المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) - (1318) - باب كراهية لبس الحرير - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ اللّباس

- ‌(1) - (1303) - بَابُ لِبَاسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) - (1304) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(3) - (1305) - بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌(4) - (1306) - بَابُ لُبْسِ الصُّوفِ

- ‌(5) - (1307) - بَابُ الْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(6) - (1308) - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ

- ‌(7) - (1309) - بَابُ مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ

- ‌تنبيه

- ‌(8) - (1310) - بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ

- ‌(9) - (1311) - بَابُ طُولِ الْقَمِيصِ كمْ هُوَ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(10) - (1312) - بَابُ كُمِّ الْقَمِيصِ كمْ يَكُونُ

- ‌(11) - (1313) - بَابُ حَلِّ الْأَزْرَارِ

- ‌(12) - (1314) - بَابُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ

- ‌(13) - (1315) - بَابُ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ كَمْ يَكُونُ

- ‌(14) - (1316) - بَابُ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(15) - (1317) - بَابُ إِرْخَاءِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ

- ‌فوائد

- ‌الأولى منها:

- ‌والفائدة الثانية

- ‌والفائدة الثالثة

- ‌والفائدة الرابعة

- ‌والفائدة الخامسة

- ‌(16) - (1318) - بَابُ كَرَاهِيَةِ لُبسِ الْحَرِيرِ

- ‌(17) - (1319) - بَابُ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(18) - (1320) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ

- ‌(19) - (1321) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(20) - (1322) - بَابُ لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(21) - (1323) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(22) - (1324) - بَابُ الصُّفْرَةِ لِلرِّجَالِ

- ‌(23) - (1325) - بَابٌ: الْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَكَ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ

- ‌(24) - (1326) - بَابُ مَنْ لَبِسَ شُهْرَةً مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(25) - (1327) - بَابُ لُبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ

- ‌(26) - (1328) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ

- ‌(27) - (1329) - بَابُ صِفَةِ النِّعَالِ

- ‌(28) - (1330) - بَابُ لُبْسِ النِّعَالِ وَخَلْعِهَا

- ‌(29) - (1331) - بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ

- ‌(30) - (1332) - بَابُ الانْتِعَالِ قَائِمًا

- ‌(31) - (1333) - بَابُ الْخِفَافِ السُّودِ

- ‌(32) - (1334) - بَابُ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ

- ‌دقيقة

- ‌(33) - (1335) - بَابُ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ

- ‌(34) - (1336) - بَابُ الْخِضَابِ بِالصُّفْرَةِ

- ‌(35) - (1337) - بَابُ مَنْ تَرَكَ الْخِضَابَ

- ‌(36) - (1338) - بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ وَالذَّوَائِبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(37) - (1339) - بَابُ كَرَاهِيَةِ كثْرَةِ الشَّعَرِ

- ‌(38) - (1340) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌(39) - (1341) - بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (1342) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(41) - (1343) - بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ

- ‌(42) - (1344) - بَابُ التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ

- ‌(43) - (1345) - بَابُ التَّخَتُّمِ فِي الْإِبْهَامِ

- ‌(44) - (1346) - بَابُ الصُّوَرِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(45) - (1347) - بَابُ الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ

- ‌(46) - (1348) - بَابُ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ

- ‌(47) - (1349) - بَابُ رُكُوبِ النُّمُورِ

- ‌كِتَابُ الْأَدَبِ

- ‌(48) - (1350) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌(49) - (1351) - بَابٌ: صِلْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ

- ‌(50) - (1352) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌(51) - (1353) - بَابُ حَقِّ الْجِوَارِ

- ‌(52) - (1354) - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ

- ‌(53) - (1355) - بَابُ حَقِّ الْيَتِيمِ

- ‌(54) - (1356) - بَابُ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌(55) - (1357) - بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَاءِ

- ‌(56) - (1358) - بَابُ الرِّفْقِ

- ‌(57) - (1359) - بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ

- ‌(58) - (1360) - بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ

- ‌(59) - (1361) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ

- ‌(60) - (1362) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(61) - (1363) - بَابُ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ

الفصل: ‌(16) - (1318) - باب كراهية لبس الحرير

(16) - (1318) - بَابُ كَرَاهِيَةِ لُبسِ الْحَرِيرِ

(39)

- 3532 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا .. لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ".

===

(16)

- (1318) - (باب كراهية لبس الحرير)

(39)

- 3532 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المعروف ب (ابن علية) اسم أمه، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد العزيز بن صهيب) البناني البصري ثقة، من الرابعة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه (ع).

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لبس الحرير) من الرجال (في الدنيا .. لم يلبسه في الآخرة) وإن دخل الجنة إلا أن يتوب من لبسه في الدنيا فيلبسه في الجنة حينئذٍ؛ لأن من استعجل الشيء قبل أوانه .. عوقب بحرمانه؛ والحرير: هو ما ينسجه دود شجر التوت؛ وهو اسم عام لما رق منه وغلظ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب اللباس، باب تحريم لبس الحرير وغيره على الرجال، والإمام أحمد في "مسنده".

ص: 110

(40)

- 3533 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاء، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ،

===

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أنس بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(40)

- 3533 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا علي بن مسهر) - بصيغة اسم الفاعل - من أسهر الرباعي القرشي الكوفي قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعدما أضر، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الشيباني) سليمان بن أبي سليمان، اسمه فيروز أبي إسحاق الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات في حدود أربعين ومئة (140 هـ)، قال الجوزجاني: رأيت أحمد يعجبه حديث الشيباني، اتفقوا على توثيقه. يروي عنه:(ع).

(عن أشعث بن أبي الشعثاء) سليم بن أسود المحاربي الكوفي، قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة، وقال العجلي: من ثقات شيوخ الكوفيين، ثقة، من السادسة، مات سنة خمس وعشرين ومئة (125 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن معاوية بن سويد) بن مقرن المزني أبي سويد الكوفي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له في الكتب الأصول حديثان، وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره العسكري في الصحابة، ولكن ليس سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 111

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ وَالْإِسْتَبْرَقِ.

===

صحيحًا، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة، لم يصب من زعم أن له صحبة. يروي عنه:(ع).

(عن البراء) بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الصحابي ابن الصحابي رضي الله تعالى عنهما، سكن الكوفة، مات سنة اثنتين وسبعين (72 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) البراء: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال نهي تحريم (عن) لبس (الديباج) وهو ما غلظ من ثياب الحرير (و) عن لبس (الحرير) وهو عام لما غلظ ولما رق (و) عن لبس (الإستبرق) وهو ما رق من ثياب الحرير، والإستبرق معرب:(إستبرك)، وإذا عرب .. خرج من أن يكون أعجميًا؛ لأن معنى التعريب: أن يجعل عربيًا بالتصرف فيه وتغييره عن منهاجه الأول، وإجراء أوجه الإعراب عليه.

وأما (الديباج) .. فبكسر الدال، فارسي معرب، وقال ابن الأثير: الديباج: الثياب المتخذة من الإبريسم، وقد تُفْتَحُ دالهُ، ويجمع على دبابيج، كذا في "عمدة القاري"(4/ 8).

وقال القرطبي: الديباج: جنس من الحرير والإستبرق، والسندس من أنواعه. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في أبواب كثيرة؛ منها في كتاب اللباس، باب لبس القسي، ومسلم في كتاب اللباس، باب تحريم لبس الذهب والحرير على الرجال، والترمذي في الأدب، باب ما جاء في كراهية

ص: 112

(41)

- 3534 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ

===

المعصفر، والنسائي في كتاب الزينة، باب ذكر النهي عن الثياب الفتية.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أنس.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث حذيفة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(41)

- 3534 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم) بن عتيبة - بالمثناة ثم بالموحدة مصغرًا - أبي محمد الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومئة (113 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الأنصاري المدني ثم الكوفي، ثقة، من الثانية، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين (83 هـ) قيل: إنه غرق. يروي عنه: (ع)، اسم أبي ليلى يسار.

(عن حذيفة) بن اليمان العبسي الكوفي حليف الأنصار الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنهما، من السابقين، مات بعد قتل عثمان بأربعين ليلة سنة ست وثلاثين (36 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) حذيفة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال نهي تحريم (عن لبس الحرير و) عن استعمال (الذهب) بالأكل في آنيته والشرب فيها،

ص: 113

وَقَالَ: "هُوَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَنَا فِي الآخِرَةِ".

===

وبلبس خاتمه وسواره وطوقه مثلًا (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في علة النهي: لأنه (هو) أي: ما ذكر من لبس الديباج واستعمال الذهب حاصل (لهم في الدنيا و) خاص (لنا) استعمالهما (في الآخرة).

قال السندي: (هو) أي: الذهب (لهم) أي: للكفرة؛ بمعنى: أنهم ينتفعون به، لا بمعنى: أنه يباح لهم. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأشربة وكتاب اللباس، باب الأكل في إناء مفضض، باب الشرب في آنية الذهب، باب افتراش الحرير، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، وأبو داوود في كتاب الأشربة، باب الشرب في إناء الذهب والفضة، والترمذي في كتاب الأشربة، باب ما جاء في كراهية الشرب في إناء الذهب والفضة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزينة، باب ذكر النهي عن لبس الذهب.

وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أنس.

وفي "التحفة": ومعنى قوله: (وقال: هو لهم) أي: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو) أي: استعمال ما ذكر (لهم) أي: للكفار (في الدنيا، ولكم في الآخرة) أي: ليس المراد بقوله: "هو لهم في الدنيا" إباحة استعمالهم له، وإنما المعنى: هم الذين يستعملونها مخالفة لحكم المسلمين، وكذا قوله:(ولكم في الآخرة) أي: تستعملونه مكافأة لكم على تركه في الدنيا، ويمنع أولئك الكفار؛ جزاء لهم على معصيتهم باستعماله، قاله الإسماعيلي.

ص: 114

(42)

- 3535 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ

===

قال الحافظ: ويحتمل أن يكون فيه إشارة إلى أن الذي يتعاطى ذلك في الدنيا لا يتعاطاه في الآخرة، كما في شرب الخمر. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أنس بحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(42)

- 3535 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان) الكناني أو الطائي أبو علي الأشل المروزي نزيل الكوفة، ثقة له تصانيف، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(أن عبد الله بن عمر) بن الخطاب (أخبره) أي: أخبر نافعًا.

(أن عمر بن الخطاب) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: أن عمر بن الخطاب (رأى حلة سيراء) وهو من إضافة المسمى إلى الاسم، أي: رأى حلة تسمى باسم: سيراء؛ أي: بحلة فيها خطوط حرير؛

ص: 115

مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ لَوِ ابْتَعْتَ هَذِهِ الْحُلَّةَ لِلْوَفْدِ وَلِيَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ".

===

أي: مخططة بخيوط (من حرير) أي: منقوشة بخيوط من حرير (فقال) عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ لو ابتعت) واشتريت (هذه الحلة) لتلبسها (للوفد) أي: عند وفود الوفد؛ أي: عند حضور الجماعة الزائرين لك لبيعتك على الإسلام؛ كالملوك وسفائرهم (ولـ) تلبسها في (يوم الجمعة) وفي يوم العيد من أيام الزينة .. لكان حسنًا، فجواب (لو) محذوف دل عليه السياق، أو أن (لو) للتمني، فلا تحتاج إلى جواب (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب ما طلب عمر منه:(إنما يلبس) أمثال (هذه) الحلة من أنواع الحرير (من لا خلاق) ولا نصيب (له) من حرير الجنة (في) دار (الآخرة) يوم القيامة من الحلل المعدة للمتقين.

قوله: (حلة سيراء) الحلة - بضم الحاء المهملة وتشديد اللام -: إزار ورداء إذا كانا من جنس واحد.

وحكى عياض أن أصل تسمية الثوبين حُلَّةً: أنهما يكونان جديدين، فكأنما حُلَّا من طَيِّهِما الآنَ، وقيل: لا يكون الثوبان حُلَّة؛ ولا يُسميان باسمه حتى يلبس أحدهما فوق الآخر؛ فإذا كان أحدهما فوق الآخر .. فقد حَلَّ فوقَه؛ كالرداءِ فوق الإزار، أو فوق القميص، والمعنى الأول أَشْهرُ عندهم.

والسيراء - بكسر السين وفتح الياء ممدودةً - بوزن فعلاء: الثوب المخطط بخيوط الحرير من حرير أو قز، وإنما قيل لها: سيراء؛ لتسيير خطوط ممتدة فيها، كأنها السيور، وقال ابن سيده: هو ضرب من البرود، وقيل: ثوب مسير فيه خطوط يعمل من القز، وقيل: ثوب يجلب من اليمن، كذا في "فتح الباري"(10/ 297).

ص: 116

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واختلفوا في (حلة سيراء) هل هو مركب وصفي، أو إضافي؟ فجزم القرطبي والخطابي بأنه مركب وصفي؛ بتنوين (حلة) ونصب (سيراء) على أن تكون صفة للحلة؛ كأنه قال: حلة مسيرة؛ كما قالوا: جبة طيالسة؛ أي: غليظة.

قال الخطابي: حلة سيراء؛ كقولك: ناقة عشراء، وبعضهم لا ينون (الحلة) ويضيفها إلى (سيراء) من إضافة الشيء إلى نفسه؛ كقولهم: ثوب خز، وخاتم حديد، على أن سيبويه قال: لم يأت فعلاء صفةً، وإنما سيراء ينزل منزلة مسيرة. انتهى من "المفهم" مع زيادة وتصرف.

وفي رواية مسلم زيادة: رآها (عند باب المسجد) النبوي، وذكر في رواية له أيضًا:(أنها كانت عند عطارد بن حاجب، وكان يبيعها عند المسجد).

وفي قوله: (لو ابتعت هذه الحلة للوفد) دليل على جواز التجمل للوفود ومجامع المسلمين التي يقصد بها إظهار جمال الإسلام والإغلاظ على العدو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عمر ما قاله إلا كون اللباس حريرًا، فثبت تقريره على نفس التجمل.

قوله: (وليوم الجمعة) فيه دليل على أن لبس أحسن الثياب مطلوب يوم الجمعة، وأخرج مالك في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لِجُمْعَتِه سوى ثوبي مِهْنَتِه".

قوله: "من لا خلاق له في الآخرة" الخلاق - بفتح الخاء المعجمة وتخفيف اللام -: النصيب أو الحظ أو القدر؛ ويعني بذلك: أنه لباس الكفار والمشركين في الدنيا، وهم الذين لا حظ لهم في الآخرة.

ويحتمل أن يراد بمن لا خلاق له: كل من لبس الحرير في الدنيا، قاله

ص: 117

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الطيبي، وهذا كما في حديث البراء:"من شربها في الدنيا .. لم يشربها في الآخرة". انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللباس، باب لبس الحرير وافتراشه للرجال، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة، والترمذي في كتاب الأدب، باب ما جاء في كراهية الحرير والديباج، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في "السنن الكبرى" في كتاب الزينة، باب لبس الحرير.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أنس.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 118