الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُجاهد؛ للكفار هجعة يجدون فيها طعم النوم يوم القيامة، فإذا صِيح بأهل القُبور يقول الكافر:{يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس: الآية 52]، فيقول المؤمن إلى جنبه {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: الآية 52].
الثانية: قال المحقق في "البدائع"(1) أيضًا: قال جماعةٌ من الناس: إذا ماتت نصرانية في بطنها جنين مسلم، نزل ذلك القبر نعيم وعذاب، فالنعيم للابن، والعذابُ للأم، قال: ولا بُعد [في ذلك]، كما لو دُفنَ في قبر واحد مؤمن [وكافر]،، فإنه يجتمع في القبر النعيم والعذاب، والله الموفِّقُ للصواب.
فصل
وأمّا ما شُوهد من نعيم القبر وكرامة أهله، فكثير جدًا، وقد تقدم بعض ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب "الرقة والبكاء"(2) أن ورّاد العجلي؛ لمّا مات وحُمل إلى حفرته، نزلوا ليُدلوهُ في حفرته، فإذا اللحدُ مفروشٌ بالريحان، فأخذ بعضهم من ذلك الريحان، فمكث سبعين يومًا طريًا لا يتغير، يغدو الناس ويروحون، ينظرون إليه، فأكثر الناس في ذلك فأخذه الأمير، وفرق الناس خشية الفتنة، ثم فقده الأميرُ من منزله فلمْ يَدرِ أين ذهب (3).
(1)(3/ 13) وفيه ما بين القوسين "فيما قالته""فاجر".
(2)
رقم (271)"شرح الصدور" ص 267.
(3)
راه ابن قدامة المقدسي في "الرقة والبكاء" ص 368.
ورَوى أبو بكر الخطيب بإسناده عن محمد بن مخلّد الداروردي، قال: ماتت أمي، فنزلتُ ألحدها، فانفرجت لي فرجة عن قبر بلزقها، فإذا رجل عليه أكفان جُدد، وعلى صدره طاقةُ ياسمين طرية، فأخذتها فشممتها، فإذا هي أزكى من المسك، وشمّتها جماعة كانوا معي، ثم رددتها إلى موضعها، وسددت الفرجة.
وذكر ناصر السُنة أبو الفرج بن الجوزي، رحمه الله من طريق جعفر السراج، عن بعض شيوخه، قال: كُشفَ قبرٌ قربَ قبر الإمام أحمد، رضي الله عنه، وإذا على بدن الميت ريحانة، تهتز.
وذكَر ابن الجوزي أيضًا في "تاريخه"(1): أنَّ في سنة ست وسبعين ومائتين، انفرج تل [في أرض البصرة]، يُعرَفُ بتل [بني] شقيق، عن سبعة أقبر في مثل الحوض، وفيها سبعةُ أنفس أبدانهم صحيحة، وأكفانهم يفوح منها رائحة المسك، أحدهم شاب له جُمة، وعلئ شفته بلل، كأنه شرب ماء وكأن عينَيه مكَحّلتان، وبه ضربة في خاصرته، وأراد بعضُ من حضر أن يأخذ من شعره شيئًا، فإذا هو قوي كشعر الحي.
وذكر ابن سعد في "طبقاته"، بإسناده عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه قال: كنت ممن حفر لسعد بن معاذ قبره بالبقيع، وكان
(1)"المنتظم" ص (12/ 273) وما بين القوسين فيه (بنهر الصراة) وبنى زيادة منه.
يَفوحُ علينا المسك كُلّما حفَرنا من قبره تُرابًا حتى انتهينا إلى اللّحد (1).
وبإسناده عن محمد بن شرحيبل بن حَسنة قال: أخذ إنسانٌ قبضةً من تراب قبر سعد، فذهب بها، ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك (2).
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن يونس بن أبي الفرات قال: حفر رجل قبرًا، فقعد يستظل فيه من الشمس، فجاءت ريح باردة، فأصابت ظهره فإذا نقب صغير، فوسعه بأصبعه، فإذا هو ينظر مد البصر، وإذا شيخ مخضوب، كأنما رفَعت المواشطُ يديْها عنه، وقد بقي منْ أكفانه على صدره شيء.
وأمّا من شُوهدَ بدنُه طريّا صحيحًا وأكفانه عليه صحيحة، بعد تطاول المدة من غير الأنبياء عليهم الصّلاة والسلام، فكثير جدًا، منها ما ذكره ابن أبي شيبة، عن عروة بن الزبير قال: لما سقط جدارُ بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله على المدينة، انكشفَ قدم من القبور التي في البيت، فأصابها شيء فدَميت، ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فزعًا شديدًا، فدخل عروة البيت فإذا القدم قدم عمر بن الخطاب فقال: لعمر لا تفزع، هي قدم عمر بن الخطاب،
(1) الطبقات الكبرى 3/ 431، والسير الذهبي 1/ 289 و 295.
(2)
الطبقات الكبرى 3/ 431، وابن أبي شيبة 7/ 375، وسير أعلام النبلاء 1/ 289 و 295، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1494).
فأمر بالجدار فبُني، وردّه (1) على حاله (2).
ومنها ما ذكره أبو القاسم البغوي، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كتب مُعاويةُ إلى عامله بالمدينة، أن يجري عينًا إلى أُحد، فكتب إليه عامله، إنها لا تجري إلَّا [على](3) قبور الشهداء فكتب إليه أن أنفذها، قال: سمعت جابرًا يقول: فرأيتهم يخرجون على رقاب الرجال، كأنّهم نُوَّمٌ حتى أصابتْ المسحاةُ قدم حمزة رضي الله عنه، فانبعثت دمًا (4).
ورَوى الإمامُ مالك، عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، أنه بلغه أن عمروَ بنَ الجموح، وعبدَ الله بنَ عمرٍ والأنصاري كانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر السيلُ قبرَهُما فحفر عليهما؛ ليُغيَّرا من مَكانهما، فوُجدا لم يتغيّرا كأنهما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جُرح، فوضع يده على جُرحه، فَدُفن وهو هكذا فأشيلتْ يدُه عن جُرحه، ثم أرسلت، فرجعتْ كما كانت، وكان بين أُحد، وبينَ ما حُفر عليهما، ستٌ وأربعون سنة (5).
(1) كذا في (أ)، والمثبت من (ب)، و (ط).
(2)
رواه البخاري بعد حديث (1390)، وانظر "شعب الإيمان"(4173)، والفتح 3/ 257.
(3)
ليست في (أ) والمثبت من (ب)، و (ط).
(4)
صفة الصفوة 1/ 377.
(5)
رواه مالك في "الموطأ" 2/ 470 (1005)، وانظر سير أعلام النبلاء 1/ 255.
وفي حديث الترمذي (1)، الذي خرّجه عن صُهيب، المرفوع في قصَّة أصحاب الأخدود: أنّ ذلك الغُلام الذي قتله الملك، وآمن الناس كلهم وقالوا: آمنا برب الغُلام، وُجد في زمان عمرَ بن الخطاب، ويدُه على جُرحه كهيئته حين مات.
وقال ناصر السنة، أبو الفرج بن الجوزي: رحمه الله، إنّ الشريف أبا جعفر بن أبي موسى، قدس الله روحه؛ لما دُفن إلى جانب قبر الإمام أحمد رضي الله عنه، بعد وفاة الإمام بمائتي سنةٍ رؤى كفن الإمام أحمد رضي الله عنه وهو يتقعقع.
قال: ولمَا كُشِفَ قبر البربهاري، فاحت ببغداد رائحة طيبة، حتى مَلأتَ المدينة.
(1) الترمذي (3340) وقال: هذا حديث حسن غريب.