الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في كلام القبر للميت عند نزوله
أخرج الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: دَخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاه فرأى ناسًا يكشرون أي يضحكون، فقال:"أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى الموتُ فأكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا يتكلم فيه، فيقولُ: أنا بيت الغربة أنا بيت الوحدة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود، فإذا دُفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحبًا وأهلًا أما إن كنت لأحبّ من مشى على ظهري، فإذا آويتك اليومَ وصرت إليّ فسترى صنعي بك فيتسع مدّ بصره، ويُفتح له بابٌ إلى الجنّة، فإذا دُفن العبدُ الكافر أو الفاجر قال القبر: لا مَرْحبا بك ولا أهلًا أما إن كنت لأبغض من مشى على ظهري، فإذا وليتك اليوم، وصرت إليّ فسترى صنعي بك، قال فيلتئم عليه حتى تلتقي، وتختلف أضلاعه". وقال صلى الله عليه وسلم بأصابعه، فأدخل بعضها في بعض، "ويقيّض له تسعون تنّينًا، لو أن واحدًا منها نفخ في الأرض، ما أنبتت شيئًا ما بقيت الدنيا فتنهشه وتخدشه، حتى يُقضى به إلى الحساب".
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القبرُ إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار" قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه، إلا من هذا الوجه (1).
(1) رواه الترمذي (2460). والفقرة الثانية "ويقيض له تسعون تنينًا
…
" مع زيادة =
قال الحافظ ابن رجب: لكن رُوي معناه من وجوه أُخر، فذكر منها عن أبي الحجاج الثمَالي (1) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول القبر للميت حين يوضع فيه: ويحَك يا ابن آدم، ما غرّك بي؟، ألمْ تعلم أني بيت الفتنة، وبيت الظلمة، وبيت الوحدة، وبيت الدّود، ما غرّك بي؟ تمرّ بي مرارًا (2) قال: فإن كان مصلحًا! أجاب عنه مجيب القبر، فيقول: أرأيت إن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: فيقولُ القبرُ إني إذًا أتحول عليه خَضراءَ، وبعود قبره (3) نورًا، وتصعدُ روحه إلى الله تعالى"(4).
خرّجه ابن أبي الدنيا والحاكم واسم أبي الحجاج: عبد الله بنُ عمرو، يُقال: عبد بن أبي عبد، قال الحاكم: أرى لهُ صحبة.
وأخرجَ ابن منده عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وفيه: "إذا وُضع الميتُ في لحده تقول الأرض إن كُنت لحبيبًا إلي وأنت على ظهري، فكيف إذا صرت اليوم إلى بطني، سأريك ما
= "فلو أنَّ تنينًا منها نفخ في الأرض ما أنبتت خضراء" رواه أحمد 3/ 38 (11334)، وابن حبان (3121)، والدارمي 2/ 331، والآجري ص 359 فيه اختلاف في طبعة بشار للترمذي وسيأتي في ص 216 ت (1).
(1)
في (ب): (السماقي) والصواب ما أثبتناه.
(2)
في (ب): (قدادًا) في الطبراني ومسند أبي يعلى "فدادًا" ولها تفسير عند أبي يعلى.
(3)
في (ب): (حره).
(4)
رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 4/ 371 (2412)، وأبو يعلى (6870)، والطبراني 22/ 377 (942)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 90.
أصنع بك، فيفسح له قبره مدّ بصره" (1).
وقال عبيدُ بن عمير: يجعلُ الله للقبر لسانًا ينطق به، فيقول: ابن آدم كيف نسيتني؟ أما علمتَ أني بيت الأكلَة، وبيتُ الدّود، وبيت الوحدة، وبيت الوَحشة (2).
وقال محمد بن السمّاك الواعظ: بلغنا أن الرجل إذا وُضع في قبره فعذّب، أو أصابه بعض ما يكره ناداه جيرانه من الموتى، أيّها المُخلّف في الدنيا بعد إخوانه وجيرانه أما كان لك فينا مُعتبر أما كان لك في تقدّمنا إياك فكرة أما رأيت انقطاع أعمالنا عنا، وأنت في المهلة فهلا استدركت ما فات إخوانك قال: فتناديه بقاع القبر أيها المغتر بظاهر الدنيا، هلا اعتبرت بمن غيب عنك من أهلك، في بطن الأرض ممن غرّته الدنيا قبلك! ثم سبق به أجله إلى القبور، وأنت تراه محمولًا، تهاديه أحبته إلى المنزل الذي لا بدّ منه.
(1) رواه ابن المبارك عن أسيد بن عبد الرحمن 1/ 41.
(2)
رواه هناد في "الزهد"(341)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 271.