الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) - (1323) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ
(52)
- 3545 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْن سُهَيْلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْمُفَدَّم، قَالَ يَزِيدُ:
…
===
(21)
- (1323) - (باب كراهية المعصفر للرجال)
(52)
- 3545 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي، ثقة له غرائب بعدما أضر، من الثامنة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يزيد بن أبي زياد) الهاشمي مولاهم الكوفي، ضعيف كبر فتغير، من الخامسة، كذا في "التقريب"، وقال أحمد بن صالح المصري: يزيد ثقة، ولا يعجبني قول من تكلم فيه، وقال يعقوب بن سفيان: يزيد وإن تكلموا فيه .. فهو على العدالة والثقة، وقال ابن سعد: يزيد في نفسه ثقة، فهو مختلف فيه، لا يقدح في السند، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن الحسن بن سهيل) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(ق).
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه يزيد بن أبي زياد، وهو مختلف فيه.
(قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال (عن) لبس الثوب (المفدم) بالفاء على صيغة اسم المفعول (قال يزيد) بن أبي زياد:
قُلْتُ لِلْحَسَنِ: مَا الْمُفَدَّمُ؟ قَالَ: الْمُشْبَعُ بِالْعُصْفُرِ.
(53)
- 3546 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،
===
(قلت لـ) شيخي (الحسن) بن سهيل: (ما) معنى (المفدم؟ قال) الحسن في جواب سؤالي: المفدم هو (المشبع بـ) صبغ (العصفر) والعُصْفُر - بضمتين بينهما مهملة ساكنة -: نَبْت يُهَرِّئُ اللَّحم الغليظَ، وبزْرهُ: القُرْطُم، يقال: عَصْفرَ ثوبَه؛ إذا صَبغَه بزَهْره فتَعَصْفَر.
في الأرميا يسمى: (صوفى) صبغه أصفر قريب إلى صبغ الورس اليماني، يؤكل حبوبه مع حبوب البن بعد القلي والشي على النار. انتهى من "القاموس" بزيادة، قال السندي: المفدم - بالميم المضمومة وفتح الفاء والدال المشددة المفتوحة -: هو المشبع حمرةً الذي لا يقدر على الزيادة عليه؛ لتناهي حمرته، فهو كالمشبع من الصبغ، وفي "الزوائد": إسناده: صحيح، ورجاله ثقات.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن لكون؛ سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، أو صحيح؛ كما في "الزوئد"، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عمر بحديث علي رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(53)
- 3546 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أسامة بن زيد) الليثي مولاهم أبي زيد المدني، صدوق يهم، من
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَقُولُ: نَهَاكُمْ - عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ.
===
السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عبد الله بن حنين) الهاشمي مولاهم المدني، ثقة، من الثالثة، مات في أوائل خلافة يزيد بن عبد الملك في أوائل المئة الثانية. يروي عنه:(ع).
(قال) عبد الله: (سمعت علي) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
أي: سمعت عليًّا حالة كونه (يقول: نهاني) أي: نهى (رسول الله صلى الله عليه وسلم إياي لا غيري (ولا أقول: نهاكم) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: نهاني (عن لبس) الثوب (المعصفر) أي: المصبوغ بزهر العصفر.
وقال في "المنجد": العصفر: صبغ أصفر اللون كالورس، بل أشد منه صفرة.
أي: قال علي رضي الله تعالى عنه: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول: نهاكم، قد استدل بهذه الرواية من لم يقل بتحريم لبس المعصفر، وظن أن النهي مختص بعلي رضي الله تعالى عنه؛ كما تفيده هذه الرواية؟
والجواب: أن النهي ليس بمختص بعلي رضي الله تعالى عنه، بل يعم جميع الناس، يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم: قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال:"هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها"، وقد قال البيهقي ردًّا لقول الشافعي:(إنه لم يحك أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن المعصفر إلا ما قال علي: نهاني، ولا أقول: نهاكم): إن الأحاديث تدل على أن النهي على العموم، ثم ذكر أحاديث، ثم قال بعد ذلك: ولو بلغت هذه الأحاديث للشافعي رحمه الله تعالى .. لقال
(54)
- 3547 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ هِشَامِ بْنِ الْغَاز،
===
بها، ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال:(إذا صح الحديث خلاف قولي .. فاعملوا بالحديث). انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب اللباس، باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب من كره لبس الحرير، والترمذي في كتاب الصلاة، وفي كتاب اللباس، باب ما جاء في كراهية المعصفر للرجال، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزينة، باب النهي عن لبس المعصفر، وأحمد في "المسند".
وقوله: (ولا أقول: أنهاكم) يعني: أن اللفظ في الحديث كان مخصوصًا لا عامًا، ولم يرد خصوص الحكم، وقد تقدم الجواب عنه آنفًا نقلًا عن "العون".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عمر بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(54)
- 3547 - (3)(حدثنا أبو بكر) ابن أبي شيبة، (حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أخو إسرائيل، ثقة، من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة، وقيل: سنة إحدى وتسعين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن هشام بن الغاز) بن ربيعة الجرشي - بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة - الدمشقي نزيل بغداد، ثقة، من كبار السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(عم).
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ
===
(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم)، مختلف فيه في سماع من بعده.
(عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله، صدوق ثبت سماعه من جده، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن جده) عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لكون سنده حسنًا؛ لأن فيه عمرو بن شعيب، وهو مختلف فيه فيما رواه عن أبيه عن جده؛ وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .. فهو كتاب، وإنما جاء ضعفه من هنا، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب أو سليمان بن يسار فهو ثقة، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده وقال: إنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عنده، فروى عنها ما لم يسمع عن جده، فضعف فيها.
(قال) عبد الله بن عمرو: (أقبلنا) أي: قدمنا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر) اسم موضع بين الحرمين، سميت بذلك، لكثرة الإذخر فيها؛ وهو نبت طيب الرائحة؛ كما ذكروه في كتاب الحج.
وفي رواية أبي داوود: (هبطنا) أي: نزلنا (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية) وهي الطريق في الجبل، وفي رواية المؤلف:(ثنية أذاخر) على وزن أفاعل: ثنية بين مكة والمدينة.
قال عبد الله بن عمرو: (فالتفت إلي) رسول الله صلى الله عليه وسلم
وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالْعُصْفُرِ فَقَالَ: "مَا هَذِهِ؟ "، فَعَرَفْتُ مَا كَرِهَ، فَأَتَيْتُ أَهْلِي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورَهُمْ فَقَذَفْتُهَا فِيه،
===
(و) الحال أنه (علي ريطة) - بفتح الراء المهملة وسكون التحتية ثم طاء مهملة - ويقال لها: رائطة، قال المنذري: جاءت الرواية بهما؛ وهي ملاءة منسوجة بنسج واحد، وقيل: هي كل ثوب رقيق لين، والجمع رِيطٌ ورِيَاط. انتهى من "العون".
قال السندي: في "القاموس"(2/ 375) الريطة: كل ملاءة غير ذات لفقين، كلها نسج واحد وقطعة واحدة، أو كل ثوب لين رقيق. انتهى.
وهي المسماة الآن بـ (الفوطة).
وقوله: (مضرجة) ملطخة (بالعصفر) أي: بالحمرة .. صفة لريطة؛ والمضرجة - بضم الميم وفتح الراء المشددة - أي: ملطخة بصبغ العصفر، وقال في "المجمع": ريطة مضرجة؛ أي: ليس صبغها بالمشبع، وهي دون المشبعة وفوق الموردة؛ وهي المصبوغة على لون الورد.
وفي بعض نُسَخ السندي: قوله: (ريطة) - بفتح الراء وسكون الياء -: كل ثوب رقيق من كتان لم يكن رقعتين متضامتين، بل رقعة واحدة.
وقوله: (مضرجة) اسم مفعول؛ من ضرجت الثوب تضريجًا - بالضاد المعجمة والراء المهملة المشددة والجيم - إذا سقيت بالحمرة.
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذه) الريطة؟ (فعرفت) من نظره إليَّ (ما كره) وما مصدرية، وجملة (كره) صلتها في تأويل مصدر منصوب بعرفت؛ أي: عرفت من نظره إليَّ كراهيته للريطة؛ لأنها لباس المشركين (فأتيت أهلي) أي: عيالي (وهم) أي: والحال أنهم (يسجرون) من باب نصر؛ أي: والحال أنهم يوقدون (تنورهم) أي: مخبزهم (فقذفتها) أي: فقذفت الريطة؛ أي: ألقيتها ورميتها (فيه) أي: في تنورهم ومخبزهم
ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللهِ؛ مَا فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ؟ "، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:"أَلَا كَسَوْتَهَا بَعْضَ أَهْلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذلِكَ لِلنِّسَاءِ".
===
(ثم أتيته) وجئته صلى الله عليه وسلم (من الغد) أي: في الغد من ذلك اليوم؛ والغد: اسم لليوم الذي بعد يومك الذي أنت فيه.
(فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الله؛ ما فعلت الريطة؟ ) بصيغة المعلوم؛ والريطة: بالرفع فاعل، وهو كناية عن قوله: أي شيء حصل لها وما حالها؛ أي؛ هل وهبتها للناس أو رميتها، وهذا يدل على كراهة المصبوغ بالعصفر للرجال، بل على كراهة الأحمر مطلقًا، قال عبد الله:(فأخبرته) صلى الله عليه وسلم بما فعلته بها من إلقائها في التنور (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا كسوتها) أي: هلا كسوت تلك الريطة وألبستها ومنحتها (بعض أهلك) وعيالك (فإنه) أي: فإن الشأن والحال (لا بأس) ولا مانع شرعيًا (بذلك) أي: من لبس ذلك المذكور من الريطة (للنساء)، والحديث يدل على جواز لبس المعصفر للنساء، وعدم جوازه للرجال، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب اللباس، باب الحمرة.
فدرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عمر.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم