الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد روى الترمذي عن أبي جحيفة صدر الحديث، وهو قوله أمّا أنا فلا آكل متكئاً، وقد أوضحت الكلام في جميع الوسائل بشرح الشمائل.
-
ذكر إسناده عن إبراهيم بن المبشر
-بكسر الشين المعجمة المشددة بعد الموحدة على ما في الأصل، والظاهر أنه عن ميسرة بفتح ميم وسكون تحتية وفتح مهملة وهو الطائفي، يعد في التابعين، حديثه في أهل مكة صحيح الحديث ثقة.
- حديث أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه مع أصحابه
(أبو حنيفة عن إبراهيم، عن أنس قال: ما أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتيه بين يدي جليس له قط)، أي أبداً في جميع عمره، وهذا من كمال تواضعه، وحسن عشرته مع صحابته، وأنه لم يكن يتقدم على أحد منهم، بل يقعد مساوياً بهم في مجالسهم ومحافلهم، (ولا تناول) أي أخذ (أحدٌ يده قط فتركها) أي فنزعها (حتى يكون هو) أي المتناول (يدعها) بفتح الدال، أي يتركها (وما جلس إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أحد قط، فقام) أي النبي صلى الله عليه وسلم (حتى يقوم) أي صاحبه (قبله) مراعاة بحاله (وما وجدت شيئاً) أي من عنبر ومسك وعبير ونحوها (قط) أي في حال من الأحوال (أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم أي التي جبل عليها.
(وفي رواية قال: ما قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجل في حاجة فانصرف عنه أي النبي صلى الله عليه وسلم قبله حتى يكون هو) أي ذلك الرجل (المنصرف) أي أولاً.
(وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صافح أحداً لا يترك يده) أي يد صاحبه (إلا أن يكون هو الذي يترك) أي يده ابتداء، والحديث رواه ابن سعد، عن أنس ولفظه: كان عليه الصلاة والسلام إذا لقيه أحد من أصحابه، فقام معه قام معه، فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناوله إياه، فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه، وإذا لقي أحداً من أصحابه فتناول أذنه ناولها إياه، ثم لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه.
وبه (عن إبراهيم عن أنس بن مالك قال: ما مست) بكسر السين الأولى وفتحها، أي ما لمست (بيدي خزاً) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الزاء، أي نوعاً من الحرير، أو ما يعمل من صوف وحرير (ولا حريراً) أي خالصاً (ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه الترمذي في شمائله للنبي قال: خدمت فما قال لي أفٍّ قط وما قال لشيء صنعته: لم صنعت، ولا لشيء تركته: لم تركته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً، ولا مسست خزاً ولا حريراً، ولا شيئاً كان ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا شممت مسكاً قط، ولا عنبراً ولا عطراً كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وفي رواية وما رؤي رسول الله صلى الله عليه وسلم مادّاً) أي مطولاً ومجاوزاً (ركبتيه بين جليس) أي مجالس (له قط) وقد سبق تحقيق معناه في حديث نظيره في مبناه.
- حديث قراءة العيدين والجمعة
وبه (عن إبراهيم عن أبيه عن حبيب بن سالم) هو مولى النعمان بن بشير وكاتبه، روى عنه محمد بن الميسرة وغيره، (عن النعمان) بضم أوله ابن بشير هو أول مولود ولد في الأنصار من المسلمين بعد الهجرة، قيل: مات النبي صلى الله عليه وسلم، وله ثمان سنين وسبعة أشهر، ولأبويه صحبة سكن الكوفة، وكان والياً عليها زمن معاوية، ثم وُلِّيَ حمص فدعا لعبد الله بن الزبير فطلبه أهل حمص فقتلوه سنة أربع وستين.
روى عنه جماعة منهم ابنه محمد والشعبي (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين) أي عيد الفطر والأضحى، وهما عيدا العامَّة وظهورهما للأغنياء (ويوم الجمعة) وهو عيد الفقراء:{سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} (1) و {هَلْ أتَاك حديثُ الغاشِيَة} (2).
(1) الأعلى 1.
(2)
الغاشية 1.
- حديث المحرم
وبه (عن إبراهيم، عن أبيه قال: سألت ابن عمر: يتطيب المحرم) أي مريد الإحرام (قال: لأن أصبح أنضح) بفتح الضاد المعجمة، أي انفض (قطراناً) بفتح فكسر وبفتحتين وسكون وسط وفيه تلويح إلى قوله تعالى:{سَرَابيلُهُم مِنْ قَطرَانٍ} (1) وهو عصارة الأبهل، وهو حمل شجر كثير ورقه كالطرفاء وثمره كالنبق فيطبخ فيطلى به الإبل الجَرْبى، فيحرق الجرب بحدّته وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة، وتطلى به جلود أهل النار كالقميص يستجمع عليهم لذع القطران، ودهشة لونه ونتن ريحه مع إسراع النار في جلودهم على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين.
وعن يعقوب قطران والقطر النحاس أو الصفر المذاب، والآني المتناهي (أحب إلي من أصبح أنضح طيباً) أي نوعاً من الطيب، (فأتيت عائشة فذكرت لها فقالت: أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في أزواجه، ثُمَّ أصبَح) يعني تفسير من أحد الرواة أي تريد عائشة أن التقدير أصبح (محرماً) أي صار محرماً للحج أو العمرة.
ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يحمل كلام ابن عمر على استعمال طيب يبقى أثره بعد الوضوء، بخلاف فعله عليه الصلاة والسلام، والله أعلم بحَقِيقةِ المرام.
(1) إبراهيم 50.
- حديث الخلق
وبه (عن إبراهيم عن أبيه، عن مسروق أنه سأل عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عن أخلاقه الكريمة وشمائله العظيمة مجملاً، (فقالت: أما تقرأ القرآن؟) أي فيه التفصيل والبيان، وإجماله (يقول الله تبارك وتعالى:{وَإنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (1). تبارك أي كثرت بركته سبحانه وتعالى أي ظهر عظمته.
وبه (عن إبراهيم، عن أبيه، عن مسروق إذا كان حدث عن عائشة) أي حديثاً أيَّ حديث كان (قال: حدثتني الصديقة) بكسر الصاد وتشديد الدال كثير الصدق والتصديق كأبيها، كما أشار إليه بقوله (بنت الصديق المبرأة) أي بالآيات القرآنية (حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي محبوبته.
- صوم يوم العاشوراء
وبه (عن إبراهيم، عن أبيه عن حميد بن عبد الرحمن الحميري) بكسر
(1) القلم 4.
فسكون ففتح فتحتية نسبة إلى قبيلة، وهو من ثقات البصريين وأئمتهم، تابعي جليل القدر من قدماء التابعين. روى عن أبي هريرة، وابن عباس.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه يوم عاشوراء) بالمد والقصر، وهو يوم العاشر من شهر محرم:(مُرْ قَوْمَكَ) أي أقَارِبَكَ (وأَهْلَ بَيْتِكَ فَلْيَصُومُوا هَذَا اليَوْمَ) أي فإنه يوم فضيلة وصومه كفارة سنة (قال: إنهم طعموا) أي كلوا واشربوا وهو ينافي أن يصوموا، (قال: وإن كان قد طعموا)، إن وصلية أي مرهم أن يصوموا ولو طعموا حرمة للوقت.
والحديث مذكور في ثلاثيات البخاري، عن سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء أن من أكل فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل.
وفي رواية أن من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء، وفي صَحِيح مسلم عن جابر بن سمرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا ويحثنا بصيام يوم عاشوراء، أو يتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يتعاهدنا عنده.
وفي رواية: فلما فرض رمضان، قال: من شاء صام عاشوراء ومن شاء لم يصمه، وقد بسطنا الكلام عليه في شرح الثلاثيات، والله أعلم بحقائق الجليات والخفيات.