المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية - شرح مسند أبي حنيفة - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [للإمام القاري]

- ‌[شرح المسند]

- ‌ عائشة أفضل من سائر النساء

- ‌ حديث الاستخارة

- ‌ استلام الحجر

- ‌ حديث بروع بنت واشق

- ‌ شرب النبيذ

- ‌ التعجب انفعال النفس

- ‌ اجتماع أبي حنيفة والأوزاعي:

- ‌ يجمع الله العلماء يوم القيامة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ صلاة في الخمرة

- ‌ فضائل الإمام زفر

- ‌ لا نأخذ بالرأي ما دام أثر

- ‌ قول زفر

- ‌ نوم الجنب

- ‌ رفع القلم

- ‌ إن أولادكم من كسبكم

- ‌ قراءة في الوتر في ثلاث ركعاته

- ‌ مواقيت الإحرام

- ‌ تأكيد أمر الإمامة

- ‌ خيار العتق

- ‌ حديث أهل النار

- ‌ والليالي في الرمي تابعة للأيام السابقة دون اللاحقة

- ‌ كسب الحلال فرض عين

- ‌ طلب الحلال جهاد

- ‌ أجمع العلماء على نجاسة الخمر إلا ما حكي عن داود فإنه قال بطهارتها

- ‌ المؤمن ليس يتنجس

- ‌ صيد الكلب

- ‌ حديث خزيمة

- ‌ جبة ضيقة الكمين

- ‌ التشهد

- ‌ طلب العلم فريضة

- ‌ طالب العلم يستغفر له كل شيء

- ‌ المدعى عليه أولى باليمين

- ‌ الصلاة في الكعبة

- ‌ حديث طواف

- ‌ حديث المسح

- ‌ نفل صلى الله عليه وسلم على راحلته

- ‌ لا يجهرون ببسم الله

- ‌ حديث الحج

- ‌ في بيان أكل الضب

- ‌ وتر صلى الله عليه وسلم في آخر الليل

- ‌ حديث المسح

- ‌ ترك الكلام في الصلاة

- ‌ أوصاف زوجة

- ‌ حديث الحج

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ وأما حديث: كل مسكر حرام فكاد أن يكون متواتراً

- ‌ حديث الأضاحي

- ‌ زيارة القبور

- ‌ قنوت الفجر

- ‌ يمين اللغو

- ‌ صلاة السفر

- ‌ حديث الحج

- ‌ عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌ رفع اليدين

- ‌ سوم على سوم غيره

- ‌ كثرة السجود

- ‌ صلاة خفيفة

- ‌ إذا اختلف المتبايعان

- ‌ خطبة الجمعة قائماً

- ‌ تكبيرات الجنازة

- ‌ حُسنُ الخُلُق

- ‌ خلقة النفس

- ‌ خروج النساء إلى المصلى

- ‌ ترى المرأة ما يرى الرجل

- ‌ ذبح شاة قبل الصلاة

- ‌ خروج النساء

- ‌ طلاق النساء

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن أبي رباح

- ‌ حديث القراءة في الصلاة

- ‌ حديث إذا طلع النجم

- ‌ قَلَنْسُوة

- ‌ تعلموا من النجوم ما تهتدوا به

- ‌ حديث الطلاق

- ‌ حديث كل معروف

- ‌ صلاة في قميص واحد

- ‌ حديث الجمعة

- ‌ وفيه أن الجميل يحب الجمال

- ‌ عمرة في رمضان تعدل حجة

- ‌ رَمَل

- ‌ حديث من عفى عن دم

- ‌ فضيلة التكبيرة الأولى

- ‌ لا يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح

- ‌ حديث الوضوء

- ‌ حديث الماء المستعمل

- ‌ حديث سنة الفجر

- ‌ حديث: أين الله

- ‌ حديث الركاز

- ‌ يقول الإمام أيضاً ربنا لك الحمد في رواية

- ‌ فضيلة صلاة الفجر والعشاء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي الزبير محمد بن سالم المكي

- ‌ لا يكفر مرتكب الكبيرة

- ‌ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد

- ‌ نعم الإدام الخل

- ‌ طلاق رجعي

- ‌ لا ربا في الحيوانات

- ‌ النهي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها

- ‌ يعرف النبي صلى الله عليه وسلم بريح الطيب

- ‌ من قتل ضفدعاً فعليه شاة

- ‌ الداء والدواء

- ‌ دخول الحمام بمئزر

- ‌ بيع المزابنة والمحاقلة

- ‌ حديث الطيب

- ‌ بيع المخابرة

- ‌ حديث قدر

- ‌ ذكر إسناده عن عمرو بن دينار وعن طاوس

- ‌ حديث شراء الطعام

- ‌ حديث لباس المحرم

- ‌ حديث السجود

- ‌حديث الفرائض

- ‌ كبراء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن عكرمة ومقسم موليا ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌ السجدة على سبعة أعضاء والنهي عن كف شعر وثوب

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث درء الحدود

- ‌ ذكر إسناده عن نافع مولى ابن عمر

- ‌ حديث عذر المسلم

- ‌ حديث فتح الإمام

- ‌ حديث قتل المحرم

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث وطء الحامل

- ‌ حديث قراءة السنة

- ‌ حديث التربع

- ‌ حديث الأسماء

- ‌ حديث غسل الجمعة

- ‌ صلوا في البيوت

- ‌ حديث النذر

- ‌ الذنب لا ينسى

- ‌ حديث بيع الغرر

- ‌ اخضبوا بالحناء

- ‌ القدرية مجوس هذه الأمة

- ‌ حديث حرمة المتعة

- ‌ صلاة في الكعبة

- ‌ الكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الدِّبَاء

- ‌ حشرات الأرض

- ‌ حديث الذبح

- ‌ حرمة الحمر الأهلية

- ‌ النسخ مرتان

- ‌ حديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن سليمان وعطاء ابنا يسار

- ‌ذكر إسناده عن سليمان بن يسار

- ‌ تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال

- ‌ذكر إسناده عن عطاء بن يسار

- ‌ بيع الولاء

- ‌ فضيلة وصل صفوف الصلاة

- ‌ ذكر إسناده عن الزهري وعن أبي جعفر محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ حديث تعمد الكذب

- ‌ إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء

- ‌ حديث الدِّيَّة

- ‌ الصلاة في ثوب واحد

- ‌ حديث متعة النساء

- ‌ صلاة الليل

- ‌ ذكر إسناده عن محمد بن المنكدر

- ‌ صيد محرم

- ‌ صلاة المريض

- ‌ أنت ومالك لأبيك

- ‌ فقال: إني لست أصافح النساء

- ‌الجار أحق بالشفعة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ ذكر إسناده عن يحيى بن سعيد القطان

- ‌ غسل الجمعة

- ‌ حديث بشارة خديجة رضي الله عنها

- ‌ الأعمال بالنيات

- ‌ حديث بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن ربيعة بن أبي عبيدة الرحمن

- ‌ سنة وفاته عليه السلام وأبي بكر وعمر

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الرحمن

- ‌ كل مولود يولد على الفطرة

- ‌ أولاد الكفار

- ‌ إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أهل القبور

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن دينار وأبي اسحاق

- ‌ جواب الأذان

- ‌ الوتر أول الليل

- ‌ بلال يؤذن بليل

- ‌ عليكم بالأبكار

- ‌ طلب العافية

- ‌ عمامة سوداء

- ‌ الأصل في الأشياء الإباحة

- ‌ الحبة السوداء

- ‌ المسح على الخفين

- ‌ إسفار الصبُح

- ‌ ليس منا من غش في البيع والشراء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي إسحاق

- ‌ جمع صلاتين في مزدلفة

- ‌ لعن آكل الربا

- ‌ إخراج التصاوير والكلب من البيت

- ‌ ما بال قوم يلعبون بحدود الله

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الملك بن عمير

- ‌ لا يقتل الصغار

- ‌ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر

- ‌ لا يقضي الحاكم في الغضب

- ‌ نهى عن صوم أيام التشريق وعن يوم الشك

- ‌ ماء الكمأة شفاء العين

- ‌ استعمال الحلال المحض يجلو البصر والبصيرة

- ‌ عدم جواز نفل بعد طلوع صبح

- ‌ لا تشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد

- ‌ لاتسافر المرأة إلا مع ذي محرم

- ‌ حديث شفاعة السقط

- ‌ ذكر إسناده عن الشعبي والحكم بن عيينة

- ‌ سبع خصال في عائشة

- ‌ حديث النكاح

- ‌ حديث القصاص

- ‌ حديث المسح

- ‌ حديث سؤر الهرة

- ‌ ذكر إسناده عن الحكم بن عيينة

- ‌ حديث توقيت المسح

- ‌ حديث الحجاب

- ‌ حرمة لبس الحرير

- ‌ حرمة آنية الذهب والفضة

- ‌ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قليله وكثيره سواء

- ‌ الولاء لمن أعتق

- ‌ لا يجوز أخذ المال بدل الجيفة

- ‌ ركعتين بعد الظهر

- ‌ ذكر إسناده عن محارب بن دِثار

- ‌ عدم التكلف

- ‌ ذكر إسناده عن سماك بن حرب

- ‌ ذكر إسناده عن زياد بن علاقه

- ‌ ذكر إسناده عن أبي بردة

- ‌ ذكر إسناده عن علي بن الأقمر

- ‌ ذكر إسناده عن إبراهيم بن المبشر

- ‌ ذكر إسناده عن عطية بن سعد العوفي

- ‌ ذكر إسناده عن يزيد بن عبد الرحمن، أحد أجلاء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن موسى بن أبي عائشة

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن حبيب

- ‌ ذكر إسناده عن ظريف بن شهاب السعدي

- ‌ ذكر إسناده عن سفيان بن طلحة بن زياد

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن السائب بن الماية

- ‌ ذكر إسناده عن علقمة بن مرثد

- ‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رُفيع

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية

- ‌ ذكر إسناده عن الهيثم بن حبيب الصرفي

- ‌ ذكر إسناده عن القاسم بن عبد الرحمن

الفصل: ‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية

الطويل، ومدة الحياة الدنيا، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذم الدهر، وسبه، أي لا تسبوا فاعل هذه الأشياء، فإنهم إذا سبوه، وقع السب على الله تعالى، لأنه هو الفعال لما يريد، والحديث بعينه رواه مسلم عن أبي هريرة.

-‌

‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية

- خروج النساء إلى العيدين

ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أبي أمية، بضم، ففتح، فتشديد تحتية وهو من أجلاء التابعين. أبو حنيفة:(عن عبد الكريم، عن أم عطية) هي النُسَيْبَة، بضم النون وفتح السين المهملة، وسكون الياء وفتح الباء، بنت كعب، وقيل بنت الحارث الأنصارية، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، فَتُمَارِضُ المَرْضَى، وَتُدَاوِي الجرحى (قالت: كان) أي النبي صلى الله عليه وسلم (يرخص للنساء) أي جميعهن من الشوائب وغيرهن (في الخروج) أي جواز خروجهن (إلى العيدين) أي صلاتهما (من الفطر والأضحى) بيان لما قبلهما.

وفي شرح الهداية، لابن الهمام، وتخرج العجائز للعيد لا الشوائب، يعني لفساد أهل الزمان من الرجال والنسوان.

(وفي رواية: قالت: إن) مخففة من الثقيلة، أي قد كانت (الطامث) أي الحائض (لتخرج) أي إلى مصلى العيد (فتجلس في عرض النساء) بفتح العين، أي في جانب منهن، احترازاً من قطع صفهن (فتدعو) أي تارة (وتؤمن أخرى)

ص: 389

ليحصل لها البركة في العيدين.

(وفي رواية، قالت: أمرنا) أي معشر النساء (رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تخرج) بصيغة الغائبة، أو الغائب (يوم النحر ويوم الفطر) أي فيهما إلى مصلى هما (ذوات الخدر) أي المخدرات من وراء الأستار، كالأبكار (الحيض) بضم فتحتية مشددة مفتوحة، جمع الحائض، فأما الحيض (فيعتزلن الصلاة)، فإنهن ممنوعات منها (ويشهدن الخير) أي ويحضرن عبادة أهل الخير (ودعوة المسلمين) وترك القرينة بوضوح أمرهن في زيادة المشاركة من العبادة والطاعة (فقالت امرأة: يا رسول الله أفإن كانت إحدانا ليس لها جلباب) بكسر الجيم، أي إزار، وبرقع ونحوهما، يتعذر خروجها بدونه (قال: لتلبسها) بضم التاء، وكسر الباء، أي ينبغي أن تعيرها (أختها) في النسب أو الدين إذا كانت أغنى منها (من جلبابها) إذا تَعَذَّر عندها، أو إذا تعذر حضورها بنفسها.

هذا، وروى أبو حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بـ {سَبِّح اسمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (1) و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيْثُ الغَاشِيَة} (2).

ورواه أبو حنيفة مرة في العيدين فقط كذا ذكره ابن الهمام.

- شفعة الجار

وبه: (عن عبد الكريم عن المسور) بكسر الميم، وفتح الواو (بن مخرمة)

(1) الأعلى 1.

(2)

الغاشية 1.

ص: 390

بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة فراء مفتوحة، يكنى أبا عبد الرحمن الزهري القرشي، وهو ابن أخت عبد الرحمن بن عوف، ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به إلى المدينة في ذي الحجة سنة ثمان، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وله ثمان سنين، وسمع منه وحفظ عنه، وكان فقيهاً من أهل الفضل والدين، لم يزل بالمدينة إلى أن قتل عثمان، وانتقل إلى مكة، فلم يزل بها حتى مات معاوية، وكره بيعة يزيد، فثم مقيماً بمكة إلى أن بعث يزيد عسكره وحاصر مكة وبها ابن الزبير، فأصاب المسور حجر من حجارة المنجنيق وهو يصلي في الحجرة، فقتله، وذلك في مستهل ربيع الأول سنة أربع وستين.

روى عنه خلق كثير (قال: أراد سعد) وهو ابن أبي وقاص (ببيع دار له، فقال لجاره: خذها بسبعمائة، فإني قد أعطيت بها) بصيغة المجهول أي أعطاني الناس بدلها (ثماني مائة درهم، ولكن أعطيتكها) أي بأنقص من قيمتها، واكتفيت بأصل ثمنها (لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الجار أحق بشفعته" وهذا من كمال سخاوته، وجمال رحمته ورأفته.

والحديث المرفوع، رواه أحمد والأربعة عن جابر، ولفظه:"الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها، وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً".

ورواه البخاري، وأبو داود والنسائي، وابن ماجه، عن أبي رافع، والنسائي، وابن ماجه، عن اليزيد بن سويد بلفظ، "الجار أحق بصقبه" بفتح المهملة، وقاف، أي بما يليه، وبقربه.

ص: 391

(وفي رواية عن المسور) يعني شيخ عبد الكريم (عن رافع بن خديج) بفتح الخاء المعجمة، وكسر الدال المهملة، وسكون التحتية، فجيم، يكنى أبا عبد الله الحارثي الأنصاري، أصابه سهم يوم أحد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا شهيد لك يوم القيامة، وانفضت جراحته زمن عبد الملك بن مروان، فمات سنة ثلاث وسبعين بالمدينة، وله ست وثمانون سنة.

روى عنه خلق كثير (قال: عرض علي سعد بيتاً) أي شراء دار ملك له (فقال: خذه) أي خذ البيت بثمنه، ولا تتوقف في أخذه (أما) أي تنبيه (إني قد أعطيت به) أي بمقابلته (أكثر مما تعطي) وفق ما أطلبه منك، ولكنك أحق به فاخترتك على غيرك في أخذه (فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الجار أحق بشفعته") أي من غيره، لكن بقيمته، وإنما سامح سعد رضي الله تعالى عنه في ترك زيادته لكمال مروءته، وسخاوته.

(وفي رواية عن المسور، عن رافع، مولى سعد، أنه قال لرجل يعني) أي يريد بضمير، أنه سعداً، وقوله: خذ هذا البيت (بأربع مائة) مقول سعد (أَمَا) بتخفيف الميم للتنبيه (إني أعطيت به ثمان مائة درهم، ولكني أعطيتكه) وروى أنقص عن ثمنه (لحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "الجار أحق بشفعته").

ص: 392

(وفي رواية، عن سعد بن مالك) يعني ابن أبي وقاص (أنه عرض بيتاً له على جاره) أي الملاصق داره بداره (بأربعمائة) بناء على المسامحة (وقال: قد أعطيت به ثماني مائة، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بِصَقْبهِ") اعلم أن الشفعة شرعاً بملك العقار على مشتريه جبراً، بمثل ثمنه، وثبتت للخليط، وهو الشريك الذي يقاسم في نفس المبيع، ثم للخليطِ في حق المبيع، كالشرب والطريق خاصتين، ثم لجار ملاصق بالشروط المعروفة في الفقه فعندنا: الشفعة لكل واحد من هذه الثلاثة على هذا الترتيب، وهو قول سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، كما ذكره الترمذي في جامعه، وقال مالك، والشافعي، وأحمد، لا شفعة للجار، لمروي البخاري عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة.

ولنا: ما روى أبو داود، في البيوع، والترمذي في الأحكام، وقال: حسن صحيح، والنسائي في الشروط عن قتادة، عن الحسن بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بدار الجار، أو الأرض. ورواه أحمد في مسنده، والطبراني في معجمه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وفي بعض ألفاظهم، الجار أحق بشفعة الدار.

فإن قيل: المراد بما رويتم، الجار الذي يكون شريكاً، لما أخرجه البخاري عن عمرو بن الثريد، قال: وقفت على سعد بن أبي وقاص، فجاء المسور بن مخرمة، فوضع يده على إحدى منكبي، إذ جاء أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد، أتبع مني بيتي في دارك، فقال: والله ابتاعهما فقال المسور: والله لتبتاعهما، فقال سعد: والله لا أزيد على أربعة آلاف منجمة، أو مقطعة،

ص: 393

قال أبو رافع: لقد أعطيت بهما خمسمائة دينار، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"الجار أحق بصقبه" وفي رواية، بسقبة، ما أعطيتكها بأربعة آلاف درهم، وأنا أعطي بها خمسمائة دينار، فأعطاهما إياه.

أجيب: بأن هذا معارض لما أخرجه النسائي وابن ماجه، عن عمرو بن الثريد، عن أبيه، أن رجلاً قال: يا رسول الله، أرضي ليس لي أحد فيها شريك، ولا قسم إلا الجوار، فقال: الجار أحق بصقبه. هذا وأجيب عن حديث جابر، بأن تخصيص ما لم يقسم بالذكر، لا يدل على نفي الحكم عما عداه، وقوله: استحقاق الشفعة للجار، مع ما روينا من وقوع الإخبار، ولو سلم أنه من كلام سيد الأبرار، فمعناه، لا شفعة بسبب القسمة لتوهم أن القسمة تثبت بها الشفعة كالبيع، لما فيها من معنى التمليك من كل واحد من الشريكين للآخر.

- حديث ركوب الهدي

وبه: أي بسند أبي حنيفة (عن عبد الكريم) أي ابن أمية المذكور (عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً) وهو مبهم لم يعرف (ليسوق هديه) أي يمشي وراءها ويزجرها، والمراد بها الإبل هنا (فقال: اركبها) لأنه عليه الصلاة والسلام علم أنه أتعبه السفر في ذلك المقام.

والحديث في الصحيحين، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ليسوق هديه، فقال: اركبها قال، إنها هدية، قال: اركبها، قال: فرأيته راكبها يسار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في ركوب البدن الهدية المهداة، فعن بعضهم أنه واجب لإطلاق هذا الأمر، مع ما فيه من مخالفة لسيرة الجاهلية، وهو مجانبة السائبة

ص: 394

والوصيلة والحامي.

ورد هذا بأنه عليه الصلاة والسلام لم يركب هديه، ولم يركبه، ولا أمر الناس بركوب هداياهم.

ومنهم من قال له: أن يركبها مطلقاً من غير حاجة، تمسكاً بإطلاقه هذا.

وقال أصحابنا والشافعي: لا يركبها إلا عند الحاجة حملاً للأمر المذكور على أنه كان لما رأى من حاجة الرجل إلى ذلك، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن أبي الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يسأل عن ركوب الهدي، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها. وفي الكافي للحاكم: فإن ركبها أو حمل متاعه عليها للضرورة ضمن ما نقصها ذلك، يعني أن نقصه ذلك ضمنه نقصان ما هنالك.

- مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان

وبه (عن عبد الكريم بن أبي المخارق) بضم ميم، فخاء معجمة، ثم راء مكسورة (عن طاوس) بالصرف إذ ليس فيه إلا العلمية بخلاف داود، فإن فيه زيادة، وهي العجمة، وهو ابن كيسان الخولاني الهمداني اليماني، من أبناء الفرس، روى عن جماعة من الصحابة، وعنه الزهري، وخلق سواه، وقال عمرو ابن دينار ما رأيت مثل طاوس، كان رأساً في العلم والعمل، مات بمكة سنة خمس ومائة.

(قال: جاء رجل إلى ابن عمر، فسأله) أي سؤالاً علمياً (فقال: يا أبا عبد الرحمن) كناه تعظيماً له (أرأيت) أي أعلمت أو المعنى أخبرني عن حال الذين (يكسرون أغلاقنا) أي أقفالنا (ويفتحون أبوابنا، وينقبون بيوتنا) أي جدرانها

ص: 395

(ويغيرون على أمتعتنا) من الإغارة، أي ويأخذون أسبابنا على وجه التعدي (أكفروا) أي بهذه الأفعال ونحوها من الأحوال (قال: لا) فيه رد على الخوارج، حيث قالوا بكفر مرتكب الكبيرة من السرقة والغصب والظلم، خلافاً لمذهب أهل السنة والجماعة.

وأعرب المعتزلة في قولهم: أنه يخرج من الإسلام ولم يدخل في الكفر (قال) أي الرجل السائل (أرأيت هؤلاء الذين يتاولون علينا) أي من الخوارج والبغاة (ويسفكون دماءنا) أي يريقونها، والمعنى: يبيحون قتلنا بتأويلات فاسدة، وآراء كاسدة (أكفروا به، قال: لا) أي لأنهم أخطأوا في اجتهادهم، ووقعوا في خلاف مرادهم فتوهموا أنا نستحق القتل لما صدر عنا من التقصير في الدين على زعمهم.

والحاصل، أنهم وغيرهم لم يكفروا (حتى يجعلوا مع الله شيئاً) أي شريكاً، وفي معناه كل ما يوجب كفراً فأما المعاصي، فلا يخرج المؤمن عن إيمانه، وهذا كله مقتبس من قوله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (1)(قال طاوس: وأنا أنظر إلى إصبع ابن عمر، وهو يحركها) إشارة إلى التوحيد، ومقام التفريد (ويقول سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي هذا شريعته وطريقته (وهذا

(1) النساء 4.

ص: 396

الحديث) وإن كان بظاهره (موقوفاً، لكن رواه جماعة) أي آخرون (فرفعوه) أي نقلوه (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المبنى أو المعنى.

ولا يبعد أن يكون عن، بمعنى الباء لقوله تعالى:{وما ينطق عن الهوى} (1)

- حديث مسح الخفين

وبه (عن عبد الكريم بن أبي أمية، عن إبراهيم) أي النخعي (حدثني من سمع جرير بن عبد الملك) الظاهر أنه تابعي، إذ لم يذكره ابن عبد البر في الاستيعاب لتراجم الأصحاب، فالحديث مرسل، وهو حجة عندنا، وعند الجمهور (يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الخفين بعدما أنزلت سورة المائدة) في ذكرها، إن المسح عليهما بيان لقراءة الجر في أرجلكما، كما أن الغسل المستفاد من قراءة النصب مبين بغسل الرجلين الخاليين من الخفين.

وحاصله، أن الآية باعتبار اختلاف الرواية مجملة بينها صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ومن الفائدة البصيرة أن سورة المائدة آخر ما نزلت، فلا يجوز أن تكون منسوخة.

(1) النجم 3.

ص: 397