المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الواجب الموسع قد يكون محدودا وقد يكون وقته العمر] - البحر المحيط في أصول الفقه - ط الكتبي - جـ ١

[بدر الدين الزركشي]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌[فَصْلٌ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي الْأُصُولِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ شَرَفِ عِلْمِ الْأُصُولِ]

- ‌[الْمُقَدِّمَاتُ]

- ‌[فَصْلٌ الْغَرَضُ مِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ وَحَقِيقَتُهُ وَمَادَّتُهُ وَمَوْضُوعُهُ وَمَسَائِلُهُ]

- ‌[مَفْهُوم الدَّلِيلُ]

- ‌[أَقْسَامُ الدَّلِيلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَدِلَّةُ الْعُقُولِ]

- ‌[مَفْهُوم النَّظَرُ]

- ‌[أَقْسَامُ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ مُكْتَسَبٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ الْحَاصِلُ عَقِبَ النَّظَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ وَاجِبٌ شَرْعًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّظَرُ الْفَاسِدُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي الْعِلْمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَفَاوُتُ الْعُلُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعِلْمُ إمَّا قَدِيمٌ وَإِمَّا حَادِثٌ]

- ‌[الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مَرَاتِبِ الْعُلُومِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُحِسَّاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَعْلُومٍ وَاحِدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُقَارِنُ الْعِلْمُ بِالْجُمْلَةِ الْجَهْلَ بِالتَّفْصِيلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُوجَدُ عِلْمٌ لَا مَعْلُومَ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طُرُقُ مَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْجَهْلُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّنُّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الظَّنُّ طَرِيقُ الْحُكْمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَفَاوُتُ الظُّنُونِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَقْسَامُ الظَّنِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الشَّكُّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الشَّكُّ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوَهْمُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّهْوُ وَالْخَطَأُ]

- ‌[خَاتِمَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اسْتِعْمَالُ الظَّنِّ بِمَعْنَى الْعِلْمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَقْلُ]

- ‌[الْعَقْلُ ضَرْبَانِ]

- ‌[الْحَدُّ النَّظَرُ فِي حَقِيقَتِهِ وَأَقْسَامِهِ وَشُرُوطِ صِحَّتِهِ]

- ‌[مَذَاهِبُ اقْتِنَاصِ الْحَدِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صُعُوبَةُ الْحَدِّ]

- ‌[الْحَدّ الْحَقِيقِيّ وَالْحَدُّ الرَّسْمِيُّ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَدِّ]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْحَدِّ]

- ‌[الْخَفَاءُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْخَفَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَادِّ أَوْ إلَى كُلِّ أَحَدٍ]

- ‌[فَرْعٌ التَّحْدِيدُ بِمَا يَجْرِي مَجْرَى التَّقْسِيمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْحَدِّ]

- ‌[فَائِدَةٌ إعْرَابُ الصِّفَاتِ فِي الْحُدُودِ]

- ‌[الْقِسْمَةُ حَدِّهَا وَأَنْوَاعِهَا وَشُرُوطِ صِحَّتِهَا]

- ‌[شُرُوطُ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَوَقُّفُ الْمَطْلُوبِ التَّصْدِيقِيِّ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَوْضُوعُ وَالْمَحْمُولُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النَّتِيجَةُ تَتْبَعُ الْمُقَدِّمَاتِ]

- ‌[الْأَحْكَامُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَفْيُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحُكْمُ هَلْ هُوَ قَطْعِيٌّ أَمْ ظَنِّيٌّ]

- ‌[مَفْهُوم الْخِطَابُ]

- ‌[خِطَابُ التَّكْلِيفِ وَخِطَابُ الْوَضْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعْلَمُ بِهِ خِطَابُ اللَّهِ وَخِطَابُ رَسُولِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا حَاكِمَ إلَّا الشَّرْع]

- ‌[اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ دَلَالَاتِ الْعُقُولِ]

- ‌[الْعَقْلُ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ]

- ‌[الْعَقْلُ مُدْرِكٌ لِلْحُكْمِ لَا حَاكِمٌ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى شُكْرُ الْمُنْعِمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ حُكْمُ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ]

- ‌[حُكْمُ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَوَازُ فتور الشَّرِيعَة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيرُ خُلُوِّ وَاقِعَةٍ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَحْكَامُ الشَّرْعِ ثَابِتَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مُجَرَّدُ السُّكُوتِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا عَدَا الْمَذْكُورِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَعْرِيفُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْحَسَنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ لَا يَقْتَضِي حُسْنَ الْمَأْمُورِ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ خِطَابُ التَّكْلِيفِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَاجِبِ]

- ‌[تَنْبِيه أَقْسَامُ الْوَاجِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ الْأَدَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَسْمَاءُ الْوَاجِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ أَوْجَبُ مِنْ بَعْضٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَرَتُّبُ الذَّمِّ أَوْ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ يَتَحَقَّقُ بِهِ الْوُجُوبُ]

- ‌[فَصْلٌ انْقِسَامُ الْوَاجِبِ] [

- ‌مَسْأَلَة الواجب الْمُخَيَّرِ]

- ‌[شُرُوطُ التَّخْيِير]

- ‌[مَسْأَلَتَانِ فِي الْكَفَّارَة] [

- ‌الْأُولَى تَعْيِينُ خَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الشُّرُوعُ بخصلة هَلْ يُعَيِّنُهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ مُعْظَمُ الْعِبَادَاتِ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[تَتِمَّةٌ وُجُوبُ الْأَشْيَاءِ قَدْ يَكُونُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[جَوَازُ تَرْكِ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ أَوَّلَ الْوَقْتِ]

- ‌[الْمُنْكِرُونَ لِلْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ]

- ‌[تَتِمَّاتُ هَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ]

- ‌[الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ قَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا وَقَدْ يَكُونُ وَقْتُهُ الْعُمُرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا لَا يَتِمُّ الواجب إلَّا بِهِ]

- ‌[الْمَذَاهِبُ فِي الشَّرْطِ الشَّرْعِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَقَائِقُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مُتَبَايِنَةٌ]

- ‌[قَاعِدَةٌ تَجْمَعُ مَسَائِلَ جَائِزُ التَّرْكِ مُطْلَقًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الزِّيَادَةُ عَلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ لَا يُوصَفُ بِالْوُجُوبِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الصَّوْمُ وَاجِبٌ عَلَى أَصْحَابِ الْأَعْذَارِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ الْمُبَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَرْضُ الْكِفَايَةِ لَا يُبَايِنُ فَرْضَ الْعَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هَلْ يَتَعَلَّقُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا تَرَكَ الْجَمِيعُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ التَّكْلِيفُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مَنُوطٌ بِالظَّنِّ لَا بِالتَّحْقِيقِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ سُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِمَنْ فَعَلَهُ أَوَّلًا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ وَفِعْلُ الْبَعْضِ مُسْقِطٌ لِلْحَرَجِ أَمْ لَا]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ سَقَطَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَة سُقُوط فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِفِعْلِ الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ فَرْضُ الْكِفَايَة يَلْزَم بِالشُّرُوعِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَة هَلْ يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَة الْقِيَام بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَوْلَى مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَة يُتَصَوَّرُ الْمُخَيَّرُ فِي الْوَاجِبِ الْكِفَائِيِّ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَة الْجَمْع بَيْنَ قَوْلِ فَرْضَ الْكِفَايَةِ يَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَرَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحُرْمَةُ لَا تُلَازِمُ الْفَسَادَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا لَا يَتِمُّ تَرْكُ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَوْ تَعَدَّى عَمَّا أُبِيحَ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا نُسِخَ التَّحْرِيمُ هَلْ تَبْقَى الْكَرَاهَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَرَامُ وَالْوَاجِبُ مُتَنَاقِضَانِ]

- ‌[فَرْعٌ كَوْنُ الْوَاحِدِ وَاجِبًا وَحَرَامًا بِاعْتِبَارَيْنِ]

- ‌[تَكْمِيلٌ تضاد الْمَكْرُوه وَالْوَاجِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَحْرِيمُ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ يُقَالُ هَذَا أَحْرَمُ مِنْ هَذَا]

- ‌[خَاتِمَةٌ تَرْكُ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُبَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْمُبَاحُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِنْ صِيَغِ الْمُبَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِبَاحَةُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ بِتَكْلِيفٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُبَاحُ لَا يُسَمَّى قَبِيحًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُبَاحُ هَلْ هُوَ جِنْسٌ لِلْوَاجِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُبَاحُ هَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَنْدُوبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْدُوبُ مَأْمُورٌ بِهِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْمَنْدُوبُ حَسَنٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُتْرَكُ الْمَنْدُوبُ إذَا صَارَ شِعَارًا لِلْمُبْتَدِعَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَا يُتْرَكُ الْمَنْدُوبُ لِخَوْفِ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سُنَّةُ الْعَيْنِ وَسُنَّةُ الْكِفَايَةِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ السُّنَّةُ لَا تَعْدِلُ الْوَاجِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَكْرُوهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَدْ تَكُونُ الْكَرَاهَةُ شَرْعًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَكْرُوهُ هَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ الْمَكْرُوهُ مِنْ التَّكْلِيفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَكْرُوهُ هَلْ هُوَ قَبِيحٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَكْرُوهُ هَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ الْأَمْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِلَافِ الْأَوْلَى]

الفصل: ‌[الواجب الموسع قد يكون محدودا وقد يكون وقته العمر]

الْإِمْكَانِ مِقْدَارُ زَمَنِ الْإِمْكَانِ، ثُمَّ زَالَ التَّكْلِيفُ بِجُنُونٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى فَاتَ وَقْتُهُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ عَلَى قَوْلِنَا، وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ عَلَى قَوْلِهِمْ.

[الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ قَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا وَقَدْ يَكُونُ وَقْتُهُ الْعُمُرَ]

الثَّالِثَةُ: [الْوَاجِبُ الْمُوَسَّعُ قَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا وَقَدْ يَكُونُ وَقْتُهُ الْعُمُرَ] إذَا أَثْبَتْنَا الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ فَقَدْ يَكُونُ مَحْدُودًا بِغَايَةٍ مَعْلُومَةٍ، كَالصَّلَاةِ، وَقَدْ يَكُونُ وَقْتُهُ الْعُمُرَ، كَالْحَجِّ وَقَضَاءِ الْفَائِتِ مِنْ الصَّلَاةِ بِعُذْرٍ، فَإِنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الصَّحِيحِ، وَسَمَّوْهُ الْحَنَفِيَّةُ الْمُشَكِّكَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا مِنْ الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ، وَمِنْ الصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ السَّنَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَقَعُ فِيهَا إلَّا حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْحَقُّ: أَنَّ الْحَجَّ لَا يُسَمَّى مُوَسَّعًا بِالْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَالتَّوْسِيعُ وَالتَّضْيِيقُ إنَّمَا يَكُونَانِ فِي الْوَقْتِ، وَلَكِنْ جَرَيْنَا فِي هَذَا التَّقْسِيمِ عَلَى عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَيَتَضَيَّقُ بِطَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالِانْتِهَاءِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا يَفْضُلُ زَمَانُهُ عَنْهُ. وَثَانِيهِمَا: بِغَلَبَةِ الظَّنِّ؛ لِعَدَمِ الْبَقَاءِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ مَهْمَا غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ قَبْلَهُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَعْصِي فِيهِ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِخُرُوجِ وَقْتِهِ. وَالثَّانِي: بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتٍ يُظَنُّ فَوْتُهُ بَعْدَهُ، كَالْمُوَسَّعِ بِالْعُمُرِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ " الِاتِّفَاقُ عَلَى عِصْيَانِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ

ص: 290

سَوَاءٌ بَقِيَ بَعْدُ أَمْ لَا، وَلَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَمْ يَعْصِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَعْصِي. قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى ": وَهُوَ خِلَافُ إجْمَاعِ السَّلَفِ. قَالَ: بَلْ مُحَالٌ أَنْ يَعْصِيَ، وَقَدْ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ، فَإِنْ قَالَ: جَازَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. قُلْنَا: مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ مَسْتُورَةٌ عَنْهُ. وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ فِي الْمُوَسَّعِ فِي الْعُمُرِ فَيَعْصِي فِيهِ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالتَّأْخِيرِ عَنْ وَقْتٍ يُظَنُّ فَوْتُهُ بَعْدَهُ. وَالثَّانِي: بِالْمَوْتِ عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْبَقَاءُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْعَاقِبَةَ عَنْهُ مَسْتُورَةٌ، وَالثَّانِي: لَا يَمُوتُ عَاصِيًا وَهُوَ أَشْكَلُ مِمَّا قَبْلَهُ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مَعْنَى الْوُجُوبِ.

وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ فِيهِ بَيْنَ الشَّيْخِ فَيَعْصِي، وَالشَّابُّ فَلَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْغَزَالِيِّ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، وَرَفْعُ الْإِشْكَالِ عَنْهُ سَنَذْكُرُهُ. وَهَذَا الْقِسْمُ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمَوْتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَا يَعْصِي بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ بِالْمَوْتِ خَرَجَ وَقْتُ الْحَجِّ، وَبِالْمَوْتِ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا، وَنَظِيرُ الْحَجِّ: أَنْ يَمُوتَ آخِرَ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يَعْصِي بِخُرُوجِ الْوَقْتِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَعْصِي فَلَهُ شَرْطَانِ:

ص: 291

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَى الْفِعْلِ فَإِنْ عَزَمَ عَلَيْهِ وَمَاتَ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَعْصِي بِالْإِجْمَاعِ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَصْفَى " وَالْآمِدِيَّ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُؤْثِمُونَ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ مِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ وَقْتِ الزَّوَالِ، وَكَانُوا لَا يَنْسُبُونَهُ إلَى تَقْصِيرٍ لَا سِيَّمَا إذَا اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ، وَنَهَضَ إلَى الْمَسْجِدِ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، بَلْ مُحَالٌ أَنْ يَعْصِيَ وَقَدْ جُوِّزَ لَهُ التَّأْخِيرُ فِي فِعْلِ مَا يَجُوزُ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ تَعْصِيَتِهِ؟ . انْتَهَى. وَالثَّانِي: أَنْ يَمُوتَ بَعْدَ أَدَاءِ إمْكَانِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ لَمْ يَعْصِ بِلَا خِلَافٍ. نَعَمْ حَكَوْا عَنْ أَبِي يَحْيَى الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُسْتَقِرًّا، وَلَيْسَ إمْكَانُ الْأَدَاءِ مُعْتَبَرًا، وَلَعَلَّهُ يَقْرَبُ مِنْ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ.

وَقَدْ اسْتَصْعَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَصْفَ الصَّلَاةِ بِالْوُجُوبِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ لَا يَعْصِي فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَقَالَ: لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا عَلَى تَأْوِيلٍ، وَهُوَ أَنَّهَا لَوْ أُقِيمَتْ لَوَقَعَتْ عَلَى مَرْتَبَةِ الْوَاجِبَاتِ. وَرَدَّهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي الْقَوَاطِعِ "، وَقَالَ: التَّأْخِيرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَإِذَا مَاتَ بَغْتَةً فَهُوَ غَيْرُ مُفَوِّتٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَ مِنْ وَقْتٍ إلَى مِثْلِهِ، وَهَذَا لَا يُعَدُّ تَفْوِيتًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا كَانَ مُطِيقًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ صَارَ فَائِتًا بِمَعْنًى مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا مِنْ قِبَلِ الْعَبْدِ، فَلَمْ يَجُزْ وَصْفُهُ بِالْعِصْيَانِ، وَهَذَا كَالْأَمْرِ الْمُضَيَّقِ إذَا لَمْ تُسَاعِدْهُ الْحَيَاةُ فِي ذِمَّتِهِ.

ص: 292

وَزَعَمَ الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ ": أَنَّ الْمُوَسَّعَ بِالْعُمُرِ إنَّمَا يَتَضَيَّقُ بِطَرِيقٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ عَنْ وَقْتٍ يُظَنُّ فَوْتُهُ فِيهِ. قَالَ: وَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ أَبَدًا، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حَقِيقَةَ الْوُجُوبِ، وَإِمَّا إلَى زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ نَقُولَ: يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَبْقَى سَوَاءٌ بَقِيَ أَمْ لَا، وَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَصَى بِالتَّأْخِيرِ سَوَاءٌ مَاتَ أَمْ لَا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَوْلٌ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَعْصِي بِالْمَوْتِ سَوَاءٌ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْبَقَاءُ أَمْ لَا، وَلَا يَلْزَمُهُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الْمُبَادَرَةُ، فَالتَّمْكِينُ مَوْجُودٌ، وَجَوَازُ التَّأْخِيرِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، فَتَبَيَّنَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَالْوُجُوبُ مُحَقَّقٌ مَعَ التَّمَكُّنِ فَيَعْصِي، وَيَكُونُ التَّأْخِيرُ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرًا فَقَطْ عَلَى رَأْيِ الْفُقَهَاءِ، وَالْبَاطِنُ مَجْهُولُ الْحَالِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْعِصْيَانِ فَهَلْ يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا أَوْ لَا يُضَافُ إلَى سَنَةٍ بِعَيْنِهَا؟ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: الثَّانِي.

وَغَلِطَ الْمُقْتَرِحُ فِي " تَعْلِيقِهِ " عَلَى الْبُرْهَانِ " حَيْثُ قَالَ: وَتَوَهَّمَ الْإِمَامُ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ انْبَسَطَتْ الْمَعْصِيَةُ عَلَى جَمِيعِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَأَنَّهُ عَاصٍ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا يَعْصِي بِتَرْكِ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ. انْتَهَى. بَقِيَ الْإِشْكَالُ فِي قَوْلِهِمْ: جَوَازُ التَّأْخِيرِ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ رَبْطٌ لِلتَّكْلِيفِ بِمَجْهُولٍ.

قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: هَذَا هَوَسٌ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ جَهَالَةٌ تَمْنَعُ فَهْمَ الْخِطَابِ، أَوْ إمْكَانَ الِامْتِثَالِ، فَأَمَّا تَكْلِيفُهُ الْمَرْءَ شَيْئًا مَعَ تَقْدِيرِ عُمُرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَتَنْبِيهُهُ أَنَّهُ إذَا امْتَثَلَهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ، وَإِنْ أُخْلِيَ الْعُمُرُ مِنْهُ تَعَرَّضَ لِلْمَعْصِيَةِ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ.

ص: 293

وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ سَلَامَةَ الْعَاقِبَةِ مُتَعَلَّقُ الْجَوَازِ، وَالْجَوَازُ لَيْسَ بِتَكْلِيفٍ بَلْ مُبَاحٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُبَاحِ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّكُّ فِي الْإِبَاحَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِحْكَامِ ": سَأَلَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد مَنْ أَجَازَ تَأْخِيرَ الْحَجِّ، فَقَالَ: مَتَى صَارَ الْمُؤَخِّرُ لِلْحَجِّ إلَى أَنْ مَاتَ عَاصِيًا؟ أَفِي حَيَاتِهِ؟ هَذَا غَيْرُ قَوْلِكُمْ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ؟ فَالْمَوْتُ لَا يُثْبِتُ عَلَى أَحَدٍ مَعْصِيَةً لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً فِي حَيَاتِهِ. فَأَجَابَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ الشَّافِعِيُّ، فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، فَلَمَّا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا لَهُ التَّأْخِيرُ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: لَمْ يُحَقِّقْ أَبُو الْحُسَيْنِ الْجَوَابَ عَلَى أُصُولِ الشَّافِعِيِّ، فَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي آخِرِ أَوْقَاتِ صِحَّتِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا قَادِرًا عَلَى الطَّلَاقِ. قَالَ: وَنَحْنُ نُجِيبُ عَنْ جَوَابِهِ، فَنَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] فَإِنَّمَا يَأْثَمُ الْمُكَلَّفُ بِالتَّرْكِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ وَلَمْ يُطْلِعْ اللَّهُ أَحَدًا عَلَى وَقْتِ مَوْتِهِ، وَلَا عَرَّفَهُ بِآخِرِ أَوْقَاتِ مَوْتِهِ، وَلَا قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ، وَلَا يُوصَفُ بِالْعِصْيَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَبَقِيَ سُؤَالُ أَبِي بَكْرٍ بِحَسَبِهِ. انْتَهَى.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَيُقَالُ: لِأَبِي بَكْرٍ: قَوْلُك: إنَّ تَعْصِيَتَهُ فِي حَيَاتِهِ خِلَافُ قَوْلِكُمْ مَمْنُوعٌ، بَلْ هُوَ قَوْلُنَا وَتُنْسَبُ الْمَعْصِيَةُ إلَى آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَجَوَابُ ابْنِ الْقَطَّانِ كَأَنَّهُ فَرَّعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ مِنْ أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَلِهَذَا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ سُؤَالُ

ص: 294

ابْنُ حَزْمٍ بِصُورَةِ الطَّلَاقِ، وَنَحْنُ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَصَحِّ فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَسَعُهُ، فَقُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ هُوَ آخِرُ تَمَكُّنِهِ، فَوَقَعَ حِينَئِذٍ كَذَلِكَ آخِرَ سِنِي الِاسْتِطَاعَةِ وَقْتَ تَمَكُّنِهِ، فَيَعْصِي إذْ ذَاكَ، وَخَرَجَ الْجَوَابُ بِذَلِكَ عَلَى أُصُولِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الِاصْطِلَامِ ": وَأَمَّا تَسْمِيَةُ تَارِكِ الْحَجِّ عَاصِيًا فَقَدْ تَخَبَّطَ فِيهِ الْأَصْحَابُ.

وَالْأَوْلَى عِنْدِي: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَلَا يُوصَفُ بِالْعِصْيَانِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْمَوْتُ، فَإِذَا غَلَبَ وَأَخَّرَ وَمَاتَ لَقِيَ اللَّهَ عَاصِيًا، وَإِنْ مَاتَ بَغْتَةً قَبْلَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ لَا يَكُونُ عَاصِيًا، فَإِنْ قَالُوا: قَدْ تَرَكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ عَاصِيًا. قُلْنَا: نَعَمْ تَرَكَ وَاجِبًا مُوَسَّعًا عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ يَنْتَظِرُ تَضْيِيقَهُ عَلَيْهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَذَلِكَ أَمْرٌ مَعْهُودٌ فِي غَالِبِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَإِنْ اخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْلُغَ الْمَعْهُودَ مِنْ أَجْنَاسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَتْبٌ، وَلَمْ يَعْصِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى عَزْمٍ إذَا تَضَيَّقَ لَا يُؤَخَّرُ.

[التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ [لِلْقَضَاءِ دَرَجَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ] لِلْقَضَاءِ دَرَجَةٌ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، وَهِيَ قَضَاءُ رَمَضَانَ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْصِيَةِ كَالصَّلَاةِ، وَبِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْفَوَاتِ كَالْحَجِّ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ مَاتَ بَيْنَ الرَّمَضَانَيْنِ لَمْ يَعْصِ لَكِنْ يُطْعَمُ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا الْإِطْعَامُ وَلَا الصِّيَامُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَحْدُودٌ بِمَا بَيْنَ الرَّمَضَانَيْنِ. فَإِذَا مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِعَدَمِ تَرَبُّطِهِ، كَمَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مَعْلُومٌ، وَلَا حَدَّ لِانْتِهَائِهِ. حَكَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ ".

ص: 295