المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رفيع - شرح مسند أبي حنيفة - جـ ١

[الملا على القاري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة [للإمام القاري]

- ‌[شرح المسند]

- ‌ عائشة أفضل من سائر النساء

- ‌ حديث الاستخارة

- ‌ استلام الحجر

- ‌ حديث بروع بنت واشق

- ‌ شرب النبيذ

- ‌ التعجب انفعال النفس

- ‌ اجتماع أبي حنيفة والأوزاعي:

- ‌ يجمع الله العلماء يوم القيامة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ صلاة في الخمرة

- ‌ فضائل الإمام زفر

- ‌ لا نأخذ بالرأي ما دام أثر

- ‌ قول زفر

- ‌ نوم الجنب

- ‌ رفع القلم

- ‌ إن أولادكم من كسبكم

- ‌ قراءة في الوتر في ثلاث ركعاته

- ‌ مواقيت الإحرام

- ‌ تأكيد أمر الإمامة

- ‌ خيار العتق

- ‌ حديث أهل النار

- ‌ والليالي في الرمي تابعة للأيام السابقة دون اللاحقة

- ‌ كسب الحلال فرض عين

- ‌ طلب الحلال جهاد

- ‌ أجمع العلماء على نجاسة الخمر إلا ما حكي عن داود فإنه قال بطهارتها

- ‌ المؤمن ليس يتنجس

- ‌ صيد الكلب

- ‌ حديث خزيمة

- ‌ جبة ضيقة الكمين

- ‌ التشهد

- ‌ طلب العلم فريضة

- ‌ طالب العلم يستغفر له كل شيء

- ‌ المدعى عليه أولى باليمين

- ‌ الصلاة في الكعبة

- ‌ حديث طواف

- ‌ حديث المسح

- ‌ نفل صلى الله عليه وسلم على راحلته

- ‌ لا يجهرون ببسم الله

- ‌ حديث الحج

- ‌ في بيان أكل الضب

- ‌ وتر صلى الله عليه وسلم في آخر الليل

- ‌ حديث المسح

- ‌ ترك الكلام في الصلاة

- ‌ أوصاف زوجة

- ‌ حديث الحج

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌ وأما حديث: كل مسكر حرام فكاد أن يكون متواتراً

- ‌ حديث الأضاحي

- ‌ زيارة القبور

- ‌ قنوت الفجر

- ‌ يمين اللغو

- ‌ صلاة السفر

- ‌ حديث الحج

- ‌ عدة المتوفى عنها زوجها

- ‌ رفع اليدين

- ‌ سوم على سوم غيره

- ‌ كثرة السجود

- ‌ صلاة خفيفة

- ‌ إذا اختلف المتبايعان

- ‌ خطبة الجمعة قائماً

- ‌ تكبيرات الجنازة

- ‌ حُسنُ الخُلُق

- ‌ خلقة النفس

- ‌ خروج النساء إلى المصلى

- ‌ ترى المرأة ما يرى الرجل

- ‌ ذبح شاة قبل الصلاة

- ‌ خروج النساء

- ‌ طلاق النساء

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن أبي رباح

- ‌ حديث القراءة في الصلاة

- ‌ حديث إذا طلع النجم

- ‌ قَلَنْسُوة

- ‌ تعلموا من النجوم ما تهتدوا به

- ‌ حديث الطلاق

- ‌ حديث كل معروف

- ‌ صلاة في قميص واحد

- ‌ حديث الجمعة

- ‌ وفيه أن الجميل يحب الجمال

- ‌ عمرة في رمضان تعدل حجة

- ‌ رَمَل

- ‌ حديث من عفى عن دم

- ‌ فضيلة التكبيرة الأولى

- ‌ لا يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح

- ‌ حديث الوضوء

- ‌ حديث الماء المستعمل

- ‌ حديث سنة الفجر

- ‌ حديث: أين الله

- ‌ حديث الركاز

- ‌ يقول الإمام أيضاً ربنا لك الحمد في رواية

- ‌ فضيلة صلاة الفجر والعشاء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي الزبير محمد بن سالم المكي

- ‌ لا يكفر مرتكب الكبيرة

- ‌ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد

- ‌ نعم الإدام الخل

- ‌ طلاق رجعي

- ‌ لا ربا في الحيوانات

- ‌ النهي عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها

- ‌ يعرف النبي صلى الله عليه وسلم بريح الطيب

- ‌ من قتل ضفدعاً فعليه شاة

- ‌ الداء والدواء

- ‌ دخول الحمام بمئزر

- ‌ بيع المزابنة والمحاقلة

- ‌ حديث الطيب

- ‌ بيع المخابرة

- ‌ حديث قدر

- ‌ ذكر إسناده عن عمرو بن دينار وعن طاوس

- ‌ حديث شراء الطعام

- ‌ حديث لباس المحرم

- ‌ حديث السجود

- ‌حديث الفرائض

- ‌ كبراء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن عكرمة ومقسم موليا ابن عباس رضي الله عنهم

- ‌ السجدة على سبعة أعضاء والنهي عن كف شعر وثوب

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث درء الحدود

- ‌ ذكر إسناده عن نافع مولى ابن عمر

- ‌ حديث عذر المسلم

- ‌ حديث فتح الإمام

- ‌ حديث قتل المحرم

- ‌ حديث الغنيمة

- ‌ حديث وطء الحامل

- ‌ حديث قراءة السنة

- ‌ حديث التربع

- ‌ حديث الأسماء

- ‌ حديث غسل الجمعة

- ‌ صلوا في البيوت

- ‌ حديث النذر

- ‌ الذنب لا ينسى

- ‌ حديث بيع الغرر

- ‌ اخضبوا بالحناء

- ‌ القدرية مجوس هذه الأمة

- ‌ حديث حرمة المتعة

- ‌ صلاة في الكعبة

- ‌ الكافر يأكل في سبعة أمعاء

- ‌ نهى صلى الله عليه وسلم عن الدِّبَاء

- ‌ حشرات الأرض

- ‌ حديث الذبح

- ‌ حرمة الحمر الأهلية

- ‌ النسخ مرتان

- ‌ حديث زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن سليمان وعطاء ابنا يسار

- ‌ذكر إسناده عن سليمان بن يسار

- ‌ تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة في شوال

- ‌ذكر إسناده عن عطاء بن يسار

- ‌ بيع الولاء

- ‌ فضيلة وصل صفوف الصلاة

- ‌ ذكر إسناده عن الزهري وعن أبي جعفر محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ حديث تعمد الكذب

- ‌ إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء

- ‌ حديث الدِّيَّة

- ‌ الصلاة في ثوب واحد

- ‌ حديث متعة النساء

- ‌ صلاة الليل

- ‌ ذكر إسناده عن محمد بن المنكدر

- ‌ صيد محرم

- ‌ صلاة المريض

- ‌ أنت ومالك لأبيك

- ‌ فقال: إني لست أصافح النساء

- ‌الجار أحق بالشفعة

- ‌ صلاة السفر

- ‌ ذكر إسناده عن يحيى بن سعيد القطان

- ‌ غسل الجمعة

- ‌ حديث بشارة خديجة رضي الله عنها

- ‌ الأعمال بالنيات

- ‌ حديث بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ ذكر إسناده عن ربيعة بن أبي عبيدة الرحمن

- ‌ سنة وفاته عليه السلام وأبي بكر وعمر

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الرحمن

- ‌ كل مولود يولد على الفطرة

- ‌ أولاد الكفار

- ‌ إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا من أهل القبور

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن دينار وأبي اسحاق

- ‌ جواب الأذان

- ‌ الوتر أول الليل

- ‌ بلال يؤذن بليل

- ‌ عليكم بالأبكار

- ‌ طلب العافية

- ‌ عمامة سوداء

- ‌ الأصل في الأشياء الإباحة

- ‌ الحبة السوداء

- ‌ المسح على الخفين

- ‌ إسفار الصبُح

- ‌ ليس منا من غش في البيع والشراء

- ‌ ذكر إسناده عن أبي إسحاق

- ‌ جمع صلاتين في مزدلفة

- ‌ لعن آكل الربا

- ‌ إخراج التصاوير والكلب من البيت

- ‌ ما بال قوم يلعبون بحدود الله

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الملك بن عمير

- ‌ لا يقتل الصغار

- ‌ اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر

- ‌ لا يقضي الحاكم في الغضب

- ‌ نهى عن صوم أيام التشريق وعن يوم الشك

- ‌ ماء الكمأة شفاء العين

- ‌ استعمال الحلال المحض يجلو البصر والبصيرة

- ‌ عدم جواز نفل بعد طلوع صبح

- ‌ لا تشد الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد

- ‌ لاتسافر المرأة إلا مع ذي محرم

- ‌ حديث شفاعة السقط

- ‌ ذكر إسناده عن الشعبي والحكم بن عيينة

- ‌ سبع خصال في عائشة

- ‌ حديث النكاح

- ‌ حديث القصاص

- ‌ حديث المسح

- ‌ حديث سؤر الهرة

- ‌ ذكر إسناده عن الحكم بن عيينة

- ‌ حديث توقيت المسح

- ‌ حديث الحجاب

- ‌ حرمة لبس الحرير

- ‌ حرمة آنية الذهب والفضة

- ‌ يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قليله وكثيره سواء

- ‌ الولاء لمن أعتق

- ‌ لا يجوز أخذ المال بدل الجيفة

- ‌ ركعتين بعد الظهر

- ‌ ذكر إسناده عن محارب بن دِثار

- ‌ عدم التكلف

- ‌ ذكر إسناده عن سماك بن حرب

- ‌ ذكر إسناده عن زياد بن علاقه

- ‌ ذكر إسناده عن أبي بردة

- ‌ ذكر إسناده عن علي بن الأقمر

- ‌ ذكر إسناده عن إبراهيم بن المبشر

- ‌ ذكر إسناده عن عطية بن سعد العوفي

- ‌ ذكر إسناده عن يزيد بن عبد الرحمن، أحد أجلاء التابعين

- ‌ ذكر إسناده عن موسى بن أبي عائشة

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الله بن حبيب

- ‌ ذكر إسناده عن ظريف بن شهاب السعدي

- ‌ ذكر إسناده عن سفيان بن طلحة بن زياد

- ‌ ذكر إسناده عن عطاء بن السائب بن الماية

- ‌ ذكر إسناده عن علقمة بن مرثد

- ‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رُفيع

- ‌ ذكر إسناده عن عبد الكريم بن أمية

- ‌ ذكر إسناده عن الهيثم بن حبيب الصرفي

- ‌ ذكر إسناده عن القاسم بن عبد الرحمن

الفصل: ‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رفيع

-‌

‌ ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رُفيع

-ذكر إسناده عن عبد العزيز بن رُفيع بضم الراء، وفتح الفاء وسكون الياء، وهو الأسيدي المكي، سكن الكوفة، وهو من مشاهير التابعين، وثقاتهم، سمع ابن عباس، وأنس بن مالك، وأتى عليه نيف وتسعون سنة.

- حديث قدر

أبو حنيفة (عن عبد العزيز) أي المشار إليه (عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص) بضم الميم وفتح العين، سمع أباه، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر.

وروى عنه سماك بن حرب، وغيره (عن أبيه) وهو أحد العشرة المبشرة بالجنة (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نفس) أي من نفس بني آدم (إلا وقد كتب الله مدخلها) مكان دخولها، وزمانه وسائر شأنه من أول ولادته إلى انتهاء نشأته (ومخرجها) أي مكان خروجها، وزمانه، وهو منتهى أجله، ومقتضى علمه، ومنقطع عمله (وما هي لاقية) أي ملاقية فيما بعد الحالتين من ابتداء البعث إلى الأبد، سواء يكون من أهل الجنة، أو العقوبة، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: {يَا أيُّها

ص: 383

الإِنسَانُ إنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} (1) والكدح، السعي (فقال رجل من الأنصار) ظناً منه أن العمل يوجب الثواب، ويقتضي العقاب في هذا الباب من غير ما سبق في هذا الكتاب (ففيم العمل إذاً) أي إذا كان الأمر مفروغاً إليه، وليس بمستأنف، مبني على خير العمل وشره (يا رسول الله) إيماء إلى أن هذا سؤال استفهام واستعلام لا إنكار، لما ورد من كلام (فقال: اعملوا) أي لا تتركوا العمل، فإنكم مأمورون بتحسين الأعمال وتزيين الأحوال (فكل ميسر) أي مسهل أو موفق (لما خلق) أي من الأعمال في الحال والاستقبال خيراً وشراً.

وهذا مجمل الكلام، وأما تفصيل المرام، فقوله (أهل الشقاوة فيسروا بعمل أهل الشقاوة) من الكفر والمعصية (وأما أهل السعادة فيسروا عمل أهل السعادة) أي من الإيمان والطاعة (فقال الأنصاري: الآن حق العمل) أي ثبت ظهور فائدة العمل، ونتيجة الأمل.

(وفي رواية: اعملوا، فكل ميسر) أي لعمل خاص (مَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجَنَّة) أي في علم الله وكتابه (يُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّة، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ النَّارِ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ أهْلِ النَّار، فَقَال الأَنْصَارِيُّ: الآنَ حَقَّ العَملُ)، ولِهَذَا قَالَ ابْنُ عَطَاء

(1) الانشقاق 6.

ص: 384

فِي حُكْمِ: إذا أرَدْتَ أنْ تَعْرِفَ قَدَرَكَ عَنْهُ، فانْظُرْ فِيمَا ذَاكَ يُقَيِّمُكَ.

- الأعمال بالخواتيم

وقد ورد من أراد أن يعلم منزلته عنده، فلينظر كيف منزلة الله من قلبه.

وهذا معنى قول بعض السلف: اعرض نفسك على كتاب الله من قوله عز وجل: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ

وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} (1) وهذا أمر مطرد كلي، وهو لا ينافي تخلف فرد جزئي بانقلاب بره فجوراً، وبانعكاس فجوره براً، فإن الأعمال بالخواتيم.

والحديث رواه الشيخان، عن علي كرم الله وجهه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة، قالوا يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا، وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السعادةِ، ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أعْطى وَاتّقَى

وَصَدَّقَ بِالْحُسِنَى} (2) الآية. وقد بسطت شرح هذا الحديث، وما قبله في المرقاة شرح المشكاة.

- تفريق النكاح

وبه (عن عبد العزيز، عن مجاهد، عن ابن عباس: أن امرأة توفي عنها زوجها) أي ولها ولد منه (ثم جاء عم ولدها) وهو أخو زوجها (فخطبها) أي هي تريده (فأبى الأب أن يزوجها) أي إياه، لأمر من الأهواء (وزوجها آخر) أي من

(1) الانفطار 13 - 14.

(2)

الليل 5 - 6.

ص: 385

خاطب غيره، وهي مكرهة (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك) أي المذكور من حال الزوجين (له) أي للنبي صلى الله عليه وسلم (فبعث إلى أبيها) أي ليحضر (فحضر، فقال: ما تقول هذه) أي المرأة أكاذبة في قولها أم صادقة؟ (قال: صدقت) أي في مقالتها (ولكن زوجتها ممن هو خير منه) أي من عم ولدها، إما حسباً أو نسباً أو غيرهما (ففرق بينهما) أي بين المرأة والزوج الآخر (وزوجها عم ولدها).

(وفي رواية) أي أخرى (عن ابن عباس، أن أسماء) اسم امرأة (خطبها عم ولدها، ورجل آخر) أي أبيها متعلق بخطب (فزوجها) أي أبوها (من الرجل) أي الآخر (فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتكت ذلك إليه) أي فرافعت خصومتها بين يديه (ضرعها من الرجل) إلى كله، ففسخها وفرقها، (وزوجها عم ولدها).

(وفي رواية) أي أخرى، عن ابن عباس، أو غيره (أن امرأة توفي زوجها فخطبها عم ولدها، فزوجها أبوها بغير رضاها من رجل آخر، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أزوجتها) أي بغير رضاها (قال: زوجتها

ص: 386

ممن هو خير منه) أي ممن تريده وتحبه (ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينها وبينه، وزوجها من عم ولدها).

- الثيب أحق بنفسها من وليها

(وفي رواية، أن امرأة توفي عنها زوجها، ولها منه ولد، فخطبها عم ولدها، وأبى أبوها، فقالت: زوجنيه، فأبى، وزوجها غيره بغير رضى منها، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك لهُ، فسأله) أي أباها (عن ذلك) أي إبائه (فقال: نعم، زوجتها من هو خير لها من عم ولدها، ففرق بينهما، وزوجها من عم ولدها) فهذا كله صريح في أن الثيب أحق بنفسها من وليها، ولو زوجها أبوها من كفء لها.

وفي صحيح مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك، في الموطأ: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها، والأيم، بتشديد الياء المكسورة، من لا زوج لها بكراً كانت، أو ثيباً، وكذا لا يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح عندنا، خلافاً للشافعي ومعنى الإجبار، أن يباشر العقد، فينفذ عليها، شاءت أو أبت.

ومبنى الخلاف، أن علة ثبوت ولاية الإجبار هو الصغر، أو البكارة فعندنا

ص: 387

الصغر، وعند الشافعي البكارة فابتنى عليه ما إذا زوج الأب الصغيرة، فدخل وطلقت قبل البلوغ، لم يجز للأب تزويجها عنده، حتى تبلغ، فشاور بعدم البكارة.

وعندنا له تزويجها لوجود الصغر.

والحاصل، أن الكلام هنا في الكبيرة، أعم من البكر والثيب، فيشترط رضاها، أما الثيب، فقد سبق ذكرها وهو متفق عليه، أما البكر ففي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، ومسند الإمام أحمد، من حديث ابن عباس، أن جارية بكراً أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، خيرها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حديث صحيح، كما صرح به ابن الهمام، قال ابن القطان، حديث ابن عباس هذا صحيح، وليست هذه خنساء بنت خزام، التي زوجها أبوها وهي ثيب، فكرهته، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه، فإن هذه بكر، وتلك ثيب، انتهى.

على أنه روي أن خنساء أيضاً، كانت بكراً، أخرج النسائي في سننه حديثاً، وفيه أنها كانت بكراً، لكن رواية البخاري تترجح.

ويحتمل تعددها، قال ابن القطان: والدليل على أنهما يثبتان لهما الخيار، ما أخرج الدارقطني عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح ثيب وبكر، أنكحهما أبوهما وهما كارهتان.

- لا تسبوا الدهر

وبه (عن عبد العزيز، عن ابن قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر) أي خالقه ومصرفه في الخير والشر.

وفي النهاية كان من شأن العرب تذم الدهر، وتسبه عند النوازل والحوادث، ويقولون آباءهم، وقد ذكره والدهر عنهم في كتابه العزيز، لقوله تعالى:{وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ ونَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إلَاّ الدَّهْرُ} (1) والدهر اسم للزمان

(1) المؤمنون 37.

ص: 388