الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنن والنوافل (حيث كان وجهه) أين يتوجه إليه ولو لم يكن سمت الكعبة وقعا عليه (يومىء إيماء) أي من غير ضرورة لديه.
- واقعة حال لا عموم لها
وروى الطحاوي، عن حنظلة ابن أبي سفيان، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يصلي على راحلة ويوتر بالأرض، ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك؛ وأمَّا ما أخرجه الشيخان، عن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام كان يوتر على البعير.
فالجواب عنه أنه واقعة حال لا عموم لها فيجوز كون ذلك لعذر والاتفاق على أن الفرض يصلى على الدابة لعذر الطين والمطر، ونحوه لو كان قبل وجوبه هذه، قد قال ابن عمر رضي الله عنهما في قوله تعالى:{وَلله المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ الله} (1) نزلت في المسافر يصلي التطوع حيث ما تَوجَهَت به، وفي صحيح مسلم وغيره عنه أنه عليه الصلاة والسلام يصلي على راحلته حيث ما توجهت به وقرأ هذه الآية.
-
لا يجهرون ببسم الله
وبه (عن حماد عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم) وظاهره عموم بداية الفاتحة وغيرها من السور، ومفهومه أنهم كانوا يخفون بها، وروى ابن أبي شيبة عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود أنه كان يخفي بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة، وربنا لك
(1) البقرة 115.
الحمد، لكنه معارض بما ثبت عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، رواه الحاكم، وقال صحيح بلا علة، وصححه الدارقطني إلا ان ابن نمير قال: روينا عن الدارقطني أنه قال: لم يصح من النبي صلى الله عليه وسلم في الجهر حديث، وقد روى الطحاوي، وابن عبد البر عن ابن عباس أن الجهر قراءة الأعراب، قال ابن الهمام: عن ابن عباس لم يجهر النبي صلى الله عليه وسلم بالبسملة حتى مات.
فقد تعارض ما روى عن ابن عباس فإن سلم فهو محمول على وقوعه أحياناً وابتداء ليعلمهم تقرء فيها فلا يترك كما قال به مالك، وقد أوجب هذا الحمل صريح رواية مسلم عن أنس: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (1) لم يرد نفي القراءة كما استمسك بظاهره مالك، بل عدم السماع للاخفاء بدليل ما صرح به عن أنس فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، رواه أحمد والنسائي بإسناد على شرط الصحيح.
وعنه صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم يخفون بسم الله الرحمن الرحيم، رواه ابن ماجه.
وروى الطبراني عن الحسن، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم وأبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، ومن تقدم من التابعين، وهو مذهب الثوري.
وقال ابن عبد البر، وابن المنذر، وهو قول ابن مسعود، وابن الزبير، وعمار بن ياسر وعبد بن المغفل، والحسن بن أبي الحسن، والشعبي، والنخعي، والأوزاعي وعبد الله بن المبارك، وقتادة وعمر بن عبد العزيز، والأعمش، والزهري، ومجاهد، وحماد وأبي عبيد وأحمد، واسحق.
وروى أبو حنيفة عن طريق بن شهاب أبي سفيان السعدي عن يزيد بن عبد الله
(1) صحيح مسلم حـ2/ 12.
ابن مغفل عن أبيه انه صلى خلف إمام فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فناداه عبد الله إني صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يجهرون به.
وبه (عن حماد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتُجم وهو محرم) جملة حالية، وهو محمول على أن احتجامه كان في عضو ليس فيه شعر يحتاج إلى حلقه في الاحتجام، وعلى عذر في حقه عليه الصلاة والسلام.
(عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم بقول امرأة) وهي فاطمة بنت قيس (لا ندري) نحن معاشر الرجال من الصحابة (صدقت) أي تحققت (أو كذبت) فيما توهمت على ما سيأتي فنقول بظاهر الكتاب في السنة المحققة عندنا (المطلقة ثلاثاً لها السكنى والنفقة) أي في أيام العدة.
واعلم أن المعتدة الرجعية تستحق النفقة والسكنى على الزوج ما دامت في العدة إجماعاً فأما المعتدة بالطلقات الثلاث فلها السكنى حاملاً كانت أو حائلاً عند أكثر أهل العلم، وهو قول الحسن وعطاء والشعبي والنخعي والثوري.
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وأما المعتدة عن وفاة الزوج لا نفقة لها حاملاً كانت أو حائلاً عند أكثر أهل العلم، وروي عن علي أن لها النفقة من التركة إن كانت
حاملاً حتى تضع وهو قول شريح والشعبي والنخعي، والثوري، واختلفوا في سكناها فقال بعضهم: لا سكنى لها بل تعتد حيث تشاء، وهو قول علي وابن عباس وعائشة.
وبه قال عطاء والحسن وأحد قولي الشافعي، وقال بعضهم: لها السكنى وهو قول عمر وعثمان، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر وبه قال مالك وسفيان والثوري وأحمد وإسحاق وأحد قولي الشافعي.
وبه قال أبو حنيفة، ويؤيده ما رواه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والترمذي، وقال حسن صحيح أن فُرَيعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري لما قتل زوجها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: فسألته أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يترك لي مسكناً يملكه ولا نفقة قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم قالت: فانصرفت حتى إذا كنت بالحجرة أو بالمسجد ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر لي فنوديت له فقال: كيف قلت؟ قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي قال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً قالت: فلما كان عثمان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه، ولعل مراد عمر رضي الله عنه بالكتاب قوله تعالى:{وَلَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إلاّ أَنْ يَأتِينَ بفَاحِشة مُبَيِّنَةٍ} (1) وقوله تعالى: {أسكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ولا تُضَارُّوهنَّ لِتُضَيِّقوا عَلَيهِنَّ} (2) وقوله تعالى: {لِيُنفِقَ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (3){وَعَلى المولُود لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ} (4).
وبالسنة ما رواه مسلم وأبو داود من حديث جابر الطويل في حجة الوداع، وأن لهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف، وقال مالك والشافعي وأحمد في المشهور
(1) الطلاق 1.
(2)
الطلاق 6.
(3)
الطلاق 7.
(4)
البقرة: 233.