المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) - (1350) - باب بر الوالدين - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢١

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ اللّباس

- ‌(1) - (1303) - بَابُ لِبَاسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(2) - (1304) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌(3) - (1305) - بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ اللِّبَاسِ

- ‌(4) - (1306) - بَابُ لُبْسِ الصُّوفِ

- ‌(5) - (1307) - بَابُ الْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(6) - (1308) - بَابُ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ

- ‌(7) - (1309) - بَابُ مَوْضِعِ الْإِزَارِ أَيْنَ هُوَ

- ‌تنبيه

- ‌(8) - (1310) - بَابُ لُبْسِ الْقَمِيصِ

- ‌(9) - (1311) - بَابُ طُولِ الْقَمِيصِ كمْ هُوَ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(10) - (1312) - بَابُ كُمِّ الْقَمِيصِ كمْ يَكُونُ

- ‌(11) - (1313) - بَابُ حَلِّ الْأَزْرَارِ

- ‌(12) - (1314) - بَابُ لُبْسِ السَّرَاوِيلِ

- ‌(13) - (1315) - بَابُ ذَيْلِ الْمَرْأَةِ كَمْ يَكُونُ

- ‌(14) - (1316) - بَابُ الْعِمَامَةِ السَّوْدَاءِ

- ‌(15) - (1317) - بَابُ إِرْخَاءِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ

- ‌فوائد

- ‌الأولى منها:

- ‌والفائدة الثانية

- ‌والفائدة الثالثة

- ‌والفائدة الرابعة

- ‌والفائدة الخامسة

- ‌(16) - (1318) - بَابُ كَرَاهِيَةِ لُبسِ الْحَرِيرِ

- ‌(17) - (1319) - بَابُ مَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ

- ‌(18) - (1320) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ

- ‌(19) - (1321) - بَابُ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ

- ‌(20) - (1322) - بَابُ لُبْسِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(21) - (1323) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْمُعَصْفَرِ لِلرِّجَالِ

- ‌(22) - (1324) - بَابُ الصُّفْرَةِ لِلرِّجَالِ

- ‌(23) - (1325) - بَابٌ: الْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَكَ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ

- ‌(24) - (1326) - بَابُ مَنْ لَبِسَ شُهْرَةً مِنَ الثِّيَابِ

- ‌(25) - (1327) - بَابُ لُبْسِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ

- ‌(26) - (1328) - بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُنْتَفَعُ مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ

- ‌(27) - (1329) - بَابُ صِفَةِ النِّعَالِ

- ‌(28) - (1330) - بَابُ لُبْسِ النِّعَالِ وَخَلْعِهَا

- ‌(29) - (1331) - بَابُ الْمَشْيِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدِ

- ‌(30) - (1332) - بَابُ الانْتِعَالِ قَائِمًا

- ‌(31) - (1333) - بَابُ الْخِفَافِ السُّودِ

- ‌(32) - (1334) - بَابُ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ

- ‌دقيقة

- ‌(33) - (1335) - بَابُ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ

- ‌(34) - (1336) - بَابُ الْخِضَابِ بِالصُّفْرَةِ

- ‌(35) - (1337) - بَابُ مَنْ تَرَكَ الْخِضَابَ

- ‌(36) - (1338) - بَابُ اتِّخَاذِ الْجُمَّةِ وَالذَّوَائِبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(37) - (1339) - بَابُ كَرَاهِيَةِ كثْرَةِ الشَّعَرِ

- ‌(38) - (1340) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْقَزَعِ

- ‌(39) - (1341) - بَابُ نَقْشِ الْخَاتَمِ

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(40) - (1342) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌(41) - (1343) - بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ خَاتَمِهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ

- ‌(42) - (1344) - بَابُ التَّخَتُّمِ بِالْيَمِينِ

- ‌(43) - (1345) - بَابُ التَّخَتُّمِ فِي الْإِبْهَامِ

- ‌(44) - (1346) - بَابُ الصُّوَرِ فِي الْبَيْتِ

- ‌(45) - (1347) - بَابُ الصُّوَرِ فِيمَا يُوطَأُ

- ‌(46) - (1348) - بَابُ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ

- ‌(47) - (1349) - بَابُ رُكُوبِ النُّمُورِ

- ‌كِتَابُ الْأَدَبِ

- ‌(48) - (1350) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌(49) - (1351) - بَابٌ: صِلْ مَنْ كَانَ أَبُوكَ يَصِلُ

- ‌(50) - (1352) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌(51) - (1353) - بَابُ حَقِّ الْجِوَارِ

- ‌(52) - (1354) - بَابُ حَقِّ الضَّيْفِ

- ‌(53) - (1355) - بَابُ حَقِّ الْيَتِيمِ

- ‌(54) - (1356) - بَابُ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌(55) - (1357) - بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الْمَاءِ

- ‌(56) - (1358) - بَابُ الرِّفْقِ

- ‌(57) - (1359) - بَابُ الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَمَالِيكِ

- ‌(58) - (1360) - بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ

- ‌(59) - (1361) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ

- ‌(60) - (1362) - بَابُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(61) - (1363) - بَابُ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ

الفصل: ‌(48) - (1350) - باب بر الوالدين

(48) - (1350) - بَابُ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

(107)

- 3600 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ سَلَامَةَ السُّلَمِيِّ

===

وقال بعضهم: الأدب: التخلق بأخلاق توجب لصاحبها محمدةً في الدين أو الدنيا. انتهى من "الكوكب".

* * *

(48)

- (1350) - (باب بر الوالدين)

(107)

- 3600 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك بن عبد الله) بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم بالكوفة أبو عبد الله، صدوق يخطئ كثيرًا، تغير حفظه بعدما ولي القضاء بالكوفة، وكان عابدًا فاضلًا عادلًا شديدًا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي، ثقةٌ ثبتٌ، وكان لا يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن عبيد الله بن علي) بن عرفطة السلمي، ويقال له: عبيد - بلا إضافة - قال في "التقريب": مجهول، من الرابعة. يروي عنه:(ق)، ومنصور بن المعتمر السلمي.

(عن ابن سلامة السلمي) خداش - بكسر أوله وتخفيف المهملة آخره معجمة - ابن سلامة، الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، له حديث واحد وهو هذا الحديث. يروي عنه:(ق)، وفي "التهذيب": يقال له: ابن أبي سلامة، ويقال: خداش أبو سلمة السلمي، ويقال: السلامي، يعد في الكوفيين له

ص: 280

قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أُوصِي امْرَأً بِأُمِّه، أُوصِي امْرَأً بِأُمِّه، أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ (ثَلَاثًا) أُوصِي امْرَأً بِأَبِيه، أُوصِي امْرَأً بِمَوْلَاهُ الَّذِي يَلِيهِ وَإنْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذىً يُؤْذِيهِ".

===

عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أُوصي امرأً بأمه". يروي عنه: عبيد الله بن عاصم بن عمر، وعبيد الله بن علي بن عرفطة، وقيل: عن عبيد الله بن علي عن عرفطة السلمي.

قلت: تفرد بالحديث منصور بن المعتمر عن عبيد الله بن علي، ذكره الطبراني في "الأوسط".

وقال البخاري في "التاريخ": لَمْ يتبين سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وقال ابن قانع: ورواه زائدة وجرير عن منصور، فقالا: خداش.

قلت: ولهذا ذكره ابن حبان في الموضعين. انتهى منه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا مجهولًا؛ وهو عبيد الله بن علي بن عرفطة.

(قال) خداش بن سلامة: (قال النبي صلى الله عليه وسلم: أوصي) مضارع؛ من أوصى الرباعي مسند إلى المتكلم؛ أي: آمر (امرأً) منكم أيها المسلمون (بـ) الإحسان إلى (أمه) وكرر قوله: (أوصي امرأً بأمه، أوصي امرأً بأمه ثلاثًا) للتأكيد والاعتناء بها، ثم قال ثانيًا:(أوصي امرأً بأبيه) مرّة واحدة، ثم قال ثالثًا:(أوصي امرأً بمولاه) أي: بصلة المولى؛ وهو المعتِق والمالك والصاحب والقريب والجار والحليف والابن والعم والشريك، (الذي يليه) الأقربِ فالأقربِ منه (وإن كان عليه) أي: على ذلك المرء (منه) أي: من ذلك القريب (أذىً) وإضرار (يؤذيه) أي: يوصل ذلك الإيذاء القريب إلى المرءِ المُنْفق عليه.

قوله: (أوصي) من الإيصاء (امرأً) يريد العموم، فهو من عموم النكرة في

ص: 281

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الإثبات؛ نظير {عَلِمَتْ نَفسٌ} (1)؛ أي: كلّ شخص ذكرًا كان أو أنثى (بِأُمِّه) أي: بالإحسان إليها، وفي تكرير الإيصاء بالأم تأكيد في أمرها، وزيادة اهتمام في برها فوق الأب؛ وذلك لتهاون كثير من الناس في حقها بالنسبة إلى الأب، فالتكرير للتأكيد، وقيل: بل هو لإفادة أن للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر؛ وذلك لصعوبة الحمل ثم الوضع ثم الرضاعة، وهذه ثلاثة تنفرد بها، ثم تشارك الأب في التربية والقرابة (الذي يليه) أحد الضميرين للموصول والآخر للمرء والظاهر أن الفاعل للموصول؛ أي: المولى الذي يمون المرء ويلي أمره؛ فإنه أنسب لذكر المولى مع الأب، وأيضًا هَو المتعارف باسم المولى، وأيضًا هو المناسب بالموصول المذكور (وإن كان عليه) أي: على المرء (منه) أي: من المولى (أذىً)، وفي بعض النسخ:(أَذاةٌ) بتاء التأنيث، وجملة (يؤذيه) صفة لأذىً مؤكدة، والله أعلم.

وقد نبه في "الزوائد" على أن هذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة، لكن لَمْ يتعرض لحكم إسناده، وقال: ليس لأبي سلامة هذا عند المؤلف سوى هذا الحديث، وليس له شيء في بقية الأصول الستة. انتهى من "السندي".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما بعده من حديث أبي هريرة، وسنده ضعيف؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن بما بعده.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن سلامة بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال:

(1) سورة التكوير: (14).

ص: 282

(108)

- 3601 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاع، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَنْ أَبَرُّ؟

===

(108)

- 3601 - (2)(حدثنا محمد بن ميمون) الخياط البزاز أبو عبد الله (المكي) أصله من بغداد، صدوق ربما أخطأ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ت س ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي، ثقةٌ حجة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عمارة) بضم المهملة (ابن القعقاع) - بفتح القافين بينهما عين ساكنة - ابن شبرمة - بضم المعجمة والراء المهملة بينهما موحدة ساكنة - الضبي - بالمعجمة والموحدة - الكوفي، ثقةٌ أرسل عن ابن مسعود، من السادسة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقةٌ، من الثالثة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (قالوا) أي: قال الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله) أي: قال واحد منهم (من أبر؟ ) - بفتح الموحدة وتشديد الراء المضمومة - على صيغة المضارع المسند إلى المتكلم؛ لأنه من بر؛ من باب نفع وضرب؛ أي: من الذي أبره وأصله أولًا وَأحسن إليه بما أنعم الله به عليَّ؟

وفي رواية مسلم: (عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى

ص: 283

قَالَ: "أُمَّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أُمَّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "أَبَاكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "الْأَدْنَى فَالْأَدْنَى".

===

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك) ومقتضى السياق في عبارة المؤلف أن يقال: (عن أبي هريرة قال: جاء رجل، فقال: يا رسول الله؛ من أبر؟ )

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال الرجل: (أمك) بالنصب على رواية المؤلف، وكذا على رواية الترمذي؛ على أنه مفعول لفعل أمر محذوف؛ تقديره: بر أمك - بفتح الموحدة والراء المشددة - لأنه أمر من بر؛ من باب نفع وضرب؛ كما مر آنفًا؛ أي: بر أمك وصلها أولًا وأحسن إليها (قال) الرجل في السؤال الثاني: (ثم من) أبره وأصله بعد أمي يا رسول الله؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل في جواب سؤاله الثاني: (أمك) بالنصب أيضًا؛ أي: بر أمك وصلها وأحسن إليها (قال) الرجل في السؤال الثالث: (ثم من) أبره وأصله وأحسن إليه يا رسول الله؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله الثالث: (أباك) أي: بر أباك وصله وأحسن إليه، وفي سياق ابن ماجة مخالفة لسياق "الصحيحين" وغيرهما من أصحاب السنن؛ لأنهم إنما ذكروا الأب بعد ذكر الأم ثلاث مرات (قال) الرجل السائل في السؤال الرابع:(ثم) بعد أبي (من) أبره يا رسول الله؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب. سؤاله الرابع: (الأدنى) والأقرب؛ أي: ثم بر الأدنى والأقرب إليك من الأقارب (فـ) بعد الأدنى الأول بر (الأدني) والأقرب إليك بعد ذلك الأدنى؛ وذلك كالابن ثم ابن الابن وإن سفل، وكالأخ الشقيق ثم للأب ثم للأم؛ أي: ثم بر الأقرب فالأقرب إلى آخر ذوي الأرحام.

قال النووي: فيه الحث على بر الأقارب، وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب.

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قالوا: وسبب تقديم الأم .. كثرة تعبها عليه وشفقتها عليه وخدمتها له. انتهى.

وفي التنزيل إشارة إلى هذا التأويل في قوله: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (1)، فالتثليث في مقابلة ثلاثة أشياء مختصة بالأم؛ وهي تعب الحمل، ومشقة الوضع، ومحنة الرضاع. انتهى من "التحفة".

قوله: (من أبر؟ ) قال في "النهاية": البر - بكسر الموحدة -: الإحسان؛ وهو في حق الوالدين والأقربين من الأهل ضد العقوق؛ وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقهم، يقال: بر يبر؛ من باب نفع، فهو بار، وجمعه بررة.

قال: والبر والبار بمعنىً، وجمع البر أبرار، وهو كثيرًا ما يختص بالأولياء والزهاد والعباد. انتهى.

وقال في "القاموس": البر ضد العقوق، يقال: بررته وأبره؛ كعلمته وضربته، وصلة الرحم: كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والتعطف عليهم والرفق بهم، وقطع الرحم ضد ذلك، يقال: وصل رحمه يصلها وصلًا وصلةً. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق بحسن الصحبة، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب بر الوالدين، والترمذي في أبواب البر والصلة، باب ما جاء في بر الوالدين، وبلفظه هنا انفرد ابن ماجة؛ كما أشرنا إليه في حلنا آنفًا، ولكن أصل أحاديث الكل ومعناها ومفادها واحد، والله أعلم.

(1) سورة الأحقاف: (15).

ص: 285

(109)

- 3602 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ

===

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن سلامة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن سلامة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(109)

- 3602 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط - بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة - الضبي الكوفي، ثقةٌ صحيح الكتاب، من الثامنة، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سهيل) - مصغرًا - ابن أبي صالح ذكوان السمان أبي يزيد المدني، صدوق تغير حفظه بأخرة، من السادسة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) ذكوان السمان الزيات المدني، ثقةٌ ثبتٌ، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي) - بفتح الياء في أوله وسكون الياء في آخره؛ لأنه ثلاثي معتل بالياء - أي: لا يكافئ (ولد والدًا) أي: إحسان والد إليه بتربيته وخدمته (إلَّا أن يجده) أي: إلَّا أن

ص: 286

مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ".

===

يجد الولد والده حالة كون الوالد (مملوكًا) منصوب على الحال من الضمير المنصوب في يجده (فيشتريه) أي: فيشتري الولد الوالد ممن ملكه (فيعتقه) أي: فيعتق الولد المشمّري الوالد المملوك المباع له، بالنصب في الفعلين عطفًا على يجده.

قال الجزري في "النهاية": ليس المعنى استئناف العتق فيه بعد الشراء؛ لأن الإجماع منعقد على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال، وإنما معناه: أنه إذا اشتراه فدخل في ملكه عتق عليه، فلما كان الشراء سببًا لعتقه .. أضيف العتق إليه، وإنما كان هذا جزاءً له؛ لأن العتق أفضل ما ينعم به أحد على أحد إذا خلصه بذلك من الرق، وجبر به النقص الذي فيه، وتكمل له أحكام الأحرار في جميع التصرفات. انتهى.

قلت: قوله: لأن الإجماع منعقد على أن الأب يعتق على الابن إذا ملكه في الحال .. نظرٌ؛ فإن بعض أهل الظاهر ذهبوا إلى أن الأب لا يعتق على الابن بمجرد الملك، بل لا بد من إنشاء العتق، واحتجوا بهذا الحديث. انتهى من "تحفة الأحوذي".

أي: وخالف أهل الظاهر الجمهور، فقالوا: لا يترتب العتق بمجرد الشراء، بل لا بد من إنشاء الإعتاق بعد الشراء، ودليل الجمهور حديث سمرة بن جندب عند الترمذي وأبي داوود وابن ماجة أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من ملك ذا رحم محرم .. فهو حر"، قال في "المرقاة": وهذا أصرح وأعم من حديث أبي هريرة المذكور هنا.

وقوله: (محرم) بالجر على الجوار؛ لأنه صفة ذا رحم لا رحم.

وضمير (فهو) عائد إلى (ذا رحم) وهو حجة أبي حنيفة على أن جميع ذوى

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأرحام المحرمة يعتقون بالشراء، خلافًا للشافعي؛ فإنه يقول: يعتق الأصول والفروع فقط، وخلافًا لمالك؛ فإنه يقول: يعتق الأصول والفروع والإِخوة والأخوات فحسب، وأما أبو حنيفة .. فعمل بكل معنى الحديث، فعمم الحكم في جميع الأقارب المُحرّمِينَ.

ويجاب عن استدلال أهل الظاهر بحديث الباب؛ بأنه لما تسبب في عتق أبيه بالشراء .. نسب العتق إليه.

قال السنوسي: ويجاب عنه أيضًا بأن الحديث من باب التعليق بالمحال للمبالغة؛ والمعنى: لا يجزي ولد والده إلَّا أَنْ يملكَهُ فيُعتقه باختياره، وهو محال، فالمجازاة محال؛ كما يقال في قوله تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (1) يعني: إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف .. فانكحوه، فلا يحل لكم غيره؛ وذلك محال غير ممكن، والغرض: المبالغة في تحريمه وسد الطريق إلى إباحته؛ كما يعلق بالمحال.

ويجوز أن يكون الفاء في قوله "فيعتقه" للعطف التفسيري؛ كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (2) إذا جعلت التوبة قتل النفس، وهو كلام حسن جدًّا. انتهى من "الكوكب".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب العتق، باب فضل عتق الوالد، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب ما جاء في حق الوالد، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حق الوالدين.

(1) سورة النساء: (22).

(2)

سورة البقرة: (54).

ص: 288

(110)

- 3603 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

===

فدرجته؛ أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن سلامة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(110)

- 3603 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث) بن سعيد العنبري التنوري مولاهم البصري، صدوق ثبتٌ في شعبة، من التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن حماد بن سلمة) بن دينار البصري، ثقةٌ عابد أثبت الناس في ثابت، ولكن تغير حفظه في آخره، من كبار الثامنة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عاصم) بن بهدلة بن أبي النجود - بنون وجيم - الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ، صدوق له أوهام حجة في القراءة، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي صالح) ذكوان السمان الزيات المدني، ثقةٌ ثبتٌ، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.

ص: 289

قَالَ: "الْقِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ أُوقِيَّةٍ؛ كُلُّ أُوقِيَّةٍ خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ"، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ".

===

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم، (القنطار) الواحد إذا كان جزاء العمل كبر الوالدين (اثنا عشر ألف أوقية) هذا الكلام مرتب على محذوف؛ تقديره: وقد يجازى الولد ببر الوالدين القنطار؛ وذاك القنطار اثنا عشر ألف أوقية، فـ (كلّ أوقية) منها؛ أي: واحدة منها (خير) أي: أعظم وأكثر (مما) يملأ (بين السماء والأرض) لو كانت جسمًا، فاغتنموا أيها الأولاد بر الوالدين؛ لتنالوا عليه هذا الأجر العظيم.

(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (إن الرجل) منكم أيها المؤمنون (لترفع) له (درجته) ومنزلته (في الجَنَّة) فوق ما يرجو منها بحسب عمله المصالح (فيقول) لمن عنده من الملائكة: (أنى) وجد لي (هذا) المنزل والمقام، وبأي سبب وعمل وجد لي؟ (فيقال) له من جهة الملائكة: هذا المقام وجد لك (بـ) سبب (استغفار ولدك لك) في الدنيا قبل لحوقه بك.

وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث أبي هريرة أيضًا، ورواه البيهقي في "الكبرى" من طريق حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة به، والحاكم في كتاب النِّكَاح بنحوه عن أنس بن مالك، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ورواه ابن حبان في "الموارد"(ص 172) في كتاب المواقيت، باب القراءة في صلاة الليل، وابن أبي شيبة في "مصنفه".

قال السندي: معنى الحديث: (القنطار) إذا كان جزاء العمل في الآخرة .. فهو هذا المقدار؛ يعني: اثني عشر ألف أوقية.

ص: 290

(111)

- 3604 - (5) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ،

===

و(الأوقية) - بضم الهمزة وتشديد الياء -: هي ما يزن أربعين درهمًا؛ كما سبق في باب زكاة النقود بقوله: نصاب الفضة خمسة أواق.

قوله: "باستغفار ولدك" أي: فينبغي للولد أن يكثر من الاستغفار للوالدين.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده ولأن له شواهد ومتابعات، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث ابن سلامة بحديث المقدام بن معدي كرب رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(111)

- 3604 - (5)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم - مصغرًا - العنسي - بالنون - أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن بَحِير) بكسر المهملة (ابن سعد) - بلا ياء بعد العين المهملة؛ لأنه خطأ - السحولي أبي خالد الحمصي، ثقةٌ ثبتٌ، من السادسة. يروي عنه:(عم)، وخالد بن معدان، ومكحول، ويروي عنه: إسماعيل بن عياش.

(عن خالد بن معدان) الكلاعي الحمصي أبي عبد الله، ثقةٌ عابد يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

ص: 291

عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ (ثَلَاثًا) إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ".

===

(عن المقدام بن معدي كرب) بن عمرو الكندي أبي كريمة، أو أبي يحيى الحمصي، الصحابي الشهير رضي الله تعالى عنه، مات سنة سبع وثمانين (87 هـ)، وله إحدى وتسعون سنة. يروي عنه:(خ عم).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، ولا يقدح فيه إسماعيل بن عياش؛ لأنه روى فيه عن أهل بلده، فهو صدوق.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يوصيكم) ويأمركم (بـ) البر لـ (أمهاتكم) وبالإحسان إليهن بأموالكم وأنفسكم، قال هذه الكلمة وكررها (ثلاثًا) أي: ثلاث مرات؛ اعتناءً بشأنهن، وحثًا على خدمتهن، ثم قال:(إن الله) عز وجل (يوصيكم) ويأمركم (بـ) البر والإحسان إلى (آبائكم) وبالإنفاق عليهم بقدر استطاعتكم (إن الله يوصيكم) أي: يأمركم (بـ) البر والإنفاق على (الأقرب) من أرحامكم (فـ) على (الأقرب) منهم بعد الأقرب الأول.

فهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، لكن رواه أحمد في "مسنده" من حديث المقدام أيضًا، ورواه البيهقي من طريق بقية عن يحيى بن سعد في كتاب الزكاة.

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث ابن سلامة بحديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 292

(112)

- 3605 - (6) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَة، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ

===

(112)

- 3605 - (6)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا صدقة بن خالد) الأموي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقةٌ، من الثامنة، مات سنة إحدى وسبعين ومئة (171 هـ)، وقيل: ثمانين، أو بعدها. يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا عثمان بن أبي العاتكة) سليمان الأزدي أبو حفص الدمشقي القاص، ضعفوه في روايته عن علي بن يزيد الألهاني، من السابعة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئة (152 هـ). يروي عنه:(د ق).

(عن علي بن يزيد) بن أبي زياد الألهاني أبي عبد الملك الدمشقي، صاحب القاسم بن عبد الرَّحمن، ضعيف، من السادسة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(ت ق)، وقال الساجي: اتفق أهل العلم على ضعفه، وقال الأصبهاني: منكر الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وبالجملة: اتَّفَقُوا على ضعفه.

(عن القاسم) بن عبد الرَّحمن الشامي أبو عبد الرَّحمن الدمشقي مولى آل أبي سفيان بن حرب الأموي. روى عن: أبي أمامة، ويروي عنه: علي بن يزيد الألهاني، و (عم). صدوق يغرب كثيرًا، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ).

(عن أبي أمامة) صدي بن عجلان الباهلي الصحابي الشهير رضي الله تعالى

ص: 293

أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا حَقُّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا؟ قَالَ: "هُمَا جَنَّتُكَ وَنَارُكَ".

(113)

- 3606 - (7) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصبَّاح،

===

عنه. يروي عنه: (ع). مات سنة إحدى وثمانين (81 هـ) بحمص، وقيل: سنة ست وثمانين (86 هـ) وله إحدى وتسعون سنة.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه علي بن يزيد، وهو متفق على ضعفه.

(أن رجلًا) لَمْ أر من ذكر اسمه؛ أي: قال أبو أمامة: إن رجلًا من الصحابة (قال: يا رسول الله؛ ما حق الوالدين على ولدهما؟ ) فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: (هما) أي: الوالدان (جنتك) أي: سبب لدخولك الجَنَّة إن أطعتهما فيما يحل طاعتهما فيه (ونارك) أي: سبب لدخولك النار إن عصيتهما فيما ينبغي طاعتهما فيه.

وهذا الحديث انفرد فيه ابن ماجة، فدرجته: أنه صحيح المتن بما بعده من حديث أبي الدرداء، وصحيح المتن باعتبار ما دل الكتاب والسنة عليه؛ لأنهما يأمران بطاعة الوالدين، وينهيان عن مخالفتهما فيما ينبغي طاعتهما فيه، فالحديث: ضعيف السند، صحيح المعنى والمتن، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف سادسًا لحديث ابن سلامة بحديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(113)

- 3606 - (7)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي

ص: 294

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّة، فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَوِ احْفَظْهُ".

===

أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء) بن السائب أبي محمد الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(خ عم)، والسفيانان: الثوري وابن عيينة، ويروي هو عن: أبي عبد الرَّحمن السلمي، وأبي سلمة عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عوف.

(عن أبي عبد الرَّحمن) السلمي عبد الله بن حبيب بن ربيعة - بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد الباء مصغرًا - الكوفي المقرئ مشهور بكنيته، ولأبيه صحبة، ثقةٌ ثبتٌ، من الثانية، مات بعد السبعين، وقال ابن قانع: مات سنة خمس ومئة. يروي عن: أبي الدرداء وعمر وعثمان، ويروي عنه: عطاء بن السائب، وأبو إسحاق السبيعي، و (ع).

(عن أبي الدرداء) عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري مشهور بكنيته الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (ع)، مات بالشام في أواخر خلافة عثمان، وقيل: عاش بعد ذلك.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

أن أبا الدرداء (سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجَنَّة) أي: خيارها وأحسنها (فأضع ذلك الباب) أي: ضيعه إن شئت تضييعه بمخالفة الوالد (أو احفظه) أي: احفظ ذلك الباب إن شئت حفظه بطاعة الوالد.

ص: 295

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قوله: "الوالد أوسط أبواب الجَنَّة" قال القاضي: أي: خير الأبواب وأعلاها؛ والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجَنَّة، ويتوسل به إلى وصول أعلى درجاتها العالية .. مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه.

وقال غيره: إن للجنة أبوابًا، وأحسنها دخولًا أوسطها، وأن سبب دخول ذلك الباب الأوسط هو محافظة حقوق الوالد. انتهى.

فالمراد بالوالد: الجنس؛ وهو كلّ من تسبب في ولادته، فيشمل الوالدة لا خصوص الأب.

أو المعنى: إذا كان حكم الوالد هكذا .. فحكم الوالدة أقوى، وبالاعتبار أولى.

قوله: "فأضع" الفاء فيه: للإفصاح؛ وأَضِعْ: فعل أمر؛ مِن أضاع يُضيع إضاعةً؛ أي: إذا عرفت ما قُلْتُه لك وأردتَ بيان حقيقة الأمر لك .. فأقول لك: إن شئت فَضَيِّعْ حقوقَ ذلك الباب بمخالفةِ والدك وتركِ طاعتك له فيما ينبغي فيه الطاعة، أو احفظ حقوق ذلك الباب بطاعةِ والدك فيما ينبغي فيه الطاعة. انتهى من "تحفة الأحوذي" بتصرف وزيادة.

قال السندي: (أَوْسَطُ) أي: سببٌ لدخول الولد مِن أحسن أبواب الجَنَّة، وقال السيوطي:(أوسطُ الأبواب) أي: خَيْرُها (فاضع) أمر؛ من الإضاعة، وليس المراد: التخيير بين الأمرين، بل المراد: التوبيخُ على الإضاعة، والحثُّ على الحفظ؛ مثل قوله تعالى:{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (1)، قال السيوطي: ظاهره أنه من تتمة الحديث المرفوع، وفي رواية الطبراني أنه مُدْرَج من كلام الراوي. انتهى منه.

(1) سورة الكهف: (29).

ص: 296

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وهذا الحديثُ مكرَّر من المؤلف؛ فإنه سبق له ذكره في كتاب الطلاق، باب الرجل يَأْمُرهُ أبوه بطلاق امرأته رقم (667)، حديث رقم (2057).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الفضل في رضا الوالدين، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن أبي شيبة في كتاب الأدب، باب ما ذكر في بر الوالدين.

ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: سبعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 297