الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَآخِرُهُ، إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْوَقْتِ سَبَبًا، وَإِلَّا لَزِمَ الْوُجُوبُ بَعْدَهُ، وَقَالَ: وَإِنَّمَا عَدَدْت هَذِهِ الْفِرْقَةَ مِنْ الْمُنْكِرِينَ لِلْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ الصَّلَاةَ مَهْمَا أُدِّيَتْ فِي الْوَقْتِ كَانَتْ وَاجِبَةً وَأَدَاءً؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ فَاضِلًا عَنْ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْقَائِلِينَ بِهِ، فَإِنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ. وَالثَّامِنُ: أَنَّ الْوُجُوبَ مُتَعَلِّقٌ بِجُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا تَعَلَّقَ فِي الْكَفَّارَاتِ بِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَتَأَدَّى الْوُجُوبُ فِيهِمَا بِالْغَيْرِ. حَكَاهُ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي وَأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا فِي الْكَفَّارَاتِ، فَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ مُرَادُ أَصْحَابِنَا عَلَيْهِ.
وَالتَّاسِعُ: حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ لَهُ حَظٌّ فِي الْوُجُوبِ، وَلَا نَقُولُ: وَجَبَ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ جَمِيعَ الْوَقْتِ نَقُولُ: وَجَبَ بِجَمِيعِ الْوَقْتِ، وَهَذَا كَالْقِيَامِ يَجِبُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ فَلَوْ أَطَالَ الْقِيَامَ بِقِرَاءَةِ السُّورَةِ فَالْكُلُّ وَاجِبٌ. قَالَ: وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ.
[تَتِمَّاتُ هَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ]
تَتِمَّاتُ. الْأُولَى: [هَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ؟] حَيْثُ قُلْنَا بِالْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، فَهَلْ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَوْ لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ فِيهِ؟ مَذْهَبَانِ. الْأَوَّلُ: هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَالثَّانِي: قَوْلُ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَهُ، الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ " وَحُكِيَ نَحْوُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ: مَذْهَبُنَا أَنَّهَا تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَكَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ ": تَجِبُ عِنْدَنَا بِأَوَّلِ الْوَقْتِ، وَيَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا بِقَدْرِ فِعْلِهَا، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ، وَحَكَوْا مَعَهُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ قَبْلَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ إلْحَاقًا لِأَوَّلِ الْوَقْتِ بِآخِرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يَحْيَى الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَخَطَّئُوهُ بِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ دُونَ أَوَّلِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَسْتَقِرُّ حَتَّى يُدْرِكَ مَعَ الْوَقْتِ أَدَاءَ جُزْءٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ.
قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقَرَّ فَرْضُهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْصُرَهَا إذَا سَافَرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا، لِاسْتِقْرَارِ فَرْضِهَا، فَلَمَّا جَازَ لَهُ الْقَصْرُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَقَرَّ بِآخِرِ الْوَقْتِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَيْسَ جَوَازُ الْقَصْرِ آخِرَ الْوَقْتِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ لَمْ يَسْتَقِرَّ؛ لِأَنَّ الْقَصْرَ مِنْ صِفَاتِ الْأَدَاءِ. قَالُوا: وَهَذَا مِنْ ابْنِ سُرَيْجٍ رُجُوعٌ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي وُجُوبِهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ. الثَّانِيَةُ: [فَائِدَةُ الْخِلَافِ] حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِآخِرِ الْوَقْتِ يُجَوِّزُونَ فِعْلَهُ أَوَّلَهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَسْمِيَتِهِ وَاجِبًا. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي حُكْمَيْنِ مَقْصُودَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى آخِرِهِ إلَّا بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفِعْلَ إذَا كَانَ مِمَّا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، فَإِذَا مَضَى مِنْ أَوَّلِ حَالِ