المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) - (1308) - باب من جر ثوبه من الخيلاء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ اللّباس

- ‌(1) - (1303) - بَابُ لِبَاسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) - (1304) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(3) - (1305) - بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌(4) - (1306) - بَابُ لُبْسِ الصُّوفِ

- ‌(5) - (1307) - بَابُ الْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(6) - (1308) - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ

- ‌(7) - (1309) - بَابُ مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ

- ‌تنبيه

- ‌(8) - (1310) - بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ

- ‌(9) - (1311) - بَابُ طُولِ الْقَمِيصِ كمْ هُوَ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(10) - (1312) - بَابُ كُمِّ الْقَمِيصِ كمْ يَكُونُ

- ‌(11) - (1313) - بَابُ حَلِّ الْأَزْرَارِ

- ‌(12) - (1314) - بَابُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ

- ‌(13) - (1315) - بَابُ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ كَمْ يَكُونُ

- ‌(14) - (1316) - بَابُ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(15) - (1317) - بَابُ إِرْخَاءِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ

- ‌فوائد

- ‌الأولى منها:

- ‌والفائدة الثانية

- ‌والفائدة الثالثة

- ‌والفائدة الرابعة

- ‌والفائدة الخامسة

- ‌(16) - (1318) - بَابُ كَرَاهِيَةِ لُبسِ الْحَرِيرِ

- ‌(17) - (1319) - بَابُ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(18) - (1320) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ

- ‌(19) - (1321) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(20) - (1322) - بَابُ لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(21) - (1323) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(22) - (1324) - بَابُ الصُّفْرَةِ لِلرِّجَالِ

- ‌(23) - (1325) - بَابٌ: الْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَكَ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ

- ‌(24) - (1326) - بَابُ مَنْ لَبِسَ شُهْرَةً مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(25) - (1327) - بَابُ لُبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ

- ‌(26) - (1328) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ

- ‌(27) - (1329) - بَابُ صِفَةِ النِّعَالِ

- ‌(28) - (1330) - بَابُ لُبْسِ النِّعَالِ وَخَلْعِهَا

- ‌(29) - (1331) - بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ

- ‌(30) - (1332) - بَابُ الانْتِعَالِ قَائِمًا

- ‌(31) - (1333) - بَابُ الْخِفَافِ السُّودِ

- ‌(32) - (1334) - بَابُ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ

- ‌دقيقة

- ‌(33) - (1335) - بَابُ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ

- ‌(34) - (1336) - بَابُ الْخِضَابِ بِالصُّفْرَةِ

- ‌(35) - (1337) - بَابُ مَنْ تَرَكَ الْخِضَابَ

- ‌(36) - (1338) - بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ وَالذَّوَائِبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(37) - (1339) - بَابُ كَرَاهِيَةِ كثْرَةِ الشَّعَرِ

- ‌(38) - (1340) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌(39) - (1341) - بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (1342) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(41) - (1343) - بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ

- ‌(42) - (1344) - بَابُ التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ

- ‌(43) - (1345) - بَابُ التَّخَتُّمِ فِي الْإِبْهَامِ

- ‌(44) - (1346) - بَابُ الصُّوَرِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(45) - (1347) - بَابُ الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ

- ‌(46) - (1348) - بَابُ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ

- ‌(47) - (1349) - بَابُ رُكُوبِ النُّمُورِ

- ‌كِتَابُ الْأَدَبِ

- ‌(48) - (1350) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌(49) - (1351) - بَابٌ: صِلْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ

- ‌(50) - (1352) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌(51) - (1353) - بَابُ حَقِّ الْجِوَارِ

- ‌(52) - (1354) - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ

- ‌(53) - (1355) - بَابُ حَقِّ الْيَتِيمِ

- ‌(54) - (1356) - بَابُ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌(55) - (1357) - بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَاءِ

- ‌(56) - (1358) - بَابُ الرِّفْقِ

- ‌(57) - (1359) - بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ

- ‌(58) - (1360) - بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ

- ‌(59) - (1361) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ

- ‌(60) - (1362) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(61) - (1363) - بَابُ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ

الفصل: ‌(6) - (1308) - باب من جر ثوبه من الخيلاء

(6) - (1308) - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ

(20)

- 3513 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

===

(6)

- (1308) - (باب من جر ثوبه من الخيلاء)

(20)

- 3513 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م دس ق).

(حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(جميعًا) أي: كل من أبي أسامة وعبد الله بن نمير رويا (عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم العمري المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن نافع) مولى ابن عمر.

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذان السندان من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات أثبات.

ص: 55

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ. . لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

===

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذي يجر) ويسحب (ثوبه) أي إزاره أو قميصه أو سراويله (من الخيلاء) والكبرياء؛ أي: من أجله (لا ينظر الله) سبحانه (إليه) أي: إلى ذلك المتكبر بعين الرضا والرحمة (يوم القيامة) والعرض على الله للمحاسبة على أعمالهم والمجازاة عليها، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، بل ينظر الله تعالى إليه نظر غضب وسخط عليه.

قال السندي: قوله: (الخيلاء): هو الكبر والعجب والاختيال (لا ينظر الله إليه) أي: نظر رحمة؛ والمراد: أنه لا يرحمه استحقاقًا وجزاء وإن كان يمكن أن يرحمه تفضلًا وإحسانًا. انتهى منه.

أي: (لا ينظر الله) تعالى نظر رحمة (إلى من جر) وسحب (ثوبه) وقميصه، وكذا الإزار والسراويل؛ أي: يجره على الأرض (خيلاء) أي: تكبرًا وإعظامًا ما لنفسه على غيره.

قال النووي: ومعنى (لا ينظر الله إليه) أي: لا ينظر إليه نظر رحمة، بل ينظر إليه نظر غضب ومقت وسخط.

قال العلماء: الخُيَلاءُ - بالمد - والمَخِيلَةُ والبَطَر والكبرُ والزهْوُ والتَّبَخْتُر كلها بمعنىً واحد، وهو حرام، يقال: خال خالًا، واختال اختيالًا؛ إذا تكبَّر، وهو رَجُلٌ خال؛ أي: متكبر، وصاحب خال؛ أي: صاحب كبر. انتهى "نووي".

فعلى هذا المعنى: فالحديث محمول على المستحلِّ أو على الزَجْر، ويحتمل أن يراد به: لا ينظر إليه نظر لطف وعناية، والله أعلم.

قال السندي: لا فَرْقَ في ذلك في الثوب بينَ الإزارِ والقميص والعمامة، وإنما

ص: 56

(21)

- 3514 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ،

===

خص الإزار في بعض الأحاديث؛ لأنه أكثر ما كان الجر فيه في عهده صلى الله عليه وسلم، والمنع إنما هو في حق الرجل خاصة. انتهى منه.

وقوله: (من الخيلاء) - بضم الخاء - وقيل: بكسرها وفتح الياء وبالمد فيهما؛ أي: تكبرًا وإعجابًا بنفسه، وقال الراغب: الخيلاء: التكبر، ينشأ عن فضيلة يتراءاها الإنسان من نفسه.

والتخيل: تصوير خيال الشيء في النفس، كذا في "فتح الباري"(10/ 253)، وهذا الحكم عام للرداء والإزار والقميص والسراويل والعمامة، ولا يجوز شيء منها، والجر في كل منها بحسبه؛ كما هو مبين عندهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللباس، باب من جر إزاره للخيلاء، ومسلم في كتاب اللباس، باب تحريم جر الثوب خيلاء، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إرسال الإزار، والترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في كراهية جر الإزار، وأبو داوود في كتاب اللبس، باب ما جاء في كراهية جر الإزار، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(21)

- 3514 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 57

عَنِ الْأَعْمَش، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ. . لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

===

(عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عطية) بن سعد بن جنادة - بضم الجيم بعدها نون خفيفة - العوفي - بفتح المهملة وسكون الواو - الجدلي - بفتح الجيم والمهملة - الكوفي أبي الحسن، صدوق يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًّا مدلسًا، من الثالثة، مات سنة إحدى عشرة ومئة (111 هـ). يروي عنه:(دت ق).

(عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عطية العوفي، وهو متفق على ضعفه.

(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر) وسحب (إزاره) على الأرض؛ وهو ما يستر به أسافل البدن (من الخيلاء) أي: لأجل التكبر والمخيلة. . (لم ينظر الله) سبحانه (إليه يوم القيامة) نظر رحمة؛ والنظر حقيقة في إدراك العين والحدقة للمرئي، وهو هنا مجاز عن الرحمة؛ أي: لا يرحمه الله تعالى؛ لامتناع حقيقة النظر في حقه تعالى، لأنه من صفات الحوادث، والعلاقة هي السببية؛ فإن من نظر إلى غيره وهو في حالة ممتهنة. . رحمه.

وقال العراقي في "شرح الترمذي": عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر؛ لأن من نظر إلى متواضع. . رحمه، ومن نظر إلى متكبر. . مقته، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر، كذا في "النيل". انتهى من "العون".

قال القاري: المعنى: أن استرخاءه من غير قصد لا يضر، لا سيما ممن

ص: 58

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لا يكون من شيمته الخيلاء، ولكن الأفضل هو المتابعة، وبه يظهر أن سبب الحرمة في جر الإزار هو الخيلاء، كما هو مقيد في الشرطية من الحديث المصدر به. انتهى، انتهى منه.

والحديث يدل على تحريم جر الثوب خيلاء؛ والمراد بجره: هو جره على وجه الأرض، وهو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم:"وما أسفل من الكعبين من الإزار. . فهو في النار" كما سيأتي في الباب التالي.

وظاهر الحديث: أن الإسبال محرم على الرجال والنساء، لما في صيغة (من) في قوله:"من جر" من العموم، ولكنه قد أجمع المسلمون على جواز الإسبال للنساء، كما صرح بذلك ابن رسلان في "شرح السنن".

وظاهر التقييد بقوله: (خيلاء) يدل بمفهومه أن جر الثوب لغير الخيلاء لا يكون داخلًا في هذا الوعيد.

قال ابن عبد البر: مفهومه: أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أنه مذموم، وقال النووي: لا يجوز الإسبال تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها. . فهو مكروه.

قال ابن العربي: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أجره خيلاء؛ لأن النهي قد تناوله لفظًا، ولا يجوز لمن تناوله لفظًا أن يخالفه؛ إذ صار حكمُه أن يقول: لا أمتثله؛ لأن تلك العلة ليسَتْ فِيَّ؛ فإنها دعوى غير مسلمة، بل إطالة ذيله دالة على تكبره عن امتثال الشارع. انتهى.

وحاصله: أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصده اللابس.

ويدل على عدم اعتبار التقييد بـ (الخيلاء) قوله صلى الله عليه وسلم: "إياك

ص: 59

قَالَ: فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ بِالْبَلَاطِ، فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ - وَأَشَارَ إِلَى أُذُنَيْهِ -: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي.

===

وإسبال الإزار؛ فإنها من المخيلة" كما ذكر في حديث جابر بن سليم وحديث أبي أمامة أخرجه الطبراني، ورجاله ثقات. انتهى باختصار من "العون"، وإن أردت كامل البحث. . فراجعه.

(قال) عطية العوفي بالسند السابق: (فلقيت) أنا عبد الله (بن عمر بالبلاط) المدني - بفتح الموحدة، وقيل: بكسرها - موضع معروف بالمدينة بين المسجد والسوق مبلط؛ أي: مفروش بالبلاط.

قلت: وقد أدركناه، ولله الحمد.

قال العوفي: (فذكرت له) أي: لابن عمر (حديث أبي سعيد) الخدري الذي رواه لنا (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو هذا المذكور (فقال) لي ابن عمر: (و) الحال أنه قد (أشار) بمسبحتيه (إلى أذنيه: سمعته) أي: سمعت هذا الحديث (أذناي) هاتان عن النبي صلى الله عليه وسلم، (ووعاه) أي: وعى هذا الحديث (قلبي) عن النبي صلى الله عليه وسلم، والجملتان مقول قال؛ أي: سمعت أذناي لفظ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووعى معناه قلبي عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في "الصحيحين" من حديث ابن عمر المذكور قبله، ومن حديث أبي هريرة المذكور بعده.

فالحديث: صحيح المتن بغيره، ضعيف السند، لما تقدم، فهو ضعيف السند، صحيح المتن، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.

ص: 60

(22)

- 3515 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ فَتىً مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّ سَبَلَهُ

===

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(22)

- 3515 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة العبدي الكوفي، ثقة حافظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو سلمة: (مر بأبي هريرة فتىً) أي: رجل شاب (من قريش يجر سبله) أي: يسحب ثيابه على الأرض، لم أر من ذكر اسمه، قال في "النهاية":(السَّبَلُ) - بفتحتين -: الثيابُ المُسْبَلَةُ على الأرض؛ كالرَّسَلِ والنَّشَر؛ بمعنى: المُرْسَلةِ والمُنْشَرةِ.

وقيل: إنها أغلظ ما يكون من الثياب، تتخذ من مشاقة الكتان، وفي "المختار": يقال: أسبل إزاره؛ إذا أرخاه على الأرض.

والمعنى: يجر سبله؛ أي: يجر إزاره المسبلة لا يكفه ولا يرفعه عن الأرض.

ص: 61

فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ. . لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

===

(فقال) أبو هريرة لذلك الشاب: (يا بن أخي) يريد أخوة الدين لا النسب؛ لينزجر عن ذلك الجر (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جر) وسحب (ثوبه) على الأرض (من الخيلاء) أي: لأجل التكبر وقصده. . (لم ينظر الله إليه) أي: لذلك الجار (يوم القيامة) بعين الرحمة، بل ينظره بعين الغضب والمقت فلا يرحمه، بل يعاقبه على ذلك الجر.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 62