المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(52) - (1354) - باب حق الضيف - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ اللّباس

- ‌(1) - (1303) - بَابُ لِبَاسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) - (1304) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(3) - (1305) - بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌(4) - (1306) - بَابُ لُبْسِ الصُّوفِ

- ‌(5) - (1307) - بَابُ الْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(6) - (1308) - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ

- ‌(7) - (1309) - بَابُ مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ

- ‌تنبيه

- ‌(8) - (1310) - بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ

- ‌(9) - (1311) - بَابُ طُولِ الْقَمِيصِ كمْ هُوَ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(10) - (1312) - بَابُ كُمِّ الْقَمِيصِ كمْ يَكُونُ

- ‌(11) - (1313) - بَابُ حَلِّ الْأَزْرَارِ

- ‌(12) - (1314) - بَابُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ

- ‌(13) - (1315) - بَابُ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ كَمْ يَكُونُ

- ‌(14) - (1316) - بَابُ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(15) - (1317) - بَابُ إِرْخَاءِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ

- ‌فوائد

- ‌الأولى منها:

- ‌والفائدة الثانية

- ‌والفائدة الثالثة

- ‌والفائدة الرابعة

- ‌والفائدة الخامسة

- ‌(16) - (1318) - بَابُ كَرَاهِيَةِ لُبسِ الْحَرِيرِ

- ‌(17) - (1319) - بَابُ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(18) - (1320) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ

- ‌(19) - (1321) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(20) - (1322) - بَابُ لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(21) - (1323) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(22) - (1324) - بَابُ الصُّفْرَةِ لِلرِّجَالِ

- ‌(23) - (1325) - بَابٌ: الْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَكَ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ

- ‌(24) - (1326) - بَابُ مَنْ لَبِسَ شُهْرَةً مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(25) - (1327) - بَابُ لُبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ

- ‌(26) - (1328) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ

- ‌(27) - (1329) - بَابُ صِفَةِ النِّعَالِ

- ‌(28) - (1330) - بَابُ لُبْسِ النِّعَالِ وَخَلْعِهَا

- ‌(29) - (1331) - بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ

- ‌(30) - (1332) - بَابُ الانْتِعَالِ قَائِمًا

- ‌(31) - (1333) - بَابُ الْخِفَافِ السُّودِ

- ‌(32) - (1334) - بَابُ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ

- ‌دقيقة

- ‌(33) - (1335) - بَابُ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ

- ‌(34) - (1336) - بَابُ الْخِضَابِ بِالصُّفْرَةِ

- ‌(35) - (1337) - بَابُ مَنْ تَرَكَ الْخِضَابَ

- ‌(36) - (1338) - بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ وَالذَّوَائِبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(37) - (1339) - بَابُ كَرَاهِيَةِ كثْرَةِ الشَّعَرِ

- ‌(38) - (1340) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌(39) - (1341) - بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (1342) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(41) - (1343) - بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ

- ‌(42) - (1344) - بَابُ التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ

- ‌(43) - (1345) - بَابُ التَّخَتُّمِ فِي الْإِبْهَامِ

- ‌(44) - (1346) - بَابُ الصُّوَرِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(45) - (1347) - بَابُ الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ

- ‌(46) - (1348) - بَابُ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ

- ‌(47) - (1349) - بَابُ رُكُوبِ النُّمُورِ

- ‌كِتَابُ الْأَدَبِ

- ‌(48) - (1350) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌(49) - (1351) - بَابٌ: صِلْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ

- ‌(50) - (1352) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌(51) - (1353) - بَابُ حَقِّ الْجِوَارِ

- ‌(52) - (1354) - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ

- ‌(53) - (1355) - بَابُ حَقِّ الْيَتِيمِ

- ‌(54) - (1356) - بَابُ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌(55) - (1357) - بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَاءِ

- ‌(56) - (1358) - بَابُ الرِّفْقِ

- ‌(57) - (1359) - بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ

- ‌(58) - (1360) - بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ

- ‌(59) - (1361) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ

- ‌(60) - (1362) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(61) - (1363) - بَابُ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ

الفصل: ‌(52) - (1354) - باب حق الضيف

(52) - (1354) - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ

(125)

- 3618 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ

===

(52)

- (1354) - (باب حق الضيف)

والضيف: هو القادم على القوم النازل بهم.

* * *

(125)

- 3618 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن) محمد (بن عجلان) المدني، صدوق إلَّا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدني، ثقةٌ، من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي شريح) مصغرًا (الخزاعي) الكعبي نزيل المدينة الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، اسمه خويلد بن عمرو، مات سنة ثمان وستين (68 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أنه (قال: من كان) يريد أن (يؤمن بالله) سبحانه وتعالى (و) بـ (اليوم الآخر) الإيمان الكامل الذي ينال به الدرجات العلا في الآخرة؛ أي: بمجيء

ص: 330

فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ؛ وَجَائِزَتُهُ يَوْم وَلَيْلَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَ صَاحِبِهِ حَتَّى يُحْرِجَهُ؛ الضِّيَافَةُ

===

اليوم الآخر، مع ما فيه من المجازاة على الأعمال، ووصفه بالآخر؛ لتأخره عن الدنيا.

والمعنى: من كان يصدق بالمبدأ والمعاد .. (فليكرم ضيفه) النازل به؛ الغني والفقير، والمسلم والكافر؛ بطلاقة الوجه، وتعجيل قراه وإكرام نزله ورفع منزلته والقيام بنفسه في خدمته.

(وجائزته) بالرفع مبتدأ، خبره (يوم وليلة) والجملة الاسمية حال من الضيف؛ أي: فليكرم ضيفه؛ أي: حال كون ذلك الضيف مجوزًا؛ أي: معطىً زادًا يجوز ويمر به مسافة يوم وليلة؛ أي: تكفيه قوت يوم وليلة، أو حال من فاعل (يكرم) تقديره: حالة كونه مجوزًا مزودًا له زادًا يكفيه قوت يوم وليلة.

وفي بعض الرواية: بإسقاط (الواو) ونصب (جائزته) مع نصب (يوم وليلة) على أنه بدل اشتمال مما قبله؛ أي: فليكرم ضيفه جائزته؛ أي: زاده بإعطائه قوتًا يكفيه يومًا وليلة، أو مفعول به لفعل محذوف معطوف على (يكرم) أي: فليكرم ضيفه، وليعط له جائزة تكفيه يومًا وليلةً؛ أي: ما يجوز ويمر به من منهل إلى منهل إن كان مارًا عليه؛ أي: فليزوده عند توديعه ما يكفي له يومًا وليلة، وتسمى الجيزة؛ لأن المسافر يجوز به من منزل إلى منزل، والجائزة: العطية، فيقال: أجزته؛ كما يقال: أعطيته.

(وَلَا يحل) أي: لا يجوز الله) أي للضيف (أن يثوي) ويقيم (عند صاحبه) وأخيه المضيف له أكثر من ثلاثة أيام (حتى يحرجه) من الإحراج؛ أي: حتى يؤثمه ويدخل عليه الحرج والتعب والضيق باستقراضه ما يضيفه به، أو يحمله على إطعامه من الأطعمة المحرمة؛ (الضيافة) الكاملة المستحقة

ص: 331

ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ .. فَهُوَ صَدَقَةٌ".

===

للضيف (ثلاثة أيام، وما أنفق) وصرف المضيف (عليه) أي: على الضيف (بعد) مضي (ثلاثة أيام .. فهو صدقة) على الضيف؛ أي: تبرع له لا مستحقة له؛ أي: فما زاد على ثلاثة أيام .. فهو صدقة عليه؛ فالمضيِّف مخير فيه؛ إن شاء .. فعل، وإن لَمْ يشأ .. لَمْ يفعل.

سماه صدقة؛ تنفيرًا للضيف عن الإقامة أكثر منها، قال القاضي عياض: قوله: (فما كان وراء ذلك) أي: ما كان وراء ثلاثة أيام .. فهو صدقة؛ لأنَّها خرجت عن حد الضيافة والمكارمة المستحبة إلى حد التعرض للعطاء والسؤال والصدقة المكروهة إلَّا للمحتاج، المحرم أخذها للغني بغير طيب نفس صاحبها. انتهى.

قال القرطبي: قوله: "فليكرم ضيفه" والأمر بها على جهة الندب؛ لأنَّها من مكارم الأخلاق، إلَّا أن تتعين في بعض الأوقات بحسب ضرورة أو حاجة، فتجب حينئذ.

وقد أفاد هذا الحديث أنَّها من أخلاق المؤمنين، ومما لا ينبغي لهم أن يتخلفوا عنها؛ لما يحصل عليها من الثواب في الآخرة، ولما يترتب عليها في الدنيا من إظهار العمل بمكارم الأخلاق، وحسن الأحدوثة الطيبة، وطيب الثناء، وحصول الراحة للضيف المتعوب بمشقات السفر، المحتاج إلى ما يخفف عليه ما هو فيه من المشقة والحاجة.

ولم تزل الضيافة معمولًا بها في العرب من لدن إبراهيم عليه السلام؛ لأنه أول من ضيف الضيف، وعادةً مستمرةً فيهم، حتى إن من تركها .. يُذمُّ عرفًا، ويُبخَّلُ ويُقبَّحُ عليه عادة، فنحن وإن لَمْ نقل: إنها واجبةٌ شرعًا .. فهي متعينة؛ لما يحصل منها من المصالح، ويندفع بها من المضار، عادةً وعرفًا. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب

ص: 332

(126)

- 3619 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْر، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ

===

من كان يؤمن بالله واليوم الآخر .. فلا يؤذ جاره، ومسلم في كتاب اللقطة، باب الضيافة، وأبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الضيافة، وتقدم تخريجه للمؤلف في أول الباب المذكور قبل هذا الباب.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي شريح بحديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(126)

- 3619 - (2)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي مولاهم المصري، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرَّحمن الفهمي المصري عالمها قرين مالك، ثقةٌ حجة، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يزيد بن أبي حبيب) المصري أبي رجاء، واسم أبيه سويد، ثقةٌ فقيه، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني - بفتح الياء والزاي بعدها نون - المصري، ثقةٌ فقيه، من الثالثة، مات سنة تسعين (90 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عقبة بن عامر) الجهني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، مات في قرب الستين. يروي عنه:(ع).

ص: 333

أَنَّهُ قَال: قُلْنَا لِرَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِل بقَوْمٍ فَلَا يَقْرُونَا فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟ قَال لَنَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ .. فَاقْبَلُوا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا .. فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ".

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أنه) أي: أن عقبة بن عامر (قال: قلنا) معاشر المجاهدين (لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك) يا رسول الله (تبعثنا) وترسلنا للجهاد في أقطار الأرض (فننزل بقوم) أي: بجنب قوم من الأعراب وأهل الذِّمة مجتمعين في مكان (فلا يَقْرُونا) - بفتح الياء ثلاثيًّا - من قرى يقري؛ من باب رمى؛ أي: فلا يعطون لنا القرى وحق الضيافة (فما ترى) وتقول (في) حكم (ذلك) أي: في حكم إبائهم من إعطاء القرى لنا؟ أي: فماذا تحكم وتقول في ذلك؛ هل نأخذ منهم حق الضيافة بالقوة، أو نتركهم ولا نتعرض لهم؟

فـ (قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالنا: (إن نزلتم بقوم) أي: صرتم في سفركم نازلين عند قوم ضيفًا (فأمروا لكم) أي: إن جمعوا الطعام من بينهم وأعطوا لكم (بما ينبغي) ويكفي (للضيف) أي: بما يليق بذلك الضيف قلةً وكثرةً .. (فاقبلوا) أيها النازلون عندهم ذلك القرى الذي جمعوا لكم؛ مما ينبغي ويليق بكم (وإن لَمْ يفعلوا) ذلك الأمر والجمع لكم، ولم يعطوا لكم القرى .. (فخذوا منهم) أي: من أولئك القوم الذين نزلتم عندهم (حق الضيف الذي ينبغي) ويكفي (لهم) أي: للضيف، جمع ضمير الضيف؛ لأن الضيف اسم جمع يطلق على الواحد والمثنى والجمع بلفظه؛ كما في "الصحاح".

ص: 334

(127)

- 3620 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَان،

===

واستدل بجعل ما زاد على الثلاث صدقة على أن الذي قبلها واجب؛ فإن المراد بتسميته صدقة: التنفير عنه؛ لأن كثيرًا من الناس خصوصًا الأغنياء يأنفون غالبًا من أكل الصدقة. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المظالم، باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، ومسلم في كتاب اللقطة، باب الضيافة عن عقبة بن عامر، وأبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الضيافة، والترمذي في كتاب السير، باب ما يحل من مال أهل الذِّمة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي شريح.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي شريح بحديث المقدام أبي كريمة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(127)

- 3620 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقةٌ، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق حجة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 335

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْمِقْدَامِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْلَةُ الضَّيْفِ وَاجِبَةٌ؛ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ .. فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ؛

===

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب الكوفي، ثقةٌ ثبتٌ، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عامر بن شراحيل الحميري (الشعبي) الكوفي، ثقةٌ فقيه، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن المقدام) بن معدي كرب بن عمرو الكندي (أبي كريمة) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، نزل الشام، ومات بها سنة سبع وثمانين (87 هـ) على الصحيح، وله إحدى وتسعون سنة. يروي عنه:(خ عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو كريمة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليلة الضيف) أي: قرى ليلة الضيافة (واجبة) أي: حق للضيف على المضيف، وفي رواية أحمد:(ليلة الضيف واجبة على كلّ مسلم)، وفي رواية أبي داوود:(حق على كلّ مسلم) بدل واجبة.

(فإن أصبح) الضيف؛ أي: دخل عليه الصباح، وهو؛ أي: والحال أن الضيف (بفنائه) أي: بفناء المضيف .. (فهو) أي: فذلك القرى (دين عليه) أي: على المضيف. والفناء - بكسر الفاء وتخفيف النون ممدودًا -: هو المتسع أمام الدار، وقيل: ما امتد من جوانب الدار كلها، يجمع على أفنية؛ نظير كساء وأكسية.

قوله: "فهو عليه" الضمير المجرور يرجع إلى (من) وهو صاحب الدار،

ص: 336

فَإِنْ شَاءَ .. اقْتَضَى، وَإِنْ شَاءَ .. تَرَكَ".

===

وضمير (هو) يرجع إلى (قرى) المفهوم من المقام (فإن شاء) الضيف أن يستوفي حقه من المضيف .. (اقتضى) الضيف واستوفى حقه من المضيف (وإن شاء) الضيف إلا يستوفي حقه من المضيف .. (ترك) استيفاء حقه من المضيف.

قال السيوطي: أمثال هذا الحديث كانت في أول الإسلام حين كانت الضيافة واجبة على المضيف، وقد نسخ وجوبها، وقد أشار إليه؛ أي: إلى نسخ وجوبها أبو داوود بالباب الذي عقده بعد هذا الباب. انتهى.

قال الخطابي: وجه ذلك: أنه رآها حقًّا من طريق المعروف والعادة المحمودة، ولم يزل قرى الضيف وحسن القيام عليه من شيم الكرام وعادات الصالحين، ومنع القرى مذموم على الألسن، وصاحبه ملوم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر .. فليكرم ضيفه" انتهي، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الضيافة.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 337