الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(18) - (1320) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ
(44)
- 3537 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ إِلَّا مَا كَانَ هكَذَا،
===
(18)
- (1320) - (باب الرخصة في العلم في الثوب)
أي: في الطراز الذي يجعل على عضد العسكر مثلًا.
* * *
(44)
- 3537 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث) بن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي القاضي، ثقة فقيه تغير حفظه قليلًا في الآخر، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عاصم) بن سليمان الأحول أبي عبد الرحمن البصري، ثقة، من الرابعة، لم يتكلم فيه إلا القطان، وكأنه بسبب دخوله في الولاية، مات بعد سنة أربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي عثمان) النهدي عبد الرحمن بن مل - بتثليث الميم وتشديد اللام - مشهور بكنيته، ثقة ثبت مخضرم عابد، من كبار الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة، لأن رجاله ثقات أثبات.
(أنه) أي: أن عمر (كان ينهى) الناس (عن) لبس (الحرير والديباج إلا ما كان هكذا) أي: قدر أربع أصابع، أو قدر ما دونها، كقدر إصبع أو إصبعين
ثُمَّ أَشَارَ بِإِصْبَعِه، ثُمَّ الثَّانِيَةِ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ الرَّابِعَة، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا عَنْهُ.
===
أو ثلاث أو أربع؛ كما بينه بقوله: ثم أشار
…
إلى آخره.
(ثم أشار) أبو عثمان في المرة الأولى (بإصبعه) الواحدة، أي: كان عمر ينهى عن الحرير والديباج إلا ما كان قدر إصبع واحدة؛ فإنه حلال (ثم) أشار أبو عثمان المرة (الثانية) بإصبعين؛ أي: نهى عنهما إلا ما كان قدر إصبعين؛ فإنه حلال (ثم) أشار أبو عثمان المرة (الثالثة) بثلاث أصابع؛ أي: نهى عنهما إلا ما كان قدر ثلاث أصابع (ثم) أشار أبو عثمان المرة (الرابعة) بأربع أصابع؛ أي: نهى عنهما إلا ما كان قدر أربع أصابع؛ فإنه حلال؛ لكون ما ذكر كله قليلًا وما فوق قدر أربع أصابع .. فهو حرام؛ لكثرته.
وقوله: (ثم أشار) تفسير وتفصيل لقوله: (إلا ما كان هكذا).
وقوله: (فقال) عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا) معاشر الصحابة (عنه) أي: عن لبس الحرير والديباج إلا ما كان هكذا معطوف على قوله: إنه كان ينهى؛ أي: أنه كان ينهى عنهما، ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عنه.
ولفظ مسلم: (عن الشعبي عن سويد بن غفلة أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية - موضع بدمشق، فقال) عمر في خطبته: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين) أي: قدرهما (أو) قدر (ثلاث) أصابع (أو) قدر (أربع) منها.
قال النووي: وفي هذا الحديث: إباحة العلم والطراز من الحرير في الثوب؛ كما يخاط على عضد قمص العساكر إذا لم يزد على أربع أصابع، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور. انتهى.
(45)
- 3538 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ مَوْلَى أَسْمَاءَ
===
قال قاضيخان: روى بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا بأس بالعلم من الحرير في الثوب إذا كان قدر أربع أصابع أو دونها، ولم يحك فيها خلافًا. انتهى من "المرقاة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللباس، باب الحرير وافتراشه للرجال وبيان قدر ما يجوز، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال الحرير، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب ما جاء في لبس الحرير، والنسائي في كتاب الزينة، باب الرخصة في لبس الحرير.
وقد سبق للمؤلف تخريج هذا الحديث في كتاب الجهاد، باب لبس الحرير والديباج في الحرب رقم (982)، حديث رقم (2777).
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عمر بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(45)
- 3538 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن مغيرة بن زياد) البجلي أبي هشام الموصلي، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئة (152 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبي عمر مولى أسماء) بنت أبي بكر الصديق الصحابية الفاضلة رضي الله تعالى عنها، اسمه عبد الله بن كيسان القرشي التيمي مولاهم المدني؛ مولى أسماء بنت أبي بكر، ثقة، من الثالثة، قال أبو داوود: ثقة ثبت، وقال
قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى عِمَامَةً لَهَا عَلَمٌ، فَدَعَا بِالْجَلَمَيْنِ فَقَصَّهُ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَسْمَاءَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ: بُؤْسًا لِعَبْدِ الله، يَا جَارِيَةُ؛ هَاتِي جُبَّةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْ
===
الحاكم: من أجلة التابعين، وذكره ابن حبان في "الثقات". يروي عنه:(ع).
(قال) أبو عمر: (رأيت) عبد الله (بن عمر اشترى عمامة لها علم) أي: طراز من حرير وكفة منه (فدعا) أي: طلب ابن عمر (بالجلمين) - بفتحتين وياء ساكنة - في "المنجد": الجلمان: اسم آلة لجلم الصوف وقطعه؛ كالمقص؛ وهو المقص الكبير للخياطين، لفظه لفظ المثنى ملحق به في إعرابه؛ كالبحرين (فقصه) أي: فقص ابن عمر العلم والطراز والكفة التي على أطراف العمامة؛ لظنه حرمتها؛ لأنها من الحرير والحال أنها حلال.
قال أبو عمر: (فدخلت) أنا (على) مولاتي (أسماء) بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، قال أبو عمر:(فذكرت) أي: أخبرت (ذلك) الفعل الذي فعله ابن عمر بعمامته من قص العلم (لها) أي: لأسماء (فقالت) أسماء: (بؤسًا لعبد الله) منصوب على المفعولية المطلقة بعامل محذوف وجوبًا؛ تقديره: بئس ابن عمر بؤسًا؛ أي: هلك هلاكًا بإسراف عمامته وماله، يقال: بئس يبأس بؤسًا؛ كسمع يسمع سمعًا؛ معناه: الشدة والفقر؛ أي: أصابه الله بداهية وشدة، هذا أصله، والآن استعمل في التعجب، ولا يراد معناه الحقيقي؛ وهو الدعاء عليه بالهلاك؛ أي: عجبًا لابن عمر كيف قص علم عمامته لجهله بحله؟ !
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
ثم قالت أسماء لجاريتها: (يا جارية؛ هاتي) ائتني وأعطني (جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والجبة: قميص محشو يلبس للبرد (فجاءت) الجارية
بِجُبَّةٍ مَكْفُوفَةِ الْكُمَّيْنِ وَالْجَيْبِ وَالْفَرْجَيْنِ بِالدِّيبَاجِ.
===
إليها (بجبة مكفوفة الكمين) أي: مطرزة أطراف كميها بخرقة الديباج (و) مكفوفة (الجيب) والجيب: شق القميص من العنق إلى نهاية الصدر؛ أي: مكفوفة طرفي جيبها بخرقة الديباج (و) مكفوفة (الفرجين) أي: مكفوفة أطراف فرجيها (بـ) خرقة (الديباج) والفرجان: أطراف شق الجبة من قدام ومن خلف.
قال السندي: قوله: (مكفوفة الكمين
…
) إلى آخره؛ أي: عُمِلَ على كميها وجيبها وفرجيها كفاف من حرير.
وكفة كل شيء - بالضم -: طرفه أو حاشيته وكل مستطيل كفة ككفة الثوب، وكل مستدير كفة - بالكسر - ككفة الميزان.
(والفرجين) الفرجان: الشقان من قدام ومن خلف. انتهى منه.
والمعنى: فجاءت الجارية إلى أسماء بجبة مكفوفة كماها وجيبها وفرجاها بخرقة من الديباجِ والحريرِ؛ أي: مخيطة بكفة من حرير، كذا في "المرقاة".
ومعنى المكفوفة: أنه جعل لها كفة - بضم الكاف وتشديد الفاء - والكفة: ما يكف به جوانبها ويعطف عليها، ويكون ذلك في الجيب والفرجين والكمين والذيل.
وإنما أخرجت أسماء جبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكفوفة بالحرير؛ لتري أن الثوب والجبة والعمامة ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير .. جاز، ما لم يزد على أربع أصابع، فإن زاد .. فهو حرام؛ لما مر آنفًا من حديث عمر رضي الله تعالى عنه وفي رواية المؤلف اختصار للحديث، وتمامه في رواية مسلم:(فقالت) معطوف على قوله: (فجاءت) الجارية (بجبة مكفوفة) أي: فلما جاءت الجارية بجبة .. قالت أسماء من عندها: (هذه) الجبة التي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أخرجتها إليكم (كانت) بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (عند) أختي (عائشة) رضي الله تعالى عنها مدة حياتها (حتى قبضت) وماتت عائشة (فلما قبضت) وماتت عائشة .. (قبضتها) أي: قبضت هذه الجبة وحفظتها عندي (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها) في حياته (فنحن) معاشر الصحابة والأتباع (نغسلها) الآن (للمرضى) حالة كونها (يستشفى بها) أي: يطلب الشفاء من الأمراض بشرب غسالتها والتمسح بها، ففيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: قول أسماء (هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتج بذلك على جواز العلم من الحرير، فإن الجبة كانت فيها لبنة من حرير، وكانت مكفوفة بالحرير.
(واللِّبْنَةُ) - بكسر اللام وسكون الموحدة فنون -: رقعة توضع في جيب القميص والجبة؛ على ما في "النهاية".
ووجه الاحتجاج بذلك: أنه إذا كان القليل من الحرير المصمت (أي: الخالص) المخيط في الثوب جائزًا .. كان العلم بالجواز أولى، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن ذلك الحرير وضع في الجبة وخيط عليها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك .. لما احتجت به أسماء، ولكان الواضع معروفًا عندهم؛ فإن الاعتناء بتلك الجبة كان شديدًا وتحفظهم بها كان عظيمًا؛ لأنها من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المتداولة عندهم للتذكر وللتبرك والاستشفاء بها، فيبعد ذلك الاحتمال، بل يبطل؛ بدليل قولها: (هذه كانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها
…
) إلى آخر الكلام، فتأمله؛ فإنه يدل على ذلك دلالة واضحة. انتهى من "المفهم".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب اللباس، باب ما يُرخَّص فيه من الحرير، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب الرخصة في العلم في الثوب.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عمر.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم