الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله) أي البجلي قال: أسلمت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوماً نزل الكوفة وسكنها زماناً ثم انتقل إلى فرضياء مات بها سنة إحدى وخمسين، روى عنه خلق كثير (توضأ ومسح على خفيه فسأله) أي همام (عن ذلك) أي جوازه حضراً أو سفراً (فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما صحبته بعد ما نزلت المائدة) فآية الوضوء فيها لم تكن ناسخة، بل المسح محمول على حال لبس الخف، كما أن الغسل محمول على حال كشف الرجل، وبه يجمع بين القراءتين فإن الآية في الجملة مجملة، وفعله عليه الصلاة والسلام، كأقواله لأحكام القرآن مبينة قال تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إليهم} (1) وأحاديث المسح على الخفين كاد أن يكون متواتراً، بل هو متواتراً في المعنى وقد أجمعوا على جواز المسح عليهما في السفر والحضر إلا مالك في رواية عنه أنه لا يجوز في الحضر وخالفهم الخوارج والروافض.
-
حديث خزيمة
وبه (عن حماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله خزيمة) بضم معجمة وفتح زاي مصغراً ابن ثابت، ويكنى أبا عمارة بضم العين الأنصاري الأوسي يعرف بذي الشهادتين شهد بدراً، وما بعدها كان مع علي يوم الصفين فلما قتل عمار بن ياسر جرَّد سيفه فقاتل حتى قتل روى عنه ابناه عبد الله وعمارة وجابر بن عبد الله (أنه مرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي) أي بدوي، والجملة حالية (يجحد بيعه) حال أخرى أو استئناف بيان أي ينكر أنه باع فرساً لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال خزيمة: أشهد لقد
(1) النحل 44.
بعته) والحال أنه لم يشهده (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أين علمته) أي كيف يظهر بيعه عندك حتى شهدت به عدم حضورك؟ (قال: تجيئنا بالوحي من السماء فنصدقك) والمعنى أنك صادق مصدوق ونصدقك في المغيبات وهذا من جملة تلك الحالات وهو مقتبس من قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إلاّ وَحيٌ يُوحى} (1) فالوحي إما جلي، وإما خفي (قال) أي الراوي أو جرير (فقوله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته) بدل شهادتي نقلاً بالمعنى والتفاتاً في المبنى (شهادة رجلين) أي بدلها، وفي حكمها.
(وفي رواية أنه مر بأعرابي) أي وهو ممن قال الله تعالى فيهم: {الأعراب أشَدُ كفراً ونفاقاً وأَجْدرُ أَلَاّ يَعْلمُوا حُدُودَ ما أنْزَلَ الله على رَسُولِهِ} (2)(وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مقارناً له (وهو) أي الأعرابي (يجحد متعاقد عقده) أي ذلك البيع (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال خزيمة أشهد أنك قد بعته (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين علمت ذلك) أي مع أنك ما حضرت هنالك (فقال تجيئنا بالوحي من السماء فنصدقك فإذا
(1) النجم 4.
(2)
التوبة 97.
جئت بخبر مما وقع في الأرض، فلا نصدقك؟ قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين) في تلك القضية وغيرها (حتى مات) أي النبي صلى الله عليه وسلم يعني ولم ينسخ هذا الحكم بغيره والحديث رواه عبد الرزاق، عن خزيمة أن أعرابياً باع من النبي صلى الله عليه وسلم فرساً أنثى، ثم ذهب فزاد على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاحد أن يكون باعها فمر بهما خزيمة بن ثابت، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ابتعتها منك (فقال خزيمة:) نشهد على ذلك فلما ذهب الأعرابي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أحضرتنا؟ قال: لا ولكن لما سمعتك تقول قد باعك علمت أنه حق إذ لا تقول إلا حقاً.
قال: فشهادتك شهادة رجلين، (وفي رواية، أجاز شهادته بشهادة رجلين حتى مات صلى الله عليه وسلم رواها ابن عساكر والدارقطني في الأفراد عنه أنه جعل شهادته بشهادة رجلين، وهذا من خصوصيات خزيمة لم يشاركه معه فيها أحد من أكابر الصحابة، وفيه دليل على أن أمر الشريعة مفوض إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم وتصرفه في حدود الله وأحكامه، ولو كانت في نصوص كلامه. وقد روى أبو يعلى وأبو نعيم وابن عساكر، عن خزيمة بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى فرساً من سوار بن قيس المحاربي فجحد، فشهد له خزيمة بن ثابت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على الشهادة ولم تكن معنا حاضراً قال: صدقتك بما جئت به، وعلمت أنك لا تقول إلا حقاً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد له خزيمة، أو شهد عليه فحسبه.
وبه (عن حماد عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسودة) أي بنت زمعة، وقد أسلمت قديماً، وبايعت، (وكانت تحت ابن عم لها) أسلم معها وهاجرا جميعاً إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، فلما قدما مكة مات زوجها فتزوج صلى الله عليه وسلم بمكة بعد موت خديجة (حين طلقها: اعتدي) أي بترك الزينة،
ولو كان لم يجز لها أن تتزوج غيره صلى الله عليه وسلم بعده لقوله تعالى: {وما كان لكم أن تُؤذوا رَسُول الله وَلَا أَنْ تَنْكَحُوا أَزوَاجَهُ مِن بَعدِهِ أبداً} (1)
وفي المواهب أن لما كبرت سودة أراد صلى الله عليه وسلم طلاقها فسألته أن لا يفعل وجعلت يومها لعائشة فأمسكها انتهى، ويمكن الجمع بأنه عليه الصلاة والسلام لما طلقها وما هان عليه فراقها راجعها وأبقاها في عقد نكاحه. ماتت سودة بالمدينة في شوال سنة أربعة وخمسين.
وبه (عن حماد، عن إبراهيم، عن همام) أي ابن الحارث (أن رجلاً أضافته عائشة) أي تضيفه في دار ضيافتها (أم المؤمنين) بدل أو بيان، أو خبر مبتدأ مقدر، أو نصب على المدح (فأرسلت إليه بملحفة) بكسر الميم وسكون اللام، وفتح الحاء أي بلحاف يتغطى به دفعاً للبرد ونحوه (فالتحف بها الليل) أي ليلة، أو في تلك الليلة (فأصابته جنابة) أي من احتلام وتلطخ الملحفة بمنيه (فغسل الملحفة) كلها احتياطاً في حقها (فبلغ عائشة) أي غسلها (فقالت ما أراد بغسل الملحفة فإنه لم يكن يحتاج إلى غسلها إنما كان يجزئه) من الأجزاء مهموز اللام (يفركه) أي يدلكه (حين كان يابساً لقد كنت أفركه) أي المني (من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يصلي فيه) أي ذلك الثوب، والظاهر أنه كان بعلم النبي صلى الله عليه وسلم
(1) الأحزاب 53.