المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مواقيت الإحرام - شرح مسند أبي حنيفة - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [للإمام القاري]

- ‌[شرح المسند]

- ‌ عائشة أفضل من سائر النساء

- ‌ حديث الاستخارة

- ‌ استلام الحجر

- ‌ حديث بروع بنت واشق

- ‌ شرب النبيذ

- ‌ التعجب انفعال النفس

- ‌ اجتماع أبي حنيفة والأوزاعي:

- ‌ يجمع الله العلماء يوم القيامة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ صلاة في الخمرة

- ‌ فضائل الإمام زفر

- ‌ لا نأخذ بالرأي ما دام أثر

- ‌ قول زفر

- ‌ نوم الجنب

- ‌ رفع القلم

- ‌ إن أولادكم من كسبكم

- ‌ قراءة في الوتر في ثلاث ركعاته

- ‌ مواقيت الإحرام

- ‌ تأكيد أمر الإمامة

- ‌ خيار العتق

- ‌ حديث أهل النار

- ‌ والليالي في الرمي تابعة للأيام السابقة دون اللاحقة

- ‌ كسب الحلال فرض عين

- ‌ طلب الحلال جهاد

- ‌ أجمع العلماء على نجاسة الخمر إلا ما حكي عن داود فإنه قال بطهارتها

- ‌ المؤمن ليس يتنجس

- ‌ صيد الكلب

- ‌ حديث خزيمة

- ‌ جبة ضيقة الكمين

- ‌ التشهد

- ‌ طلب العلم فريضة

- ‌ طالب العلم يستغفر له كل شيء

- ‌ المدعى عليه أولى باليمين

- ‌ الصلاة في الكعبة

- ‌ حديث طواف

- ‌ حديث المسح

- ‌ نفل صلى الله عليه وسلم على راحلته

- ‌ لا يجهرون ببسم الله

- ‌ حديث الحج

- ‌ في بيان أكل الضب

- ‌ وتر صلى الله عليه وسلم في آخر الليل

- ‌ حديث المسح

- ‌ ترك الكلام في الصلاة

- ‌ أوصاف زوجة

- ‌ حديث الحج

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ وأما حديث: كل مسكر حرام فكاد أن يكون متواتراً

- ‌ حديث الأضاحي

- ‌ زيارة القبور

- ‌ قنوت الفجر

- ‌ يمين اللغو

- ‌ صلاة السفر

- ‌ حديث الحج

- ‌ عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌ رفع اليدين

- ‌ سوم على سوم غيره

- ‌ كثرة السجود

- ‌ صلاة خفيفة

- ‌ إذا اختلف المتبايعان

- ‌ خطبة الجمعة قائماً

- ‌ تكبيرات الجنازة

- ‌ حُسنُ الخُلُق

- ‌ خلقة النفس

- ‌ خروج النساء إلى المصلى

- ‌ ترى المرأة ما يرى الرجل

- ‌ ذبح شاة قبل الصلاة

- ‌ خروج النساء

- ‌ طلاق النساء

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن أبي رباح

- ‌ حديث القراءة في الصلاة

- ‌ حديث إذا طلع النجم

- ‌ قَلَنْسُوة

- ‌ تعلموا من النجوم ما تهتدوا به

- ‌ حديث الطلاق

- ‌ حديث كل معروف

- ‌ صلاة في قميص واحد

- ‌ حديث الجمعة

- ‌ وفيه أن الجميل يحب الجمال

- ‌ عمرة في رمضان تعدل حجة

- ‌ رَمَل

- ‌ حديث من عفى عن دم

- ‌ فضيلة التكبيرة الأولى

- ‌ لا يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح

- ‌ حديث الوضوء

- ‌ حديث الماء المستعمل

- ‌ حديث سنة الفجر

- ‌ حديث: أين الله

- ‌ حديث الركاز

- ‌ يقول الإمام أيضاً ربنا لك الحمد في رواية

- ‌ فضيلة صلاة الفجر والعشاء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي الزبير محمد بن سالم المكي

- ‌ لا يكفر مرتكب الكبيرة

- ‌ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد

- ‌ نعم الإدام الخل

- ‌ طلاق رجعي

- ‌ لا ربا في الحيوانات

- ‌ النهي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها

- ‌ يعرف النبي صلى الله عليه وسلم بريح الطيب

- ‌ من قتل ضفدعاً فعليه شاة

- ‌ الداء والدواء

- ‌ دخول الحمام بمئزر

- ‌ بيع المزابنة والمحاقلة

- ‌ حديث الطيب

- ‌ بيع المخابرة

- ‌ حديث قدر

- ‌ ذكر إسناده عن عمرو بن دينار وعن طاوس

- ‌ حديث شراء الطعام

- ‌ حديث لباس المحرم

- ‌ حديث السجود

- ‌حديث الفرائض

- ‌ كبراء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن عكرمة ومقسم موليا ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌ السجدة على سبعة أعضاء والنهي عن كف شعر وثوب

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث درء الحدود

- ‌ ذكر إسناده عن نافع مولى ابن عمر

- ‌ حديث عذر المسلم

- ‌ حديث فتح الإمام

- ‌ حديث قتل المحرم

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث وطء الحامل

- ‌ حديث قراءة السنة

- ‌ حديث التربع

- ‌ حديث الأسماء

- ‌ حديث غسل الجمعة

- ‌ صلوا في البيوت

- ‌ حديث النذر

- ‌ الذنب لا ينسى

- ‌ حديث بيع الغرر

- ‌ اخضبوا بالحناء

- ‌ القدرية مجوس هذه الأمة

- ‌ حديث حرمة المتعة

- ‌ صلاة في الكعبة

- ‌ الكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الدِّبَاء

- ‌ حشرات الأرض

- ‌ حديث الذبح

- ‌ حرمة الحمر الأهلية

- ‌ النسخ مرتان

- ‌ حديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن سليمان وعطاء ابنا يسار

- ‌ذكر إسناده عن سليمان بن يسار

- ‌ تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال

- ‌ذكر إسناده عن عطاء بن يسار

- ‌ بيع الولاء

- ‌ فضيلة وصل صفوف الصلاة

- ‌ ذكر إسناده عن الزهري وعن أبي جعفر محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ حديث تعمد الكذب

- ‌ إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء

- ‌ حديث الدِّيَّة

- ‌ الصلاة في ثوب واحد

- ‌ حديث متعة النساء

- ‌ صلاة الليل

- ‌ ذكر إسناده عن محمد بن المنكدر

- ‌ صيد محرم

- ‌ صلاة المريض

- ‌ أنت ومالك لأبيك

- ‌ فقال: إني لست أصافح النساء

- ‌الجار أحق بالشفعة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ ذكر إسناده عن يحيى بن سعيد القطان

- ‌ غسل الجمعة

- ‌ حديث بشارة خديجة رضي الله عنها

- ‌ الأعمال بالنيات

- ‌ حديث بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن ربيعة بن أبي عبيدة الرحمن

- ‌ سنة وفاته عليه السلام وأبي بكر وعمر

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الرحمن

- ‌ كل مولود يولد على الفطرة

- ‌ أولاد الكفار

- ‌ إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أهل القبور

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن دينار وأبي اسحاق

- ‌ جواب الأذان

- ‌ الوتر أول الليل

- ‌ بلال يؤذن بليل

- ‌ عليكم بالأبكار

- ‌ طلب العافية

- ‌ عمامة سوداء

- ‌ الأصل في الأشياء الإباحة

- ‌ الحبة السوداء

- ‌ المسح على الخفين

- ‌ إسفار الصبُح

- ‌ ليس منا من غش في البيع والشراء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي إسحاق

- ‌ جمع صلاتين في مزدلفة

- ‌ لعن آكل الربا

- ‌ إخراج التصاوير والكلب من البيت

- ‌ ما بال قوم يلعبون بحدود الله

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الملك بن عمير

- ‌ لا يقتل الصغار

- ‌ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر

- ‌ لا يقضي الحاكم في الغضب

- ‌ نهى عن صوم أيام التشريق وعن يوم الشك

- ‌ ماء الكمأة شفاء العين

- ‌ استعمال الحلال المحض يجلو البصر والبصيرة

- ‌ عدم جواز نفل بعد طلوع صبح

- ‌ لا تشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد

- ‌ لاتسافر المرأة إلا مع ذي محرم

- ‌ حديث شفاعة السقط

- ‌ ذكر إسناده عن الشعبي والحكم بن عيينة

- ‌ سبع خصال في عائشة

- ‌ حديث النكاح

- ‌ حديث القصاص

- ‌ حديث المسح

- ‌ حديث سؤر الهرة

- ‌ ذكر إسناده عن الحكم بن عيينة

- ‌ حديث توقيت المسح

- ‌ حديث الحجاب

- ‌ حرمة لبس الحرير

- ‌ حرمة آنية الذهب والفضة

- ‌ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قليله وكثيره سواء

- ‌ الولاء لمن أعتق

- ‌ لا يجوز أخذ المال بدل الجيفة

- ‌ ركعتين بعد الظهر

- ‌ ذكر إسناده عن محارب بن دِثار

- ‌ عدم التكلف

- ‌ ذكر إسناده عن سماك بن حرب

- ‌ ذكر إسناده عن زياد بن علاقه

- ‌ ذكر إسناده عن أبي بردة

- ‌ ذكر إسناده عن علي بن الأقمر

- ‌ ذكر إسناده عن إبراهيم بن المبشر

- ‌ ذكر إسناده عن عطية بن سعد العوفي

- ‌ ذكر إسناده عن يزيد بن عبد الرحمن، أحد أجلاء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن موسى بن أبي عائشة

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن حبيب

- ‌ ذكر إسناده عن ظريف بن شهاب السعدي

- ‌ ذكر إسناده عن سفيان بن طلحة بن زياد

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن السائب بن الماية

- ‌ ذكر إسناده عن علقمة بن مرثد

- ‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رُفيع

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية

- ‌ ذكر إسناده عن الهيثم بن حبيب الصرفي

- ‌ ذكر إسناده عن القاسم بن عبد الرحمن

الفصل: ‌ مواقيت الإحرام

الركعة الأولى من الوتر) أي من ركعات الثلاث (بأم الكتاب) وهي الفاتحة و {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية بأم القرآن، و {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة بأم الكتاب، و {قل هو الله أحد} والحديث رواه أبو داود، والترمذي والنسائي، وأحمد وابن ماجه، وابن حبان، عن جماعة من الصحابة بلفظ إذا صلى الوتر، ثلاثاً فيقرأ الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} ، وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} ، وفي الثالثة {قل هو الله أحد} .

وفي رواية لأبي حنيفة بسنده عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث، وقد رواه النسائي وابن السني كلاهما عن ابن ابزي، وزاد ولا يسلم إلا في آخرهن، ورواه الحاكم وقال عثمان على شرطهما، عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه لا يسلم إلا في آخرهن، وكذا روى النسائي والحاكم وقال عثمان، على شرطهما، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث، ولا يسلم في ركعتي الوتر، وفي رواية لابن ماجه والنسائي أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر ويقنت قبل الركوع.

-‌

‌ مواقيت الإحرام

وبه (عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس) أي وعظهم (فقال من أراد منكم الحج) أي قصد إحرامه (فلا يحرمن إلا من الميقات) أي لا بعده إذ يجوز إجماعاً قبله بل هو أفضل بشرط، (والمواقيت) جمع ميقات وهو الوقت المعين استعير للمكان المبين،

ص: 50

والمواقيت (التي وقتها) بتشديد القاف أي عينها وبينها (لكم) أي لأجل إحرامكم (نبيكم) أي هو ينبىء وغيري من بعدكم صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة) خبر مقدم (ومن مر بها) ولمن مر بها، أي ولمن وصل إليها (من غير أهلها) كأهل الشام وغيرهم (ذو الحليفة) مبتدأ مؤخر (ولأهل الشام) على عادتهم القديمة، (ومن مر بها) من غير أهلها كأهل مصر وغيرهم (الجحفة) بضم الجيم وسكون الحاء، وهو المسمى اليوم بالرابغ (ولأهل نجد ومن مر بها) من غير أهلها (قرن) بفتح القاف، وسكون الراء قرن المنازل وهو موضع معروف ووهم الجوهري في ضبطه بفتحتين فإنه قبيلة ينسب إليه أويس (ولأهل اليمن ومن مر بها غير أهلها) كأهل الهند (يلملم) ويقال المسلم، (ولأهل العراق) من الكوفيين والبصريين (ولسائر الناس) أي لمن مر على طريقهم (ذات عرق) بكسر فسكون، والحديث في الصحيحين من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّتَ لأهل المدينة ذو الحليفة، ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم ممن هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك، فمن حيث أنشأ حتى أهل من مكة.

وأما توقيت ذات عرق ففي مسلم عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مَهَلَّ أهل المدينة إلى أن قال ومهل أهل العراق من ذات عرق، وفيه شك من الراوي في رفعه هذه المرة، ورواه مرة أخرى على ما أخرجه ابن ماجه عنه ولم يشك، ولفظه ومهل أهل الشرق ذات عرق، وكذا أخرجه البزار في مسنده عن ابن عباس، وأخرج أبو داود عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق وكذا أخرجه عبد الرزاق عن نافع عن ابن عمر.

وبه (عن حمَّاد بن أبي سليمان عن إبراهيم) عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول

ص: 51

الله صلى الله عليه وسلم أي أحياناً (يخرج إلى صلاة الفجر) أي فرض الصبح لأهل الجماعة، (ورأسه) أي وشعره (يقظ) بضم القاف، أي يقطر (من غسل الجنابة) أي من أثر غسلها (باحتلام وجماع) الواو بمعنى التنويعية ويحتمل الترديدية، فإنه قد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم محفوظ الاحتلام والأظهر أن يكون جماع عطف تفسيره بجنابة، ويؤيده ما سيأتي من رواية فيها بلفظ من جنابة من جماع، (ثم يظل) بفتح الظاء المعجمة أي يصير في نهاره (صائماً) للفرض أو النفل.

والحديث رواه مالك وأصحاب الكتب الستة عن عائشة وأم سلمة بلفظ: كان يدرك الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم، وقد أجمعوا على أن من أصبح صائماً وهو جنب أن صومه صحيح، وأن المستحب أن يغتسل قبل طلوع الفجر، وعن بعض السلف أنه يبطل صومه ويمسك ويقضي، وعن الحسن إن أخره بغير عذر بطل، وعن النخعي إن كان نوى الفرض يقضي.

وبه (عن حماد، عن إبراهيم عن علقمة، عن عائشة) أي بنت الصديق (أم المؤمنين) أي أحد الزوجات الطاهرات (قالت: لما أغمي) بصيغة المجهول ونائب الفاعل (على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أبا بكر) الخِطَابُ لأهل بيت النبوة أو لعائشة ولمن حولها أو بها وحدها والجمع لتعظيمها (فليصلِّ بالناس) أي إماماً لهم

ص: 52

في مقام الإيناس، وفيه إشارة إلى أنه أحق بالخلافة وكذا قال بعض (1) الصحابة: قد رضيه النبي صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاه لدنيانا (فقيل) أي فقالت عائشة أو حفصة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن أبا بكر رجل حصر) بفتح الحاء والصاد أي بخيل كما في النهاية، أو ضيق الصدر على ما في القاموس، (وهو) أي والحال أن أبا بكر (يكره أن يقوم مقامك)، أي لا يهون عليه أن يقف في مكانك، ويرى نفسه أن تخلفه في مقام شأنك، أو يغلب عليه البكاء. حين يتذكر الغيبة، عن الحضرة ويتصور انتقالك من دار الفناء إلى دار البقاء قال:(إفعَلوا مَا آمركُمْ به) ولا تعتذروا بمثل هذا المقالات في حقه، وفي بعض الروايات إنكن صواحبات يوسف يعني أن كيدكن عظيم، إذ قصدت عائشة بهذا لاسشآم الناس به بقيام مقامه في المحراب والله أعلم بالصواب، وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في كتابنا المرقاة شرح المشكاة.

وبه (عن حماد عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد أنه سأل عائشة عما يقطع الصلاة) أي من المارين فقالت (يا أهل العراق) أرادت به بعض الكوفيين (تزعمون الحمار والكلب والسنور) بكسر السين المهملة وتشديد النون المفتوحة، أي الهرة (يقطعون الصلاة إذا مر بين يدي المصلي، ولم يكن له سترة)، وفيه تغليب ذوي الغفول على غيرهم قرنتمونا معشر النساء

(1) قال في اللمعات شرح المشكاة، قال سيدنا علي كرم الله وجهه لأبي بكر رضي الله عنه: قد قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر ديننا فمن الذي يؤخرك في دنيانا.

ص: 53

بهم) أي بالحمار والكلب والهرة ومثالهم.

ولعل وجه صيغة جمع المذكر الموضوع لذوي العقول على طريق المشاكلة والمقابلة (أدرأ) بفتح أمر الخطاب العام لسائل وغيره من الأنام أي ادفع (المار) مطلقاً (ما استطعت)، بالإشارة أو اليد على وجه اللطافة؛ (فإن اندفع) فبها (وإلا فلا يضرك) من يمر إلا نفسه فإنه لا يقطع صلاتك شيء.

والأحاديث الواردة في قطعها محمول على قطع كمال الحضور فيها فإن القلب يتشوش بمشاهدة شيء يمر بين يديه، وفي كتاب الرحمة في اختلاف الأئمة لو مر بين يدي المصلي مارٌّ لم تبطل صلاته، عند الثلاثة، وإن كان المار حائضاً أو حماراً أو كلباً أسود.

وقال أحمد يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء.

وممن قال بالبطلان عند مرور ما ذكر ابن عباس وأنس والحسن البصري (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، وأنا نائمة إلى جنبه) أي في غاية من قربه، كما يشير إليه (عليه ثوب جانبه عَلَي)، وفيه دليل على أنه يجوز صلاة الرجل إلى جنب امرأة مطلقاً، كما قاله مالك والشافعي.

وقال أبو حنيفة يبطل صلاة الرجل إلى جنبه إذا حاذته امرأة في صلاة مشتركة أداء وتحريمه بشروط آخر محل بسطها كتب الفقه وكأنها رضي الله عنها استدلت بهذا الحديث أنه لا فرق في مقام قرب المرأة بين أن يكون في جنب المصلي، أو بين يديه، (وفي رواية قالت، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معترضة) أي نائمة أو مضطجعة بالعرض بينه وبين القبلة هذا أقوى في مقام القبلة لما سبق من المقالة، فإن بقائها معترضة أقوى من مرورها.

ص: 54

(وبه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن الأسود، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم قال الولد) ذكراً كان أو أَنْثى إذا حصل بِطَريق السفاح لَا عَلى وَجهِ النِكَاحْ (لِلِفِرَاش) بكسر الفاء وهو ما يسترك كناية عن المرأة تكون محصنة (1) أو غيرها حُرَّة كانت أو أمة (وللعاهر) بكسر الهاء أي الرجل الزاني، إذا كان محصناً (الحجر) أي الرجم أو التراب كناية عن قتله، والحديث صحيح مشهور كاد أن يكون متواتراً، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود، والنسائي وابن ماجه، عن عائشة، والثلاثة عن أبي هريرة. وأبو داود، عن عثمان. والنسائي، عن ابن مسعود، وعن ابن الزبير. وابن ماجه، عن عمر وأبي أمامة.

وبه (عن حماد، عن إبراهيم قال: قال عبد الله) أي ابن مسعود قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ السُّرةِ إلى الرُّكْبَةِ عَوْرَةً) الحديث رواه الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن جعفر، وروى الدارقطني، عن عطاء بن يسار، عن أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما فوق الركبة من العورة، وما أسفل من السرة من العورة، ورواه أيضاً عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإِن ما تحت سُرُّته إلى ركبته عورة، وعن علقمة، عن علي كرّم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الركبةُ مِنَ العَورَة" واعلم أن ستر العورة عن الأجنبي واجب الإجماع، وهو مشروع في الصلاة حتى عن نفسه إلا عند مالك، فإنه قال بوجوبه، كما قال به أئمتنا في حال طوافه، واتفقوا على أن السرة من الرجل ليست

(1) بذا الحديث كاد أن يكون متواتراً

ص: 55

بعورة، وأما الركبة فقال مالك والشافعي وأحمد ليست من العورة، وقال أبو حنيفة إنها منها.

وبه عن بعض الشافعية، وقيل العورة هي السوءتان وبه قال بعض أصحاب الظاهر وأصل ذلك كله قوله تعالى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (1) أي قبل ودبر.

- الولاء لمن أعتق

وبه (عن حماد عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة) بفتح الموحدة وكسر الراء الأول وهي اسم جارية (لتعتقها فقالت مواليها) بفتح الميم أي أهلها: (لا نبيعها إلا أن تشترط) بصيغة المتكلم أو الغائبة، أو المجهول الغائب؛ أي تشترط (الولاء) بفتح الواو، وهي عبارة عن عصوبة مواخية، وعصوبة النسب يرث منها المعتق والمعنى: أن يكون الولاء لنا قالت عائشة: (فذكرت ذلك) بصيغة المتكلم والمعنى: سألت عن صحة ما صدر عنهم هنالك (النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) سواء شرط، أو لم يشترط، فإن الشرط الذي يخالف الشرع باطل، والحديث المرفوع رواه أحمد والطبراني، عن ابن عباس، وقد جاء من عائشة ألفاظ مختلفة بطريق متعدد في بعضها أمور مشكلة تولينا بحلها في فتح الوفاء لشرح الشفاء.

وبه (عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض المرض الذي فيه قبض) أي وجه الشريف (استحل) أي التمس من سائر نسائه (أن يكون في بيتي أيام مرضه) لعدم قدرته على القسم بينهن، ولوجود المشقة عليه

(1) الأعراف 31.

ص: 56

في تردده إليهن (فأحللن له) أي أجزن له، (وجعلنه في حل) من جهة رضائه (قالت): أي عائشة (فلما سمعت ذلك)، أي إحلالهن في قيامه عندي (فقمت مسرعة فَكَنَستُ) أي أنظفت (بيتي) أي حجرتي (وليس لي خادم) أي من يخدمني، ويعينني (وفرشته فراشاً) بكسر الفاء أي ما يفرش للاضطجاع (حشو مرفقه) بكسر الميم وفتح الفاء أي مُخَدَّتُه (الإذْخِر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمة نبت معروف بمكة المكرمة، (فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهادي) بضم الياء وكسر الدال أي يمشي بين رجلين معتمداً عليهما من قوة ضعفه، وكثرة تمايله (حتى وضع على فراش).

وفي البخاري قالت عائشة لما ثقل مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذنَّ له فخرج وهو بين الرجلين تخط رجلاه في الأرض بين عباس ابن عبد المطلب، وبين رجل آخر، قال عبد الله: فأخبرت عبد الله بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الذي لم تسم عائشة، قلت: لا، قال ابن عباس: هو علي بن أبي طالب الحديث.

وفي رواية مسلم عن عائشة فخرج بين الفضل بن عباس ورجل آخر، وفي أخرى رجلين أحدهما أسامة.

وعند الدارقطني أسامة والفضل، وعند ابن سعد الفضل وثوبان، وعند ابن حبان في أخرى بريرة ونوبة بضم النون وسكون الواو وموحدة اسم أمة، والجمع بين الروايات على تقدير ثبوتها عن الثقاة بأن يقال تعدد خروجه متعددة من اتكأ عليه.

ولكن خروجه الأخير إلى بيت عائشة ما يتصور فيه التعدد إلا باعتبار أول

ص: 57

خروجه بين رجلين، وأول دخوله عند هاتين جاريتين ولا يبعد أن هذه الجماعة كلهم كانوا معه ومتقاربين حوله بحيث أشبه حالهم كما يشير إليه إبهام الرجل الآخر في قول عائشة، وإلا فحاشا أنها كانت نكرت علياً حتى ما أحبت أن تذكره بلسانها هذا.

وكان ابتداءُ مرضه عليه الصلاة والسلام في بيت ميمونة أو زينب بنت جحش، أو ريحانة، والمعتمد هو الأول على أنه يحمع بالابتداء الحقيقي والإضافي نظراً إلى حال مرضه من شدته وضعفه، ويؤيده ما رواه أحمد والنسائي، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي، وأنا أقول وارأساه قال: بل أنا وارأساه ثم قال: ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك، ودفنتك فقالت لكأني به والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه.

وروى أحمد عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه أني لا أستطيع أن أدور في بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي، وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه عند الاسمعيل كان يقول: أين أنا حرصاً على بيت عائشة، فلما كان يومي أذن له نساؤه. وذكر ابن سعد بإسناد صحيح، عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن: إنه يشق عليه الاختلاف ولامتنع من الجمعة، والله أعلم.

وبه (عن حماد عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كأني أنظر إلى بياض قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحيث أتى الصلاة في مرضه)، وفي البخاري من حديث أنس أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الإثنين، وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كشف سترة حجرة عائشة فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك فنكص أبو بكر ليصل الصف، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، وهم المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم

ص: 58