحَّتْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهَا التَّرْكُ فَصَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّعَبُّدَ؛ لِأَنَّهُ عَدَمُ الْفِعْلِ، وَلَكِنْ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْإِزَالَةَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِأَجْلِ النَّهْيِ عَنْهُ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عِبَادَةً. وَأَمَّا الْقُرْبَةُ فَقَالَ الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيِّ: مَا كَانَ مُعْظَمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. حَكَاهُ عَنْهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي " الْأَسْرَارِ " قَالَ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الدُّيُونِ وَرَدُّ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا، وَمِنْ سَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ النَّفْعُ لِلْآدَمِيِّ.
[خَاتِمَةٌ السُّنَّةُ لَا تَعْدِلُ الْوَاجِبَ]
َ] قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي " الْأَمَالِي ": قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَا يَعْدِلُ شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ وَاجِبًا أَبَدًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُرَتَّبَانِ عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ، وَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ: ثَمَنُ دِرْهَمٍ مِنْ الزَّكَاةِ تَرْبُو مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَصْلَحَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ تَطَوُّعًا، وَأَنَّ قِيَامَ الدَّهْرِ لَا يَعْدِلُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، هَذَا خِلَافُ الْقَوَاعِدِ. اهـ. وَفِيهِ أُمُورٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ إشْكَالَهُ هَذَا يَرْجِعُ بِالْإِشْكَالِ عَلَى مَنْعِهِ السَّابِقِ، كَمَزِيَّةِ الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ عَلَى فَرْضِ الْعَيْنِ، لِتَوَفُّرِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ مُتَقَابِلَةً لِمَصْلَحَةٍ
خَاصَّةٍ، وَلَيْسَتْ مَفْسَدَةُ تَرْكِ النُّهُوضِ بِمُهِمَّاتِ شَعَائِرِ الدِّينِ أَقَلَّ مِنْ مَفْسَدَةِ التَّارِكِ لِفَرْضِ عَيْنٍ بَلْ أَكْثَرُ لِمَا فِيهِ مِنْ خَرْمِ نِظَامِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ. الثَّانِي: أَنَّ مَا مَثَّلَ بِهِ قَدْ يَلْتَزِمُ، إذْ تَرْكُ التَّطَوُّعِ صَدَقَةً كَانَ أَوْ صَلَاةً لَا إثْمَ فِيهِ، وَإِنْ كَثُرَ بِخِلَافِ الْفَرْضِ، وَإِنْ قَلَّ، فَنَاسَبَ تَأَكُّدُهُ وَالِاعْتِنَاءُ بِهِ بِزِيَادَةِ الثَّوَابِ، فَلَا يَمْتَنِعُ إطْلَاقُ التَّفْضِيلِ. الثَّالِثُ: فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا فِي الْفُرُوعِ صُوَرٌ تَقْتَضِي تَرْجِيحَ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ. مِنْهَا: أَنَّ إبْرَاءَ الْمُعْسِرِ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَزِيَادَةٍ، وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ فِي " الْأَذْكَارِ ": أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ أَفْضَلُ؛ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ فِيهِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ وَالْإِمَامَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِيهِمَا مَعَ تَرْجِيحِهِ الْأَذَانَ. وَمِنْهَا: مَا صَحَّحَهُ أَيْضًا مِنْ تَفْضِيلِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ مَعَ وُجُوبِهِ فِي الْقَدِيمِ.