الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الديلمي عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"الميتُ يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته"(1).
وأخرج البخاري عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: "قال لا تسبُّوا الأموات، فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدموا"(2).
وأخرج أبو داود والترمذي وابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما، مرفوعًا:"اذكروا محاسن موتاكم وكُفوا عن مساوئهم"(3).
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها، عنه صلى الله عليه وسلم:"لا تذكروا موتاكم إلَّا بخير إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا، وإن يكونوا مِن أهل النار فحسبهم ما هم فيه"(4).
الثالثة:
ورَد عن حضرة الرسالة أن الميت يتأذى بالنياحة عليه، أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أنه قيل لها: إن ابن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الميت يُعذب ببكاء الحيّ" قالت: وهل قال أبو عبد الرحمن ذلك؟ إنما قال: "أهل الميت يبكون عليه، "وإنه ليعذبُ في قبرها" (5).
(1) الفردوس 1/ 199 (754)، وقال أبو حاتم (العلل 1/ 372): حديث منكر.
(2)
رواه البخاري (1393) و (6516)، وأحمد 6/ 180 والنسائي 4/ 53.
(3)
رواه أبو داود (4900)، والترمذي (1019).
وقال الترمذي: هذا حديث غريب سمعت محمدًا (يعني البخاري) يقول: عمران بن أنس المكي منكر الحديث.
(4)
رواه عبد الرزاق (6042)، وابن أبي شيبة 3/ 46.
(5)
رواه البخاري (1288) بمعناه، وأحمد 1/ 41 (288) و 1/ 42 (289 و 290) وفي 6/ 138، والنسائي 4/ 18، ينظر ابن حبان (3136).
وأخرج الحاكم وصححه، عن النعمان قال: أُغمي علي عبد الله ابن رواحة، فَجَعلتْ أخته عمرْة تبكي، وا أخيّاه وا كذا تُعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قُلتِ شيئًا إلَّا قيل لي: أنتَ كذلك؟ (1)
أخرج الطبراني عن الحسن أن معاذ بنَ جبل أغمى عليه، فجعلتْ أخته تقول: واجبلاه، فلما أفاقَ قال ما زلتِ لي مؤذيه منذ اليوم، قالت: لقد كانَ يعزُّ عليَّ أن أوذيك، قال: ما زال ملك شديد الانتهار كلما قلت واكذا. قال أكذلك أنت؟ فأقول له لا (2).
وأخرج ابن سعد (3) عن المقدام بن مَعدي كَرِب قال: لمَّا أُصيب عمر دَخلَتْ عليه حفصة فقالتْ: يا صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا صهر رسول الله، ويا أمير المؤمنين، فقال عُمر: إني أحرّج عليك بمالي من الحق، أن تندبيني بعد مَجلسك هذا، إنه ليس من ميت يُندَبُ بما ليس فيه إلَّا الملائكةُ تمقتُهُ. أخرج ابن سعد (4) أيضًا عن يوسُف بن ماهك، قال: رأيتُ ابن عمر حضر جِنازة رافع بن خديج، فقال: إنَّ الميتَ يُعذب ببكاء الحي، وقد ورد حديث الميت يُعذَّبُ ببكاء الحي عليه أيضًا، من رواية أبي بكر الصديق رضي لله عنه، أخرجه أبو يعلى
(1) الحاكم 3/ 41 - 42 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(2)
رواه الطبراني في "الكبير" 25/ 35 (55) وقال الهيثمي في "المجمع"(3/ 15) الحسن لم يدرك معاذًا.
(3)
"الطبقات الكبرى" 3/ 361.
(4)
الترمذي (1004)، أحمد (6/ 138).
بلفظ "الميتُ ينفخ عليه الحميم ببكاء الحي"(1)، وعن عُمر بن الخطاب بلفظ "إن الميت يُعذَّبُ بالنياحة عليه في قبره"(2). أخرجه البخاري.
ومِن رواية أنس وعِمران بن حُصيْن عند ابن حِبّان في صحيحه (3)، وسمرة بن جندب عند الطبراني في الكبير، وأبي هريرة عند أبي يعلى، والمغيرة بن شعبة عند ابن منده.
فاختلف العلماء في توجيه ذلك على مذاهب
أحدها: إنه على ظاهره مطلقًا، وهو رأي عُمر بن الخطاب، وابنه.
الثاني: لا. مطلقًا.
الثالث: أن الباء للحال أي: أنه يُعذب حال بكائهم عليه، والتعذيب بما له من ذنب، لا بسبب البكاء.
الرابع: أنه خاصٌ بالكافر، والقوْلان عن عائشة رضي الله عنها.
الخامس: أنه خاصٌ بمن كان النوح من سُنته وطريقته، وعليه البخاري.
السادس: أنه فيمن أوصى به كما قال القائل:
إذا مت فانعيني بما أنا أهله
…
وشُقِّ عليَّ الجيبَ يا ابنة معبد
السابع: أنه فيمن لم يُوص بتركه، فتكون الوصية بذلك واجبة، إذا عُلم أنّ مِن شأن أهله أن يفعلوا ذلك.
(1) أخرجه أبو يعلى بألفاظ مختلفة ليس فيها هذا اللفظ انظر 1/ 144 (155، و 156)، 1/ 144 - 145 (157، 158) في أبي يعلى (ينضح).
(2)
رواه البخاري (1292).
(3)
(3132، 3134).
الثامن: أن التعذيب بالصفات التي يبكون بها عليه وهي مذمومة شرعًا، كما كان أهل الجاهلية يفعلون، يقولون: يا مرمّل النسوان، يا مُيتم الأولاد، يا مُخرب الدور.
التاسع: أن المراد بالتعذيب: توبيخ الملائكة بما يندبه أهله، لحديث الترمذي، والحاكم وابن ماجة مرفوعًا "ما من ميت يموت فتقومُ نادبة تقول: واجبلاه واسنداه" أو شبه ذلك القول، "إلَّا وُكِّل به ملكان يلهزانه، أهكذا كنُتَ؟ " (1) ويشهد له ما ذكرنا عن ابن رواحة وغيره (2).
العاشر: أن المُراد تألُّم الميِّت بما يقع من أهله؛ لحديث الطبراني وابن أبي شيبة، عن قيلة بنت مخرمة أنها ذَكَرَتْ عند رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولدًا لها مات ثم بَكت، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أيغلب أحدكم أن يصاحبَ صُويحِبَه في الدُنيا معروفًا فإذا مات استرجع، فوالذي نفس محمد بيده، إنّ أحدَكم ليبكي فيستعبر إليه صُوَيحبه، فيا عباد الله لا تُعذبوا موتاكم"(3)، وعلى هذا ابن جرير، واختاره جماعة من الأئمة،
(1) رواه الترمذي (1003)، وأحمد 4/ 414، وابن ماجة (1594)، والحاكم 2/ 471، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 61.
(2)
انظرت (1، 2) ص 416.
(3)
رواه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 320 والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 279، وأورده الهيثمي 6/ 9 - 12 مطولًا وعزاه للطبراني.
عزاه الحافظ في "الفتح" 3/ 155 لابن أبي خيثمة وابن أبي شيبة والطبراني.